أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - الليبراليون الجدد في مواجهة خلط الأوراق















المزيد.....

الليبراليون الجدد في مواجهة خلط الأوراق


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 1228 - 2005 / 6 / 14 - 10:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


: حول بيان
ليبراليون عرب: صرخة ضد التبسيط
فوجئنا ببيان موقع من مثقفين عرب، نقدر لكثيرين منهم إخلاصهم لشعوبهم، وإسهاماتهم المتميزة لتبديد الظلام المخيم على شرقنا، لذا فإن مكمن المفاجأة، بل لنقل الدهشة، ليس في تصدع محتوى البيان ولا علميته وتعميماته المخلة وخلطه للأوراق إلى حد المغالطة، بقدر ما يتركز في عنونة البيان باسم ليبراليين عرب، فيما ينصب هجومه بالأساس على ذلك التيار الوليد الذي لم يزل في طور التشكل سعياً لفجر جديد، ما اصطلح على تسميته بتيار الليبراليين العرب الجدد.

دعنا نسير خطوة بخطوة، مع اعتبره مصدروه صرخة، نرى ألا محل لها من الإعراب، وأنها ترفد تيارات نربأ بهم أن يدرجوا ضمن لججها الظلامية:

وقع أصحابنا في فخ تصور ساذج يشيع في شرقنا، أن التناول العلمي المحايد لأي قضية يقتضي حتماً أخذ موقف متوسط بين نقيضين، وأنه بدون هذا لن يكون التحليل علمياً، فنجد البيان يقول: " وهو تبسيط يتوهّم أصحابه أنهم يوقفون، بطقس المقاومة مرة وطقس الديموقراطية مرة أخرى خرابا زاحفا وموتا عميماً."، القطبان اللذان اختار أصحابنا أن يأخذوا موقفاً متوسطاً بينهما هما القتلة من أتباع الزرقاوي وحماس والجهاد وحزب الله في جانب، ودعاة الديموقراطية في الجانب المقابل، ونحن لا نرضى لأصحابنا - الذين نكن للكثيرين منهم احتراماً حقيقياً وعميقاً – أن يقفوا في هذا الموقع المتوسط غير المشرف!!

وحين يقول البيان: " نذهب إلى أن الليبرالية التي نقول بها، ولاء لقيم تحديثية وتنويرية أولا وأساسا، وليست أبدا ولاء للولايات المتحدة كائنا من كان المقيم في بيتها الأبيض"، فإنه بهذا يعطي أحداً ما درساً في الاستقلال الفكري وفي الولاء الوطني، وأرجو ألا يكون المقصود بهذا الدرس الليبراليون العرب الجدد، كما سيفصح بعد ذلك، لأنهم على حد علمي يحتاجون إلى الجدل لإثراء الفكر، لكنهم في غنى عن مثل تلك الدروس التي تزكم الأنوف برائحة التخوين والتكفير.

يقول البيان: "أن هذه الحكومة "الغربية" أو تلك مرشحة، بموجب حركة مصالحها وأمزجتها العارضة وتحولات مجتمعها، إلى التنكّر لتلك الليبرالية نفسها"، غريب هذا القول من مثل من في قامة أصحابنا الفكرية، فليس من قبيل الولاء أو الالتزام بالدفاع عن حكومات الدول الغربية، أو حتى الدفاع عن حكومات أوطاننا، من حيث أن الحكومات هيئات تنفيذية، يقف المفكر منها دائماً موقف الناقد، بغرض التطوير والتحسين الدائم، أن نذكر أصحابنا أن تعبير "وأمزجتها العارضة" في العبارة السابقة لا ينتمي للعالم الليبرالي الغربي، وإنما فقط لعالمنا الشرقي المحكوم بالاستبداد والجهالة، أما الحديث عن تضارب المصالح، فهذا هو عين ما تتكفل الليبرالية بالتناول الأمثل له، تحقيقاً وتوفيقاً لمصالح الجميع، إلا إذا تصورنا لأنفسنا مصالح تدميرية مثل إزالة إسرائيل من الوجود، أو الرفع الجنوني لأسعار البترول، أو امتلاك أسلحة دمار شامل بواسطة أنظمة حكم غير رشيدة.

