أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - مهند البراك - وداعا جورج حاوي ! 1 من 3















المزيد.....

وداعا جورج حاوي ! 1 من 3


مهند البراك

الحوار المتمدن-العدد: 1237 - 2005 / 6 / 23 - 13:21
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


كان الخبر مفاجئاً ومؤلماً في الظروف المعقدة التي يمر بها عراقنا والبنان والشرق الأوسط، بل والعالم . . لماذا اغتالوا ابو انيس الآن ؟ ويأتي الجواب بما لايقبل الشك ؟ لروحه الوطنية ولجهده في سبيل الوحدة الوطنية وتفعيل اليسار الديمقراطي اللبناني الذي اصبح لايمكن فصله عن حياة لبنان وطموح وتطلعات ابنائه الى التقدم والرقي، والى مزيد من التواصل مع العالم والمنطقة . .
لايمكن ان يُنسى تأثير الفكر التحرري واليساري الكثير التنوع الذي كان ينطلق من لبنان على تكويننا وتفكيرنا منذ كنا صغاراً، نعاني ونطمح ونقاسي بما تقاسيه وتتمناه عوائلنا واهلنا وناسنا . . كان الكثير يتحدثون عن مآثرة الشهيد القائد " فرج الله الحلو " وكيف ضيّع بالتيزاب (1)، كتابات رئيف خوري التي اشتهرت . . منها كتابه " شعب عظيم يخرج من قفص " في وصفه انتصار الشعب الأيراني مطلع الخمسينات، اضافة الى منشورات دار اليقضة العربية، الآداب، الفارابي وغيرها . . التي نشرت الكثير من روائع الفكر الأنساني العالمي والعربي وترجمات اعماله ودعواتها وسعيها من اجل تطوير الفكر والسلوك الأنساني . . بل ان رائعة شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري :
امين لاتغضب فيوم الطغام آت وانف شامت للرغام
امين لاتغضب وان هتك الستر وديست حرمات الأنام
التي انتشرت وذاع صيتها ورددناها وحفظناها سراً، وكتبناها ووزعناها غير مبالين بالأخطار المترصّدة ونحن فتيانا، عندما كنا نحاول ان ندخل شيئاً مما استطعناه لتقوية عزائم اهلنا وناسنا امام فضائع انقلاب شباط 1963 . . لم تكن الاّ رداً من الجواهري الكبير على مؤاساة وتضامن المناضل اللبناني امين الأعور . . تلك القصيدة التي بقيت حيّة في الصدور منذ ذاك
لقد اعاد استشهاد المناضل جورج حاوي كل الذكريات العزيزة التي لاتنسى عن المناضلين اللبنانيين . . من انتظار جريدة " النداء " التي كانت تبيعها مكتبة واحدة في بغداد، قرب ساحة الشواف على متداد جسر الجمهورية في جانب الكرخ، التي كنّا نبذل جهداً لشرائها اسبوعياً، لأنها كانت تنقل الينا الأخبار وما امكن من الأفكار الجديدة، التي كانت توسّع مداركنا وتفكيرنا، او تساعد على توجهيه الفكر ان شحّت او انقطعت اولوجود مراقب امني قرب المكتبة، لأسباب ليست خافية .
ومرّت الشهور لنجد انفسنا نحن عدد من طلبة كلية الطب متطوعين في الهلال الأحمر الفلسطيني،
لمعالجة الجرحى والمدنيين الذين كانوا يتساقطون جراّء القتال المرير الذي اندلع في ايلول 1970 . . الى ان اضطررنا الى نقل اعداد من الجرحى بشاحنات ارسلت على عجل آنذاك لأغراض نقل الجرحى من عمّان الى سوريا التي رفضت استقبالنا، واضطر القائمون على تلك المهمة الى الحصول على موافقة الجهات السورية، بالمرور عبر الأراضي السورية الى لبنان، بعد ان منعنا افراد منها حتى من محاولة الحصول على ماء لأطفاء عطش الجرحى بقولهم " امامكم نهر بردى ! " .
وفيما كنت احلم برؤية نهر " بردى" الذي تغنّت به المطربة فيروز وجعلت منه بصدحها وصوتها الدافئ الجميل، نهراً من انهار الطهر والقداسة والجمال . . كانت شتائم الجرحى تتصاعد :
" اخو الشرموطة !! " (2)
" اين دعواتكم للنضال . . ولك حتى الماء تمنعوه عنّا ! "
" لك احنا جرحى !! "
. . .
مررنا على بردى فيما تعالى نقيق ضفادع مكتوم في ذلك الفصل، وفيما كنت اتأمله وافهم لماذا كان الجرحى يشتمون، صارت مشاعرنا لاتبالي بما سيخبّئه الآتي، بعد ليالي الأرق والجحيم الطويلة . . . التي فيما صعّت اللاأبالية، جعلت احداقنا مفتوحة كثيرة الحساسية، حين كنا نخبر بعضنا البعض، بأن لانطيل النظر بمن كنّا نمر بهم في السيطرات المزروعة في الطرقات .
وفيما كانت الحياة تناغينا وتنسينا همومنا ومشاكلنا بمشاهد البقاع الجميلة، كان الطريق يصعد ليمرّ بـ "عالية" و . . ثمّ لينزل مع الغروب نحو شاطئ المتوسّط الذي كنت اراه بشوق للمرة الأولى . . استقبلنا عدد من الشابات والشباب، الذين كانوا يحملون زهوراً ولفائف وماء والتفواّ حول الشاحنة مقدمين ما حملوه للجرحى ولنا نحن المرافقين، فيما رحّب بنا احد الشباب الذي قدّم نفسه لنا :
" نحن من الحزب الشيوعي اللبناني . . اهلاً بكم في وطنكم الثاني لبنان ! "
لم نستطع كتم فرحتنا ومشاعرنا بعد ان رفضنا بَلَدان آنذاك، لقد صعّدتنا تلك الكلمات الى السماء
" هناك من يفهم ويقدّر ما قمنا به، ويرحّب بنا !! " ، بعد مشاعر الألم والخسران، وابتعاد من كنا نحسبهم اصدقاءاً واخوانا، مستعيدين حِكمْ الكهول . . الصديق عند الضيّق . . في الفرح يكثر الأصحاب وفي الأحزان لاتجد الاّ الصديق !
وصلنا الى بلدة صغيرة في اطراف " صور"، كان جزء كبير من ابنيتها مهدّماً، بسبب القصف الأسرائيلي كما علمنا آنذاك، الذي دمّر مناطق كانت افضل وكانت معَدّة لرعاية الجرحى كما قالوا في
" رأس الناقورة " التي كان القصف مستمراً عليها حتى في الليل . . وزّعنا الجرحى وبدأنا بالأستقرار الذي وفّره الشباب الفلسطينيون اضافة الى لبنانيين من مختلف الأتجاهات، وبشكل اكثر وضوحاً من الحزب الشيوعي اللبناني .
بعد مرور اسابيع . . وفي مساء يوم خريفي وبينما كنت اتمشىّ في مواجهة البحر، شاهدت صبياً كان يتقدّم بثبات نحوي، حيّاني وسلمني رسالة، قال انها من اخته الكبيرة التي تدرس في جامعة القاهرة، وكانت تقضي اجازة في بيت اهلها . . كانت الرسالة المكتوبة بخط يد جميل، عبارة عن دعوة لحفلة كانت ستقيمها العائلة بمناسبة ذكرى ثورة اكتوبر !!
بقدر مفاجأتي وسروري بالدعوة . . فرحت بان هناك من كان يحتفل بذكرى ثورة اكتوبرفي تلك البقاع (الغريبة) او الجديدة علينا، وفي وسط ذلك الخضم . . والتي كنت بفعل توالي الأحداث والآمال والآلام، اضافة الى صدمات واقعنا القاسي التي واجهت حماسنا ورومانسيتنا وخيالنا ’نذاك، قد نسيت تأريخها . (يتبع)

