أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - السيسى .. وإشكالية البطل شعبى














المزيد.....

السيسى .. وإشكالية البطل شعبى


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 4358 - 2014 / 2 / 7 - 21:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المصريون لا يبحثون عن رئيس بمواصفات محددة، بل هم ينتظرون فارسا من وراء الغيم، أو بطلا شعبيا بصفات الملهم أو المنقذ الذى يعيد اليهم الأمان وينفخ فى الإقتصاد المتهالك من روحه فيصنع منه معجزة تجعل من بلدهم إمبراطورية فشر أمريكا والصين واليابان معا، وليس صدفة أن تحمل الجماهير صوره فى الميادين الى جوار صور عبد الناصر و جيفارا وآخرين من بينهم بوتين الذى أعاد لروسيا بعض مجدها الضائع، ويعزون إليه كامل الإنجاز الذى حدث 30 يونيو وما تم فى 3 يوليو من عزل مرسى ووضع خارطة المستقبل، ورغم أن لا أحد ينكر الدور المحورى الذى قام به السيسى فى تلك الأيام وما حدث بعدها الاّ أنه يجب أن نرجع الفضل لأهله وهم ملايين المصريين الذين تدفقوا على الميادين فى حشد لم تشهد له البشرية مثيلا من قبل، ودورهم فى التسابق على تعبأة إستمارات تمرد لإستكمال أهداف تلك الثورة التى صنعوها فى 25 يناير.
لم يحظ شخص فى تاريخ مصر الحديث بمثل ما حظى به الفريق أول محمد عبد الفتاح السيسى من شعبية والتفاف جماهيرى اللهم الاّ جمال عبد الناصر فى ذروة صعوده التاريخى، وهى ظاهرة يصعب تفسيرها مهما كانت الأسباب مفهومة الى حد كبير، فمقارنة ما قام به وبين دورالمجلس الأعلى للقوات المسلحة فى الإطاحة بمبارك فى 2011 ليس بعيدا عن دور السيسى والقوات المسلحة فى عزل مرسى، رغم أن المشير طنطاوى لم يحظ بقليل مما حققه السيسى من شعبية وجماهيرية ، أتذكر عندما كنا نعتصم فى ميدان سيدى جابر مساء يوم 10 فبراير 2011 بعد خطاب مبارك الوداعى والذى فوّض فيه سلطاته لنائبه عمر سليمان وأعلن عن تشكيل لجنة لتعديل الدستور وكرر إعتذاره للشباب وللشعب المصرى، أذكر ليلتها وبعد انتصاف الليل كنا فى مناقشة حامية مع الذين يرون أننا قد حققنا الجزء الأكبر من أهدافنا وعلينا أن نعطى لأنفسنا هدنة، حضر الينا ليلتها ضابط جيش برتبة كبيرة وطلب منّا أن نستمر فى تمسكنا بالميادين لأن هناك 3 أسلحة ما زالت مترددة فى الإطاحة بمبارك وحدد تلك الأسلحة بأنها الحرس الجمهورى والشرطة العسكرية والمخابرات الحربية؟.
إذا عدنا الى صلب الموضوع نجد أن الشعب المصرى لا يظهر معدنه الأصيل الاّ فى وجود زعيم وطنى قادر على تفجير طاقاته وإخراج كل قدرته على الإبداع، يحدث هذا خصوصا فى ظروف الأزمات الكبرى وتعرض الوطن لمخاطر محدقة، فى مثل هذه الظروف يبحث الشعب عن يطل أو منقذ أسطورى يلتف خلفه راغبا فى التضحية ومستعدا لها، وعنما لا يجد هذا البطل فإنه يقوم بصناعته وتحويله من شخص عادى الى زعيم وقائد، حدث هذا أكثر من مرّة فى تاريخ مصر، من بينها ما حدث فى العقد الثانى من القرن العشرين عندما إستدعى المصريين الزعيم "سعد زغلول" من أحضان الأرستقراطية المصرية واللورد كرومر وموائد القمار لكى يصنع منه بطلا للإستقلال القومى وزعيما لحزب ذوى الجلابيب الزرقاء، صانعا حكمته الفريدة " اللى مالوش كبير يشتريله كبير".
