أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - الغرب والقفز إلى المجهول















المزيد.....

الغرب والقفز إلى المجهول


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 1182 - 2005 / 4 / 29 - 10:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جاء في صحيفة الواشنطن بوست، يوم الجمعة 22/4/2005، أن السيدة كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية قد أجابت على تساؤل، إن كانت متأكدة من إيجابية النتائج المترتبة على الانتقال الديموقراطي في المنطقة العربية، بأنها ليست متأكدة، لكن علينا أن نضع ثقتنا في المؤسسات النيابية.
ألا يثير هذا فينا نحن الشعوب التي صارت دمى تحركها قوى عظمى، لها من الإمكانيات ما لم يسبق للبشرية معرفته، ما هو أكثر من الخوف والتحسب، عندما نرى صانعة وموجهة السياسة الأمريكية تقفز بالعالم (وليس بنا فقط) إلى المجهول، متجاهلة كل ما نراه ونعرفه، وتراه سيادتها وتعرفه يقيناً، معتمدة على إيمان نظري بصلاح المؤسسات النيابية؟!!
المسألة ليست مجرد إجابة غير مناسبة لتساؤل لحوح، فتحركات الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي تتجه علانية، بل وبحملات إعلامية، نحو الدفع بمصير المنطقة، ليتم ارتهانه بنتائج صناديق الانتخاب، تلك الآلية الغربية المحضة، والتي تكاد لا تعرفها شعوبنا، اللهم إلا كأداة لاختيار القائد الملهم بنسبة أقرب لـ 100%!!
هل حقاً تجهل السيدة الخبيرة أن صناديق الانتخاب الغربية لم تكن أبداً نقطة البداية لليبرالية وديموقراطية التجربة الغربية، وإنما كانت محطة النهاية، ثمرة معاناة ومخاض طويل لعصر النهضة ثم عصر التنوير، والثورة الفرنسية بكل نجاحاتها وإخفاقاتها، وليس أقلها إنجازات ومهازل الجمعية الوطنية في فرنسا الثورة؟!
لا تمنعني الدهشة من محاولة البحث عن منطق فيما يفعلون، هل هذا ما توصلت إليه مراكز البحث والدراسات الأمريكية والأوروبية، أم هو الفشل واليأس من تبني خطط إصلاح حقيقية لشرقنا الكبير، والذي تؤكد قرون ثباته وتدهوره الطويلة أنه غير قابل للإصلاح، أو أن ما نشاهده الآن مقامرة انتحارية، على نسق المثل المصري: "يا طابت، يا اثنين عور!"؟!!
يتحدثون أو يفكرون في "الفوضى الخلاقة"، ونحن نتفهم هذا تماماً ونقدره، لكن هناك أيضاً "الفوضى المدمرة"، وما يحدد "للفوضى" هذه الصفة أو تلك ليس رمية نرد أو ضربة حظ، بل هي الظروف الموجودة على الأرض، فإذا كانت الساحة تموج بتيارات فكرية مستنيرة وحرة، لكن جمود المجتمع وتخلف نظم الحكم القمعية والبوليسية، يحول دون التفاعل الخلاق بالمجتمع، فإن "الفوضى الخلاقة" هنا هي الحل الأمثل، لإعطاء دفعة قوية للأمور، حفاظاً على الوقت الذي اتفقنا أنه من ذهب.
لكن إذا كانت الحالة، كما هو واقع الشرق الآن، هي أن الشارع مرتهن بالأفكار والإيديولوجيات الفاشية والبالية، والحكومات ذات القبضة القوية، والجاثمة من عقود، تتحايل تارة لمد أجل بقائها بضعة سنوات أو بضعة عقود أخرى، وتارة لمسايرة التطورات العالمية، لإبقاء السفينة طافية، ولتأمين ما يسد الرمق للملايين، سواء عبر الشراكة الاقتصادية العالمية، أو بالمعونات والقروض التي صارت وتصير مع الوقت مشروطة، وهي إذ تفعل هذا وذاك، تشدد قبضتها العريقة في القهر على الآلاف من دعاة التخلف والكراهية والإرهاب، كذا على بضع آحاد من المفكرين الأحرار، إذا كانت الحالة هذه فإن "فوضى" السيدة كونداليزا رايس وأترابها، لن تكون "فوضى خلاقة"، وإنما "فوضى مدمرة".
