أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - ليلة الإنقلاب على الرب _ قصة قصيرة ح1














المزيد.....

ليلة الإنقلاب على الرب _ قصة قصيرة ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4548 - 2014 / 8 / 19 - 08:43
المحور: الادب والفن
    


من وحي الإنقلاب على الرب

تصاعد الدخان شيئا فشيئا من كومة القش وبعض الأغصان الصغيرة التي جمعها ذلك الرجل الأعرج وأشبعها نفخا حتى ظن أنه يشعلها من حرارة أنفاسه, النار التي كانت متوهجة قبل فترة لم يبقى منها إلا رمق قليل ولكنه قادر على أن يحرق العالم كله, هكذا هو الدمار سهل أن يحل لكنك من الصعب أن تمسح الأثار إلا بكثير من مطر السماء ومطر العيون, نفخ ينفخ نفخا ونفيخا ودخان يتصاعد كأنها خيوط واهنة تستحي من وجودها لا تلبث أن تتضخم لتكون عمودا كثا رماديا يقترب من السواد فتدمع العيون وتتحسس اللهيب الكامن تحت .
الذي لا يعرف الرجل الأعرج ذي العين الواحدة فهو ليس من سكان هذا الكوكب إنه الكائن الأسطوري الذي يمنح الحياة كلها اللون الرمادي مزيجا من بياض أكتسحه سواد يتسلل بين نقاط الضوء وهو لا يشكل لها ظلا بل ظله هو ما يتداخل بين بقعة وأخرى, تمازج الضوء والظل البياض مع ظلال الظل رسم للعالم خطوط متقاطعة ومتعاكسة وأحيانا تسير معا ولكن لكل واحدة من وجهة, الرجل الأعرج ذو العمر المديد ما ظن أحدا أنه سيرحل إلا وجده بين ثنايا اللحظة وأختها يرسم مخبأ ليعود من مكانه الموعد في نفس المكان ولكن زمنه يتحول .
يتسنى للكثير من سكان هذا الكوكب أن يلتقي به والقليل منهم أنتبه إلى ميزات فريدة يحملها دون أن يتكلم بها. بديهيا من يتعامل مع أسطورة سينصرف عن متابعة دقائق الشكل ليبحث في أحتفالية عنصر الفرادة في الأكتشاف والوعي وهذا ما يحميه من أن يطل على جمهوره بالعين السحرية التي تتوسط مقدمة رأسه أمام الناصية وخلف حاجز النور الباهت, المؤمنون وحدهم هناك في الكهف أكتشفوا مع الظلام الدامس أن الأعرج يترك أثارا غير متشابه كلما مر, قد وضع بين كل خطوة وخطوة مزيحا من عطر يشبه رائحة الموت وطعم الدخان .
سرت الحرارة بين الحشائش التي جمعها الرجل والكثير من الأطراف والأغصان التي فيما يبدو أنها لم تيبس بعد, أكثرها ما زال طريا بل هناك من كانت أورادها لم تتفتح بعد والبعض الآخر الندى الصباحي ملتصق به فتعجبت من النار كيف يمكنها أن تأكل الأخضر الريان فتذكرت الحطب اليابس وبقايا حشيش الموسم الفائت فهو كالعصف خال إلا من صفار وصفار أيضا قد شابه اللون الرمادي, لم أعهد أني حفلت يوما أن أقارن بين لون الرجل الأعرج والرماد الذي يتركه بين المرات التي عشت فيها هنا في كوكبه منذ أن ساقته ريح القدر أن يصبح ثاني أثنين وفي رواية أخرى ثالث ثلاثة, أميل بالتصديق لكليهما أنا أعرف جنوني أحيانا يبرر أن تؤمن بفكرتين تبدوان مجرد هرطقة أو صفاقة عقلية وأقبل أن يمنحني البعض شرف الإنتماء لطبقة المجانين.
