أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي عباس العبد - الله كما رايته على الارض














المزيد.....

الله كما رايته على الارض


سعدي عباس العبد

الحوار المتمدن-العدد: 4380 - 2014 / 3 / 1 - 09:06
المحور: الادب والفن
    


** الله كما رأيته على الأرض.................. !!
• عندما كنت طفلا . لما ازل في طور طور البياض .. كنت ابحث عن الله في حكاياتي جدتي ..وما ترويه أمّي ..وفي خرافة العجائز ..وفي افكار لداتي واترابي ممن يقاربونني في السن والقلق والبحث ..ودائما كنت أخال الله على هيئة شيخ عجوز محدودب بلحية كثة طويل نافرة ..يتوكأ على عصا مصنوعة من جريد النخيل . كان الله يتراءى ليّ مديدا ناحلا ..يمشي بخطى واسعة صوب اكواخ نائية تقع عند تخوم البلدة او في الاطراف القصية ..كانت لحيته مخضّبة بالحناء والشيب .. المحه يدرج في زقاقنا يهش بعصاه نعجة هزيلة وخروف ملطّخ بالوحل المتيبس او المجفّف يقتفي أثره كلب بغرة سوداء وذيل موحل على الدوام ..كان يبدو حزينا مشغولا ..مشغولا دائما او هكذا كان يتراءى ليّ ..حالما يقترب من عتبة باب بيتنا الطيني تأخذ هيئته شكلا مغايرااقرب ما يكون إلى لون الرماد وتتمدّد قامته طوليا وتصير لحيته بلون الثلج الموّحل ثم يتوارى في الأقاصي ..اشعرني الله بتحولاته الغامضة ., بخوف مبهم . اعتقدت في حينها إني الوحيد الذي كان يرى الله وعندما افيض بالبوح الى اترابي بما رأيت .وما كان يحدث لله من تحولات تدعو للغرابة . وكم كانت دهشتي لا توصف حينما يفاجئني احد اترابي انه هو الآخر قد شاهد الله نازل ضيفا عند بيت اجداده ..كنت أرى الله في ذلك العجوز الطاعن بالطول والشيب والصمت ..المفعم برائحة الغبار والشموس ..كنت أرى الله واقعا ملموسا على الأرض ...اطالعه عند الضحى والظهيرة متنقلا في البلدة يرفل بمعطفه الطويل الرث وهو يجوب الازقة الطينية ذارعا الجادات المتربة ذهابا وايابا يلازمه على الدوام كلبه الخامل ونعجته وذلك الخروف المعفر بالطين المجفّف ..كانت رؤيتي ل الله لاتجعلني استقر على حال .وكان خوفي لا يسمح ليّ بمحادثته .. ولما اختلي بجدّتي في غرفتها او كوخها الطيني وافشي لها بالسر المغلق الذي استمر لشهور طويلة يؤرقني ..سر مشاهدة الله ..تربت على كتفي وهي ترسم ابتسامة عريضة تعلو ملامحها وتكاد تغطي سائر الغضون المنتشرةعلى جانبيّ انفها الطويل المتاخم لشفتها العليا المشرومة ..وما تلبث انّ تقول ليّ بنبرة خفيضة تنضح مودة وحنوا ووداعة : ما رأيته ياجدّة , ليس الله ..بل هو عبود الشحاذ او سيد عبود صانع الرقّي والتمائم والتعويذات ومشفي المرضى وحلاّل العقد المستعصية ..ولكنه مصاب بداء الكدية او التسول .. نسيت انّ امرّ على كوفيته الخضراء التي تلتف على رأسه على نحو عشوائي متهدلة اطرافها المتسخة الرثة على كتفيّه .كانت اقرب ما تكون الى خرقة اتلفها الغبار والوقت والشمس .كان هذا هو الله في طفولتي ..يتراءى لي في اغلب الأمكنة التي ارتادها وهي منحسرة وضيقة للغاية ولكنها كانت تختزل العالم برمته .او تعني لديّ العالم ..حيث كانت الدنيا في ذهني الصغير لا تتعدى حدود بلدة الميزره .. والميزره بلدتي المشيّدة من الطين والصرائف ساعود لأتمام صورة الله كما رأيته وانا طفل .. ساتناول الثيمة الاكثر اهمية في رؤيتي لتغطيتها عبر سرد واقعي ومتخيّل .. ولكن في حينها لم اكن اتخيّل انّ ما ابوح به كان ضربا من خيال الطفول الخصب والذي اظن اغلب من كان في سني يتمتعون بتلك المخيّلة الثرية , الخصبة ...



#سعدي_عباس_العبد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حبّ في ريعان الخريف
- ظنون بحجم الحب الذي كان / من سنوات البكاء والخيبة
- امّي ذلك الكائن الغريب
- حدث ذلك في باب المعظّم
- مقطع / على مقربة من الحرب
- بلاد من دخان
- عن : الشاعر جبار الغزي : .. طائر الجنوب يحلّق فوق بارات العا ...
- .. مشهد .. / إجازات الجنود
- .. مشهد / سلمى والنهر
- قوّة الغابة
- جثتي ........
- رماد الجنود / جنود الرماد
- قصة قصيرة __ القيامة
- رواية مخطوطة في مقاطع / بقايا الجندي الطائر / 2
- رواية مخطوطة / بقايا الجندي الطائر / المقطع 3
- مقطع من روايتي المخطوطة / بقايا الجندي الطائر
- رائحة الجندي
- الرصاصة والزنبقة
- النهار الاخير
- ..... يحدث في زمن البكاء والنسيان ..


المزيد.....




- لا أسكن هذا العالم
- مزكين حسكو: القصيدة في دورتها الأبدية!
- بيان إطلاق مجلة سورياز الأدبية الثقافية
- سميّة الألفي في أحدث ظهور لها من موقع تصوير فيلم -سفاح التجم ...
- عبد الله ولد محمدي يوقّع بأصيلة كتابه الجديد -رحلة الحج على ...
- الممثل التونسي محمد مراد يوثق عبر إنستغرام لحظة اختطافه على ...
- تأثير الدومينو في رواية -فْراري- للسورية ريم بزال
- عاطف حتاتة وفيلم الأبواب المغلقة
- جينيفر لوبيز وجوليا روبرتس وكيانو ريفز.. أبطال أفلام منتظرة ...
- قراءة في ليالٍ حبلى بالأرقام


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي عباس العبد - الله كما رايته على الارض