لا نحتاج للذهاب بعيداً للتدليل بمثال، فأمامنا العراق وقد زالت قبضة صدام الشيطانية، فما يحدث فيه رغم عميق تمنياتنا بالتوفيق لشعبنا العراقي، لا يمكن أبداً أن يوصف "بالفوضى الخلاقة"، رغم أن الوضع في العراق يختلف جذرياً عما عداه، فهناك كل ثقل قوات التحالف سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، بما يضمن نهاية سعيدة بدأت تباشيرها تظهر في الأفق، بعد المعاناة والدماء التي سالت أنهاراً.
من نافلة القول التأكيد على أن باقي أقطار الشرق تختلف تماماً عن العراق، ولا يوجد بين أنظمة الحكم الآن ما يماثل وحشية النظام العراقي المقبور، ولا نقبل ولن تقبل شعوبنا تكرار ما حدث في العراق، من تواجد قوات أجنبية، حتى لو كانت هي الضمانة الوحيدة للخروج من نفق التخلف، وهذا يعني أمراً واحداً، أن "الفوضى" التي يسعون إليها بالتعجل للجوء لصناديق الاقتراع، لن تكون إلا "فوضى مدمرة".
إلام إذن يستندون في توجههم هذا؟
يقال أن لا فائدة ترتجى من أنظمة الحكم الحالية، وأنها تماطل وتتلاعب استهلاكاً للوقت، من جانب تتقدم نحو التحديث خطوة، تستدير لتفرغها من مضمونها، ومن الجانب الآخر تمد دعاة التخلف والإرهاب بأكسجين الحياة، ليظل ذخيرة احتياطية، وفزَّاعة للغرب وللأحرار، انتظاراً لأن ينتاب الغرب اليأس، ويصرف النظر عن المنطقة ومن فيها، لنعود يا زيد كما كنا!!
إذا كان التوصيف صحيحاً إلى حد بعيد، فإن الحكم بعدم جدوى التعامل مع الأنظمة المعتدلة، يشوبه التعجل بما يهدد بإفساد الأمر كله، كما أن التعميم في مثل هذه الأمور خطأ قاتل، ففي المغرب والجزائر وتونس ومصر والسودان (حالياً) والأردن ولبنان والكويت والبحرين وغيرها، أنظمة حكم من الصعب وصفها بالقمعية والبوليسية، بل العكس هو الصحيح، فالنخب الحاكمة في تلك النظم، ربما لتحملها مسئولية شعوبها، أكثر قابلية للتحديث والإصلاح، وأكثر مسئولية ونضجاً في التعامل مع المتغيرات العالمية، مقارنة بفيالق الأشاوس والمجاهدين، الذين يختطفون الجماهير بشعاراتهم وأفكارهم البالية المتعصبة.
اللجوء لصناديق الانتخاب الآن، وقبل تمهيد الأرض لهذه الفعالية الليبرالية، وفي هذه الأجواء الفاشية المسيطرة على الجماهير، سيؤدي للإطاحة بالحكومات المعتدلة، لتعم "الفوضى المدمرة"، أو لتقع الشعوب فريسة حكومات متعصبة مهووسة، مثل حكومة طالبان، ويحتاج رموزها لربع قرن قادم على الأقل، ليصبحوا في تعقل حكام طهران الآن!!!
البديل ربما يبدو للإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي طويلاً ومملاً أو غير جذاب، أن يفسحوا مجالاً للتطور الهادئ المتدرج، بما يعطي فرصة لتطور ونمو المجتمع المدني، في مجتمعاتنا التي يعيش بعضها في مرحلة القبيلة، ولا يعرفون عن الدولة الحديثة إلا الاسم، فأكثر دول المنطقة ليبرالية وهو لبنان، يعيش شعبه في ظلال العائلة والطائفة، البديل أن نعطي الجماهير فرصة لتتمثل الدولة والمواطنة بمعناها الحديث، أن تصل العدالة والخدمات والرعاية من الدولة إلى كل قرية وكوخ وخيمة، عندها يتمثل الإنسان البسيط مفهوم الدولة الحديثة، ويتكون لديه شعور جديد بالارتباط بها، هو شعور المواطنة، يتشارك فيه مع الجميع، بغض النظر عن أي تميزات عنصرية، على أن يتم في تلك الأثناء محاصرة واستئصال النزعات العنصرية والفاشية، سواء الدينية منها أو العروبية و اليسارية، بعدها يمكن التفكير في استخدام صناديق الانتخاب، لتثمر لنا ليبرالية وديموقراطية.
إن ما يقدم عليه الغرب الآن خطير، ويهدد حاضر ومستقبل شعوبنا، ولا أتصور الحكومات الغربية ستعطي أذناً صاغية لتحذيرات الأنظمة ومن يعملون في ركابها، لأنها ستعتبرهم يدافعون عن كراسيهم، لهذا أعتقد أن الليبراليين الجدد هم المنوط بهم الوقوف في وجه هذا التوجه المدمر، علينا وبسرعة أن نناقش الأمر لنستقر عليه، ثم نرفع أصواتنا للعالم أجمع، لأحراره ومنظماته، إنه مستقبلنا ومستقبل أولادنا وأحفادنا.
فمن يقف معي لصد الطوفان؟!!