نأتي إلى أكثر عبارات البيان طرافة: "إن الديموقراطية تتويج لمسار وليست أول المسار، كما يشيع من يسمّون أنفسهم "ليبراليين جدداً"، وهم أقرب إلى أن يكونوا "محافظين جدداً."، مرة أخرى يلجأ أصحابنا لإعطاء دروس في كيفية التطور الليبرالي، مدعين أن الليبراليين العرب الجدد يتصورون أن مجرد الإطاحة بحاكم مستبد، وتطبيق آلية صناديق الانتخاب، كفيل بإرساء الليبرالية، رغم أن هذا التصور الساذج فعلاً للتحديث لا يمت لتيار الليبرالية الجديدة الفكري، حتى لو قال به أحد المحسوبين على التيار، الذي اتفقنا على أنه بعد في طور التشكل.

لكن غير اللائق فعلاً من أصحابنا مصدري البيان هو اللجوء إلى خطاب أشاوس العروبة بالقول بأن من يسمّون أنفسهم "ليبراليين جدداً"، هم أقرب إلى أن يكونوا "محافظين جدداً"، لأن صياغة العبارة تدخل في نطاق الطعن والهجوم غير الموضوعي، كما تنم عن جهل بمواقف ومنطلقات الطرفين، مع تقديري الشخصي من منطلق ليبرالي للمحافظين الجدد، رغم مساحة الخلاف الواسعة.

يقول البيان: "وبالمعنى هذا، فإن كل الأوصاف المحقة التي قد تُسبغ على النظام السوري لا تبرر، ولن تبرر، في رأينا، تكرار ما شهدته بغداد في دمشق بذريعة الانتصار للديموقراطية وحقوق الإنسان."، ورغم اتفاقنا على أن التحديث ليس مجرد إزالة الأنظمة الشمولية، وعلى أن تجربة إنقاذ العراق من براثن البعثية الصدامية تجربة غير سارة، سواء من منظور الشعب العراقي أو تيار الليبراليين الجدد، أو بالأولى منظور دول التحالف الغربي، التي تدفع ثمناً فادحاً لتطهير الشرق من نظمه وعقاربه، إلا أن تقرير مصير النظم الشمولية في أي بقعة أخرى في العالم، ستحدده استجابات تلك النظم لضغوط التحديث، فيما الرفض المطلق والقاطع لتكرار التجربة العراقية مهما كانت الأحوال، يشي بالوقوف في صف هذه النظم في مواجهة الشعوب، التي يأتي صالحها متأخراً في أولويات البعض!!

أما عبارة البيان: " ثم إن "الغرب" الذي نطمح إلى استعارة ما هو متقدم ومتنوّر في تجربته، مطالَب بتوفير النموذج الذي يحاكي التقدم والتنور هذين. وأول المحاكاة احترام القانون، فلا يحصل ما حصل في غوانتانامو وأبو غريب مثلا. وبقدر ما ندين الإرهاب الوحشي في العالم الإسلامي، البنلادني والزرقاوي وسائر المتفرعات، يُمارس باسم الدين، ندين انبعاث بعض الإرهاب الفكري في "الغرب" الذي يجد تسويغه، المعلن أو الضمني، في أصولية مسيحية هي، وإن لم تكن مسلّحة، توفّر للأصولية الإسلامية تبريرها الذاتي."، فإنها تنتمي إلى عالم آخر، غير عالم كثير من السادة الأفاضل الموقعين على البيان، والذين نعرفهم شخصياً، أو عبر إسهاماتهم الفكرية.

تنتمي هذه العبارة إلى عالم المدافعين والمبررين للإرهاب، هي من عالم "فهمي هويدي" و"محمد عمارة"، فدق الطبول تغنياً بتجاوزات فردية فضحها الغرب عن نفسه بنفسه، ويأباها لنفسه أن تصدر منه، قبل أن يأبى أن تستهدف أحداً من أبناء جلدتنا، أو الحديث الخرافي عن إرهاب فكري لأصولية مسيحية تبعث في الغرب، وهو ما لا يليق بمثقف متواضع المعلومات تصديقه.

