أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - بشرة خير، ورقص المصريين














المزيد.....

بشرة خير، ورقص المصريين


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4463 - 2014 / 5 / 25 - 20:22
المحور: الادب والفن
    


كأنها “زغرودة” حلوة رنّت في بيت الجيران، احتفالا بنجاح أولادنا في الثانوية العامة. وهو طقس شعبيٌّ شهير في مصر، حين يجامل الجيرانُ جيرانَهم، فيفرحون لفرحهم ويُجرحون لأحزانهم. سجّلت هذا الطقسَ الطيب أغنيةٌ من تراثناالفريد، كتبها “مرسي جميل عزيز”، ولحّنها الموسيقار “محمد الموجي” وغنّتها المطربة “أحلام”: “زغرودة حلوة رنّت في بيتنا/ لمّت حارتنا/ وبنات حارتنا/ زغرودة حلوة/ حلوة.”
زغرودة الجيران هي “بشرة خير”، الأغنية التي أهداها المطربُ الإماراتي “حسين الجسمي” لمصرَ، معشوقة العرب والعروبة، لحثّ المصريين على المشاركة في الانتخابات الرئاسية التي تبدأ غدًا الاثنين 26 مايو.
ولم تكن “بُشرة الخير”، هي أولى هداياه لمصر، بل سبقتها “تسلم إيديك” التي قدم فيها التحية لجيش مصر العظيم حين نصَف الشعب المصري ضد جماعة الإخوان الإرهابية، ومن بعدها كانت “سيادة المواطن” التي حيّا فيها للمواطن المصري الذي كتب دستور 2013، وغيرها عديد الهدايا التي تجلّى فيها حبُّ “الجسمي” لمصر، الذي يختصر ويوجزُ حبّ كل مواطن عربي للطيبة التي أحبّت الجميع على مدى تاريخها العسر، ولم تعادِ أحدًا، إلا لنُصرة مستضعفٍ مُعتَدًى عليه، من باطش معتدٍ ظلوم.
أما المصريون، ذلك الشعب الذي يعشقُ الحياة ويبغض أعداء الحياة، الشعب الذي ابتكر منذ عهد الفراعنة الأوائل قبل آلاف السنين عيدًا للاحتفاء بالحياة هو “شم النسيم” [شُوْمْ إنسِم] باللغة القبطية (المصرية القديمة). هو العيد الذي يستقبلون فيه فصل الربيع (رمز الإزهار ) فيخرجون للحدائق (رمز الخصوبة ) حاملين الأسماكَ (رمز الخير) والبيض الملون (رمز الحياة والفرحة بانبعاث الروح من الجماد). ذلك الشعب الجميل، استقبل “بشرة الخير” بالرقص والزغاريد والفرح بمصر الجديدة. رقصت في الشوارع والميادين صبايا مصر الجميلات والأمهاتُ، يحيط بهنّ شباب مصر الطيب.
والرقص تعبيرٌ إنساني فطري يتماهى فيه الإنسانُ مع إيقاع الطبيعة ليحاكى الزهورَ تتمايل على أغصانها، والأغصانَ تتأرجح على الأشجار، ودواماتِ الرمال تتصاعد في دوائرَ حول سفوح الجبال، ودوّاماتِ المياه تدور على وجه البحيرة إن حطّ على صفحتها عصفورٌ ظامئ ليرتوي، أو وخز صفحةَ المحيط الأزرق منقارُ حوت يبحث عن رفيقته بين هدير الأمواج. الرقص حالٌ من العودة إلى براءة الطفولة قبل أن تتدنس أجسادُنا وعقولنا بأفكار تجعل منّا كائنات شهوانية، تقسِّمنا قمسين: ذئابٌ ضواري جوعى (الرجال)، وفرائسَ وطرائد وحملانًا مُشتهاة (النساء). الرقص يعيدنا إلى حلم البراءة الأول حيث نعود جميعًا أطفالا أنقياء نحتفي ببراءة أجسادنا ونؤكد تلك البراءة بالرقص والغناء والعزف والفرح. هو رقص القروية “الدلوعة” في طرحتها وجلبابها المنقوش بالزهر، وهي تحمل جرّتها ذاهبةً إلى الترعة تملأها، ثم تعود إلى بطّاتها ودجاجاتها وأوزاتها تسقيها جرعة ماء من كفها الشقيان بالطحين والخبيز والعجين. هو رقص “شمس الدين التبريزي” المتصوف العارف الأكبر، ليناجي الله حبًّا وعشقًا.
عرف المصريون الرقصَ منذ آلاف السنين، وخلّدوه على جداريات المعابد، لنعرف أن أجدادنا هم أول من ابتكر فن “الباليه” الراقي، مثلما ابتكروا “الهارْب” الوتري الضخم وغيرها من آلات موسيقية. تلك المومياوات التي تنام في توابيتها ساكنةً، قدّمت الرقصات قرابيَ ن للآلهة في فجر الحضارات الأول. الفن هو أحد أسرار “أسطورة مصر” الُملغزة التي حيرت الدنيا. الفنون والعلوم والتراث هي قاطرة استعادة مصر لدورها التنويري الذي نحاول أن نبنيه اليومَ، بعدما تهدَّم على مدار عقود طوال، وكادت جذوته تنطفئ في عهد الإخوان التعس.
شكرًا لك حسين الجسمي، وشكرًا لكل من قدّم لمصرَ وردةً، في عُرس ديمقراطيتها الوليدة.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العصافيرُ لا يملكها أحد
- لمن سأعطي صوتي (2)
- المصريون بالخارج.... والمقاطعون
- رسالة إلى الرئيس عدلي
- ارفعْ مسدسَك عن أنفي، في يدي سوط نيتشه
- الطعااااام! أفسحوا الطرررريق
- صناعة القبح
- المرأةُ الجبروت
- لقائي مع الطبيب عبد الفتاح السيسي
- المرشح الرئاسي كوكاكولا
- الرئيسُ لسانُ مصر
- موسوي عيسوى محمدي
- حركة النصف ساعة
- كيف نقيس أعمارنا؟
- شكرًا لكم أيها الزائفون
- المرأةُ العفريت
- مدحت صالح ربيعُ الأوبرا
- عيد ميلاد زهرة تمرد
- المسيحيون سرقوا مصر
- ليت للبرّاق عينا فترى ياسر برهامي


المزيد.....




- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...
- بمناسبة أربعينيّته.. “صوت الشعب” تستذكر سيرة الفنان الراحل أ ...
- خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية بالاسم فقط “هنــــ ...
- في ذكرى رحيل فلاح إبراهيم فنان وهب حياته للتمثيل
- الفنان صبيح كلش .. حوار الرسم والتاريخ
- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - بشرة خير، ورقص المصريين