أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - مهند البراك - ذكريات عن يوم السباع الخالد في - الصدور- !















المزيد.....

ذكريات عن يوم السباع الخالد في - الصدور- !


مهند البراك

الحوار المتمدن-العدد: 1153 - 2005 / 3 / 31 - 10:17
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


كانت سفرة يوم السباع الخالد في 14 نيسان عام 1962 ، سفرة لاتنسى، بحشد طلابي كبير بل وكبير جداً على سفرة طلابية، حيث جرت السفرة بمشاركة آلاف من الطلبة والطالبات ملئوا اكثر من مئة باص كبير، يوم تم اختيارنا كأشبال لـ " تحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية " ضمن فرع الأتحاد في اعدادية الكاظمية للبنين .
كانت السفرة الى سد ديالى الغاطس في بساتين " الصدور" على اطراف " خانقين " . . وكانت قد جرت رغم امتناع السلطة على اجازتها تحريريا ـ كما جرت العادة آنذاك ـ وانما وافقت موافقة تليفونية شفهية بالأتصال بمقر الأتحاد الكائن في الوزيرية مقابل كلية التربية آنذاك . في زمان حشدت فيه الشرطة ورجال الأمن امكاناتهم لمواجهة الفعاليات الجماهيرية المطالبة بالديمقراطية واطلاق سراح الموقوفين السياسيين ورفع الأحكام العرفية، والفعاليات المطالبة بـ " الديمقراطية للعراق والسلم في كردستان" ، وبدأت تضيّق على الطلبة . .
واضافة الى لافتة " الطلبة سند امين للجمهورية " التي زيّنت مقدمة الباص الأول، كانت لافتات " السلم في كردستان " ، " على صخرة الأتحاد العربي الكردي تتحطم مؤامرات الأستعمار "، " من اجل حياة طلابية حرة، من اجل مستقبل افضل"،مطلع قصيدة الجواهري الخالد "يوم الشباب " :
" يوم الشبابِ طريقُ كل مناضل وعر، لانُصْبٌ ولااعلامُ " (1) . . تزيّن جوانب الباصات المتتالية .
ووسط جوّ مرح وحميمية رغم الحذر والأنتباه مما يمكن ان يعرقل سير الباصات، كانت حتى الملابس تحكي وتعني الكثير، فاضافة الى الملابس العادية، وارتداء البعض الملابس العربية بالعقال والعباءات الرجولية الأنيقة، كانت الملابس الكردية الفضفاضة التي زادت من وسامة مظهر الشباب والزاهية التي زادت من جمال الشابات الكرديات، كانت الملابس القومية الكلدانية شيئا جميلاً من شكل آخر وشيئاً جديداً على كثير منا آنذاك، نحن صغار الطلبة "الأشبال" من العرب، وسط تفهم واحترام مَن تحدين الأوضاع القائمة آنذاك، وحضرن بحجابهن ولم ينزعنه . هناك انتبهت للمرة الأولى ان العراقيين وليس غيرهم يتحدثون بعدة لغات هي كلّها لغاتهم ! بعد ان كنا كطلبة صغار نتصور ان هناك عربي وكوردي، و(عجمي) يتكلمون به غير العراقيين ؟ !
وقد غنىّ في السفرة الوجه المعروف " عبد الرحمن شمسي" الشهير بـ " بلبل الجامعة" آنذاك . . غنىّ " عمي يابياع الورد، كليّ الورد بيش كليّ ؟ "(2) ، "فوك النخل فوك . . "(3)، " هه ر بزي كورد وعرب رمز النضال . . هاي خوّتنا وتاريخ انكتب، النا حافل بالمجد والتضحيات . . صلبه وحدتنا ومعدنها صلب، ما تهزهزها العواصف للأبد ! ! " (4) و التي كان كل مقطع منها، يقاطع بعواصف من التصفيق والهلاهل التلقائية الوجدانية حماساً لمعانيها .
ثم القيت قصيدة " الريل وحمد " التي القاها الشاعر المعروف " مظفر النواب " نفسه، والتي كانت تقاطع بالترديد بحرارة وبالتصفيق معه، اضافة الى قصيدته الشهيرة الأخرى التي غناها بلبل الجامعة ، " سعد يا سعود يابيرغ الشرجية"(5) التي اهاجت المشاعر ورفعت الأحساسات وكانت تقاطع بهوسات منسجمة الأيقاع " هذي شامغ الثوار تبرج نار حربية" .
