أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - الإخوان والتدبير لأول إنقلاب فى العالم العربى















المزيد.....

الإخوان والتدبير لأول إنقلاب فى العالم العربى


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 4343 - 2014 / 1 / 23 - 13:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المقصود هو الإنقلاب الذى حدث ضد الإمام "يحيى حميد الدين" رأس الأسرة الحاكمة فى اليمن فى شهر فبراير عام 1948وإغتياله فى قصر الحكم بيد مجموعة من الإنقلابيين على رأسهم "عبد الله الوزير"، هذا الإنقلاب تم الإعداد له فى المقر العام لحركة الإخوان المسلمين بالقاهرة تحت رعاية مرشد الجماعة "حسن البنا" بالتنسيق مع إخوان اليمن، وأرسل البنا وفدا من الجماعة لقيادة الإنقلابيين فى صنعاء حيث إستمرالإنقلاب لمدة 26 يوما قبل أن يسقط.
يعتبر ذلك هوالإنقلاب الأول فى العالم العربى وسبق إنقلابى حسنى الزعيم والشيشكلى فى سوريا، ولكنه لم يكن الأخير الذى شارك فيه أو خطط له الإخوان، فقد كان لهم الدور الأساسى فى إنقلاب البشير فى السودان عام 1989 ، كما شاركوا قبل ذلك فى إنقلاب الضباط الأحرار فى 1952 قبل أن يتحول الى ثورة، والعديد من الإنقلابات الفاشلة بالعالم العربى، ولكن كيف بدأت قصة الإخوان المسلمين مع اليمن؟:
على غرار معظم دويلات الخليج حكم الإمام يحيى اليمن لمدة 44 عاما ( 1904- 1948) حكما مطلقا مستبدا مستعينا بأبنائه التسع بعد أن قام بطرد أشقائه الخمس خارج اليمن وكان يأخذ أبناء شيوخ القبائل رهناء عنده لضمان ولاء قبائلهم، حيث أعاد المجتمع الى ما قبل القرون الوسطى ومنع عنه جميع وسائل الإتصال بالخارج الآّ من خلال إذاعة وحيدة تبث لمدة نصف ساعة إسبوعيا، وكان الإمام يطبّق الشريعة الإسلامية على طريقته وحسب فهمه، فى هذا الجو الخانق كان بعض اليمنيين يتمكنون من الفرار للدول العربية للعمل وطلب العلم منهم إثنان من الطلبة اليمنين التقطهما البنا وكوّن منهما بداية تنظيم الإخوان المسلمين اليمنى هما أحمد محمد النعمان ومحمد محمود الزبيرى، بالإضافة لبعض الضباط الهاربين ولاجئين آخرين، وكون البنا سنة 1939 "كتيبة الشباب اليمنى" لنشر فكر الإخوان باليمن حيث كان الرجل يرى أن اليمن تعد تربة خصبة لتمدد الإخوان خارج مصر، لذا فقد كان إهتمام الرجل باليمن كبيرا، حتى أنه حرص على أن تكون له علاقة بالإمام يحيى حميد الدين حاكم اليمن نفسه وتبادل معه المراسلات وحرصت صحف الإخوان على النشر المتواتر لأخبار اليمن، كما عرض البنا الوساطة بين الإمام ومعارضيه، ولكنه ظل يخطط لإسقاط الإمامة وإقامة حكم تابع له على أنقاضها وفى سبيل تنفيذ هذا الهدف إستطاع الإيقاع بأحد أبناء الإمام وهو سيف الإسلام إبراهيم وضمه الى صفوف الإخوان.
حاول البنا أن يوطد لتنظيمه فى اليمن وسعى لإستقطاب الطلاب اليمنيين فى مصر كما عمل على إيفاد عدد من المدرسين المنتمين للجماعة للتدريس فى اليمن ومن بينهم الدكتور مصطفى الشكعة ( عميد أداب عين شمس فيما بعد) الذى أشرف على إنشاء إذاعة للإنقلابيين فى صنعاء خلال فترة سيطرتهم على الحكم، كما قام حسن البنا بإرسال "الفضيل الورتلانى" وهو إخوانى جزائرى (تزوج من السيدة زينب الغزالى) الى صنعاء لمناصرة الإنقلابيين والتنسيق بين المعارضة فى الداخل والخارج، ودخل الورتلانى الى اليمن تحت ستار أنه ممثل لشركة أتوبيس الشرقية للنقل ملك الرأسمالى الإخوانى "محمد سالم"، وساعده فى ذلك "سيف الإسلام البدر" إبن الإمام يحيى حيث كان قد تعرف عليه عندما زار القاهرة بدعوة من حسن البنا، وحصل الورتلانى على ترخيص إقامة " الشركة اليمانية للتجارة والصناعة والزراعة والنقل" التى كانت ستارا لنشاط الإخوان باليمن.
أقام الورتلانى علاقات وثيقة مع المعارضة فى صنعاء وتكررت رحلاته الى عدن (كانت تحت الإحتلال البريطانى) بحجة التجارة حيث كان يلتقى هناك بتنظيم " الأحرار اليمنيين" وينسق بينهم وبين المعارضة فى الشمال، وفى زيارة للورتلانى الى القاهرة كلفه حسن البنا بالعمل على خلع الإمام يحيي وإقامة دولة إسلامية فى اليمن وكتب ميثاق الإنقلاب من 20 صفحة تحت إسم "الميثاق المقدس" كما ذكر ذلك القطب الإخوانى "محمود عبد الحليم" فى كتابه "أحداث صنعت التاريخ"، ووقع إختيار البنا على "عبد الله الوزير" ليخلف الإمام يحيي على حكم اليمن، وبعد شائعة عن وفاة الإمام يحيى إستتبعها نشر " الميثاق المقدس" وأعلن فيها أسماء قادة المعارضة وجد الثوار أن عليهم التحرك بسرعة فتم تدبير مؤامرة إغتيال الإمام على عجل وتم تنفيذها فى 17 فبراير 1948 أثناء توجهه بالسيارة الى منطقة حزيز على بعد 10 كيلومترات من صنعاء حيث شارك 12 رجلا فى تعقب السيارة بقيادة الشيخ "على ناصر القردعى" أحد قادة المعارضة من قبيلة مراد، وتم إجبار السيارة على التوقف وإنهال الرصاص على من فيها وإخترقت 50 رصاصة جسد الإمام يحيى وقتل جميع مرافقيه.