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يُلْدغ الغرب من جحر مرتين؟
- البرجماتية غائبة. . ولكن
- وطنية نعم، فاشية لا
- الليبرالية الجديدة والتناول المغلوط
- يحكى أن . . . . . .
- الليبرالية الجديدة وثنائية الشكل والمضمون
- الخطاب الإعلامي العربي بين الوصاية والتضليل والليبرالية المف ...
- د. سيار الجميل . . عفواً
- ثوابت الأمة والخلط بين الواقعية والانهزامية
- مستنقع الكذب وضبابه
- فيصل القاسم يسفر عن وجهه الليبرالي
- الاتجاه المعاكس- والإجهاز على المشكاة
- فيصل القاسم . . من وإلى أين؟
- مشهدان من مسرحية عروبية ساقطة
- أمريكا أمريكا . . تلك الأرض المقدسة
- البعض يريد كليباً حياً
- إبراهيم نافع والفاشيون العرب
- حوار مع صديقي الملحد -2
- الليبراليون الجدد يوقدون الشموع
- المسألة القبطية ومنهج الرقعة الجديدة على ثوب عتيق


المزيد.....




- بايدن يؤكد لنتنياهو -موقفه الواضح- بشأن اجتياح رفح المحتمل
- جهود عربية لوقف حرب إسرائيل على غزة
- -عشر دقائق فقط، لو تأخرت لما تمكنت من إخباركم قصتي اليوم- مر ...
- شاهد.. سيارة طائرة تنفذ أول رحلة ركاب لها
- -حماس-: لم نصدر أي تصريح لا باسمنا ولا منسوبٍ لمصادر في الحر ...
- متحف -مرآب المهام الخاصة- يعرض سيارات قادة روسيا في مختلف مر ...
- البيت الأبيض: رصيف غزة العائم سيكون جاهزا خلال 3 أسابيع
- مباحثات قطرية أميركية بشأن إنهاء حرب غزة وتعزيز استقرار أفغا ...
- قصف إسرائيلي يدمر منزلا شرقي رفح ويحيله إلى كومة ركام
- -قناع بلون السماء- للروائي الفلسطيني السجين باسم خندقجي تفوز ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - الغرب والقفز إلى المجهول