أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مختار سعد شحاته - زرقاء شبرا، والبيت الرمادي.. عن رواية -بيت من شبرا- ل (د/ عصمت حسن)















المزيد.....

زرقاء شبرا، والبيت الرمادي.. عن رواية -بيت من شبرا- ل (د/ عصمت حسن)


مختار سعد شحاته

الحوار المتمدن-العدد: 4312 - 2013 / 12 / 21 - 18:05
المحور: الادب والفن
    


جرب أن تكون محايدًا، ووطن النفس على الاختلاف، ثم افتح رواية "بيت من شبرا"، واستعد لكل ما تجده في هذا البيت "الرمادي" كما تصفه صاحبة الرواية (د/ عصمت حسن)، وابدا في القراءة لا بعين الناقد، بل بقلب الابن أو الحفيد حتى، ووطن نفسك على أن تسمع حكاية لا رواية تتبع تقاليد الكتابة والسرد المتفق عليها في عالم الكُتاب والروائيين، ربما تندهش في البداية من بساطة الحكي الذي يختزل كل تعقيدات السرد في كلمة واحدة "العفوية"، حيث تناسب حكايات "إلهام" بطلة الحكاية، وتنساب خيوط البناء في هذا الـ"بيت من شبرا"، لتكتشف أنك في النهاية تورطت في الاستماع إلى شكوى طفلة لم تغادر هذا البيت أو طفولتها، بل للحق لم يغادرها هذا البيت، والذي تؤكد على الدوام أنه "بيت رمادي"، كأنها –حتى بعد مرور السنين- تخشى عليه في قلبها، أن يناله ما ناله في واقعه في ذاك الزمن الذي شهده، وغبره ترابه، فأعطاه هذا اللون الرمادي، لكنه أبدًا لم يفتت جدرانه في قلب "إلهام"، ففضلت أن تبعد عنه عين الطامعين ووصفته بأنه بيت رمادي.

إقرار ضمني:
أعرف أني متضاد مع مسلمات تنتشر، منها أن كل شيء يحدث تم التخطيط له بعناية قدرية، وأؤمن بان كل شيء في وجودنا هو خياراتنا البشرية، حتى وإن لم نصنعها وقام بصناعتها عنا آخرون، لكنها في النهاية ولدقة ترتيباتها –كخيارات- نؤولها بالقدرية، خالطين ما بين المكتوب بناء على خياراتنا واختياراتنا من بينها، وبين العلم الإلهي. هذا التقديم يجعلني أعرف أن لقائي بدكتور عصمت حسن كان خيارًا لا قدرًا، ولن أطيل في شرح نظريتي تلك، تحاشيا لهجوم الكثيرين، لكن هي قناعتي الشخصية التي جعلتني أختار من بين الكتب رواية "بيت من شبرا" لأقرأها، في محاولة للتعرف على هذه السيدة بشكل أكثر قربًا، وهي التي ضمنى صالونها الأدبي مرات معدودة، كانت لي براحًا غير مسبوق. هكذا بدأت تفاصيل "الدوك" –كما أحب أن أناديها- أو "طنط عصمت" –كما يناديها المرتادون للصالون- بدأت منمناتها الإنسانية تغزو عيني، وتلح علي بالقراءة، وفي القراءة لمن أعرفهم أعاني الكثير، فأنا هنا قراءاتي ستكون مشفوعة بعلاقتي بهم، لذلك قررت ان أقرا سريعا قبل أن تتوطد علاقتي بها، وأعرف أنها ستتوطد، وأنني سأسعى لذلك، وبدأت أقرأ حكاية "ألهام" بنت "حشمت" في بيت شبرا الجميل.