22 / 6 / 2005 ، مهند البراك

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. كانت الرواية قد انتشرت في اوساطنا بذلك الشكل، آنذاك .
2. كانت المرة الأولى التي اسمع فيها ذلك التعبير، وارجو المعذرة ان كان مخدشاً لأصول او لعادات او للياقة ما .



#مهند_البراك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحاصصة و الطائفية . . الى اين ؟! ـ 3 ـ
- المحاصصة و الطائفية . . الى اين ؟! ـ 2 ـ
- المحاصصة و الطائفية . . الى اين ؟! ـ 1 ـ
- عن الأحزاب وحركة المجتمع . . والعولمة !
- صدام بين المحاكمة وقضية الواقع الدامي !
- في عيد ربيع الطلبة !
- ذكريات عن يوم السباع الخالد في - الصدور- !
- طلبة البصرة والنضال ضد ملامح الأستبداد الجديد !
- - بحزاني - على ابواب عام جديد !
- ماذا يكمن في الصراع حول حقوق المرأة ؟
- من اجل حكم تعددي ودستور مدني في العراق!
- - قانون ادارة الدولة للمرحلة الأنتقالية والجمعية الوطنية الأ ...
- - قانون ادارة الدولة للمرحلة الأنتقالية والجمعية الوطنية الأ ...
- الأنتخابات عيد البداية الواعدة !
- نعم لقائمة - اتحاد الشعب- الأنتخابية !
- من اجل التوافق لمواجهة الواقع العراقي ! 2 من 2
- من اجل التوافق لمواجهة الواقع العراقي ! 1 من 2
- وحدة قوى التيار الديمقراطي دعامة اساسية لعراق فدرالي موحد !
- الأنتخابات كَرَد على التحالف الصدامي الظلامي 2 من 2
- الأنتخابات كرد على التحالف الصدامي الأرهابي 1 من 2


المزيد.....




- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب ...
- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - مهند البراك - وداعا جورج حاوي ! 1 من 3