أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - العثمانيون الجدد ..والخليفة رجب طيب إردوغان الأول















المزيد.....

العثمانيون الجدد ..والخليفة رجب طيب إردوغان الأول


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 4324 - 2014 / 1 / 3 - 22:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" إنهم يقولون عنّا العثمانيون الجدد..إننا حقا العثمانيون الجدد" صيحة أطلقها منّظر حزب العدالة والتنمية فى تركيا "أحمد داود أوغلو" وزير الخارجية فى إجتماع حزبى بمعسكر "قيزلجة حمام" مستخدما التعبير الذى صكّه المفكر التركى "إدريس بوانو" فى مؤلفه "إسلاميو تركيا..العثمانيون الجدد" الذى يبحث فيه ظاهرة نهوض الإسلام السياسى متقصيا دور الثورة الإسلامية فى إيران وسقوط الإتحاد السوفييتى ويرصد الكاتب تطور الدور التركى منذ نهايات الإمبراطورية العثمانية والصراع المحتوم بين التيار العلمانى التجديدى بقيادة "مصطفى كمال أتا تورك" وقبلها منذ تأسيس "حركة الإتحاد والترقى" وحزب تركيا الفتاة" وردود الفعل المناقضة لها فى شكل التيار الإسلامى الذى تمثل على مستوى الطرق الصوفية والجماعات الإسلامية ذات البعد الدعوى والتربوى أو البعد الحركى الدعائى والخدمى والذى كان مقدمة ضرورية لنشأة حزب العدالة والتنمية من رحم حزب الرفاه ، كما كرر ذلك "اوغلو" فى كتابه الدال "العمق الإستراتيجى..موقع تركيا ودورها فى الساحة الدولية".
لقد أظهرت الحركة الإسلامية فى تركيا قدرا عاليا من المرونة الفكرية والواقعية السياسية أهلتها بعد ثمان عقود من سقوط الخلافة أن تعود فى ثوب جديد بعد تحقيق إنتصار فى إنتخابات البلديات وحصولها على نسبة 35% من الأصوات ثم الإنتخابات البرلمانية التى فاز فيها الحزب فى 2011 بأغلبية 50.4% من أصوات الناخبين متقدما على الحزب الجمهورى وحزب الحركة التركية وحصوله على 326 مقعدا فى البرلمان من أصل 550 ليمكنه ذلك من تأليف الحكومة منفردا وهو ما إعتبره فى بياناته "تصويتا على الهوية"، تم ذلك بعد تقديم العديد من التنازلات البرجماتية الصريحة للتيار العلمانى، ورغم أن اردوغان لم يعلن صراحة عن تبنيه لصفة العثمانية الاّ أنه دائم الحديث عن "مجد أجدادنا"، وحرصه على إستمالة الأكراد والأقليات العرقية محاولا كسب جميع المختلفين مع أفكار أتاتورك العلمانية ومغازلة الذين يتطلعون الى ماضى الدولة العثمانية البائد.
حرص "أتاتورك" وأتباعه على قطع حتى الحبل السرى مع دولة الخلافة العثمانية التى طمست الهوية التركية من أجل بناء إمبراطورية تمددت فى قارات ثلاث وظلت تعانى حالة الإحتضار لأكثر من قرن، ولكن الهوية الحقيقية لتركيا لم تظهر الاّ مع الثورة الكمالية التى أدارت ظهرها للشرق الإسلامى ويممت وجهها صوب اوروبا وتم تغيير الأبجدية التركية بحروف لاتينية، وإستبدال الطربوش بالقبعة، وإلغاء الألقاب العثمانية، إنتهاءا بالإشتراك فى حلف الناتو وعلاقة عضوية بالولايات المتحدة الأمريكية، وجاءصدامها مع ثورة يوليو على خلفية الموقف من الأحلاف الإستعمارية ومع رؤية عبد الناصر لأهداف الثورة، ونذكر هنا كيف إحتد عبد الناصر على السفير التركى فى القاهرة وقذفه بمنضدة صغيرة حينما وجه إليه إنتقادا حادا حول قانون الإصلاح الزراعى فى سبتمبر 52.
