أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - الخطاب الإعلامي العربي بين الوصاية والتضليل والليبرالية المفتقدة















المزيد.....

الخطاب الإعلامي العربي بين الوصاية والتضليل والليبرالية المفتقدة


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 1119 - 2005 / 2 / 24 - 10:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما هو السبيل إلى تطوير أداء وسائل الإعلام العربية، لتحقيق المزيد من الفاعلية والتقييم الإيجابي لها من العالم أجمع، والذي تنطلق منه صيحات نقد مرير، نحار هل تشكل انتصاراً، أم قصوراً عن الالتزام بالمعايير العالمية في أداء وسائل الإعلام، ولا يتعلق الأمر بالخارج فقط، لكننا في الداخل نشكو مما نسميه الجرائد الصفراء، وخطابها الزاعق غير الملتزم، لا بالواقع وحقائقه، ولا بالقيم الأخلاقية والإنسانية؟
نناقش الأمر في محافل عديدة، وندبج مواثيق الشرف، وآخرها مؤتمر وميثاق أشهر القنوات الفضائية العربية، وإذا افترضنا الجدية والإخلاص، فهل نحن بهذه المناقشات والمواثيق نسير فعلاً في الاتجاه الصحيح نحو الترشيد والتطوير، أم أننا ندور حول أنفسنا في حلقة مفرغة، جرياً على نهجنا الأصيل في إحداث أكبر قدر من القعقعة بلا طحين؟!
لا أعتقد مع شديد الأسف أن ما يبذل من جهد ويهرق من مداد وتيار كهربي للبث، وموائد تمد وتطوى، يمكن أن يأتي بنتيجة ما، ذلك أن الأمر يتم تناوله من المدخل الخطأ، ونعني به تصور وجود حل منفرد وخاص لكل فاعلية من الفاعليات التي نمارسها، بمعزل عن الإشكالية العامة التي تتحكم في كل حياتنا، وهي أننا صرنا – ومنذ قرون تعبنا من عدها – خارج التاريخ والجغرافيا العالمية، وأن ما ينبغي بحثه هو نقلنا بأفكارنا وأساليب حياتنا إلى العصر الحالي أولاً، ثم نعالج بعدها القضايا الجزئية التي تختص بكل فاعلية على حدها لتحسينها وتطويرها.
فالبحث في حلول إعلامية لتطوير الإعلام منفرداً، يشبه البحث عن حلول رياضية منفردة لتحسين أداء فرقنا الوطنية لكرة القدم مثلاً لتصل للمستوى العالمي، وهذا هو المستحيل بعينه، فالفريق القومي لكرة القدم المصري مثلاً، ليس أكثر من مشروع مصري كسائر المشاريع - الصناعية أو الزراعية أو التجارية كذا الثقافية - على أرض مصر، وهو يدار بالمناهج ذاتها التي تدار بها تلك المشاريع، وفي المناخ الثقافي والسياسي والاجتماعي ذاته، وبالتالي تتمثل فيه سلبيات وإيجابيات تلك الظروف، ومن غير الممكن عزل فريق كرة القدم عن كل ما في مصر من ظروف وشروط يخضع لها كل ما فوق أرضها وتحت سمائها، لكي نوفر له ظروفاً خاصة، يعمل من خلالها، ويحقق النجاح الذي تتوق له الجماهير، تلك الجماهير الفاشلة - بذاتها ونظمها - في كل ما تفعل!!
بالطبع يمكن أن تكون ظروفاً خاصة ينفرد بها كل مجال، لما يعانيه الإعلام أو الرياضة مثلاً، أسباب إعلامية أو رياضية بحتة، يمكن بالتالي تدارسها منعزلة عن باقي المنظومة، وفي الغالب يسهل التعامل مع هذه الأسباب الموضعية، كما يسهل تحقيق نتائج إيجابية في المجال المستهدف، وإذا ما تأملنا في موضوعنا، وهو أزمة أو ورطة الإعلام العربي (بمعنى الناطق بالعربية)، سنستطيع تحديد إذا ما كان الأمر خاصاً أم عاماً، فما هي مثالب الإعلام العربي:
· العمل ليس من منطلق تقديم خدمة خبرية أو ترفيهية أو تحليل للأحداث، لكن من منطق إرشاد وتوجيه وتوعية، بافتراض أن الجماهير جاهلة، وهم أوصياء عليها حتى تبلغ سن الرشد، في المدى غير المنظور طبعاً!! أليس هذا امتداداً للبطريركية والأبوية التي تسود المنطقة، والموجودة في مستوى العائلة والمدرسة، ويغطي جميع الفعاليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية؟
