أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية قمر مفقود ح2














المزيد.....

رواية قمر مفقود ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4539 - 2014 / 8 / 10 - 23:01
المحور: الادب والفن
    


عاد مندهشا من رحلته التي أستهلكت معظم النهار وهو يلعن أسلاف زوجته التي ما فكرت صحيحا وتركته مع حيرة أكبر منه وأشد , ليس أمامه من حل غير صاحب الشأن والأعرف بهذه الأمور ,مر في طريقه على الشيخ وهو يصلي في المسجد الطيني وقد تورمت عيناه من حرارة السموم منتظرا جوابا قد يساوي هذا التعب ويخفف عنه مشقة السؤال ,أطال الشيخ كثيرا بصلاته وحيدا وهو منزو تحت رحمة الحر ودهمان يتحرق في مكانه محتارا بين رغبته بالدخول والنوم في الجامع أو أنتظار ما يشفي الغليل من شيخه العابد , أمتد الظل كثيفا بين جدار المسجد وأفياء الشجر جلب الحصيرة من تحت الشجرة ووضع تحت رأسه حذاءه النايلوني وتمدد منتظرا أن يسأله الشيخ عما يريد .
غابت الشمس وزوجة دهمان تملكها الضجر من طريقة زوجها حين ينسى حاله وهو يسرد حكاياته على من يسمع ومن لا يسمع وحسبت أن زوجها الآن منشغلا بسرد ما تتفتق به ذاكرته من أحداث ,كل هذا لا يهم فهي كثيرة التشكي منه حينما يتواجد في الدار يتحول إلى طاغية مرير يمارس معها كل أشكال الاستبداد ,الأهم هو أنتظار السماء وعودة القمر الذي يعني لها كثيرا فهي تحبل وتتولد بناء على ما يخبرها القمر من عدة شهور .
كان حديث القرية اليوم عاما لم ينتبه أحد أن قمرهم العالي قد أختفى منذ الليلة البارحة بل لم يصدق أحد إدعائها بذلك ومنهم من أجزم وأقسم أنه رأه الليلة البارحة أكثر من مرة وحتى أن أحدهم أكد أن القمر لم يغيب مطلقا بل خرج من زاوية أخرى ,لم تكن هي الأخرى قد لاحظت غياب القمر ما تعرفه هو أن دهمان هو من أفصح لها , تراجعت عن قلقها وظنت كل الذي يجري مجرد حكاية ما تشغل بال زوجها قد يريد أن يفعل شيئا أو يستبق حدوث خبر لها .
نهض من نومته فقد أثقل جسده التعب برغم أنه نام كثيرا تحت ظل ممدود إلا أنه أحس بعارم من رغبة أن يأكل شيئا فهو لم يتناول متاعه حينما أخبره أهل القرية المجاورة أن القمر قد غاب فعلا منذ أكثر من يوم وأنه شيخهم قد فسر قصة غياب القمر التي تعني علامة من علامات القيامة وأنهم مشغولين الآن بالتوبة والعمل الصالح فليس أمامهم إلا أياما معدودة , تحير في أن يبقى معهم وأن لا يفرط بالساعات عسى أن يقبل الله توبته ولكنه تذكر وأنصرف مستحي منهم أن يقول أنه لا يعرف الصلاة , في الطريق تذكر كثيرا من سورة الحمد ولكن ما تذكره منها ليس كما يقرأها الناس يشبهه نعم ولكنه ليس هو .
حملت زوجة دهمان زهيرة كما ينادونها بندقية زوجها وأرادت أن تعلم الناس أن زوجها في مهمة وهي اليوم حارسة المنطقة حتى يعود , تهيأت وتنقبت ونكبت سلاحها وكان منظرها يشبه من بعيد مقاتلات الأمازون ولكن بنسخة عراقية غارقة في محليتها وغباء صاحبة الصورة , كانت تحمل البندقية دون أن تحمل حزام العتاد وهي لا تعرف حتى كيف يمكنها أن تطلق النار , مر الجيران وهم يسخرون منها ويرون فيها كأنها عريف من الجندرمة العصملي أو بقايا من تلك الصورة وهم على ما هم من سذاجة يظنون أنها فعلا قادرة أن تحمي المكان ببندقية بلا خرطوش .
سأل دهمان عن موعد الصلاة القادمة فهو ما زال ينتظر من الشيخ أن يرشده للطريق الأسلم حتى يبلغ التوبة فلم يعد من زمن ممكن أكثر مما مضى والقيامة قادمة وسيحضر الله ومعه الأجناد والشرطة , قيل له أن الشيخ لغياب القمر فأنه معتكف في داره ولن يخرج ,كان هذا الجواب أخر ما كان متوقعا وهو الذي لا يعرف حتى كيف يمكنه أن يطلب التوبة ومن أوصل الخبر للشيخ أنها الثرثارة زهيرة ليس أحدا في القرية يعرف السر أو ربما وأستغفر ربه أن الله قد أعلم الشيخ بذلك أليس هو بعالم المنطقة وخبيرها عن الله.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية قمر مفقود _ قصة قصيرة ح1
- العراق وأمريكا والخيط الضائع ح2
- العقيدة والمعتقد والجدارة في التقديم
- العراق وأمريكا والخيط الضائع ح1
- رائحة الموت ... كما العادة
- العراق ... حزب الدعوة وخطى الأخوان.
- فكرة الموت والخلود في عالم أخر ... خداع للعقل أم تقديم له ح2
- فكرة الموت والخلود في عالم أخر ... خداع للعقل أم تقديم له
- وماذا بعد ... سياسة الخطوة خطوة
- الفكر الإنساني وحق التحديث والتجديد ح2
- الفكر الإنساني وحق التحديث والتجديد ح1
- قصة حبي
- القيم الأخلاقية في السياسة الوطنية
- أوجبية التحديث في قواعد ومقدمات ومعطيات الفكر الإسلامي
- المعارضة الشعبية وممارسة الديمقراطية
- أنطباعات قارئة لكتابي الأحلام دراسة في سايكلوجيا العقل
- الثلاثاء الثاني ... انفراج أو مزيدا من الضياع
- أنا أقوى ... زأزرع قمحا
- من أشكليات الفكر السياسي العراقي ح2
- من أشكليات الفكر السياسي العراقي ح1


المزيد.....




- نقابة الفنانين السوريين تسحب الثقة من نقيبها مازن الناطور وس ...
- مصر.. مقترح برلماني بتقليص الإجازات بعد ضجة أثارها فنان معرو ...
- رُمي بالرصاص خلال بث مباشر.. مقتل نجل فنان ريغي شهير في جاما ...
- أهم تصريحات بوتين في فيلم وثائقي يبث تزامنا مع احتفالات الذك ...
- السينما بعد طوفان الأقصى.. موجة أفلام ترصد المأساة الفلسطيني ...
- -ذخيرة الأدب في دوحة العرب-.. رحلة أدبية تربط التراث بالحداث ...
- قناديل: أرِحْ ركابك من وعثاء الترجمة
- مصر.. إحالة فنانة شهيرة للمحاكمة بسبب طليقها
- محمد الشوبي.. صوت المسرح في الدراما العربية
- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية قمر مفقود ح2