عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 4438 - 2014 / 4 / 29 - 02:07
المحور:
كتابات ساخرة
سيرة ُ " الطيّبين " القُدامى .
يحكى أن رجلا من الريف ، هرب من قريته ، ( بعد أن قتلَ شقيقَتهُ غسلا للعار ) ، وأتّجهَ نحو بغداد ، التي رآها للمرّة الأولى في حياته . وللحصول على فرصةِ عملٍ فيها ، وبناءاً على نصيحةٍ من أحد الظرفاء ، ذهب الرجل إلى محلة " الذهب " في الكرخ ، قاصداً دار السيدة " ريمة أم عظام " . وطرق الرجل باب السيدة ( وهو لا يعرفها ، ولا يعرف مهنتها ) . وعندما فتحت لهُ " ريمة " الباب ، وسألتهُ عمّا يريد ، أخبرها انّهُ يريد عملاً ، وأنّ أحدهم أخبرهُ أن يقصدها ، لأنها بحاجة إلى عُمّال .
ولمْ تخيّبْ السيدة " ريمة " أمل الرجل فيها ، فأطعمتهُ وكَسَتْهُ ، وأمرَتْهُ أن يُلازِمَ المَمَرَّ إلى داخل الدار ، وأن لا يغادرهُ أبداً . وأوصتهُ بان يفتح باب الدار إذا طرقهُ طارق ، وأن يغلقهُ خلفَ أيّ رجلٍ يغادر الدار .
قام الريفيُّ بمهمتهِ على أكملِ وجهٍ ، وأتقنَها تمام الأتقان .. فتحسنَتْ صِحّتهُ ، وأزداد وزنهُ ، نتيجة لما كانَ يأكلهُ من طعام السيّدة ( ريمة ) الشهيّ ، بأطباقهِ الدسمةِ التي لم يرها ، ولم يتذوقها من قبل . هذا إضافةً إلى الهِبات الكثيرة التي كان يتلقاها من زوّار الدار .
وحدث ذات يوم إن انزعجَ منهُ أحد " الزبائن " ، وصرخَ في وجههِ قائِلاً : إسكُتْ يا قوّاد .
وهنا هاج الريفيُّ ، وماج ، وجن جنونه ، وهجم على الرجل يريد قتله . وعندما تدخلّ بعضُ " الزبائنُ " لفضِّ النزاع بينهما ، عاود الريفيُّ هجومه على الزبون صارخاً بدوره : لن ينجو مني ، يقولُ عنّي إني " قوّاد " ، وسأقتلهُ من أجل ذلك . وعندما سَمِعَ الناس ذلك منه ، ضحكوا عليه ، وقالوا له : لماذا تغضبُ من هذه التسمية ؟ أنتَ تعملُ قوّاداً بالفعل ؟
وبذهول تامْ أجابَ الريفيّ : هل أن ما أقوم به من عمل سهلٍ ، وأتقاضى عنهُ أجوراً مُجْزِيَةً ، وطعاماً فاخراً .. هو " القوادة " ؟ .
أجابهُ الناسُ : نعم .
ردّ الريفي ّ على الفور : إذا كان الأمرُ كذلك ، فلابد لي من أن أسافر الآن إلى قريتي .. ولن أعود إلى بغداد ، إلاّ ومعي جميع أخوتي ، وأولاد عمّي ، وأقربائي ، وسوفَ أقومُ بتشغيلهِم " قوّادون " .. مثلي .
[ للمزيد من التفاصيل ، راجع مقال : عبد الكريم الحسيني . بغداديات وتراثيات . ريمة أم عظام . موقع الكَاردينيا ]
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