أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - شعوب الشرق وخيار شمهورش















المزيد.....

شعوب الشرق وخيار شمهورش


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 1189 - 2005 / 5 / 6 - 10:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يحكى أن مسكيناً (من الليبراليين العرب الجدد) كان قد وجد قمقماً احتفظ به لبعض الوقت، متأملاً بديع صنعته، متمنياً القدرة على إنتاج مثله في يوم من الأيام، حتى كان الحادي عشر من سبتمبر 2001، حين انفجر القمقم، وخرج منه المارد شمهورش (الضغط الدولي، لإخراج شعوبنا من كهوف تخلفها الأزلي)، وبدلاً من أن يقول له "شبيك لبيك، عبدك وبين يديك"، قال له "اختر لك موتة"، وأسقط في يد صاحبنا المسكين، وبدأ الخلاف يدب، بينه وبين سائر المساكين (الليبراليين العرب الجدد)، خاصة وأن شمهورش (الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي) لم تتفتق قريحته إلا عن خيارين، الأغلب لا ثالث لهما:
· "الموت تخلفاً وقهراً وجوعاً" في ظل أنظمة الحكم الحالية، والتي لا يطمح في التزامها جادة الصواب، وتحركها باستقامة نحو التحديث والإصلاح، إلا كل ساذج وطوباوي، أو من مازال أسير فكرة "المستبد العادل"، التي شبعت فشلاً وموتاً، رغم نجاحها في "تركيا كمال أتاتورك"، وهو ما يمكن اعتباره الاستثناء الذي يؤكد القاعدة.
· أو "الموت تخلفاً وقهراً وجوعاً" أيضاً بديموقراطية صناديق الاقتراع، التي تشير كل الدلائل أنها لن تجلب للحكم إلا دعاة الردة الحضارية والجمود والكراهية، وبالتحديد تيار التأسلم السياسي المتاجر بالدين وبالمقدس، لأهداف أبعد ما تكون عن الدين وعن القداسة، بل ولا يخفى أن القوة الاحتياطية لهؤلاء، ربما المتحالفة معهم في القبض على عنق الشعوب، هي تيار الفاشية العروبية المعادية لكل العالم، حتى لملابسها التي ترتديها.
ولحسم الخيار المصيري، المطروح على صاحبنا (الليبرالي) المسكين، تجمع المساكين (الليبراليين) من كل حدب وصوب، وتحلقوا حول صندوق الدنيا (أجهزة الكومبيوتر حالياً)، ليتباحثوا في الأمر من جميع جوانبه، وتبادل الاقتراحات وتدارس احتمالات مكاسبها وخسائرها، بذات المناهج العلمية، التي اعتاد المساكين (الليبراليين الجدد) على تناول أمورهم من خلالها.
كان أول الاقتراحات إعادة المارد إلى القمقم، بما يعني التخلص من الخيار الصعب، ولكنهم وجدوا أن على هذا المقترح عدة مآخذ، أولها سؤال من يقدر على مواجهة المارد ناهيك عن توجيهه، ثم أن القمقم قد تحطم (مع برجي مركز التجارة) وانتهى الأمر، والثاني أن إعادة المارد للقمقم لن يلغي (وإن كان يؤجل) مواجهة ذات الخيار الصعب، بين براثن الاستبداد والفساد، وبين أحضان التخلف والجمود والعداء للعالم والحضارة الإنسانية، فالمصيران نابعان أساساً من المنطقة، وتأجيل المواجهة ربما يعني زيادة الأمر سوءاً، والأهم أن شمهورش (الضغوط الدولية) لا غنى عنه، لا في الحاضر ولا في المستقبل، لإضفاء بارقة أمل في أن يتحول أحد الخيارين، من خيار موت إلى خيار حياة، خاصة مع إتقان شمهورش لاستخدام العصا والجزرة، سواء في ترويض الحمير أو البغال (مع الاعتذار للمشبه به!!).
أما ثاني الاقتراحات فكان تحويل خيار الموت الأول، وهو الموت فساداً وجموداً وقهراً في ظل الأنظمة الحالية، إلى خيار حياة بالاستفادة من قبضتها الفولاذية على شعوبها، وتحت ضغوط شمهورش الإصلاحية، لدفعها لتطوير المجتمعات المستعصية على التحديث، والرافضة للتطوير، تمسكاً بهويتها وأصالتها، وعجزاً عن مسايرة العالم، وقد استند مقدمو هذا الاقتراح إلى أن الأنظمة أيسر انقياداً واستجابة لضغوط شمهورش لسببين، أولهما حرص الحكام على الاحتفاظ بكراسيهم، خاصة بعدما شاهدوا رأس الذئب الطائر، الرفيق المناضل صدام حسين، والذي تم اصطياده من حفرة، واحتجازه في قفص ريثما يتم البت في أمره، والسبب الثاني أن الحكام - من منطلق تحملهم لمسئولية شعوبهم – أكثر استنارة وحرصاً على المصالح المادية للشعوب من الصفوة المفتونة بالشعارات الجوفاء وصيحات الحرب والعداء، التي تدغدغ بها مشاعر الجماهير، وتختطفها بدعاوى قومية أو دينية، بغض النظر عن النتائج الوبيلة، التي تنسب دائماً للحكام، لتظل الصفوة في مواقع النقد والمطالبة، دون استعداد أو امتلاك شجاعة مراجعة الذات، وما تقتضيه من تغيير في الأفكار، وفي ما يسمى بثوابت الأمة، التي تلعب دور الأوتاد التي تربط الأمة بالأرض الموحلة.