ويستمر البيان في تأكيد تبريره للإرهاب والقتل حين يقول: "ومثلما يستفزنا ذاك الميل الخطير، الشعبوي والديماغوجي، إلى الاحتفال بالموت المسمّى شهادة، وإلى المضي في القتال هنا وهناك إلى أن يغدو عالمنا قاعا صفصفا، يستفزنا ذاك التجاهل الإسرائيلي الفاجر، المستند إلى غضّ نظر أميركي، لحقوق الشعب الفلسطيني"، فرغم أن العبارة توحي ظاهرياً بإدانة الإرهاب، إلا أن وضعه في مواجهة ما سماه التجاهل الإسرائيلي الفاجر، المستند إلى غضّ نظر أميركي، لحقوق الشعب الفلسطيني، يجعل منطق البيان متطابقاً مع منطق دعاة القتل والإرهاب، والذي يتلخص في أن هذا مقابل ذاك، فهل هذا فعلاً هو موقف أصحابنا، أم أن هواية الموقف المتوسط بين نقيضين قد خدعتهم وضللتهم؟!!

ولا يفوت أصحابنا في النهاية العودة لأصولهم ومفاهيمهم الماركسية التي تجاوزها الزمن: "ومثلما يؤرّقنا الصراخ الهائج ضد العولمة، فيما مجتمعاتنا جميعاً تتحرّق إلى الرساميل والاستثمارات تفد إلينا من الخارج، يؤرّقنا ذاك الصمت المقابل حيال ضرورة تطوير صمّامات أمان تقي الفقراء جوعاً، كما تساهم في تحصين المجتمعات تجاه التطرف والإرهاب."، مازالوا يتحدثون عن الفقراء وحمايتهم، متجاهلين أن هذا المفهوم يتعلق فقط بالشعوب المتخلفة والشيوعية، حيث تختنق ملكات وطاقات الإنسان الإبداعية، ولا يكون ثمة إلا كهنة بمختلف الصور والأزياء، وفقراء معدمين، أما في حياض العولمة والليبرالية فإن هذا المفهوم والتصنيف يتلاشى، ويشارك الجميع في الإنتاج والكسب، كل على قدر إمكانياته ومواهبه، حقاً تتفاوت الدخول، لكن خارج نطاق الفقر الذي يتعلقون بأذياله، رغم هذا من ينكر أو يعجز عن ملاحظة آليات التصحيح التي تتمتع بها النظم الليبرالية، والتي تكفل كل أنواع الضمان الاجتماعي لمجتمعاتها؟!!

في النهاية أترك البيان الذي أميل لاعتباره زلة قدم أو زلة قلم، لأتوجه للكثيرين من الأصدقاء والأساتذة الأفاضل الموقعين عليه، لأقول لهم لا تهاجموا تيار الليبراليين الجدد، لأنكم أنتم أنفسكم خير رافد لهذا التيار، الذي وإن كان يسير الآن هوناً، إلا أنه لن يلبث أن يتحول إلى طوفان يقتلع كل الصخور والأصنام العتيقة.



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية ومفهوم الوطنية
- الخصوصية والذاتية وجذور الليبرالية
- رسالة مفتوحة إلى د. أحمد صبحي منصور
- العلمانية ومفهوم الهوية
- العلمانية وجذور الصراع مع الغرب
- شعوب الشرق وخيار شمهورش
- الغرب والقفز إلى المجهول
- هل يُلْدغ الغرب من جحر مرتين؟
- البرجماتية غائبة. . ولكن
- وطنية نعم، فاشية لا
- الليبرالية الجديدة والتناول المغلوط
- يحكى أن . . . . . .
- الليبرالية الجديدة وثنائية الشكل والمضمون
- الخطاب الإعلامي العربي بين الوصاية والتضليل والليبرالية المف ...
- د. سيار الجميل . . عفواً
- ثوابت الأمة والخلط بين الواقعية والانهزامية
- مستنقع الكذب وضبابه
- فيصل القاسم يسفر عن وجهه الليبرالي
- الاتجاه المعاكس- والإجهاز على المشكاة
- فيصل القاسم . . من وإلى أين؟


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - الليبراليون الجدد في مواجهة خلط الأوراق