أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - صياغة مفهوم الحرية















المزيد.....

صياغة مفهوم الحرية


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4550 - 2014 / 8 / 21 - 01:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



نبدأ أولا من نص مشهور بين الناس وهو يفصح عن معنى محدد للحرية يلتقي بمفهوم أعتباطي عند الكثيرين من أن الممر الذي يوصلك إلى نهاية مغلقة ليس بممر حقيقي, ولا يمكن عده مثلا للحرية في أسس الرسالة والنص يقول{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} البقرة256,من مؤدى النص أننا نلتمس حقيقتين الأولى نفي الإلجاء والإضطرار وثانيا إثباتهما في النهاية, وحيث أن الكلام الذي يثبت حقيقة وينفيها في نفس المحل والمقام هو كلام متعارض لا يغني عن وصف قيمة ولا لتأسيس فهم محدد لها وبالتالي فهو مجرد عبث لفظي.
الكثير ممن لا يؤمن بالحرية أصلا متشبثين بفهم أن قدرة الله في الفعل هي الأساس وأنه لا قيمة لقدرة الإنسان بصياغة مفهوم للحرية وممارستها خارج هذه القدرة وكأن الله يمنح الحرية في حدود ضيقة ليسلبها من جانب أخر قهري جانب القدرة الجبورتية له, يشترك في هذه النتيجة ذاتها التي يظهرها الفهم الإعتباطي مع من يوجه نقدا حقيقيا ومتواصلا للدين ككل, ويعتقد أن مجرد الإيمان به هو نفي للحرية بل يؤكد الكثير منهم أن هذه النصوص وغيرها التي يكتنفها التناقض والتضاد والاضطراب ما هي إلا دليل على زيف الدين وزيف الدليل له وعليه.
هذا التشارك في الفهم والتصور بين المؤمن التقليدي المحافظ وبين الملحد المنكر يشير إلى أن هناك فجوة في عقل الإنسان تمنعه من الوصول إلى يقينية الحرية أو أن فكرة الحرية هنا ليست بذات المفهوم الوضعي الذي يقرنها دوما بالقابلية على التفلت من قيود خارجة التي يرى فيها تقييدا لحركته في فهم وممارسة ما يريد والسعي للنجاح في قطف هذا الهدف ولو كان فيه ضبابية وتشويش بين الغاية والهدف والترابط الشبكي بين كل الأشياء في علائق الوجود مجتمعا.
هناك أذن نقطة لا بد أن نبحثها في جد بموضوعية الحرية وقد نعود للنص لنستكشف هذه الشبهة نفيا أو نثبتها في ما يشير النص إلى حقيقة ما, ومن البحث بين الدلالات اللفظية نجد كلمتين مهمتين لهما علاقة بالموضوع وهما (تبين) (انفصام) ولو أن التباعد بينهما لا يشير إلى ترابط للوهلة الأولى ولكن بالتدقيق نجد معاني حقيقية للوصل بينهما ووجودهما في نص مكتمل.