فى الثالث من إبريل عام 1924 ألغى البطل القومى للأتراك مصطفى كمال أتاتورك الخلافة العثمانية التى دامت لستة قرون معلنا قيام الجمهورية التركية متبنيا النسق الحضارى الأوربى من العلمنة وآليات الديموقراطية من صندوق الإنتخابات والحريات الفردية وأسلوب الحياة الغربى فى الزى والمأكل وقوانين الأحوال الشخصية والمساواة بين الرجل والمرأة، كل ذلك كان عربونا للقبول فى المنظومة الأوروبية التى حافظت على علاقات متميزة مع تركيا ولكن لم تصل الى حد إعتبارها كأحد أفراد تلك المجموعة مع إستمرار توجس الغرب من المؤسسة العسكرية التركية المساندة للعلمانيين بتاريخ متواصل من الإنقلابات ضد الحكومات المختلفة كلماا إستشعر العسكريون أى محاولة للمساس بإمتيازاتهم، منصبّين أنفسهم حماة للتجربة الكمالية، فقد إنقلب الجيش ضد "عدنان مندريس" وقام بإعدامه وإنقلب على "تورجت أوزال"، وأقصى "نجم الدين أربكان" أول رئيس إسلامى عن السلطة بعد قرار المحكمة الدستورية بحل حزبه والحكم عليه بالسجن.
بوصول حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان الى الحكم فى مطلع القرن الحالى إعتمد على نظرية سياسية تحكم التوجّهه الجديد لتركيا وتبدأ من تحديد الفضاء الإسلامى السنّى المرتبط تاريخيا بدولة الخلافة والذى يمتد من الجمهوريات الآسيوية السابقة (بعد تفكك الاتحاد السوفييتى) شرقا وحتى المغرب العربى وحدود الأطلسى غربا، إعتمادا على البعد الجيوستراتيجى والتاريخى والقوة الناعمة " soft power" لتركيا والحلم بتكوين إمبراطورية آسيوية- بلقانية-شرق أوسطية، مستندا على ثلاث محاور رئيسية هى القوس المشدود والسهم المندفع ( كلما تم شد القوس الى الوراء..كلما إندفع السهم فى الإتجاه المعاكس بقوة أكثر) وصفر مشكلات ( أى علاقات متوازنة مع جميع دول المنطقة) ومعتمدا على نظرية العثمانيون الجدد التى ترى أن سبب التخلف التركى هو القطيعة مع التاريخ العثمانى والعمق الإستراتيجى الحيوى وعمّقت سوء الفهم بين علمانية أتاتورك والإسلام وإستعادة حس العظمة والكبرياء العثمانى مع التأكيد على الوجه الحضارى للإسلام المعتدل فى مقابل الشكل المتشدد للإسلام الوهابى والطالبانى.
يعتمد حزب العدالة والتنمية على تصنيف نفسه بأنه حزب سياسى محافظ معتدل غير معادى للغرب ويتبنى رأسمالية السوق ويعتبر الحزب الذى يحمل رؤية إسلامية وينفى أن يكون حزبا إسلاميا ولا يعارض الفكر الكمالى أو العلمانية صراحة، وقد دخل الحزب فى مواجهات مفتوحة مع المؤسسة العسكرية وإستطاع تغيير القيادة لها وتقديم العشرات من الضباط للمحاكمة، كما إستطاع النظام الجديد من تحقيق نهضة إقتصادية ملموسة وإنقاذ الإقتصاد التركى من أزمته المستفحلة ووضع تركيا فى مصاف الدول التى تعيش حالة من النمو الإقتصادى القوى وأصبح حجم الصادرات التركية يتجاوز نصف تريليون دولار سنويا، معتمدا فى ذلك على طبيعة الشعب التركى المحافظة الذى لم تتمكن التجربة الكمالية لأكثر من ثلاث أرباع القرن أن تغيّر كثيرا من هويّته.