في الزاوية البعيدة كان يجلي رجل بلحية بيضاء تبدو أنها من كثر جمالها أعطت شكلا يشبه الطاووس للرجل وهو يمسح بيديه رؤوس المارة القادمين الداخلين والقادمين الخارجين من الجهة الأخرى, هنا في هذا الكوكب كل شيء غريب ولكنه أيضا أليف, بين الرجلين علاقة تشبه طرفي المقص أو الساقيين المنفرجين ما إن إنطبقا أمنت السماء من القريض والقص لكن البلاء لو أنفرج الساقين ودخلت الأشياء المصابة بالذهول أو الغربة بينهما, كثيرا ما نصحت السماء أن تذهب لتجلس في الظل أو لا تقترب منهما كي لا تصاب بالدوار ويتهمك البعض بإعلان الحرب على ظلك الأفضل أن تكون بلا ظل أو تكون في ظل الجدار الأصم.
طاووس لديه حمار أبيض كما للرجل الأعرج ذي الشيبة الرمادية حمار أسود يمتلك الكثير من مؤهلات القباحة ونهيقه هو الذي أوردته السماء كأقبح الأشياء في كوكبنا السعيد, صحيح أن كوكبنا سعيد فقط عندما كان مجرد ثكنة خالية من عسكر الوجود كان جميلا لحد العجائبية يشبه جنة يعرفها الرجل الأبيض زهري الوجنتين كما يعرفها صاحب الحمار الأسود, تنازعا على ملك أو تخاصما على مملوك فقذفهما البحر الساطع على جنتنا فتحولت إلى أوديه من ذهب وأودية من نار, حتى الأشجار كانت لا تعرف الموت قبل أن يصل الجميع هنا .
الدخان تحول من شكله الخجول ليعلن ولادة شعلة ما زالت تسري تحت تبحث عن خرج لها لتطيح بالسكون الذي يفرضه جلوس طاووس في باب المدينة طاووس الرجل الذي يشرق نورا وضياء, هناك شقيق طاووس وهو أيضا كان كذلك لولا سقوطه في وحل الرماد فتحول من البياض المزهر إلى هذا اللون الخرائبي لون الرماد المتحول, حرب الأشقاق هي أكثر الحروب عبثية خاصة إذا كان كل منهم يمسك دفة الدخول والخروج للمدينة "المدينة الكوكب" هنا .
مع أرتفاع خطوط الدخان الأبيض الرمادي تجمع أهالي الناحية أمام طاووس الرجل الأبيض ذي الجيوب الخالية يطلبون منه قمحا وعسلا والكثير من الخمر, النساء كانت حاضرة والأطفال المخلدون في الأرض يهتفون نريد خبزا وأرجوحة وقليلا من عنب وتفاح ورمان, هل في خباياك شيء يمنحنا ما نريد أو يتكفل به أو هو زعيم, قال سيأتيكم به شيء عظيم أبحثوا عنه بين أصابعكم وخلف عيونكم ستجدون أنه أجمل وأكثر مما توعدون, فتشوا أصابعهم وخلف العيون لم يعد يصدق الناس قول طاووس لا شيء هناك غير الفراغ .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلة الإنقلاب على الرب _ قصة قصيرة ح2
- بين الإدارة والحكم كيف يدار المجتمع
- زمنية الحلم ح2
- زمنية الحلم ح1
- العقل والحلم ج1
- العقل والحلم ج2
- صناعة المستقبل
- صناع الرب _ قصة قصيرة ج1
- صناع الرب _ قصة قصيرة ج2
- المطلوب استراتيجيا من حكومة التغيير
- المدنيون ومهمات المرحلة المقبلة في العراق
- حوارية الطير المسافر وقارئة الفنجان _ قصة قصيرة
- اللعبة الأولى والنتيجة الكبيرة , المالكي والعبادي مناهج وموا ...
- رواية قمر مفقود ح3
- رواية قمر مفقود ح4
- بيان رأي قانوني حول قرار المحكمة الأتحادية
- رواية قمر مفقود ح2
- رواية قمر مفقود _ قصة قصيرة ح1
- العراق وأمريكا والخيط الضائع ح2
- العقيدة والمعتقد والجدارة في التقديم


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - ليلة الإنقلاب على الرب _ قصة قصيرة ح1