في الفهم الليبرالي لمعنى الحرية هناك قاعدة مهمة تتعلق بأن الحرية لا بد لها من ثوابت ترتكز عليها لتميزها عن بقية الأفكار والرؤى وهذه الثوابت تمتد في الفكر الليبرالي المعاصر من تقديس الذاتية وممارستها وحق التعددية، وهناك أيضا ما يسمى بالنسبية الأخلاقية والتي تعني ألا تكون الأخلاق حائلا كحد مطلق كلي بين الإنسان وبين حقه في أن يكسب ما يشاء وينفقه فيما يريد، وأن حتمية الصراع لضمان التطور إلى الأحسن.
إذن نحن هنا أمام بيانات تلخص لحدود الحرية وتكشف عن مدياتها دون أن نحشرها في مفهوم مغلق يطيح بخصيصتها الذاتية ويلغي عنها الفرادة والتميز, وطالما كان الأمر هنا مبينا على الأختيار النسبي فتكون للمفهوم قيمة وحضور وإن كان على مستوى محدد هذا المستوى هو عين الكلام عن التبين الذي جاء بالنص.
فالتبين هو جعل أطار خارجي لحدود وخصائص ومميزات يحدد لنا مفهوم عن عدم الإكراه في الدين, هذه الخصائص والميزة تنحصر في خطين هما الرشد بمعنى النضج المتكامل والمتناسب والغي بمعنى الإفراط الغير متناسب مع الحال لواقعي.
أي أننا يجب أن ندور في إدراكنا معنى الحرية في الحدين الوجوبي الإيجابي وبين والحد السلبي المانع والقاهر الذي يسلب الحرية قيمتها, بين الحدين سوف يكسبهما صفته السلوك الإنساني في مرحلة الوجود النظري والتعاطي بالممارسة وهما الحدين الذي يتحرك مفهوم الحرية الإنسانية من خلالهما, أي أن الحرية مرسومة بالنص بين أقصى حد السالب السلوكي الطغيان وبين غاية الإيجاب الرشد والمساحة مفتوحة بينهما.
ومن هنا فأن تصور الرسالة للحرية هو تصور في حدود الإرادة الذاتية للإنسان والتي لا تتعارض مع فكرة الإلجاء والإكراه والتجبر الرباني في حدود ما يشاء الله وبين ما ممنوح اصلا في ما يشاء الإنسان في ترجمة ما يشاء الله بما يشاء الإنسان, أي أن موضوعية التجبر والإكراه لا تتنافس مع مفهوم الحرية ولا تعارضه بل أن هذا الفهم يأتي معاكس للمراد من وجود الأثنين في حياة الإنسان ,بمعنى أخر أن الله تعالى يمارس الإكراه الجبري في حالية معينة تعزز مفهوم الحرية ولا تسلبه كما في النص التالي{وَعَلَى اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}النحل9.
هنا الأشاءة تزيد في فرصة الإنسان أن ينحو نحو الجانب الإيجابي الذي حددته الرسالة بلحاظ أن الله يعلم ما فيه خيرية البشر وإصلاح مره والتي قد تغيب حيانا عن أن ندركها كنتيجة لوحدها دون فهم العلة التي يستند لها هذا الإلجاء, مما يقود بالضرورة إلى تعزيز الوجود الناجح للحرية ومع تحقق فعل الحرف لو الذي يفيد الامتناع الطبيعي وبذلك ينفي الفرض الاحتمالي به .
السؤال الذي يطرح هنا, أليس هذا الجانب من التدخل وإن كان إيجابيا هو حد من الحرية الإنسانية وإلزام غير ضروري وبالتالي فهو أيضا إكراه قسري؟.
الغائية من كل فكر هي أن تكون المبررات الفكرية خادمة وميسرة للوجود الإنساني ومبررة للوجود ومن دون ذلك وخلاف هذا الفهم يصبح الوجود الفكري مجرد عبث لا طائل منه ولا يستند إلى معقولية ولا منطق في تبريره, فعندما تأتي الرسالة الربانية لتسوق الإنسان بحرية أو بخلافها نحو تحقيق إنسانية الإنسان وتجسيدا لمبدأ البحث عن الصورة الفضلى والمتفاضلة لوجوده ويعترض فرد ما على هذا الانحياز لها لا بد لنا عقلا أن نضع هذا الفرد في حيز الجنون الإرادي لأنه مدركات منطقه مخالفة للعقل السليم الذي يسعى لتوظيف كل الطاقات المتاحة والممكنة والمفترضة للوصول لهذا الحال الإيجابي.
وحتى الحرية لو نظر إليها الباحث بتجرد عن المصاديق لا بد أنه يتوصل إلى أنها كفكرة هي تعني الوصول بالإنسان إلى حالية تمكنه من تجسيد العقل قائد إلى التفاضل والكمال من خلال تيسير الإطلاق الطبيعي والذاتي لقوة الإنسان الوجودية لتحقيق غايات كمالية, وإلا ما معنى أن تكون حراً وأنت في غياب تام أو شبه تام عن وظيفة الإنسان في الوجود, إنها تشبه حالة الحيوان الذي يعيش في مجتمع قائم على الإنفلات من كل شيء إلا ما يضمن له هذا الإنفلات.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صياغة مفهوم الحرية ح2
- ليلة الإنقلاب على الرب _ قصة قصيرة ح3
- ليلة الإنقلاب على الرب _ قصة قصيرة ح1
- ليلة الإنقلاب على الرب _ قصة قصيرة ح2
- بين الإدارة والحكم كيف يدار المجتمع
- زمنية الحلم ح2
- زمنية الحلم ح1
- العقل والحلم ج1
- العقل والحلم ج2
- صناعة المستقبل
- صناع الرب _ قصة قصيرة ج1
- صناع الرب _ قصة قصيرة ج2
- المطلوب استراتيجيا من حكومة التغيير
- المدنيون ومهمات المرحلة المقبلة في العراق
- حوارية الطير المسافر وقارئة الفنجان _ قصة قصيرة
- اللعبة الأولى والنتيجة الكبيرة , المالكي والعبادي مناهج وموا ...
- رواية قمر مفقود ح3
- رواية قمر مفقود ح4
- بيان رأي قانوني حول قرار المحكمة الأتحادية
- رواية قمر مفقود ح2


المزيد.....




- حسام زملط لـCNN: هل استشارتنا أمريكا عندما اعترفت بإسرائيل؟ ...
- الخارجية الروسية: الهجوم الأوكراني الإرهابي على بيلغورود هو ...
- دعوة لوقف التواطؤ في الجرائم الدولية عن طريق فرض حظر شامل عل ...
- المبادرة في شهر: نوفمبر 2023
- دراسة: الصوم عن منصات التواصل يعزز احترام الذات ويحمي الصحة ...
- قتلى وجرحى جراء انهيار بناء سكني في مدينة بيلغورود عقب هجوم ...
- مصر تعمل على إقناع شركة -آبل- بتصنيع هواتفها في مصر
- مصر تهدد إسرائيل بإنهاء اتفاقيات كامب ديفيد
- سلطان البهرة يشكر مصر على منح طائفته فرصة تطوير أشهر مساجد ا ...
- الإعلام العبري: مصر وقطر رفضتا عرضا إسرائيليا لإدارة مشتركة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - صياغة مفهوم الحرية