أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - أستعمار الذاكرة














المزيد.....

أستعمار الذاكرة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4550 - 2014 / 8 / 21 - 20:29
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تختزن الذاكرة دوما كما هائلا من المحفزات والبواعث السلوكية التي تصيغ السلوك الإنساني بأوصاف خاصة وتسوقه نحو اتجاهات وأساليب مختلفة ومتنوعه بما يختار بوعيه أحيانا وبدون وعي في أحيان أخرى, هذا التنوع ليس عقليا فحسب بل تشترك النفس أحيانا كثيرة في تسطيره وإسقاط نتائج ما يحركها من قوى طبيعية وخفية على صورة السلوك الإنساني وأيضا بوعي أو بدونه أحيانا.
علم النفس لا ينكر على الإنسان تعدد الإستجابات بتعدد الظروف مع كونية الفعل واحد ويربط ذلك بعوامل عديدة أهما كونية الحالة النفسية والعقلية وعلاقتها بالبيئة مثلا والما حولية عموما وعلى نوع وخصائص السلوك البشري, ليصل إلى نتيجة مهمة جدا هي:.
• تعدد السلوكيات شكلا وكما ونوعا بتعدد المصدر لها وهي التنوع الطبيعي للإنسان فمع وحدته الطبيعية إلا أن السلوكيات التي تصدر منه لا يمكن تحكيمها بموجب قانون ضابط ينبئ عن تصرف واحد متكرر في كل حال متشابه مع فرض أن الإنسان متشابه بالماهية.
• تعدد هذه السلوكيات مع وحدة ذات الإنسان ولكن بتغير الظروف الذاتية والموضوعية في كل مرة, وهذا ناشئ من كون الإنسان كمتصرف طبيعي يخضع لعوامل الانفعال والتأثر الخارجي المنعكس داخليا على القوى المحركة فيه.
• أستحالة التشابه المتطابق بين الأفعال السلوكية التي تصدر من إنسان واحد مع تطابق في الظروف الذاتية والموضوعية لكون ذات الإنسان قلقة بالطبع ومتحركة والمتحرك متبدل لا يمكن أن نحكم جازما بتكرار نفس الصورة دوما.
• تبدل التعاطي النفسي مع الذاكرة العقلية والتنوع حسب قوة التفاعل المنعكس من الأثر الخارجي والداخلي وبالتالي فالتعامل مع الذاكرة لا يثبت بموجب قانون يضبط وينبئ أيضا بوحده في التعاطي والتعامل مع انعكاسات الذاكرة على الفعل السلوكي الإنساني.
• خضوع الذاكرة للعقل فقط ليس فرضا صحيحا بل يتعدى أيضا خضوعها للعوامل الحسية النفسية في أحيان كثيرة وخاصة مع تخلي الإنسان عن حريته المنضبطة بالعقل, وهنا فقد يكون للعوامل الحسية دوما دوافع أقوى من الدوافع العقلية لتحديد شكل التذكر واتجاهاته ومديات هذا الاتجاه.
• إسقاطات الذاكرة لا تتعامل مع الجديد من المؤثرات بل ترتكن دوما إلى عمقها التأريخي والذي أستقر فيها مما يشكل استعمار هذه الذكريات قوة ثالثة بين النفس والعقل لها القدرة على تبيان نوعية وشكلية واتجاه السلوك الإنساني,
• كل السلوكيات الحسية الإنسانية ترتبط بصورة أو بأخرى بالكم الاستعماري المترسب في قعر الذاكرة, وبالتالي فتوقع أن التعامل خارجها لا ينتج إلا وهما ممزوجا بشبهة حقيقية إلا إذا كان الفاعل الخارجي المؤثر على الإنسان بالقوة والقدرة الفاعلة التي تتجاوز كل المستعمر الذهني وتتغلب على بديهية تأثيره على السلوك الإنساني ذاته.
• هنا نستلزم أن يكون للفاعل الخارجي قدرة التأثير الذاتية التي تغري الإنسان دون وعي أن ينحاز لها ويتجاوز بقوة المستعمرة الذهنية الفاعلة, وأن يكون هذا الإغراء بالدرجة التي تمكن الإنسان فعلا من التضحية بخزينه من الذاكرة.
الاستعمار الفكري للذاكرة بهذه المعطيات التي تكلمنا عنها لا يمكن أن يدع للأفكار الجديدة حرية التوافق مع النظام العقلي, بل ويشكل ردة فعل نفسيه يحكمها قانون الفعل وردة الفعل الفيزيائي, فكلما كانت الأفكار الجديدة الوافدة تخالف الواقع الفكري بمسافات تتباعد ومن خلال الجوهر هناك نشهد بتناقض جذري يكون لردة الفعل أحيانا تصرف عكسي يتناسب طرديا مع الاختلاف.
يمكن أن يعبر الإنسان عنه بفعل أو في حالة العجز عن المواجهة نراه يختزن هذا الرد ويترجمه لا شعوريا ولا وعيا سلوكا انتقاميا من الفكر الجديد لا بد أن يتخذ صور وأشكال ونماذج متعددة كلها تهدف لرفضه والتجاوز عليه ومن ثم العودة للفكرة القديمة{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } البقرة170.
هذه الحقيقية السيكولوجية التي أثبتها العلم النفسي وأشارت لها النصوص القرآنية تؤكد دور النوازع النفسية الحاكمة في الإنسان وتعديها على قدرة العقل على الفرز والاختيار والتقرير هي علة هذا الخروج الذي يسميه القرآن الكريم التبديل, وكثيرا ما أوردت النصوص هذه الرغبة الإنسانية الملحة كما في النص التالي الذي سنشرح لاحقا هذا الإلحاح عليه{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }يونس15.
الملفت للنظر أنه مع تيقن الذين رفضوا الفكر الرسالي الجديد بأنهم قد لا يستجاب لهم في أمنياتهم هذه لعلمهم أن الله لا يمكنه أن يأتي بأمر متحول ومتغير تبعا لأهوائهم إلا أنهم يصرون على طلب التغيير هنا, السؤال هو لماذا هذا الإصرار عليه وما هي الدوافع الحقيقية له ؟ وما هي النتائج المتوخاة من هذا الرفض للفكرة الجديدة, مع أن العقل المنطقي يشير إلى أن الفكر القديم لو كان يمتلك المشروعية والقدرة على القيادة لما شهدنا له نقيض فكري لا بد أن يمتلك هاتين الصفتين.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صياغة مفهوم الحرية
- صياغة مفهوم الحرية ح2
- ليلة الإنقلاب على الرب _ قصة قصيرة ح3
- ليلة الإنقلاب على الرب _ قصة قصيرة ح1
- ليلة الإنقلاب على الرب _ قصة قصيرة ح2
- بين الإدارة والحكم كيف يدار المجتمع
- زمنية الحلم ح2
- زمنية الحلم ح1
- العقل والحلم ج1
- العقل والحلم ج2
- صناعة المستقبل
- صناع الرب _ قصة قصيرة ج1
- صناع الرب _ قصة قصيرة ج2
- المطلوب استراتيجيا من حكومة التغيير
- المدنيون ومهمات المرحلة المقبلة في العراق
- حوارية الطير المسافر وقارئة الفنجان _ قصة قصيرة
- اللعبة الأولى والنتيجة الكبيرة , المالكي والعبادي مناهج وموا ...
- رواية قمر مفقود ح3
- رواية قمر مفقود ح4
- بيان رأي قانوني حول قرار المحكمة الأتحادية


المزيد.....




- لماذا نشرت اليونان سفنا حربية قبالة السواحل الليبية؟
- لماذا نشرت اليونان سفنا حربية قبالة السواحل الليبية؟
- قوارب الهجرة من الجزائر: إسبانيا تحقق في ظهور جثث مهاجرين مو ...
- للمرة الأولى منذ إطلاقه... التلسكوب جيمس ويب يكتشف كوكبا خار ...
- من هو زهران ممداني المرشح لمنصب عمدة نيويورك؟
- من هو المرشح المسلم لمنصب عمدة نيويورك زهران ممداني؟
- الجيش الإسرائيلي يزعم تنفيذ عمليات -كوماندوز برية- داخل إيرا ...
- خلافات حادة في واشنطن بعد تسريب تقرير تقييم الضربات على منشآ ...
- مليار دولار من البنك الدولي لتعزيز البنى التحتية في العراق و ...
- إيران - إسرائيل: إنجازات وإخفاقات.


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - أستعمار الذاكرة