· العمل من منطلق فرض الرأي الواحد (حتى لو تم استحضار الرأي الآخر كنوع من الديكور والتغطية)، مما لا يعدو أن يكون نتيجة لسيادة النظرة الأحادية للأمور، والتي تتسم بها نظرتنا لحياتنا وللعالم، واسترحنا إليها، وتدربنا على الانصياع لها تثبيتاً للدوجماطيقية الراسخة على عقولنا كالأخطبوط، كما يأخذ الخطاب الإعلامي شكل المونولوج، الذي يرسل من طرف واحد لمتلق سلبي، يستمرئ تلقي الحقائق المطلقة جاهزة متأهباً لابتلاعها دون مضغ أو مراجعة، ذلك المتلقي الكسول، الذي تزعجه الأسئلة، ولا يرضى إلا بأجوبة وفتاوى جاهزة، لكل ما يتعرض له من قضايا.
· عدم الأمانة في شفافية العرض أو التغطية الكاملة والمتوازنة للأحداث، ما يعتبر أحد ظواهر إدمان الكذب والتزييف وانعدام الشفافية المتفشية في كل مناحي الحياة.
· التركيز على صب الأفكار الأيديولوجية على رؤوسنا، وانتقاء الأحداث تعسفياً بما يؤيد ما لا نمل من تكراره من آراء ومفاهيم، وليس عرض الوقائع كاملة بقدر المستطاع وترك الفرصة، بل وتشجيع الجمهور على استقراء الأحداث، وبناء منظومة من الأفكار المستمدة من الواقع وليس العكس، ولا شك أن نهج الإعلام هذا يتطابق تماماً مع نهج الجماهير وصفوتها، من عدم تأمل الوقائع العينية لاستخلاص العبر والنتائج، ولكن العكس، تماماً كما تفعل وسائل الإعلام.
· الترويج للإرهاب والإرهابيين، أليست هذه هي الروح السائدة فعلاً بين الجماهير، سواء المعتنقة والمؤيدة لأيديولوجيات العنف أو الإرهاب، أو القطاعات الواسعة من الجماهير التي تنبهر بممارسات العنف التي يقوم بها أبناء جلدتهم، كحاجة سيكولوجية تعوض الإحساس بعقدة النقص، والإحساس المترسب بالعجز عن الفعل الإيجابي في كافة مجالات الحياة، بغض النظر عن منطلقات وأهداف هذا العنف أو نتائجه العملية؟
· التركيز على الصوت العالي والعاطفي اللاعقلاني والإثارة والتضخيم غير المبرر، وهذه كلها ممارسات تتطابق مع هوى وطبيعة الجماهير المتحدثة بالعربية، وهي نتاج ثقافة شفاهية، كنا قد ألمحنا إليها في مقال عن "الإشكاليات المعلقة في فضاء الليبرالية".
قديماً قال أحد الحكماء "الحكام مرآة شعوبهم" أو "كل شعب يحصل على الحكومة التي يستحقها"، وهذا صحيح في كل الأحوال والأزمنة، كذلك الأمر بالنسبة لوسائل الإعلام، فهي خير مرآة لنا، ليس فقط لأن القائمين عليها بعض منا، ولكن لأنها بطريقة أو بأخرى تنتج ما نستهلكه، وبالتالي لا بد وأن تنتج ما يرضينا، حتى وسائل الإعلام المسخرة علانية للترويج للحكام، لا بد لها لتنجح في رسالتها أن تخاطبنا بالكيف الذي يتناسب معنا، فليس إذن ثمة مشكلة متعلقة بالإعلام خاصة، بل العكس إذ نمتلك حالياً جميع منجزات التكنولوجيا الإعلامية، لكننا نستخدمها لنغوص بها في كهوف الأزمنة الغابرة.
إن نظرة متأملة لكل ما عرضنا يمكن أن تكشف لنا أن الحل هو في انتشار المناخ الليبرالي في المجتمعات الشرقية، فما نطمح إلية في وسائل الإعلام ليس أكثر من مواصفات الأداء الليبرالي، ولا يمكن أن تكون هناك وسائل إعلام ليبرالية بدون إعلاميين ليبراليين، ولا يمكن الحصول على هؤلاء من مجتمعات تقليدية متجمدة، ومناخ شمولي بطريركي، فالحل إذن، في الإعلام وفي غيره، في الليبرالية، فهي وحدها الكفيلة بإلحاقنا بالعالم الحر المتقدم، وتحقيق التطور والنجاح في جميع المجالات.
لاشك أن الأمر ليس سهلاً أو بسيطاً، فكيف يتحرك المناخ العام نحو الليبرالية، وهو مسير بوسائل إعلام – خاصة المرئية منها – يحكمها اتجاه معاكس؟ الأمر أشبه بالسؤال الخالد: "البيضة أولاً أم الفرخة"، وربما معضلة السؤال الحقيقة تكمن في أنه سؤال مغلوط، من حيث نزوعه للفصل بين البيضة والفرخة، ليكون أحدهما سبباً والآخر نتيجة، فربما الأصح هو تناولهما معاً كأسباب تحتاج للمعالجة أو التغيير، لكي نحصل على نتائج إيجابية منهما معاً أيضاً.



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- د. سيار الجميل . . عفواً
- ثوابت الأمة والخلط بين الواقعية والانهزامية
- مستنقع الكذب وضبابه
- فيصل القاسم يسفر عن وجهه الليبرالي
- الاتجاه المعاكس- والإجهاز على المشكاة
- فيصل القاسم . . من وإلى أين؟
- مشهدان من مسرحية عروبية ساقطة
- أمريكا أمريكا . . تلك الأرض المقدسة
- البعض يريد كليباً حياً
- إبراهيم نافع والفاشيون العرب
- حوار مع صديقي الملحد -2
- الليبراليون الجدد يوقدون الشموع
- المسألة القبطية ومنهج الرقعة الجديدة على ثوب عتيق
- حوار مع صديقي الملحد
- غلب حماري
- خواطر من عرس ابنتي
- ليس رداً على صنديد العروبة عبد الباري عطوان- العراق وفلسطين ...
- هموم مشرقية 2 - تقييم الذات بين الحقيقة والادعاء
- الفتاوي القرضاوية ومصير العقارب
- !شيراك يا سادة يغوص في الوحل، فهل من مغيث؟


المزيد.....




- قيادي بحماس لـCNN: وفد الحركة يتوجه إلى القاهرة الاثنين لهذا ...
- مصر.. النائب العام يأمر بالتحقيق العاجل في بلاغ ضد إحدى شركا ...
- زيارة متوقعة لبلينكن إلى غلاف غزة
- شاهد: -منازل سويت بالأرض-.. أعاصير تضرب الغرب الأوسط الأمريك ...
- الدوري الألماني ـ كين يتطلع لتحطيم الرقم القياسي لليفاندوفسك ...
- غرفة صلاة للمسلمين بمشفى ألماني ـ مكان للسَّكينة فما خصوصيته ...
- محور أفدييفكا.. تحرير المزيد من البلدات
- خبير ألماني: بوتين كان على حق
- فولودين: واشنطن تضحّي بالآخرين للحفاظ على القطب والواحد
- فرنسا تتهم زوجة -داعشي- سابقة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - الخطاب الإعلامي العربي بين الوصاية والتضليل والليبرالية المفتقدة