عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 4480 - 2014 / 6 / 12 - 16:23
المحور:
الادب والفن
حطّابُ القلوبِ القديم
في قديمَ الزمان ..
عندما كان العميانُ يستطيعون الخياطة ،
وأُمّي تستطيعُ الفرح ،
وأنا أستطيعُ الحُب .
في قديم الزمان ..
عندما كنتُ مَلِكاً ،
والكثير من العصافيرِ تحومُ حولي
كأنّني الشجرةُ الوحيدةُ في هذا العالم .
عندما كُنتِ تهمسينَ لي ..
" أنا لنْ أكونَ .. بَعْدَكْ " .
في قديمِ الزمانْ ..
عندما أخذوني إلى الحربِ ،
وأصدقائي كانوا يموتونَ ،
وأنا كنتُ اكتبُ لكِ رسائلَ الغرامِ
قُربَ جُثَثِهِمْ التي تُحَدِّقُ بي ،
وعيونهم الخائفةُ مفتوحةٌ على مصراعيها .
في قديمِ الزمانْ ..
عندما عُدْتُ إلى البيتِ ،
في الوقتِ الضائعِ من الحربْ
، كجُنديٍّ عاشقْ ،
وجدتُ سريري يابساً ،
مثلُ نخلةٍ مَيتّة .
***
لولا أنّكِ الانَ بعيدةٌ جدّاً
لكُنتِ الآنَ في الروحْ .
أُعمَّدُ عينيكِ بالليلِ ،
وبشَعْركِ الذي يطفو على الماءِ
مثلُ جُرْحٍ قديم .
لقد هاجَرْتُ إلى حُزنكِ .. وحْدي .
و كنتُ أجوبُ بعينيكِ قاموسَ النومِ وأرضِ الريحِ .
كأنّ وجهُكِ ، هذا الذي يشبهُ الأمنياتْ ،
قد جاءَ من أوّلِ أيامِ الضوءِ ،
ليمنَحني إسمي .
و لولا أنّكِ الانَ بعيدةٌ جدّاً
لما كانتْ ملائكةُ الغِيابِ
، قد قطَفَتْ لي ،
ليلاً كاملاً من الأسماء البعيدةِ .
و لكنُتُ الآنَ قد شَمَمْتُ رائِحَتَكُم ..
بيتاً بعد بيت
و وجهاً بعد وجه
و مسامَةً تِلْوَ مسامَة .
ياه ..
أهذا هوَ ما يفعلَه الفأسُ المُقدّسُ للحنينِ
بحَطّابِ قُلوبٍ قديمٍ
كقلبي .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