زاوية جديدة للقراءة والفهم:
أفهم كيف يمكن في مقالي ان أحرق أحداث الحكاية، وأن ألخصها سريعا على عادة مثل المقالات في ذلك، لكن هنا لست بحاجة لحرق الرواية، أو الإشارة إلى أحداثها، فالحقيقة حين انتهيت من قراءتها، عرفت أن الحكاية أكبر من أن تكون عملا أدبيا، ربما يفتقر إلى بعض التقنيات الكتابية، أو ينال منه النقد الادبي بشكل ما، لكن الحكاية هنا أشبه إلى التوثيق الحقيقي الذي لن تراه أبدا في كتب المؤرخين، وهم غالبا ينحازون، عملا بمقولة الناس على دين ملوكهم. نعم، فمن خلال إلهام ستعرف تركيبة المجتمع المصري وطبقاته، وستتعرف إلى حقيقة مفجعة بل قل حقائق حول شخص الزعيم عبد الناصر، وكيف يمكن لصورة البطل الشعبي أن تفقد مقومات بطولتها في عين فتاة على أعتاب الخامسة عشرة، رأت فيه بعلميتها المحايدة، وتجربتها الشخصية وتحليلاتها البريئة طفلة ومراهقة ثم طالبة جامعية، سترى في هجومها منطقًا لم ولن تجده في كتابات عديدة، حتى تلك التي تهاجم شخص عبد الناصر. والحقيقة أن "إلهام" وحكايتها مع "خالد" تلك الحكاية المكررة، كانت كافية لصب كل نقمتها على صورة الزعيم، والتي تعززت بممارسات متوازية، انتهت بها في نهاية المطاف أن تقيم حفلة ما ابتهاجًا بموت عبد الناصر.

يجب الاعتذار لإلهام:
حاول أن تسمع إلهام، وهي تحكي بعفوية وبراءة –على طول 504 ورقة- كل حكاياتها، وكيف تنقل بعين المرأة تفاصيل وتعقيدات وتناقضات المجتمع المصري، بل وشخصية الفرد المصري الواحد. وصدقنى ستحاول ترك الحكاية لأكثر من مرة، لكن أطمئنك أن الملل لن يكون واحدا من دوافع تركك للقراءة، وإنما هي رغبتك في فترات لراحة ذهنية لتستوعب كمًا من الحقائق المستورة، التى ربما قرات عنها تاريخيا لكنك لم تستمع إليها من لسان يحكى مثلما حكت إلهام حكايتها مع بيت شبرا، وشارع شبرا، وبيت الجيزة، حتى حكايتها مع موهبتها الموسيقية وكيف صارعت لأجلها تقاليد ربما كانت صعبة على مثلي فهمها، أو لعلك ستتوقف كثيرًا –وبالأخص لو كنت ممن نشأوا في بيوت الناصرية أواليسار المصري- وربما تخجل من حكي "ألهام" الذي يخلو بعض أحيانه من أدبيات الكتابة السردية الآن وطرائقها، ويعود بك إلى "جو المنفلوطي"، والعبرات، وقنديل أم هاشم، لكنه المرة هنا، لن يعود بك وفقط، بل سيورطك في الحكاية برمتها حين يطرق على إنسانيتك المجردة عن الغنى أو الفقر، عن اليسار وعن اليمين، لذلك لا تتعجل أن تسبق الأحداث او تدعي معرفتك التاريخية بها، فالمرأة –إلهام- ستدهشك بحديثها المسكوت عنه في تاريخ مصر لاعتبارات قومية ووطنية كما أرادوا تعلمينا صغارًا. باختصار تعود الاندهاش والغضب وأن تستمع إلى حكاية إلهام في جزء أول في شبرا، أو في جزء آخر في بلاد العم سام.

إلى زوجتي التي تعاني:
أذكر أمرًا واحدًا ملحًا الآن، أن زوجتي على الدوام –بين الجد والهزار- تتهمني بأني رجل يعرف كيف يطبطب على غيرها من النساء، ولا يعرف كيف يطبطب عليها، وانا في الحقيقية أعترف هنا بإشكاليتي أنا الشخصية، وكيف يمكن أن تمتزج نساء العالم في امرأة مثل زوجتي، أو أمي أو ابنتي او صديقتي، أو أيما تكون علاقتها الإنسانية بي، وكيف تكون "الطبطبة" وهي الفعل الإنساني المجرد- تجاه واحدة هي "طبطبة" إلى كل واحدة واولهم الزوجة، حتى وغن اختلفت معي، وإن دفعنا ثمن هذا الخلاف من مخزون غضبنا وشفافية علاقتنا. وعليه ومادمت أتحدث بصراحة تريح، فأنا الآن أعترف أني في أول لقاء منذ الآن مع "إلهام" –بنت شبرا- سآخذها في حضني، وأعتذر لها عن عبد الناصر، وأعلمها بتعاطفي معها وخالد، وأحاول بضمتي لها أن أبلغها بأنني معها في مواقفها من "منيرة" وقرفها من زوج منيرة "محمد الفيومي"، وأعتذر نيابة عن السيدة "حكمت"، وعن "صفية"، بل عن كل تنظيم الضباط الأحرار، وعن كل هؤلاء "المسحورين" بالفرعون الإله. نعم سآخذ (د/ عصمت) إلى حضني، وأحاول قدر الإمكان أن يصلها بإنسانية مجردة، كوني خيارًا من خيارات البشرية، جاء يعتذر لها ويقول "هوني عليك يا إلهام"، ولك ان تقبلي الاعتذار أو ترفضيه، لكن سأجتهد في إقناع كاتبة الرواية أن تبلغ اعتذاري إلى "إلهام" نيابة عن كل هؤلاء ممن لونوا "بيت شبرا" بلونه الرمادي.

