أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي عباس العبد - معا .. ومعا تماما في المعبد الحرام














المزيد.....

معا .. ومعا تماما في المعبد الحرام


سعدي عباس العبد

الحوار المتمدن-العدد: 4389 - 2014 / 3 / 10 - 00:57
المحور: الادب والفن
    


•قصة قصيرة .. __ .. معا , ومعا تماما في المعبد الحرام __ ..__

• مازالت اطيافهم تتدفق عبر ذاكرتي بقوّة .. يتدفقون باسمال الجنود المدماة , يجرون مسرعين خفافا في المنعطفات .. فأجهش في البكاء المر , حالما المحهم ابكي .. المحهم بكامل خوذّهم الملّتمعة في نور النهار أو __ هكذا كان يخيّل ليّ __ فأهجس بقوّة الدموع وهي تهمي لاذعة , فارفع يدي عاليا .. اومأ للجنود العابرين , ولما لم يرني احد ! اطلق ساقيّ للذكريات وللريح وللخوف الحافي ! اعدو بكامل اوهامي وقدميّ الحافيتين , وانا ارى إلى السكان المحلّيين يرموقنني دهشيّن , وانا اجري بكلّ ذاك الخوف القديم دون انّ التفت لما يحدث .. مشدودا تماما لتك البراري ولتلك الذكرى المجنونة المعرّشة في [ الارض الحرام ] عند مرتفعات بنجويّن .. اطوي مديات مهولة من الهذيان .. فيخيّل ليّ وانا اتواثب في ركضي الحافي إنّي لمحت [ عريف شاكر عفجاوي ] سائق العجلة الزيل في حربنا الاوّلى يغتصب فتاة في غرفة قيادة العجلة , ولما اضحيتُ على مقربة منهما , هالني ما رأيت , كان السائق الشبق يرتدي خوذة اميركية وله انياب ينهش عبرهما لحم الفتاة ! .. ولم ارَ الزيل الذي لمحته عند تصاعد حمى الهذيان , فقد كانت عجلة همر مركونة محاذاة الرصيف وانا خلتها سيارة الزيل التي كانت تزوّدنا بالارزاق ..فهبّت عاصفة مخيفة من الشتائم الاميركية تلاحقني وانا اجري .. اقتفي اثر جنود كتيبة الميدان الميدان / 37 المرابطة عند سفوح بنجويّن __ كما يخال ليّ __فارتديت خوذتي الوهمية بعجالة وجعلت اهتف باسماؤهم واحدا واحدا , استغرق هتافي وقت طويل يساوي في طوله كل ذاك الوقت العصيب الذي مرّ عليّ في البراري والسفوح عند حربنا الاوّلى ..ثم لا ادري كيف صحوت على ركلات وصفعات وشتائم السكان المحلّيين .. سكان الازقة والغرف الرطّبة والخبز المر والجرذان ..سمعتهم عبر زحام لزج من اللغط والشتائم يؤمرونني بالكف عن التدفق بالهذيان والذكريات والبكاء..وحالما اشاحوا بصفعاتهم وشتائمهم عني , جريت بكل ما اوتيّت من جنون وذكريات ! .. كان برفقتي عند ذلك الوقت الصعب [ نائب عريف ك م ] يحثني على العودة إلى السفح , والتحرّر من اثقال حقائبنا السفري المحشوة بالمعلّبات .. وعند تخوم السفح لمحنا خندقا محاذاة ملجأ مهجور ينضح رائحة خراب معتّق !.. وقبل انّ انزلق منحدرا صوب فضاءه المكتظ بعتمة رطبة , ايقظني من غفلتي صوت شديد الغموض والبعد , فوجدتني بحاجة ماسّة جدا لقرون حافلة بكلّ ذكريات البراري كي اميّز نبرته وعلامته الفارقة !! ولما استدرت بكامل دهشتي وخوذتي الوهمية وهذياني فوجئت باختفاء النائب العريف .. ولم ارَ في ما كنتُ اظنه ملجأ سوى إمرأة طاعنة في البرد والظلام , مركونة مثل كتلة تالفة وسط العتمة العطنة , مشرعة يديّها للسماء كما لو انها تتمسك بطرف حبل يتدلى من علو شاهق .. مشيت على اطراف اصابعي اتلمس طريقي في النور الشحيح المندلق عبر كوة في الجدار ..كنت اتخبط ابان سيّري العصيب الحافل بالهذيان والوجع متعثّرا بمخلّفات مبهمة . ولما هويت على وجهي فوجئت بجوقة من اطفال مشكّلين سياج متماسك يحيطني..قذفوني خارج الغرفة التي خلّتها إحدى ملاجىء الكتيبة .. قادوني من يدي المدماة السائبة في فراغ مروّع صوب شارع طويل تسيّجه جدران بيوتات تحتلها يافطات سود مرّ عليها اكثر من عقدين !! امسكت طرف قميصي باسناني وجريت اباري الريح ..لم اسمع سوى نباح كلاب يقتفي اثري . قطيع ضال من كلاب كان قد اطلقه الاطفال يتعقبني .. وانا اعدو مسرعا كنت اسمع وقع بساطيل يتصاعد في الريح او _ هكذا كان يخال ليّ _ فيشتد ركضي وانا اطلق اصواتا غامضة تشابه العواء او النباح الذي يقتفي اثري ! واتلفّت مذعورا علني المح خندقا او حفرة من تلك الحفر التي خلّفتها الانفجارات القديمة الوذ بكنفها . بيد إني وعلى غير توقع وجدتني ارتطم بحطام همر تالف يسدّ عليّ المنافذ .. فاضحيت مثل السكان المحلّيين الواقعين تحت الاحتلال ..فمكثت واقفا وسط الحطام انشر هذياني . وانا ارى الى السكان يتطلعون ناحيتي مسمّرين مثل اشجار متفحمة شاخصة وسط عراء داخن ..فايقنت في الحال بانهم كانوا معي جنودا في البراري او هكذا كان يخال ليّ .............. / انتهت /