والقيت اغاني وقصائد عن انتصار الثورة الجزائرية، وصياغة مناشدات للأسراع باطلاق سراح المناضلة الجزائرية البطلة " جميلة بوحيرد " التي تأخر اطلاق سراحها، هي والمناضلة " جميلة بوباشا" رغم انتصار الثورة واستقلال الجزائر . .
واقيم معرض كبير في الهواء الطلق للصور التي رسمها طلاب وطالبات معهد الفنون الجميلة في بغداد، لاازال اذكر منها الرسوم الجميلة للرسام الكاظمي الشهير " اتحاد كريم"، التي كانت بقلم الرصاص العادي والذي كان مستعدا لرسم من كان يلحّ عليه لرسمه، بخطوط سهلة ممتنعة امتاز بها قلمه الرشيق .
وتحت الشمس ووسط نسائم نهر ديالى (سيروان) والروافد والبساتين ، في ذلك الربيع، تجمع الشباب والشابات الكرد يرقصون (يدبكون) الدبكة الكردية وكنا نحن الصغار نحنجل معهم بعد ان دعونا بود اليهم. كنا مشغولين بجدية كبيرة بالنظر الى حركة اقدامهم، كي نضبط ايقاع الدبكة الذي كان يجري سريعاً وبحماس، وسط فرح وضحك وتشجيع البعض للبعض، على انغام ساحرة وصوت يخلب النفس، عرفت بعدئذ انها كانت اغاني والحان المغني الكوردي الشهير " حسن زيرك "، كانت تبث من مكبر جهاز تسجيل كبير (لم يكن لأخف منه وجود بعد، آنذاك)، كان متصلاً ببطارية احدى الباصات .
في طريق العودة الى بغداد، جرت اكثر من محاولة من مجاميع كانت تحمل عصي، لايقاف السيارات بشتائمها وبقذفها الباصات بالحجارة، الاّ انها كانت ترتد بعد اكتمال رؤية مشهد طول القافلة وصدوح اناشيد " من السجون تهفو قلوب بحنين وباشتياق . . " ، التي كانت تهيج التصفيق وعلامات التضامن من سكنة القرى والمدن الصغيرة المترامية على الطريق، وكانت تهيج النفوس وتجدد العزم على التضامن مع سجناء الحرية، وسجناء الفعاليات الهائلة المتنوعة التي كانت تجري بجهود الحزب الشيوعي والوطني الديمقراطي من اجل السلم في كردستان ، يوم كانت الحرب العدوانية ضد الشعب الكردي، الشغل الشاغل للعراقيين رجالاً ونساءاً في الوسط والجنوب خاصة، ونظّموا من اجلها مظاهرات ووجهت بقسوة، حين عمّت مدن العراق من اقصاه الى اقصاه، وملئت شوارع بغداد العاصمة بشتى الأشكال .
واضافة الى اجواء الفرح والتفاؤل وتجديد العزائم وتربية النفوس، لعب " اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية " دوراً لاينسى، طيلة العقود التي كان فيها الشارع العراقي يموج ويغلي بالنشاط من اجل الديمقراطية والحقوق ومن اجل صيانة ما تحقق من مكاسب للبلاد، فالطلبة يشكّلون الشريحة التي اضافة الى انها تمتلك الطاقات والحيوية والثقافة، فأنها تريد ـ ومن حقها ـ ان تعيش، وان يعيش البلد حياة سعيدة افضل، كبقية بلدان العالم .
لقد رسخت فعاليات الأتحاد في عقولنا وافئدتنا الفتية منذ ذاك، الروح الوطنية، روح التآخي القومي والعرقي، روح حب الناس واحترام المرأة ودعم الضعيف وعدم السكوت على الظلم، وفيه ومنه تعلّمنا ان مواجهة الظلم لاتتم بالتهريج ولابالتمني فقط، بل فتّح عيوننا الصغيرة انذاك على ان هناك قوى حاكمة واخرى تدفع للتهريج، لأمتصاص النقَمْ ضدّها وتوجيهها للصدام بعضها ببعض، من اجل تشويه واجهاض المطالب، لقد نبّه الأتحاد، الشباب وحذّرهم من المآسي التي قد تنجم بسبب الأستهانة والأستخفاف بالطغيان واهمال بناء الوسائل الفاعلة لمواجهته . .
هناك في سفرة " الصدور "، تعرّفت على المناضل الطلابي المعروف" فؤاد الشندي" الذي حيّاني مبتسما مصافحاً وكأني ندّه، لتجمعنا الشهور معاً بعد اقل من عام بالشهيد البطل " سعيد متروك " حين كان يقود المقاومة المسلحة ضد الأنقلاب الفاشي عام 1963 في " الكاظمية " من بغداد، الذي كلفني بهدوئه وكأنه يعرفني من زمان، بايصال رسائل الى محلة " الكريمات " في " الصالحية " التي كانت تقاوم الأنقلابيين، مساء 8 شباط من ذلك العام !

