إنتقال الحكم .. إنقلاب أبيض فى البيت الحاكم بالسعودية

رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 4412 - 2014 / 4 / 2 - 00:48
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    

تكونت المملكة العربية السعودية بعد حروب ضروس بدأها محمد بن سعود حاكم الدرعية بتحالفه مع محمد بن عبد الوهاب وأتمها الملك عبد العزيز آل سعود عام 1932 لتعرف بهذا الإسم، وبعد وفاة عبد العزيز فى 1953 تولى الملك سعود السلطة وتم إقصاؤه عنها عام 1960 لصالح أخوه فيصل فيما يشبه الإنقلاب داخل الأسرة، وبعد قتل فيصل على يد ابن أخيه عام 1975 تولى الحكم خالد بن عبد العزيز لمدة قصيرة انتهت بوفاته عام 1982 ليخلفه الملك فهد الذى نزع عن نفسه كلمة "صاحب الجلالة" واستبدلها بكلمة "خادم الحرمين الشريفين"، وبعد وفاته فى 2005 ارتقى الملك الحالى عبدالله بن عبدالعزيز العرش حتى الآن، وينص النظام الأساسى للحكم بالسعودية على أنه نظام ملكى وحدد أن يكون الحكم فى أبناء الملك عبد العزيز الذكور ثم ابناء الأبناء دون تحديد الأولوية بينهم، على أن يعين الملك وليا للعهد يتولى الحكم فى حال شغور المنصب حتى تتم البيعة، وتتكون هيئة البيعة من 35 أميرا يتم تعيينهم بامر ملكى وتقر تلك الهيأة مبايعة الملك وولى العهد.
فى باقى دول الخليج تتم عملية إنتقال الحكم بكيفية مقاربة لتلك التى تحدث فى السعودية سوى بعض الفروق البسيطة حسب المذهب السنى المتبع، ففى سلطنة عمان حيث المذهب الإباضى هو المذهب الرسمى فإن المذهب لا يقبل بتعيين وليا للعهد وينص(شكليا) على يتم تحديد الحاكم "السلطان"عن طريق الإختيار لا التعيين لذا فإن النظام الأساسى للحكم الأشبه بالدستورالذى صدر بمرسوم عام 1996 ينص على أن يتم إنتقال السلطة بواسطة مجلس تشاورى من أسرة البوسعيد (سلالة تركى بن سعيد تحديدا) على أن يقوم مجلس العائلة خلال 3 أيام من شغور المنصب بإختيار السلطان الجديد وفى حالة عدم تمكنه من ذلك يقوم مجلس الدفاع بتثبيت الشخص المحدد فى وصية السلطان وتتم بيعته من مجلس أوسع يضم شيوخ القبائل الرئيسية وشيوخ المذهب، وتوجد ثلاث نسخ من وصية السلطان قابوس واحدة مع وزير البلاط والثانية مع مفتى عام السلطنة والأخيرة مودعة فى خزانة مصرفية خاصة فى لندن، أما فى إمارة قطر التى يعتبر المذهب الرسمى فيها هو المذهب الوهابى أيضا فصراعات أجنحة السلطة والعمليات الإنقلابية المتكررة تجعل الحكم فى هذه الإمارة يتم بالتغلب، فبعد إقصاء "حمد بن خليفة" لوالده ثم عزل الشيخ مشعل "إبنه الأكبر" من ولاية العهد ونقلها الى إبنه من "موزة بنت ناصر المسند" الأكبر"تميم" وما تلى ذلك من تنازله له عن الحكم، لذا فإن الوضع فى تلك الإمارة غير مستقر ويعتمد على المؤامرات والإنقلابات، ولا يختلف الأمر كثيرا فى بقية دويلات وامارات الخليج حيث تحتكر السلطة بها أسر معروفة تم توطيد سلطتها بواسطة الإستعمار الإنجليزى قبل رحيله من المنطقة، وتلك الأسر هى آل سعود وآل ثانى والصبّاح وآل سعيد وآل نهيان وآل خليفة.
على أن أمور إنتقال السلطة فى الخليج لا تتم عادة بسلاسة وانتظام وتلعب الصراعات داخل الأسر الحاكمة دورا كبيرا فى ذلك والمؤامرات بين الإخوة والآباء، وتبقى السعودية فى بؤرة الإهتمام بوصفها الدولة الأكبر والأقوى والمنتج الأول للنفط ومالكة أعظم إحتياطى منه فى العالم مع إحتياطى نقدى يتجاوز 700 مليار دولار وبروز دورها السياسى فى صراعات المنطقة والجوار الإقليمى، ويهتم الكثيرون (على رأسهم الولايات المتحدة) باستقرار الأوضاع فى المملكة وهكذا جاءت زيارة أوباما للإطمئنان على الإنتقال السلمى للحكم بها، ومعروف أنه توجد أجنحة داخل الأسرة الحاكمة يتمحور معظمها حول الأشقاء من أم واحدة وأشهرها ذلك التكتل من أبناء عبد العزيز المعروفين بإسم" السديريين السبعة" نسبة الى قبيلة السديرى القوية التى تنتمى لها أمهم "حصة بنت أحمد السديرى" ومن بينهم الملك عبدالله وسلطان ونايف وسلمان والملك فهد، وقد لعب تقدم السن والحالة الصحية لأبناء عبدالعزيز وتطلعات الأحفاد دوره فى السعى لإعادة ترتيب الأوراق لنقل الحكم الى هذا الجيل الجديد المتّطلع من الأحفاد وقد بدا ذلك بوضوح بعد وفاة ولى العهد الأمير سلطان ومن بعده خلفه الأمير نايف وتدهور الحالة الصحية للملك عبدالله الذى تجاوز حاجز التسعين وقد ظهر ذلك بوضوح أثناء إستقباله للرئيس أوباما وهو يعلق الأجهزة الطبية، كما أن حالة ولى العهد الحالى الأمير سلمان البالغ 79 عاما لا تختلف كثيرا فهو مصاب بالزهايمر منذ زمن.
لقد أفصح تعيين الأمير "مقرن بن عبد العزيز" كولى لولى العهد كسابقة هى الأولى من نوعها بإتفاق بين الملك وولى العهد الثانى كما أعلن وتوقع أن يعتزل الملك عبد الله الحكم بما يظهر أن العد التنازلى لوصول الأمراء الأحفاد الأصغر سنا للمقعد الأول فى المملكة، ويأتى تعيين مقرن بن عبد العزيز كسرا للقالب التقليدى للتراتبية المعمول به حتى الآن من إنتقال الحكم من الإبن الأكبر لعبد العزيز للذى يليه من الذكورأبناء الحرائر فقط، ومن المعروف أن الأمير مقرن هو أصغر أبناء عبد العزيز ووالدته لم تكن من الحرائر، ويبلغ الرجل 69 عاما ويعد الرمز الأقوى فى السعودية الآن وهو معروف بعدائه للإخوان المسلمين، وبعد وفاة عبدالهع المتوقعة سوف يتم تعيينه مباشرة ملكا للبلاد، ومن الأسماء المرجح بزوغها بشدة فى المرحلة القادمة الأمير "متعب" أكبر أبناء الملك عبد الله وقائد الحرس الملكى والأمير "خالد بن سلطان" نائب وزير الدفاع وكذلك الأمير "محمد بن نايف" مساعد وزير الدفاع و"عبد العزيز بن فهد" رئيس الديوان الملكى و "الوليد بن طلال" امبراطور المال والاعمال، وغيرهم وغيرهم كثيرون يتطلعون يوما لدور رئيسى فى إدارة البلاد ومنها المنصب الأول فى المملكة.

#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات