أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي عباس العبد - قوّة الغابة















المزيد.....

قوّة الغابة


سعدي عباس العبد

الحوار المتمدن-العدد: 4374 - 2014 / 2 / 23 - 17:05
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة __ قوّة الغابة ___

** احسست باليد القوّية المطبقة على كتفي تدفعني بقوّة , فوجدتني ارتطم بكتلة ليّنة كالاسفنج الرخو داخل فضاء مظلم . فتراجعت مذعورا , فهوي رأسي إلى فراغ اسود مخيف , فرأيتني مركونا مكوّرا لصق جدار ينضح رطوبة بليلة , قبل انّ اسمع ذلك العواء الفاتر يتدفق من الكتلة الغاطسة في ظلام داكن , العواء الذي تلاشى في صرير الباب وهو ينغلق , فلم اعدّ ارى سوى ظلام قاتم كثيف يغمر فضاء المكان . امتدت يدي تتحسس الجدار فاصطدمت اطراف اصابعي بشيء طري , قبل انّ اتحسسه , تدفق العواء , كان هذه المرة مخنوقا , مشبّعا بالألم , وهو يتصاعد في الظلام , فجفلت وارتدّت يدي وجعلت اتراجع ذاهلا , ومالبث انّ تصاعد العواء , ولكن كان هذه المرة اقرب ما يكون إلى نشيج آدمي مبدّدا نبرة العواء الاليمة , نشيج تدفق حارا موجعا من الكتلة , فاحسست وانا انصت للنشيج بسائل دبق يسيل على وجهي , ويتكاثف عند طرفيّ فمي , فشعرت ببدني يضعف ويصيبه الخواء فلم اعد قادرا على سماع النشيج بوضوح , او كأني اسمعه يأتي من ظلام ناء , ولكن عندما تحوّل النشيج إلى صراخ , وجدتني ارتد هلعا دهشا ,ولما فتحت عينيّ المدميّتين المطبقتين على سائل من لزوجة كثيفة , هالني ما رأيت في النور الشحيح المندلق عبر النافذة . . كانت الفتاة التي خلتها في الظلام كتلة لدّنة من الغموض ! تطلق صراخا مرعبا مكّث يتصاعد لوقت مرير مثقل بالوجع , .. لا ادري كم من الوقت مرّ على مكوثي في الظلام . ؟ قبل انّ اصحو على اثر لغط كان ينمو خارج الجدران , عندما صحوت او افقت كان نور الصباح الفاتر الداخل خلال النافذة قد بدّد الظلام الذي كان مخيّم على المكان , فبانت ملامح الفتاة المدماة فجعلت اتطلّع اليها وانا انصت لبكاؤها . فرأيتني كأني في حلم مهوّل . فبدا ليّ كلّ شيء يغلّفه الغموض .. الارضية المخضّبة ببقع داكنة متجمّد من الدم ..والفتاة التي بدت ليّ اقرب ما تكون إلى شبح , تجسد بغته قبّالتي والجدران الملطّخة بآثار اصابع مطبوعة بقوّة .. بقيت ابحلق ذاهلا عاجزا عن الامساك بخيط الغموض الذي راح يلتف على ذهني فيضاعف خوفي , ويشدّني لعالم لم اجدني في اي وقت انتمي اليه ..فابقى لوقت عصيب استعيد في ذهني تفاصيل تلك اللحظات المترعة بالرعب , اتذكّر كان الزحام على اشده , لما خطوفني من وسطه , وكان الوقت نهارا , لم ارَ احدا من المارة يسارع لنجدتي رغم التضرعات والرجاءات والأستغاثات التي كنت اطلقها ,! وسط الزحام , فوجدتني اخوض نزاعا ضاريا اوّل الامر ,ولكن لما وجدت اذرعهم الطويلة المتماسكة تطبق على عنقي , رأيتني انزلق خفيفا رخوا منهكا إلى صندوق سيارة الخاطفين , .. لا تزال ذاكرتي ممّسكة بدقائق تلك اللحظات المرعبة , ... انفرج الباب فجأة عن وجه تنم ملامحه المشّوهة عن تمرّس مديد في عمليات الإبادة , كان طويلا بشعا . حالما وقع نظره على الكتلة او الفتاة , اندفع إلى الداخل وجعل يجرّ الفتاة من شعرها , يسحبها خارج فضاء الغرفة , ويوصد الباب فيتصاعد ذات الصرير المخيف ,ويعقبه صراخ مريع يظل يتصاعد لوقت قاس , فوجدتني امشي ناحية النافذة وجعلت اختلس النظر عبر القضبان المتقاربة . فلاحت لعينيّ قدِور سود ضخمة يتصاعد من داخلها بخار كثيف , رأيت ذلك الطويل البشع يقف عاريا , ثم لمحت الفتاة مفروشة على الارض تحت قدميه , اراعني ما رأيت فقد لاح ليّ رأس الفتاة يتدحرج بعيدا وهو ملفوفا بشعرها , وعلى مبعدة من رأس الفتاة المتدحرج رأيت وحوشا آدمية واقفين فوق القِدور او فوق رؤوس الذين داخل فضاء القِدور يصطلون . فاصابني الذعر وانا اتطلع إلى ذلك المشهد المهوّل , فوجدتني اخفق بقوّة وانا ازداد التحاما بحديد النافذة الصدىّ, فاحسست بسائل حار يندلق بين فخذيّ . كنت ارى الى الخارج المخيف لما فعلت ذلك ..فقد لمحت احدهم يدنو برأس الفتاة من فضاء القِدر وقبل انّ يلقيه داخل القِدر , رأيت عيني الفتاة تشعّان بريقا فاترا , فانذعرت وتذكّرت عواء البارحة في الظلام الرطب وكأنه يتصاعد الآن . فجعلت اتلفّت مرعوبا , وكم كانت تدهشتي لا تضاهى لما سمعت العواء يتدفق من بدني , يتصاعد فاترا اوّل الامر ثم ما يلبث انّ يعلو مع ازدياد رعبي وقبل انّ ارتد عن النافذة , سمعت صراخ الوحش البشع الطويل يتدفق ساخطا , فوجدتني فجأة اغرق في مجرى من البكاء , بكاء جعل يتصاعد وانا ارى اليهم يتدافعون في تشكيلة مهولة من الزحام والتشوّهات حول الرؤوس الغاطسه في حوض القِدر العملاق . فخيل ليّ في تلك اللحظة المخيفة إني سمعتهم يطلقون نباحا وهم يلاحقون بانيابهم الجثث المفروشة على مقربة من اقدامهم , وقعت عيناي على فتاة او كلبة تنبح ملء شدقيها , كانت كلبة في مقتبل الوحشية وريعان الجمال !!! تتلفع دثارا من وبر النوق , كانت تمشي محاذاة القِدور وهي تغرز مخالبها في الجثث المرمية على الارض .. تملكني الهلع لما سمعتها تصدر صريفا حادا حتى خلت انّ اسنانها راحت تتساقط وهي تضغط بقوّة على عظام الجثث , فالمح بريقا يتموج في عيونها المتوهجة بخضرة ساطعة , يكاد بريقها يعمي عينيّ ! فاصاب بالدهشة جراء جمالها المذهل المسرف بالسحر .. فاجدني اتساءل مرتبكا كيف يجتمع كلّ هذا الجمال الباذخ مع القبح ..كانت انيابها لما تزل تلتمع في المسافة المنحسرة التي تفصلني عنها لما لاحت لعينيّ نقط بلورية مضيئة تحلّق فوق رأسها تنبجس من شعرها الاشقر الطويل , كنت ارى الى خدودها المورّدة المشّعة برفيف متصل من الالتماعات المتوامضة في النور الاخضر المتموج في عينيها .. عندما اتنهى كلّ شيء ولم تبق سوى رائحة مخيفة غامضة تتصاعد في الفضاء الذي جعل ينحسر .. لمحتني الكلبة او الحسناء ذات الجمال المتوحش !! لمحتني بطرف عينها الخضراء المضيئة ,فاعتراني الفزع وكاد يودي بي وانا ارى اليها عبر النافذة تفرش ابتسامة مضيئة تعلو شفتيها وتغمر ملامحها بهالة من نور ملتهب , فوجدتني كأنني اقف على حافة هاوية وحين جعلت تدنو ناحيتي , انذهلت وجعلت اتخبط .. فايقنت أنني هالك لا محال , وسوف تأكلني هذه الحسناء بوحشية الكلاب .. ولكن ما كان يدهشني في تلك اللحظة هو كيف ستأكلني !! ؟ وهل ستبدأ بأكل رأسي اولا . رأسي الغبي الذي قادني إلى سوق الخضار في ذلك النهار المشؤم أم من اطرافي , لا ادري .. / انتهت . /



#سعدي_عباس_العبد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جثتي ........
- رماد الجنود / جنود الرماد
- قصة قصيرة __ القيامة
- رواية مخطوطة في مقاطع / بقايا الجندي الطائر / 2
- رواية مخطوطة / بقايا الجندي الطائر / المقطع 3
- مقطع من روايتي المخطوطة / بقايا الجندي الطائر
- رائحة الجندي
- الرصاصة والزنبقة
- النهار الاخير
- ..... يحدث في زمن البكاء والنسيان ..
- عزف على وتر الخراب
- نوافذ الأباء والنساء
- دهشة
- منزل عند الضاحية البعيدة من الوجود */ قصة قصيرة
- نهارات سود
- شرخ في جدار الذاكرة
- تحت سماء محايدة
- الطفولة ليست بريئة دائما
- كلهم سيهربون
- نزوح صوب مرافىء الجوع والتيه


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي عباس العبد - قوّة الغابة