أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مختار سعد شحاته - حين ابتسم الرب في الليلة الأولى من نوفمبر















المزيد.....

حين ابتسم الرب في الليلة الأولى من نوفمبر


مختار سعد شحاته

الحوار المتمدن-العدد: 4263 - 2013 / 11 / 2 - 01:27
المحور: المجتمع المدني
    


نوفمبر الذي عرفته مؤخرًا:
يراه البعض ويصرّ على كونه شهر الحب، وأنا في مستهل المقال هنا أعترف بأنه شهر المحبة حقًا فقد بنت أكتشف شواهد ذلك تباعًا، وإن كان متأخرًا، لكنه –الشهر- يأبى إلا ان يضمني إلى قائمة طويلة من المؤمنيين بأنه شهر الحب الخالص، وأن الشهر فضيل على ما سواه بما رسخ للمحبة الفُضلى من تجليات؛ أقنعت الكثير بأنه شهر الحب الشفيف. نعم، لم أكن من المؤمنيين بأن الحب له موعد يضرب فيه، أو زمنًا خاصًا يجب أن نخصصه للاحتفال بهذا الطقس من الفعل الإنساني، الذي يتوافق كونه أول خبراتنا مع الحب الأول في الوجود حين ساد العدم، حيث أحب الرب/ الإله/ الله، أحب وجودنا وفقط، وهكذا خلص إلى خلقنا لنمارس تلك التجربة التي كانت أول ما فعله مع ما سواه، وبدأت رحلة محبته لنا وخلق كل ما أكد هذا الأصل.
الليلة خمر ونساء:
يأتي الشهر هذا العام بتباشير المحبة، حين تأتيني دعوة رقيقة لجلسة خاصة تضم بعض الموهوبين، بل قل للدقة تضم بعض المولعين بالمحبة لكل الأشياء على اختلافها، تجيء الدعوة مزيلة بالجملة "هتكون الليلة ليلة خمر ونساء"، تأتي الجملة بعفويتها وبراءتها، وأعرف أنها لن تكون سوى واحدة من جلسات المثقفين المنمقة، والتي لن تدور رحاها بعيدًا عن تنظيرات سابقة وكلام مكرور حول وجهات النظر المختلفة وفي كل ما يحدث، وهو ما شجعني أن أطلب برجاء خاص لصاحب الدعوة "والنبي بلاش كلام في السياسة"، ويجيء الرد "يا عم بأقولك خمر ونساء، تقولي سياسة!"؛ فأضحك وأتحين الموعد غير منتبه لجملة أخيرة تكررت في غمرة الحوارات في الجلسة، "أهلا بيك يا نوفمبر، آه يا نوفمبر!!". ربما لم أنتبه للجملة بوعي كامل، فأنا وكما قلت لم أكن من المؤمنيين بسطوة هذا الشهر وارتباطه بمفهوم المحبة، إلى الدرجة التي آمن بها بعض الحضور بشكل عميق. مرت الساعات وانتهت الجلسة التي وللحقيقة خلت من الخمر لكن عجت بنساء من ذوات الحضور الطاغي، جميلات الروح قبل القسمات، وخرجت والحبور يملأ كل جنباتي، وفي طريقي نحو البيت توقفت أما البحر بلا مبرر في ساعة متأخرة قليلا من الليل، وسألت نفسي منفردًا ومستمعًا إلى الإجابات التي تأتي من داخلي عن سؤال واحد "ما سر كل هذه السعادة التي تملكتني"، لا أجد إجابة شافية، لكن أسترجع تفاصيل الليلة، أُناس جُدد رأيتهم لأول مرة، عبروا عن محبتهم الطاغية للإنسان بكل ما حمل من تناقضاته العجيبة، والأمر لم يقف عند هذا الحب، بل تندهش حين ترى المحبة طافحة في وجوه الجميع دونما سبب واضح، لعله حفاوة المضيف لنا؟، لعله جو الصداقة والحوارات، لعله الطاقة الإيجابية للجميلات واللائي رحن يطلقنها بحفاوة وانفتاح آمن ومحبة؟، وهو ما جعلني أنتبه لأمر آخر، حين رحتُ أقرا من ديوان صديق صدر مؤخرًا، فأجدني أقرا لهم قصائد معنونة باسم "أهل المحبة" للشاعر (د. محمد سعد شحاته)، لم يكن الحضور كلكهم ممن يشي حالهم بالشعر أو محبته، لكن بدا الجميع ساهمًا وواجمًا إلا عن كلمات القصيدة التي كانها وصفت حالهم الخفي، فأرى المحبة في عيونهم تفيض، بعدها تتوالي محاولات التفسير على ذهني، ولا أفلح في الوصول إلى إجابة سؤالي الأول عن سر السعادة في تلك الليلة، حتى تأتيني الإجابة من موج البحر وتكرر جملة صديقة من الحضور "نوفمبر..أهلا يا نوفمبر"، فإذا بلساني يجيب "إنها الليلة الاولى يا رجل في شهر المحبة، إنه نوفمبر". فأبتسم وأتحرك نحو بيتي متأخرًا وسعيدًا، بل ومقاومًا رغبة عارمة في العودة إلى الجلسة التي صارت حفلة خفية للمحبة وفقط.