لكن اعترض كثير من المساكين (الليبراليين) على هذا السيناريو، مستندين إلى فشل نظرية المستبد العادل، وأن هؤلاء الحكام لا يمكن أن يتحركوا بإخلاص نحو الإصلاح، الذي لابد في النهاية أن ينتزعهم من كراسيهم، ليساقوا بعدها غالباً إلى أقفاص الاتهام، محاسبة لهم على ما ارتكبوه من فساد واستبداد، لهذا فإنهم سيستخدمون جميع الحيل للتهرب من الإصلاح الحقيقي، وسيعمدون إلى استهلاك الوقت، وسيتظاهرون بالتقدم وهم محلك سر، وأن فاقد الشيء لا يعطيه، فكيف يعتمد عليهم في استزراع الحرية، وهم أبناء عصور التخلف والاستبداد والفساد!!
وكان أخيراً ما تحمس له بعض المساكين (الليبراليين)، وهو القبول بالخيار الديموقراطي، بمنهج البدء بالإصلاح من القمة، فالنظام الديموقراطي كفيل بأن يحمي نفسه بنفسه، ولن يتيح لفكر شمولي كفكر جماعات التأسلم السياسي الارتداد، خاصة في ظل ضغوط شمهورش (الأمريكي والأوروبي)، وأن جماعات التأسلم متى تسلمت السلطة ستضطر لتغيير خطابها، بما يتلاءم مع الظروف العالمية، خاصة بما عرف عنها من برجماتية، إلا أن الكثير من المساكين (الليبراليين) أوضحوا أن هذه هي الرؤية الطوباوية، فالتغييرات المطلوبة في خطاب التأسلم السياسي من وجهة النظر الليبرالية ليست تغيرات فرعية أو ثانوية، بل هي العمود الفقري للخطاب، مسألة الحاكمية لله، ومسألة الاعتماد على النص المقدس وليس العلم لتحديد علاقة الإنسان بالعالم، ومسألة تحديد رؤية الإنسان لذاته وللآخرين من منطلق ديني، وليس من منطلقات وطنية أو إنسانية أو حتى مصلحية، بل والأخطر من ذلك أن رموز التيار الديني المتوقع وصولها للحكم عبر صناديق الانتخاب، لن تصل للسلطة لمواصفات شخصية فيها، بل لخطابها الديني الزاعق، ولن يستطيعون (لو أرادوا) تغيير هذا الخطاب، أو حتى التخفيف من غلوائه، وإلا اعتبرتهم الجماهير خونة لتعهداتهم، وتعرضوا للعزل بانصراف الجماهير عنهم، تحولاً إلى من يزايد عليهم، بذات الخطاب المقبول جماهيرياً، والذي سبق أن أتى بهم لكراسي الحكم، كما أنهم أيضاً سيكونون أكثر قدرة على تحدي الضغوط الدولية، ليس فقط لطبيعة قناعاتهم العقائدية، وإنما أيضاً لاستنادهم لقاعدة جماهيرية حقيقية، لا تتوفر لأنظمة الحكم الحالية، التي نتشكك رغم ذلك في انصياعها لضغوط الإصلاح.
إن القبول بهذا الخيار أشبه بالسقوط في هاوية كجزء من خطة للانطلاق نحو السماء، فتقييم الخطوة التالية لا ينبغي أن يكون تقييماً إستاتيكياً للحظة في ذاتها، وإنما تقييم ديناميكي، يأخذ معها في الاعتبار اللحظة السابقة، بما يمكننا من تحديد اتجاه الحركة، وهل هو تطور في الاتجاه المطلوب، أم يسير في اتجاه عكسي، فالخيار الأخير والذي يأتي بجماعة الإخوان المسلمين للحكم مثلاً عن طريق صناديق الاقتراع، سينقلنا من حالتنا الراهنة من حيث درجة الحرية والتحديث إلى حالة متدهورة، بذلك تكون حركتنا في عكس الاتجاه المنشود، في حين أن اعتماد خيار تطوير نظم الحكم الحالية، والاعتماد عليها في التغيير، هو محاولة للانتقال من حالة محددة إلى حالة أفضل، أي هي محاولة للتحرك في الاتجاه المطلوب وليس عكسه.
كان قد تبقى احتمال لم يجسر أحد من المجتمعين على تبنيه أو التحمس له، وهو توقع أن تأتي صناديق الاقتراع بتيارات فكرية علمانية برجماتية، قادرة على مسايرة العصر، وإخراج شعوبها من وهدة التخلف والعداء للعالم إلى انفتاح بناء، كما فعلت دول جنوب شرق آسيا والصين، فهل يكون هذا الاحتمال المهمش هو حل الإشكالية التي فرضها شمهورش؟!
رغم امتداد مناقشات المساكين (الليبراليين) لساعات طويلة، إلا أنهم لم يصلوا إلى اتفاق أو حل مقنع، وكان من الواضح أن كل الاقتراحات بمثابة ضرب في المجهول، وأن طريق التغيير إلى الأفضل ربما طريق مسدود، وأن مستقبل شعوبنا ينطبق عليه مقطع من أغنية للمطربة وردة الجزائرية يقول:
ياللي هواك كأسين، أحلى ما فيهم مر * والصبر عـ الاثنين، فاق العذاب والمر



