سعدي عباس العبد
الحوار المتمدن-العدد: 4389 - 2014 / 3 / 10 - 08:42
المحور:
الادب والفن
* كانت هذه المرة الاوّلى التي ارى فيها الجدّة بهذا الوضوح..كانت قريبة للغاية ..قريبة إلى الدرجة التي بقيت فيها ذاهلا ..كانت على مرمى خطوة , لاوّل مرة اشعر إنها في متناول عينيّ ويدي وكراهيتي التي بلغت ذروتها في تلك اللحظة المشحونة . اللحظة التي تجيء مرة واحدة محمولة على كف من القدر , كان يفصلها عن عيوني وسنواتي الحافلة بالنكد خيط رفيع للغاية . خيط من الموت والكراهية ..كان الفراغ الذي يفصل فيما بيننا , الذي يفصل ما بين النور والظلام .ما بين القدر والقدر ..ما بين القبر والهواء . كان مزدحما بالنور الازرق الفاتر وعذابات كلّ تلك السنين التي مرّت مثخّنة بالحرمان واللوعات , مرّت متباطئة تنؤ باثقال طفولة جريحة . كلّها مرّت من فوق كراهية الجدّة ومن تحتها ومن جوانبها المغلقة بسدود من الشتائم ,,كانت انفاسها تتصاعد في الهواء الساكن , لاوّل مرة انصت لتلك الانفاس .. كان فمها مفتوحا كشق معتم خارج من بدنها , تطلعت لذاك الشق الاسود الذي طالما ارعبني وهو يطلق الشتائم الساخطة . كانت تحيطه من الاسفل شفّة رخية متهّدلة في التواءمعوّج.. بينما كانت تسيّجه من الاعلى اسفل المنخرين العريضين ,شفّة يعلو مساحتها الملمومة على تغضّنات بيض ,زغب لا يكاد يبان للعيان ولكنها كانت على مقربة من عيوني للغاية ..تطلعت إلى لسانها . ذلك اللسان السليط المتمرس على مضغ واجترار الشتائم ونسج الوشيات وحوك النميمة وغزل الكراهية على نول الكراهية ..فتراءت ليّ تلك الكراهية المدهشة للغاية . تنسل خفيفة من الشق المعتم تتدفق على هيئة خيط اسود راعش غير منظور!! . ولكنه كان يمرّ لزجا نافرا عبر مخيّلتي . يمرّ عبر الشق المنفرج كجرح قديم اسود لم يندمل بعد ..كان المنزل ساكنا يعرش في فضاءه السادر في الصمت والعزلة خواء موحشا . كان يخلو من ادنى نأمة لما فكّرت باغلاق الشق الآن وعلى الفور // مقطع من مسودّة رواية مخطوطة / في تلك الايام
#سعدي_عباس_العبد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