أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - المشير عبد الفتاح السيسى .. وصناعة الزعيم















المزيد.....

المشير عبد الفتاح السيسى .. وصناعة الزعيم


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 4470 - 2014 / 6 / 1 - 11:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقول المثل المصرى أنك لا تستطيع أن تصنع من الفسيخ شربات، وهذا صحيح فى مجمله والقصد منه هنا أن صناعة الزعيم تحتاج الى مادة خام قابلة للتشكل فى هذا الإطار، ورغم أن تلك الصناعة تتم على المستوى العالمى وأبدعت فيها الرأسماليات الغربية بما تملكه من تكنولوجيا متطورة وميديا متقدمه وعلى رأسها الولايات المتحدة بمفهوم شائع عن (president sale)، الاّ أن للشعب المصرى له تفوق خاص فى هذه الصناعة منذ الفراعنة حتى الآن.
لايشترط للشخص الذى تتم صناعته كزعيم أن يكون خارق الذكاء أو موسوعى الثقافة ولكن يشترط أن يتسم بالطموح الشديد والقدرة على تقمّص الشخصية بدرجة عالية، تحضرنى هنا كلمات "كارل ماركس" فى مقاله " الثامن عشر من برومير" واصفا لويس بونابرت ( رجل متوسط الذكاء..متوسط الموهبة..سقطت على كتفيه عباءة فرنسا)، وهذا ما ينطبق على المشير عبد الفتاح السيسى، فالرجل لم يظهر مواهب خاصة طوال مدة خدمته العسكرية التى طالت لحول 45 عاما وحتى أطروحته فى كلية الحرب الأمريكية فى 2006 لم يأت فيها بجديد يذكر ولكنا مكنتنا من الاطلاع على أفكاره التقليدية حول الديموقراطية والدين، ومنذ التحضيرات الأولية لإسقاط الإخوان فى 30 يونيو وأثناء هذا الحدث وبعده بدأت محاولات صناعة الزعيم وإمتلأت الشوارع بصور السيسى بمختلف الأحجام والأنواع مقرونة فى أحايين كثيرة بصور عبد الناصر وتفنن آخرين فى صناعة قلائد تحمل صورته وجاتوهات وبتى فور ودعا آخرين للنزول للميادين للإحتفال بعيد ميلاده وتحول الاعلام الرسمى والمستقل الى مولد رسمى لسيدى السيسى، وحتى برامج السفرة لم تخلو من نميمة له، وساهمت أيضا برامج ساخرة لباسم يوسف وغيره فى تسليط الصورة عليه.
لم تنخفض شعبية الجيش المصرى وتتم السخرية منه وسبه علنا الاّ مرتين منذ أنشأه الجنرال سيف أو سليمان باشا الفرنساوى له بتكليف من الباشا "محمد على"، الأولى بعد هزيمة 67 والثانية بعد سقوط مبارك وتولي المجلس العسكرى إدارة شئون البلاد، فى الأولى ناشد عبدالناصر فى إحدى خطبه الشعب بالتوقف عن اطلاق النكت على جيشه، وتلاشى الهجوم على الجيش بتصاعد حدة الاشتباكات فى حرب الإستنزاف واعادة بناء الجيش، والمرة الثانية بعد عزل مبارك تصاعد الهجوم على الجيش وتم وصمه بالعسكر لإهانته وحدثت مواجهات هى الأعنف والأشرس بين شباب الثورة والجيش على الاطلاق، وبعد وصول الإخوان للسلطة تغير الهتاف بسقوط حكم المرشد وإن ظلت العلاقة متوترة مع الجيش، واستطاع السيسى بعد أن خلف طنطاوى فى وزارة الدفاع أن يرمم علاقة الجيش مع الشباب والشعب وإن ظل الغضب على الشرطة محتدما، ولكن وقوف الشرطة فى صف الجماهير ضد الإخوان ساهم فى فك هذا الاحتقان، طبعا مازال الاخوان وحلفائهم يعتبرون الجيش والشرطة رجس من عمل الشيطان وكذلك بعض الثوريين والليبراليين بسبب انتهاكات تحدث لحقوق الانسان والحريات وعلى رأسها الموقف من قانون التظاهر.