بصعود حزب العدالة والتنمية الى السلطة بهويّة إسلامية علمانية مختلطة حاول إردوغان أن يبعث برسائل متعددة ومتناقضة أحيانا، الرسالة الأولى الى الدول الشرق أوسطية عموما والفلسطينيين خصوصا مفادها أن تركيا هى الحارس الأمين للقضية الفلسطينية بعد إنفضاض العرب عنها، مع بعض التوابل مثل إدارة مسرحية هزلية بينه وبين بيريز فى دافوس وإستخدام حادث السفينة "مرمرة" كمحاولة إستعراضية لكسر الحصار الإسرائيلى على غزة فى ابريل 2010 وذلك للتضامن مع تنظيم حماس "فرع الإخوان المسلمين فى غزة"، وسحبه السفير التركى من إسرائيل لفترة "الى أن تدخل أوباما لإعادة اللحمة بين تركيا وإسرائيل"، ومسارعته بدعم المقاومة السورية ضد صديقه "بشّار الأسد" الذى هدده بالغزو الى أن يقوم الأخيربطرد "عبد الله أوجلان" زعيم الحزب الديموقراطى الكوردستانى المعارض من سوريا.. وقد كان، وإمتدادا لهذا الموقف إتخذ إردوغان موقفا مؤيدا لثورة 25 يناير فى مصرمحاولا تركيب الإخوان عليها، وبعد وصول ممثل جماعة الاخوان الى قمة الحكم ( بنصيحة من إردوغان لخيرت الشاطر أن يغتنموا الفرصة للترشح لمنصب الرئاسة) سعى الرجل لمساندة ودعم سيطرة الإخوان كما دعم من قبل وصول حزب النهضة (الإخوانى) للحكم فى تونس، وإستثمار ذلك لإقناع غرمائه الأوربيين أنه القوة الأولى المسيطرة فى الشرق الأوسط، وهذا ما يفسّر الى حد كبير الغضب الشديد والعداء لثورة 30 يونيو والوقوف بشكل سافر ضد عزل مرسى وضد خارطة المستقبل واصفا ما تم بالإنقلاب.
منذ أن إحتل العثمانيون مصر فى عام 1517 على يد السلطان "سليم الأول" وإعدامه لطومانباى شنقا على باب زويلة (يوجد كتاب قيّم للمؤرخ/ أحمد بن زمبل الرماّل يصف بالتفصيل الحوار الذى دار بين طومانباى والسلطان سليم قبيل إعدامه) وجلب خيرة الحرفيين والصنايعية المصريين الى الأستانة "عاصمة الخلافة" وإنتزاع التنازل من الخليفة العباسى الأخيرفى مصر، وما تلا ذلك من سيطرة العثمانيين على الأراضى المقدسة فى الحجاز وضم معظم العالم العربى اليها، منذ ذلك التاريخ ولمدة تزيد عن ثلاث قرون حكم فيها العثمانيون كأسوء فترة فى تاريخ مصر من الجمود والتخلف، وحتى إلغاء الإحتلال الانجليزى للسلطة العثمانية فى مصر فى 1914، وسقوط الخلافة نفسها فى تركيا فى 1924وإعلان الجمهورية، وبعد صعود حزب "العدالة والتنمية" الإسلامى للحكم بدأ "رجب طيب أردوغان" يحلم بشكل جديد من الخلافة العثمانية بالتعاون مع رفاق خندقه من الإخوان المسلمين فى مصر والمنطقة بالارتباطه بالفضاء العثمانى البائد مستندا على الطبيعة المحافظة والمتعصبة قوميا للأتراك، ولكن هذا الحلم تكسّر على حائط ثورة الشعب المصرى ضد الإخوان وإجهاض حلمهم فى الحكم الى الأبد، وذلك من خلال تحرك الجماهير فى 30 يونيو الذى أسقط ولمرة واحدة حلم العثمانيون الجدد ان يكون أردوغان هو الخليفة الجديد المنتظر.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراع بين كولن وأردوغان ..وعندما يختلف اللصوص
- هنرى كورييل ..مناضل من زمان آخر
- اليسار المصرى ..ومزيد من الإنقسام
- شيوعيون فى الواحات
- إقتراح للخروج من الأزمة السورية
- مساهمة فى تجديد الفكر الماركسى – 3
- حقيقة تنظيم أنصار بيت المقدس
- الإخوان وأردوغان والأزهر
- مساهمة فى تجديد الفكر الماركسى – 2
- مساهمة فى تجديد الفكر الماركسى
- علاقة الإنقلاب الثورى بالجيوش الوطنية
- الإرهاب فى سوريا يعيد تلميع وجه الأسد
- محمد عبد السلام فرج..مهندس تنظيم الجهاد
- أيمن الظواهرى ومصر التى فى خاطره
- على نويجى .. الحكيم الذى لم أعرفه كثيرا
- مصر والسيناريو الجزائرى ..هل تتكرر العشرية السوداء فى مصر؟
- اليسار المصرى ..الوحدة ولا سبيل آخر
- الإختلاط..أقصر طريق للفضيلة
- بين الولىّ الفقيه ومرشد الإخوان
- القضية الوطنية فى مصر الحديثة


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - العثمانيون الجدد ..والخليفة رجب طيب إردوغان الأول