بمجرد نجاح عملية الإغتيال أسرع "عبد الله الوزير" على رأس قوة الى قصر غمدان مقر الحكم فاستولى عليه، وتم الإستيلاء سريعا على كل مراكز الحكم وإغلاق بوابات صنعاء وتم إخماد المعارضة المحدودة للإنقلاب بعد مقتل إثنين من أبناء الإمام يحيى والقبض على الباقين، ودعا "الوزير" العلماء للبيعة له حيث رضخ الجميع وأعلن نفسه إماما لليمن وتكنّى بأمير المؤمنين الداعى، وفى اليوم التالى أذاع راديو صنعاء بيان الثورة والميثاق وإختيار عبد الله الوزير إماما وتسمية الوزراء والمستشارين، وتوافد شيوخ القبائل للمبايعة والتهنئة فى الجامع الكبير بصنعاء، وأبرق وزير الخارجية الجديد الى جامعة الدول العربية بخبر وفاة الإمام يحيى وتنصيب عبد الله الوزير إماما، كما أرسل الورتلانى برقية الى حسن البنا يخبره فيها بنجاح الإنقلاب وتولى الثوار للسلطة، وتم إبلاغ الحاكم العسكرى البريطانى فى عدن بنجاح الخطة التى ساهم فى تنفيذها بالمال والسلاح.
فى الجانب الآخر توجّه سيف الإسلام أحمد الى باجل وأعلن أنه الإمام الشرعى للبلاد وتكنى باسم المؤيد بالله الناصر وجمع الأتباع والمؤيدين وجمع حوله الكثير من القبائل والأنصار وإنتقل الى حجة داعيا أنصاره للتوجه الى صنعاء لمحاربة الإنقلابيين، كما عمل على الإتصال بالجامعة العربية معلنا أنه الحاكم الشرعى وأن الإنقلابيين يستعينون بالنصارى والكفار ويطالب بضبطهم ومحاكمتهم، وأرسل رسالة الى الملك عبد العزيز آل سعود يحذره فيها أن الخونة من تنظيم اليمنيين الأحرار بتأييد من الإخوان المسلمين إذا إستتب لهم الأمر فى اليمن فسوف يستديرون على السعودية وكافة المشيخات والممالك فى الخليج، وبالفعل إكتسب تأييد الملك عبد العزيز الذى أمده بالمال والسلاح، وجاء تحركه السريع والمباغت للهجوم على صنعاء وإعادة الإستيلاء على قصر غمدان وتحرير أشقاؤه.
نجح الهجوم المضاد للإمام أحمد وأتباعه وتم حرق قصر غمدان بعد معركة قصيرة والقبض على عبد الله الوزير وقادة الإنقلاب، واندفعت القبائل لسلب ونهب المحلات والبيوت وجرى قتل الكثير من المناوئين والقبض على أكثر من 1000 منهم، وإعدام 32على رأسهم عبد الله الوزير، وتم دخول الإمام أحمد الى صنعاء فى موكب مهيب حيث تمت مبايعته، وارتقى عرش اليمن التى غيّر إسمها الى " المملكة المتوكلية اليمنية" تخليدا لذكرى أبيه الذى كان يكنى بالمتوكل، وسارعت الجامعة العربية بالإعتراف بالإمام أحمد وأبرق عبد الرحمن عزام أمين عام الجامعة الى الملك عبد العزيز يطلب منه مناشدة الإمام أحمد أن يعفو ويصفح.
هكذا طويت صفحة الإنقلاب فى اليمن بعد 26 يوما من قتل الإمام يحيى فى 17 فبراير وحتى سقوط صنعاء فى 13 مارس 1948، ولعل أهم أسباب فشل الثورة هو تركزها فى قطاع من الظباط والمثقفين والتجار وعلماء الدين ولم تستطيع التجذر فى الأوساط الشعبية وشيوخ القبائل، وقد يكون عدم الإعلان عن تغيير نظام الحكم وإعلان الجمهورية ناتج عن إحساس القيادة بتلك المشكلة والإكتفاء بإعلان الوزير كإمام جديد، ولعل ذلك كان مقتل الحركة حيث رأى اليمنيين أن الإمام أحمد هو الأحق بخلافة أبيه، ولعبت الخلافات دورا كبيرا فى ذلك الفشل حيث لم يكن هناك إتفاق مسبق على شكل النظام الجديد وإستعرت الإختلافات العميقة بين دعاة الإصلاح وأنصار الثورة، وأيضا فإن إقتصار تلك الثورة على الإستيلاء على صنعاء والتحصن فيها مغفلين قوة الأطراف وسطوة القبائل أدى الى عزلتها وسهولة حصارها والإنقضاض عليها، ولكن السبب الرئيسى للفشل يكمن فى التعاون مع الإخوان المسلمين فى مصر وصناعة الإنقلاب بواسطة مكتب الإرشاد والبنا فى القاهرة، ولعب شخصيات إخوانية معروفة أدوارا مباشرة فى الأحداث كالورتلانى وجمال جميل ومصطفى الشكعة وآخرين.
أدى فشل مؤامرة الإخوان فى اليمن الى إحباط كبير فى صفوف الجماعة بمصر، وساهم بشكل رئيسى فى تشويه صورة الجماعة فى ذهن قطاعات واسعة، وإستغل الوفد خصمهم التاريخى ما حدث للتشهير بالاخوان على صفحات جرائده، ويرى الشيخ الإخوانى "أحمد حسن الباقورى" أنه كان للمؤامرة فى اليمن أسوأ الأثر على الإخوان المسلمين حتى بات الرأى العام فى بلاد العروبة والإسلام ينظر للإخوان على أنها جمعية باطنية يتزعمها رجل لا هم له الاّ إثارة الفتنة وسفك الدماء".