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغرب والقفز إلى المجهول
- هل يُلْدغ الغرب من جحر مرتين؟
- البرجماتية غائبة. . ولكن
- وطنية نعم، فاشية لا
- الليبرالية الجديدة والتناول المغلوط
- يحكى أن . . . . . .
- الليبرالية الجديدة وثنائية الشكل والمضمون
- الخطاب الإعلامي العربي بين الوصاية والتضليل والليبرالية المف ...
- د. سيار الجميل . . عفواً
- ثوابت الأمة والخلط بين الواقعية والانهزامية
- مستنقع الكذب وضبابه
- فيصل القاسم يسفر عن وجهه الليبرالي
- الاتجاه المعاكس- والإجهاز على المشكاة
- فيصل القاسم . . من وإلى أين؟
- مشهدان من مسرحية عروبية ساقطة
- أمريكا أمريكا . . تلك الأرض المقدسة
- البعض يريد كليباً حياً
- إبراهيم نافع والفاشيون العرب
- حوار مع صديقي الملحد -2
- الليبراليون الجدد يوقدون الشموع


المزيد.....




- في دبي.. مصور يوثق القمر في -رقصة- ساحرة مع برج خليفة
- شاهد لحظة اصطدام تقلب سيارة عند تقاطع طرق مزدحم.. واندفاع سا ...
- السنغال: ماكي سال يستقبل باسيرو ديوماي فاي الفائز بالانتخابا ...
- -لأنها بلد علي بن أبي طالب-.. مقتدى الصدر يثير تفاعلا بإطلاق ...
- 4 أشخاص يلقون حتفهم على سواحل إسبانيا بسبب سوء الأحوال الجوي ...
- حزب الله يطلق صواريخ ثقيلة على شمال إسرائيل بعد اليوم الأكثر ...
- منصور : -مجلس الأمن ليس مقهى أبو العبد- (فيديو)
- الطيران الاستراتيجي الروسي يثير حفيظة قوات -الناتو- في بولند ...
- صحيفة -كوريا هيرالد- تعتذر عن نشرها رسما كاريكاتوريا عن هجوم ...
- برلمان القرم يذكّر ماكرون بمصير جنود نابليون خلال حرب القرم ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - شعوب الشرق وخيار شمهورش