#سعدي_عباس_العبد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنهم يقتلون كلّ شيئ
- الله كما رأيته راكبا حمارا ابيض / طفل في ريعان الاوهام
- ما زلنا نتلاشى
- مرثية / ا / 2...
- حدث ذلك بعد الموت بسنوات
- قصة قصيرة : الشبح
- ذلك العواء البعيد
- هناك .. حيث لا احد سوى القبور
- مقطع / بلاد من دخان
- ابي في مواسم الجوع والخمر
- قوّة الألم او / السيطرات
- عن الخوف من الله
- صوت الخال
- الله كما رايته على الارض
- حبّ في ريعان الخريف
- ظنون بحجم الحب الذي كان / من سنوات البكاء والخيبة
- امّي ذلك الكائن الغريب
- حدث ذلك في باب المعظّم
- مقطع / على مقربة من الحرب
- بلاد من دخان


المزيد.....




- حضور لافت للسينما العراقية في مهرجان عمان السينمائي
- إستذكار الفنان طالب مكي ..تجربة فنية فريدة تتجاوز كل التحديا ...
- براد بيت اختبر شعورا جديدا خلال تصويره فيلم -F1-
- السويد.. هجوم جديد بطائرة مسيرة يستهدف الممثلية التجارية الر ...
- -البحث عن جلادي الأسد-.. فيلم استقصائي يتحول إلى دليل إدانة ...
- تقرير رويترز 2025: الجمهور يفضل الفيديو والصحافة البشرية وهك ...
- هكذا تصوّرت السينما نهاية العالم.. 7 أفلام تناولت الحرب النو ...
- بعد أسابيع من طرح الفيلم ونجاحه.. وفاة نجم -ليلو وستيتش- عن ...
- ابتكار ثوري.. طلاء -يعرق- ليُبرّد المباني!
- كيف يساهم تعليم العربية بكوريا الجنوبية في جسر الفجوة الثقاف ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي عباس العبد - معا .. ومعا تماما في المعبد الحرام