في ذكرى محمد محمود:
أصحو في اليوم التالي بعد نوم نادر ومتقطع، لكن مازالت السعادة تغمرني، وأسأل نفسي عن مساحة القلق التي كانت احتلتني حين جاءتني إشارات أكيدة عن احتمالية حدوث عنف بالغ في تلك الجمعة، وتبدا رحلة قلقي، وللحقيقة انا رجل قلوق بحاله وطبيعته، فأحاول أن أمرر رسائل إلى الجميع ممن يهمني أمرهم بالانتباه، آملا ان تكون الإشارات محض أضغاث رجل قلوق، وفي غمرة القلق أتعجب في حالي كيف تبدل من ليلة قريبة إلى هذا القلق المبالغ فيه، وأين ذهبت السعادة التى غمرت كوني بالأمس، ونسيت معها احتمالية قلق مثل هذا المسيطر، ورويدًا رويدًا تتعدل الصور في ذهني، وتعاودني الإشارات، انتبه.. أنت في نوفمبر، أنت في شهر المحبة، وهنا يتملكني غضب عجيب مفاده تلخص في سؤالي كيف للبعض أن ينسى الحب في حياته إلى هذه الدرجة التي لا تجعله يدرك مثل ما أدركني بالأمس القريب، ويتصدر شهره هذا بالعنف، وهكذا يتصاعد الضجر، ويوشك أن يُفسد يومي منذ البداية، وأعود إلى الشك في كون نوفمبر شهر المحبة والمحبين. أحاول أن أخفف من ضجري فأهرع إلى "الفيس بوك"، والبريد الإلكتروني، فيأخذني إشعار بدعوة إلى تذكر أحداث "19 نوفمبر" أو محمد محمود، ولاول مرة انتبه للتاريخ من زاوية غريبة، أحداث محمد محمود علامة فارقة في كل ما حدث في سنوات البلد الثلاث الأخيرة، وتدهشني مقارنة تصلني بالبريد الإلكتروني، ما بين صمود مجموعة قليلة في هذا الشارع التاريخ، وبين مجموعات آخرى تقيم الدنيا ولا تقعدها، وأعجب كيف صمدت ثلة من هؤلاء في محمد محمود، وكيف انهارت جموع مؤلفة في ثوان؟! وتاتيني الإجابة، أنه نوفمبر، شهر الحب، حيث ثبت المحبون في محمد محمود، وحلت عليهم بركة المحبة، فألهمتهم الصمود والصبر، وتوج البعض منهم محبته بصدر عار ودم لم يجف في محمد محمود ولا يصح معه مزايدات المجموعات الأخرى. نعم ابتسمت وقلت أنه نوفمبر يا رجل!!
تجديف هو عين اليقين:
يأتي الليل، وأقابل صديقي الرائع شاعر العامية الموهوب "محمد بهاء صبحي"، وقبل أن نبدأ طقس كلامنا، أجدنا نشترط ألا نتحدث حول أشياء تغضب أو "تحرق الدم"، فإذا بنا نخلص إلى الكلام عن المحبة، والعشق الإلهي، وكيف يمكن ان يكون ما يراه البعض إلحادًا هو عين المحبة، وليس على غرار تجربة الصوفية أو رابعة العدوية، بل على طريقتنا نحن المتهمون من قبل المقربين باننا على شفير الإلحاد، ونتابع في أفكارنا بل إن شئت شطحاتنا، حتى اننا اجتهدنا ان نتخيل الرب/ الإله/ الله الساكن فوق عرشه في السماء، حين يستمع بعلمه وسمعه إلى حديثنا وتجديفنا هذا، حاولنا وحاولنا، وانتهينا إلى أنه لن يخرج عن شيء واحد، الابتسام بمحبة، نعم سيبتسم في عليائه، وينظر نحونا –نحن الذين بتنا على شفير الإلحاد- سينظر نحونا بمحبة طاغية، وإلا فكيف يقذف بهذه الأفكار الجميلة وكل هذه الطاقة الروحية التي شعرنا بها حين الحديث، لا أحد إلا ذاته فقط من يمكنه ان ياتينا بهذه الأفكار، لا لا ليس شيطانًا تلبس أفكارنا، بل ملاك يسعى نحو محبة هذا المراقب لنا على الدوام، ومن دون أن يكف عن الابتسام لسذاجتنا المفرطة، فنحن كل ما عانيناه محض سذاجة إذ لا مبرر لكل ذلك التجديف سوى اليقين أنه يحبنا، ومن يحب سيبتسم، ثم يدل المحبين يوما ما إلى طريق محبته حتى لو كان في عين الناس إلحادنا القح. نعم كان حديثنا كله عن الحب وعن رب أحب، فخلق، فابتسم لمن أحب.