البطل الشعبى تصنعه أحلام الفقراء والبسطاء ويضعون فيه أملهم أن يحمل سيفه ويقتل الشيطان، وهو المنجد وقت الشدائد وحامى الحمى من الأعداء، وهو الذى سيأخذ لهم بالثأر ويعيد الحق لأصحابه، وقد صنع الشعب المصرى أبطاله ورموزه التاريخيين من الظاهر بيبرس وعلى الزيبق وذات الهمة وأدهم الشرقاوى وجمال عبد الناصروغيرهم، وتصنع الحكاية الشعبية فى الأغلب عالما رومانسيا يعوّض عن الهزيمة والواقع المرير الذى يعيشه الشعب، وتنتهى غالبا نهاية سعيدة بانتصار البطل والقضاء على الأشرار، والبطل الفولكلورى هو بطل خارق غير عادى، ساحر فى كلامه، فارس فى حياته وموته، خالصا من كل ذاتيه أو أنانية فهو يعيش من أجل الآخرين، وهكذا تعبّر الطبقات المسحوقة عن تجسيد أحلام القدرة والقوة والإرادة فى ذلك البطل الشعبى.
على أن صورة البطل الشعبى فى المخيلة الجمعية لشعب من الشعوب تظل أسيرة لأفكار بدائية غير ناضجة ترتبط بأحلام البسطاء والمهمشين، وكلما إرتقت تلك الشعوب فإن الأفكار وليس الأشخاص هى التى تبلور الخلاص لديهم، لذا فإن طغيان عالم الأشخاص هو وصاية على العقل والإنبهار بالكاريزما الشخصية ( وهى القدرة التى يتمتع بها فرد ما على التأثير فى الآخرين بحيث يمنحه الواقعين تحت تأثيره حقوقا تسلطية عليهم) التى قد تذوى سريعا أمام الفشل فى تحقيق الأحلام التى تتمثلها أمام فقر الواقع والقدرة المحدودة فى إحداث النهوض السريع، وهو ما يجعل دغدغة المشاعر الشعبية غير مفيد على المدى الأطول، كذلك فالإندفاع الشعبى نحو البحث عن حل يوتوبى خارج الواقع يبعد قضايا أساسية الى الزاوية الخلفية من التفكير وتصبح قضايا مثل حقوق الإنسان وحرية التعبير وسيادة القانون فى مرتبة أدنى، وتزداد الخطورة كلما إرتبط البطل الشعبى لدى الجماهير بالزى العسكرى، فيزداد الضيق من وجهة النظر المخالفة ويزداد الولع بتكريس دور السلطة-الأب فى فرض هيمنتها والإستسلام لها.
إن الشغف الشعبى بالسيسى يتحول الى نوع من الهيستريا الجماعية لدى طبقات متعددة وخاصة النساء، هذه الجماهير العريضة تضيق ذرعا بمجرد أن يسأل أحد عن أفكار الرجل أو برنامجه وخطته للنهوض بالإقتصاد وتحقيق الأمن، ويعتبرون إنحيازه لها فى 30 يونيو وموقفه الصارم من الإرهاب هو جواز المرور الى سدة الرئاسة حتى بدون إنتخابات، وقد ساهم الإخوان بدور لا يستهان به فى تقديم الجنرال السيسى كبطل شعبى من خلال التركيز على شخصه كعدو وحيد يقف ضد مشروعهم ويسعى منفردا لتحطيم أسطورتهم.
فى ظل حالة الفوضى وفشل الإقتصاد القائمة فإن الحلم ب"المستبد العادل" الذى يأتى من الأفق محققا العدل ومزاجها للفوضى والإهمال والفساد ويوحد الصفوف خلفه سيظل حلم العاجزين، ولا يمكن أن نجلس بعيدا لنلوم أهلنا ونسخر منهم، ولا أن نكتفى بالصراخ والعويل دون إرادة حقيقية فى بناء بديل حقيقى يرتكز على برنامج واقعى يخاطب عقول الناس لا وجدانهم فقط.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زينب الغزالى .. الوهم المتبدد
- الماسونية ... ذلك البناء الغامض
- ذكر ما جرى فى مخيّم اليرموك
- العائدون من سوريا ...الخطر القادم
- الإخوان والتدبير لأول إنقلاب فى العالم العربى
- ممتاز دغمش وإرهاب القاعدة فى مصر
- تلك التسريبات والمؤامرة على الثورة
- الشيخة موزة ..المرأة التى تحكم إمارة
- مساهمة فى تجديد الفكر الماركسى -4-
- ماجد الماجد ..زعيم كتائب عبدالله عزام
- العثمانيون الجدد ..والخليفة رجب طيب إردوغان الأول
- الصراع بين كولن وأردوغان ..وعندما يختلف اللصوص
- هنرى كورييل ..مناضل من زمان آخر
- اليسار المصرى ..ومزيد من الإنقسام
- شيوعيون فى الواحات
- إقتراح للخروج من الأزمة السورية
- مساهمة فى تجديد الفكر الماركسى – 3
- حقيقة تنظيم أنصار بيت المقدس
- الإخوان وأردوغان والأزهر
- مساهمة فى تجديد الفكر الماركسى – 2


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - السيسى .. وإشكالية البطل شعبى