أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - الليبرالية الجديدة والتناول المغلوط















المزيد.....

الليبرالية الجديدة والتناول المغلوط


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 1149 - 2005 / 3 / 27 - 13:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يمكن أن تحصل على إجابة صحيحة – لو كنت جاداً في البحث – إن كنت تطرح السؤال الخطأ، ونزعم أن أغلب - إن لم يكن كل – ما يطرح من أسئلة في شرقنا، حول التغيير أو الإصلاح، وبالتحديد حول الموقف من الليبرالية الجديدة، باعتبارها نهاية التاريخ ومآله، كلها أسئلة مغلوطة، تؤدي بنا إلى إجابات خاطئة، أو إلى لا إجابات على الإطلاق:
· إذا كانت الليبرالية منتج غربي، فلماذا لا ننتج نحن توجهاً وثقافة خاصة بنا؟
· هل تصلح الليبرالية لمجتمعاتنا الشرقية؟
· أليس الإصلاح الحقيقي هو الذي ينبع من الداخل، وليس من الخارج؟
· أليس من الليبرالية أن يحدد كل شعب بالآليات الديموقراطية، وحسب رأي الأغلبية، خياره الخاص؟
· أليس الاعتدال هو في الوصول إلى حل وسط، يرضي جميع الأطراف، وقد يكون مزيجاً أو توافقاً بين الاتجاهات المختلفة؟
· كيف نحمي أمتنا من الغزو الثقافي الذي يهدد هويتنا القومية؟
· كيف ننقي الليبرالية مما يتعارض مع ثوابت أمتنا؟

هذا مجرد نموذج من الأسئلة المغلوطة، والتي نقارب بها الموضوع وكأنه مجرد اقتراح تفرضه علينا قوى خارجية تضمر لنا السوء، وانساق خلفها – ولو بحسن نية – نفر منا، انبهر بحضارة الغرب، فراح - كالببغاوات والقردة التي لا تحترف إلا التقليد الأعمى - يحاول تغريب الشرق وسلب هويته!!
ورغم أننا نقول بأهمية – بل وحتمية – الحوار والمراجعة، لنتمكن من عبور المأزق الثقافي بالأساس، والذي لا بد من المسارعة بحسمه قبل فوات الأوان، إلا أن التناول من تلك الأرضية، وما ينتج عنه من أسئلة مغلوطة، لا يمكن أن يؤدي إلا إلى المزيد من استحكام ما نواجهه من أزمات على كل الأصعدة، مادياً واجتماعياً وثقافياً، بل ويصبح الحوار ذاته جزءاً أساسياً من الأزمة.
الأمر إذن مرتهن بداية بالعثور على المدخل الصحيح، فهو وحده الكفيل بعثورنا على الأسئلة الصحيحة التي علينا مواجهتها، وعندها سيسهل التوصل إلى إجابات حاسمة لخياراتنا، سواء في هذا الاتجاه أم ذاك.
ليس من قبيل التبسيط المخل تصور الشعوب على ظهر كوكبنا وقد انقسمت إلى عالمين: عالم الوفرة والرخاء، وعالم الفقر والمعاناة، وإذا كنا وبيقين مطمئن نصنف شعوبنا ضمن الشطر الأخير، ثم بذات اليقين قررنا رفض البقاء إلى الأبد في ذلك الواقع البغيض، وقررنا جميعاً دون جدال أو خلافات، اعتناق المناهج والأساليب التي تنقلنا إلى النصف الآخر من العالم، أي من الفقر والمعاناة إلى الوفرة والرخاء، فإنه يتحتم أن نتفق على الترحيب والتبني لهذه المناهج والأساليب متى وجدناها، ليكون همنا وحوارنا بعد ذلك، حول كيفية توفيق أوضاعنا للاقتراب منها، وهذا يعني ما يلي:
· إذا كانت جميع التجارب البشرية لتحقيق الرخاء والوفرة قد فشلت وسقطت، لتبقى الليبرالية وحدها هي النموذج القادر على تحقيق الهدف المطلوب، فإن هذا يعني أن تبنيها هو الهدف الذي نسعى نحن إليه، لا الذي يسعى هو إلينا، أو يفرضه علينا المخدوعون والعملاء أو الذين يدبرون لنا السوء من القوى العالمية.
· هنالك اختيار علينا حسمه، بين التمسك بما نحن فيه منذ الأزل من ثقافة وعادات وتقاليد، تعيد إنتاج نفسها عبر العصور، وتثمر ما نحن فيه ونئن منه فقر ومعاناة، وبين ما نصبو إليه من تقدم يبدل أحوالنا، والطريق إليه واحد، كما أثبتت التجارب الإنسانية، وهو الليبرالية، أي إنه خيار تحت مبدأ: "إما . . أو . . "، والمزيد من إهدار الوقت في التردد وعدم حسم الخيار الصعب، لن يؤدي إلا للمزيد من صعوبة الأمر، وربما استحالته.
· بعدها يكون السؤال الصحيح ليس "هل تصلح الليبرالية لنا؟"، ولكنه "هل نصلح نحن لليبرالية؟".
· على مستوى المبدأ، يزعم الليبراليون الجدد أننا نصلح لليبرالية، ثقة منهم في أنفسهم وفي قومهم.
· على المستوى العملي تحقيق الأمر كاملاً صعب، وإن لم يصل إلى درجة المستحيل، ويمكن أن يتحقق تدريجياً، مشروطاً بالإصرار والإخلاص في تحقيق الهدف بأسرع ما يمكن، تحاشياً للمزيد من الفجوة بيننا وبين العالم المتقدم.
· أي انتقاص في التطبيق الليبرالي لصالح ما يسمى بهويتنا وخصوصيتنا، سيؤدي إلى أحد أمرين لا ثالث لهما: إلى إفشال مشروع الإصلاح كله، إذا كانت جوانب الانتقاص من الليبرالية جوهرية، أو إلى الحد من حجم النجاح في تحقيق ثمار التقدم المرجوة، إذا كانت جوانب الانتقاص من التطبيق الليبرالي ثانوية وضئيلة، ومن ثم لا مجال لما يسمى الجمع بين الأصالة والمعاصرة، أو بحل وسط يرضي جميع الأطراف، أو بالاستخدام الممسوخ لآلية الديموقراطية، لإعمال عمليات جمع وطرح حسابية، تقرر فيها الأغلبية - التي هي متخلفة بواقع الحال – أي طريق نسلك، لنعيد إلى ما لانهاية تجاربنا وتجارب الإنسانية الفاشلة، أو كما يقول البعض نعيد اختراع العجلة من جديد، في إصرار أحمق على طحن الهواء، وتعذيب الذات.
· لا بأس من القناعة على المستوى العملي بقدر التقدم الممكن تحقيقه، بناء على أقصى مدى نستطيع عملياً التوصل إليه في التوافق مع الليبرالية، مادمنا لا نملك تغيير ما بأنفسنا بنسبة مائة بالمائة، على أن لا يكون هذا الموقف من قبيل الإصرار على الجمود وعلى عشق التخلف الحضاري، وإنما من قبيل عدم الإصرار على المستحيل، وإن لم يمنع ذلك طموحنا من السعي للزحف نحوه، على الأقل كموقف مبدئي.
· لا مجال للتفكير بمنهج الاعتماد على إنتاج نهجنا الخاص في التقدم، لأن نهجنا الخاص هو ما نحن فيه الآن، والإصرار على المحاولة بلا نهاية إصرار على المزيد من الفشل، وأشرف منه قبول واقعنا المزري، على أن نعلن ذلك بوضوح، وليس خداع الذات، بأننا نسعى للتقدم فيما نحن ندور في حلقة مفرغة، تؤدي فيها تحركاتنا إلى المزيد من تعميق قبورنا.
· بهذا النهج ستسقط جميع التساؤلات المغلوطة، والتي طرحنا بعضها في بداية المقال، وسنكتشف بأن أغلب ما يدور بالساحة من حوارات حول الإصلاح والليبرالية، ويكون أحد أطرافه دهاقنة القديم من سلفيين دينيين وقومجيين، هي حوارات خارج الموضوع، لأنها تتناول الأمر من الوجهة الخطأ، كأن المريض يبحث مدى مناسبة طعم الدواء لحاسة تذوقه المقدسة، ومدى مناسبة مكوناته لقواعد ما يجوز وما لا يجوز له ابتلاعه في فمه ومعدته الخاصة، والمحروسة بقائمة لا نهاية لها من الثوابت، بدلاً من أن يهتم بإعداد نفسه للانضباط الكامل لتعليمات تعاطي الدواء، والقلق حرصاً على قابلية جسده لتقبله، لتحقيق أقصى استفادة ممكنة منه!!
إذا كان الماضي أعز علينا من المستقبل، وإذا كان الأجداد أولى برعايتنا من الأبناء والأحفاد، وإذا كنا نقر أو نعترف أو نصر أننا كائنات ترفض وتستعصي على التغيير، فإن لنا أن نرفض الأمر برمته، ونغلق علينا مخادعنا أو كهوفنا، انتظاراً لمصيرنا الذي قد يحل سريعاً، وقد يتلكأ بعض الشيء.