زرقاء شبرا.. الأميرة أم ضفرتين:
رأيت في النهاية، أن حكاية "إلهام" في "بيت من شبرا"، إنما لها بعدًا وطنيًا شديد الصدق، برغم هجومها الحاد والمبرر –بشكل شخصي على الأقل ومنطقي- على ما حدث في مصر منذ 23 يوليو 1952، وكيف يمكن لهذه الكتابة أن تكون ناقوس خطر لمستقبل تلك الأمة العظيمة التي أحبتها حتى النخاع "إلهام"، وللعجب جعلت منها سببا قويًا للهجوم على شخص "الفرعون" الكبير أو الفرعون الصغير. "بيت من شبرا" لمبة حمراء للمصريين، في هذا الوقت العصيب من الظرف التاريخي، والذي –أراه- يفوق الظرف التاريخي حين حكت لنا "إلهام" حكايتها. فقط يا صديقي العزيز، حين تنتهي من تلك الحكاية –وأصر الحكاية لا الرواية وهذا لا يبخس قدرها- فقط انظر حولك واقرأ مثلما قرأت بنت من شبرا تفاصيل المشهد في مصر منذ ما قبل الخمسينات بقليل وحتى العبور ونصر أكتوبر المجيد 1973، وحاول ألا تقبل بخيارات الغير لك مهما كانت نياتها الصادقة، فقط تعلم التمرد، وقاوم حتى لا تجد نفسك تُساق إلى اللوري، كما حكت "الدادة"، وتهتف بالأمر "ناصر ناصر لا تتنحى"، ووقتها لن تغنيك جنيهاتهم الثلاثة عن التعب والزحام والتحرش مثما حدث في حكاية "إلهام".
أخيرًا، إلى إلهام التي تتكرر وأراها في كل وقت، وبين كل الطبقات تسعى حاملة ألمها وقهرها، ومستورها –وزوجتي إحداهن للأسف- بالأصالة عن نفسي وفقط وبدون نيابة عن جنس القاهرين: إلهام.. يا أم ضفيرتين وفستان أزرق.. يا "زرقاء شبرا".. هوني عليكي؛ وفُديتي.



#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقطع من رواية -تصلح للحزن-
- سانتا كلوز.. محاولة كتابة نص شعري.
- بوست الفيس المعنون : اكتب 10 أسماء 10 كُتب أثرت في حياتك
- قراءة أولية لرواية -الرحلة 797 المتجهة إلى فيينا ل: د/ طارق ...
- هل يموت الصوت.. وداعًا يا أيها -الفاجومي-
- إعادة التدوير، ومحمود مليجي الثورة
- بالونات الاختبار الصفراء.
- كيف تصنع قائدًا.. -بتصرف-.
- كلام في الجون بس مش في الرياضة
- من سلسلة حكاياتي مع العفاريت -حكي بالعامية المصرية-.. مقابلت ...
- قراءة إنسانية لا نقدية في ديوان -بما يناسب حالتَك- للشاعر د. ...
- حين ابتسم الرب في الليلة الأولى من نوفمبر
- الحلقة الأخيرة من برنامج -البرنامج-.. أنت معانا ولا مع التان ...
- العاصمة السرية.. مقال تأخر كثيرًا خروجه إلى النور.
- العلم بين الكتابة والسماع.. من سلسلة مقالات: اقرأ.
- الرصاصة لا تزال في جيب محمود ياسين
- لحظة تجلي.. درافت2 نص أدبي.
- رسالة إلى دارين.
- -أنت رااااجل-!!!
- حين تحاربك الحكومة والدولة مهما كان توجهها.


المزيد.....




- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مختار سعد شحاته - زرقاء شبرا، والبيت الرمادي.. عن رواية -بيت من شبرا- ل (د/ عصمت حسن)