يدعّى الكاتب والصحفى "جريج كالستروم" فى مقال له بمجلة "بوليتكو" الأمريكية أن ظاهرة شعبية السيسى هى صناعة أمريكية خالصة ويستشهد بعدد الاتصالات الهاتفية بينه ورجل البنتاجون الاول "هيجل" بعد 30 يونيو والعلاقة التى لم تنقطع منذ كان السيسى يدرس فى امريكا مؤكدا أن الرجل من أبرز رجالات الولايات المتحدة فى مصر، وفى إعتقادى أن ذلك غير صحيح فالسيسى صناعة مصرية بامتياز ومواقفه الخارجية تبدو أكثر توازنا وأقرب الى الجانب الآخر فى موسكو، وواضح أن الولايات المتحدة ليست مؤيدة له وتأخذ موقفا معاديا لثورة 30 يونيو منذ اليوم الأول ومؤيدا للإخوان وتعتبر أن ما حدث فى مصر إنقلابا والشواهد على ذلك كثيرة منها وقف المناورات المشتركة والغاء المعونة العسكرية والموقف الملتبس من طائرات الاباتشى وغيرها، هذا الموقف يتغير الآن ببطأ نتيجة البرجماتية السياسية والاعتراف بالامر الواقع ومن باب مصالحها ومصالح إسرائيل حليفتها فى المنطقة (وهو ما أكده السيسى فى أكثر من مقابلة فالرجل واضح فى موقفه من موضوع السلام مع اسرائيل ولم يتجاوز فى ذلك موقف مبارك بما فى ذلك ربط زيارته لها بحدوث تقدم فى عملية السلام وهو مالا يمكن أن يتجاوزه شعبيا فى هذه الظروف)، وتنظر إسرائيل بعين الرضا عن الحرب التى يخوضها الجيش ضد الإرهاب فى سيناء وغلق الأنفاق وهو ما عجزت عنه لعقود طويلة، أما حديثه عن التعاون العسكرى مع العرب وقصة "مسافة السكة" فانها تعتبر هذا الكلام غير موجه اليها وهذا صحيح.
جاء صعود عبد الناصر فى الخمسينات بشكل لافت منذ مارس 1954 وجو العداء للأحلاف والمخططات الامبريالية وعقد اتفاقية التسليح مع الاتحاد السوفييتى وبعد ذلك تأميم القناة وحرب 56 واكتسابه ثقة الفلاحين مبكرا باصدار قانون الاصلاح الزراعى الاول وثقة العمال بعد صدامه مع قطاع من الرأسماليين وسياسات التمصير والتأميم وتحقيق مجموعة من المكاسب الاجتماعية لهم وما صاحب ذلك من تصنيع سريع وانشاء مئات المصانع والشروع فى بناء السد العالى والصراع مع الإخوان المسلمين، ولكن صعود عبد الفتاح السيسى داخل القوات المسلحة جاء فى وقت شهد فيه الجيش تحولا بإتجاه الولايات المتحدة تسليحا وتدريبا ومناورات مشتركة وتغيير العقيدة العسكرية بعد حرب 73 التى وصفت بآخر الحروب، فمن قائد للمنطقة العسكرية الشمالية الى مديرا للمخابرات العسكرية وجاء أول ظهور له حينما دافع عن كشوف فحص العذرية بحجة حمايتهن من الإغتصاب وحماية الجنود من الاتهامات، وحينما عينه محمد مرسى وزيرا للدفاع بعد إقصاء طنطاوى وعنان لم يكن شخصية معروفة واتهمه الكثيرين بالإنتماء للإخوان لغموض موقفه، وحرص الرجل منذ ذلك التاريخ على تبييض صفحة القوات المسلحة وترميم العلاقة مع المعارضة المدنية والجمهور، ولكن شعبيته بدأت فى الصعود منذ الإعلان الدستورى المحصن وإستغلاله فرصة الأخطاء القاتلة لمرسى والإخوان فى بناء شعبيته، وجاءت فرصته بعد إعلان مرسى الطوارئ فى مدن القناة حيث حاول بروزة التحام جنوده وقادته مع جماهير تلك المنطقة ولعب ماتشات الكرة مع الجنود فى ساعات حظر التجول وعمل على تصديره شعور بين قواته بأنه لا يمكن حمايتهم وتأمين مكاسبهم الاّ بالإمساك بالسلطة.