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ممتاز دغمش وإرهاب القاعدة فى مصر
- تلك التسريبات والمؤامرة على الثورة
- الشيخة موزة ..المرأة التى تحكم إمارة
- مساهمة فى تجديد الفكر الماركسى -4-
- ماجد الماجد ..زعيم كتائب عبدالله عزام
- العثمانيون الجدد ..والخليفة رجب طيب إردوغان الأول
- الصراع بين كولن وأردوغان ..وعندما يختلف اللصوص
- هنرى كورييل ..مناضل من زمان آخر
- اليسار المصرى ..ومزيد من الإنقسام
- شيوعيون فى الواحات
- إقتراح للخروج من الأزمة السورية
- مساهمة فى تجديد الفكر الماركسى – 3
- حقيقة تنظيم أنصار بيت المقدس
- الإخوان وأردوغان والأزهر
- مساهمة فى تجديد الفكر الماركسى – 2
- مساهمة فى تجديد الفكر الماركسى
- علاقة الإنقلاب الثورى بالجيوش الوطنية
- الإرهاب فى سوريا يعيد تلميع وجه الأسد
- محمد عبد السلام فرج..مهندس تنظيم الجهاد
- أيمن الظواهرى ومصر التى فى خاطره


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - الإخوان والتدبير لأول إنقلاب فى العالم العربى