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يحكى أن . . . . . .
- الليبرالية الجديدة وثنائية الشكل والمضمون
- الخطاب الإعلامي العربي بين الوصاية والتضليل والليبرالية المف ...
- د. سيار الجميل . . عفواً
- ثوابت الأمة والخلط بين الواقعية والانهزامية
- مستنقع الكذب وضبابه
- فيصل القاسم يسفر عن وجهه الليبرالي
- الاتجاه المعاكس- والإجهاز على المشكاة
- فيصل القاسم . . من وإلى أين؟
- مشهدان من مسرحية عروبية ساقطة
- أمريكا أمريكا . . تلك الأرض المقدسة
- البعض يريد كليباً حياً
- إبراهيم نافع والفاشيون العرب
- حوار مع صديقي الملحد -2
- الليبراليون الجدد يوقدون الشموع
- المسألة القبطية ومنهج الرقعة الجديدة على ثوب عتيق
- حوار مع صديقي الملحد
- غلب حماري
- خواطر من عرس ابنتي
- ليس رداً على صنديد العروبة عبد الباري عطوان- العراق وفلسطين ...


المزيد.....




- وزير الخارجية الأمريكي يزور السعودية لمناقشة وضع غزة مع -شرك ...
- السلطات الروسية توقف مشتبهاً به جديد في الهجوم الدامي على قا ...
- حماس تنشر مقطع فيديو يوضح محتجزين أمريكي وإسرائيلي أحياء لدي ...
- حزب الله يقصف إسرائيل ويرد على مبادرات وقف إطلاق النار
- نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب بسام محي: نرفض التمييز ضد ...
- طلبة بجامعة كولومبيا يعتبرون تضامنهم مع غزة درسا حيا بالتاري ...
- كيف تنقذ طفلك من عادة قضم الأظافر وتخلصه منها؟
- مظاهرات جامعة كولومبيا.. كيف بدأت ولماذا انتقلت لجامعات أخرى ...
- مظاهرة طلابية في باريس تندد بالحرب على قطاع غزة
- صفقة التبادل أم اجتياح رفح؟.. خلاف يهدد الائتلاف الحكومي بإس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - الليبرالية الجديدة والتناول المغلوط