31 آذار / 2005 ، مهند البراك

ـــــــــــــــــــــــــــــــ
1. قصيدة " يوم الشهيد " .
2. كوليّ بالعامية : تعنى قل لي .
3. فوك بالعامية : تعني فوق .
4. هه ربزي بالكردية : تعني فالتعش او فاليعش. فيكون معنى العبارة : " يعيش العرب والأكراد رمزاً للنضال " .
5. بيرغ : عَلَمْ، راية .



#مهند_البراك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طلبة البصرة والنضال ضد ملامح الأستبداد الجديد !
- - بحزاني - على ابواب عام جديد !
- ماذا يكمن في الصراع حول حقوق المرأة ؟
- من اجل حكم تعددي ودستور مدني في العراق!
- - قانون ادارة الدولة للمرحلة الأنتقالية والجمعية الوطنية الأ ...
- - قانون ادارة الدولة للمرحلة الأنتقالية والجمعية الوطنية الأ ...
- الأنتخابات عيد البداية الواعدة !
- نعم لقائمة - اتحاد الشعب- الأنتخابية !
- من اجل التوافق لمواجهة الواقع العراقي ! 2 من 2
- من اجل التوافق لمواجهة الواقع العراقي ! 1 من 2
- وحدة قوى التيار الديمقراطي دعامة اساسية لعراق فدرالي موحد !
- الأنتخابات كَرَد على التحالف الصدامي الظلامي 2 من 2
- الأنتخابات كرد على التحالف الصدامي الأرهابي 1 من 2
- -الحوار المتمدن- كموقع يساري متمدن !
- المشاعر الجميلة التي افاقها - الحوار المتمدن -ـ 1 ـ
- الأرهاب يطيل الأحتلال ويدمّر البلاد اكثر !2 من 2
- الأرهاب يطيل الأحتلال ويدمّر البلاد اكثر ! 1 من 2
- في استشهاد القائد الأنصاري الوطني وضاح حسن -سعدون- ورفيقيه ا ...
- !في استشهاد القائد الأنصاري الوطني وضاح حسن -سعدون- ورفيقيه
- الفيدرالية كضمان للتعايش الأخوي في عراق موحّد ! 2 من 2


المزيد.....




- تسببت بوميض ساطع.. كاميرا ترصد تحليق سيارة جوًا بعد فقدان ال ...
- الساحة الحمراء تشهد استعراضا لفرقة من العسكريين المنخرطين في ...
- اتهامات حقوقية لـ -الدعم السريع- السودانية بارتكاب -إبادة- م ...
- ترامب ينشر فيديو يسخر فيه من بايدن
- على غرار ديدان العلق.. تطوير طريقة لأخذ عينات الدم دون ألم ا ...
- بوتين: لن نسمح بوقوع صدام عالمي رغم سياسات النخب الغربية
- حزب الله يهاجم 12 موقعا إسرائيليا وتل أبيب تهدده بـ-صيف ساخن ...
- مخصصة لغوث أهالي غزة.. سفينة تركية قطرية تنطلق من مرسين إلى ...
- نزوح عائلات من حي الزيتون بعد توغل بري إسرائيلي
- مفاوضات غزة.. سيناريوهات الحرب بعد موافقة حماس ورفض إسرائيل ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - مهند البراك - ذكريات عن يوم السباع الخالد في - الصدور- !