انتبهوا يا سادة:
بدأ هكذا نوفمبر، بداية بجلسة محبة، ثم وقوف صامت محبب أمام البحر، ثم قلق أحبه على أناس أحبهم، وهكذا فهو قلق محمود، ثم نظرية المحبة في محمد محمود ومحبة وطن لا تنتهي، ثم انتهت إلى صديق محب، يجدف معي بحب في طريق غير محبب إلى الكثير لكنه لنا محبب، وأختم اليوم الأول بمكالمة من ابن أخي وهي المحببة إلى قلبي، ثم قبلتين أقرّ بهما محبتي لطفلي، لأخرج من حجرة الصغار وأنا أبتسم، وأردد في نفسي "إنه نوفمبر، شهر الحب، فابتسم يا رجل وكن من المحبين". هكذا بدأت رحلة إيماني بشهر الحب، فتحية إلى صديقتي الجميلة التي نبهتني بجملتها ولهجتها السكندرية المميزة "أيوه.. شهر الحب.. نوفمبر حبيبي..أخيرًا!!". الآن أنا الآخر بت أفهم سر البشاشة التي علت وجهها حين قالتها، وأكرر بدوري "يا ساده: انتبهوا إنه شهر الحب".
مختار سعد شحاته.
Bo Mima
روائي.
مصر/ الإسكندرية.



#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحلقة الأخيرة من برنامج -البرنامج-.. أنت معانا ولا مع التان ...
- العاصمة السرية.. مقال تأخر كثيرًا خروجه إلى النور.
- العلم بين الكتابة والسماع.. من سلسلة مقالات: اقرأ.
- الرصاصة لا تزال في جيب محمود ياسين
- لحظة تجلي.. درافت2 نص أدبي.
- رسالة إلى دارين.
- -أنت رااااجل-!!!
- حين تحاربك الحكومة والدولة مهما كان توجهها.
- -كابتشينو-. مجموعة قصص قصيرة جدا.
- مشروع -العاصمة السرية- أدبي/ فني/ وثائقي.
- صِورك
- بين نظريتين: الأنصاف والمؤامرة.
- الهامش/ القشرة
- يا صديقي.. لا تنس آمنين.
- وداع يليق.. رسالة خاصة إلى د/ البرادعي.
- ورقة شاي.. قصة قصيرة.
- مجرد كلااام.. نص بالعامية المصرية.
- الفكرة/ المرأة.. والمرأة/ الفكرة.
- حائط مبكى الثورة في العاصمة السرية.
- أنا جباااااااان.. وأنت الشجاع.. هذه كل الحكاية!!!


المزيد.....




- لبنان: موجة عنف ضد اللاجئين السوريين بعد اغتيال مسؤول حزبي م ...
- الأمم المتحدة: -لم يطرأ تغيير ملموس- على حجم المساعدات لغزة ...
- مع مرور عام على الصراع في السودان.. الأمم المتحدة?في مصر تدع ...
- مؤسسات فلسطينية: عدد الأسرى في سجون الاحتلال يصل لـ9500
- أخيرا.. قضية تعذيب في أبو غريب أمام القضاء بالولايات المتحدة ...
- الأمم المتحدة تطالب الاحتلال بالتوقف عن المشاركة في عنف المس ...
- المجاعة تحكم قبضتها على الرضّع والأطفال في غزة
- ولايات أميركية تتحرك لحماية الأطفال على الإنترنت
- حماس: الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين ستبقى وصمة عار تطارد ...
- هيئة الأسرى: 78 معتقلة يواجهن الموت يوميا في سجن الدامون


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مختار سعد شحاته - حين ابتسم الرب في الليلة الأولى من نوفمبر