جاء الفوز الكاسح للسيسى فى انتخابات الرئاسة والنسبة العالية التى حصل عليها لتؤكد الرغبة فى صناعة ديكتاتور مؤيدا بتفويض شعبى عريض، وكانت الهزيمة الساحقة والمهينة لممثل التيار الشعبى حمدين صباحى مؤشرا على الضعف الظاهرى لمعسكر الثورة واجبارهم للقبول بالوضع القادم والإستعداد للإعتراف بحجم معين يفرضه النظام الجديد عليهم وسط مزاج شعبى تم تغذيته بوعى رافض لممارسة تلك الحقوق تم إنتزاعها فى الثورتين منها حق التظاهر والإضراب وحتى حرية التعبير والإعتقاد، واحتفظ السيسى بتلك الدرجة من الغموض المتعمد والمراوغة فى جملة الحوارات التى أجراها مع وسائل الاعلام فى دفع الشارع للإستسلام له لآنه وحده القوى القادر على إنتشال مصر من كبوتها من خلال عصا سحرية هى التعاون غير المشروط معه فى اطار ما يدعيه من قدرة على كسب رجال الاعمال بوصفهم وطنيين محبين لبلدهم وحتى الرجعية الدينية ممثلة فى حزب النور بوصفهم حلفاءا ووطنيين، وبدون إعتماده على قوة سياسية منظمة بل الاعتماد على ظهير شعبى غير ممثل سياسيا تكتمل الخلطة السحرية لصناعة زعيم شعبى يحكم ويتحكم بلا قيود.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات سريعة حول الانتخابات الرئاسية
- الإخوان المسلمون والصعود الى الهاوية
- الإسلاميون ونهاية التاريخ
- حقيقة -الجيش المصرى الحر- فى ليبيا
- الجنرال السيسى .. والغموض المتعمد
- إنتقال الحكم .. إنقلاب أبيض فى البيت الحاكم بالسعودية
- فتاة المصنع .. فيلم يخصم من رصيد محمد خان السينمائى
- حقيقة علاقة عبد الناصر التنظيمية بالاخوان و حدّتو
- تدمير البحرية التجارية فى مصر .. خطة ممنهجة
- فنزويلا بين الثورة والثورة المضادة
- وداعا عبد المجيد الخولى.. شهيد الفلاحين
- شبه جزيرة القرم ...محورالصراع بين روسيا والناتو
- فؤاد الشمالى.. شيوعى لبنانى من مصر
- الدكتور محجوب عمر.. شيوعى مصرى فى صفوف المقاومة الفلسطينية
- ليبيا فى مفترق طرق
- حقيقة ما يحدث فى أوكرانيا
- السيسى .. وإشكالية البطل شعبى
- زينب الغزالى .. الوهم المتبدد
- الماسونية ... ذلك البناء الغامض
- ذكر ما جرى فى مخيّم اليرموك


المزيد.....




- أمام المحكمة.. ستورمي دانيلز تروي تفاصيل اللحظات قبل اللقاء ...
- سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.. هذا ما قاله ...
- زاخاروفا: الأسلحة التي يزود الغرب بها أوكرانيا انتشرت بالفعل ...
- النيابة العامة الروسية تعلن أنشطة منظمة -فريدوم هاوس- الداعي ...
- -لإرسال رسالة سياسية لتل أبيب-.. إدارة بايدن تتخذ إجراءات لت ...
- أغنية -الأب العظيم- لزعيم كوريا الشمالية تجتاح تيك توك وتحدث ...
- نتنياهو: إسرائيل لن تسمح لحماس باستعادة الحكم في قطاع غزة
- قاض فرنسي يرد شكويين رفعهما حوثيون على بن سلمان وبن زايد
- بيسكوف: الشعب الروسي هو من يختار رئيسه ولا نسمح بتدخل دول أخ ...
- أوكرانيا تعلن إحباط مخطط لاغتيال زيلينسكي أشرفت عليه روسيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - المشير عبد الفتاح السيسى .. وصناعة الزعيم