أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مختار سعد شحاته - الهامش/ القشرة















المزيد.....

الهامش/ القشرة


مختار سعد شحاته

الحوار المتمدن-العدد: 4193 - 2013 / 8 / 23 - 19:29
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


الهامش/ القشرة
عايز ألتزم:
أذكر حين قامت ثورة يناير 2011–هكذا هي بالنسبة لي وستظل- كنتُ بصدد البدأ بمشروعي "عايز ألتزم"، المشروع تحمس له معي بعض الأصدقاء، وبدأنا بالفعل العمل على الجانب التوثيقى والفني، وهو ما كان متوازيًا مع الجانب البحثي والأدبي، قد يكون الوت حالها يسمح بالحديث حول الموضوع، وهو ما اعتقده ساعتها، وتناسيت حجم تعقيدات كثيرة قد تنسف الموضوع، لكن حماسة المشاركين هو ما دفعني للمضي فيه، كنت أتمنى في النهاية ان أطرح توثيقا للكلمة "التزام"، وما يدور حول المطصلح بشكل خاص، يصلح ليكون قاعدة عامة للبحث حول طبيعة مصطلحات تنتشر، يأخذ منها البعض قيمًا أساسية للحياة، وقد يحيل إليها كل الثوابت في حياته او يجعل منها مرجعية للحكم على مفردات الحياة للناس. حين بدأت الفكرة في صيف 2009 كنت أُمني نفسي أن أفهم أكثر حول الكذب والصدق والأمانة والخيانة والحب والصداقة والالتزام والانحراف، كنت أعرف أن المشروع يمكن ان يتم تطويره في مراحل تالية، لكن حين بدأنا في الشق الفني اندلعت أحداث ثورة يناير 2011، فتوقف المشروع حتى الآن، وهو ما جعلني أتمنى العودة إليه لاستكماله.

الدوائر المغلقة:
في رحلة الصراع الثوري في مجتمع مثل المجتمع المصري، والذي قام البعض بتقسيمه إلى مجموعات منها تقسيم ساذج يجعل منها (قوى الثورة وائتلافاتها/ فلول النظام المباركي/ تيارات الإسلام السياسي/ جموع من البسطاء الذين أخذوا وصفا عجيبا في فترة ما بــ"حزب الكنبة")، ربما حين تتبع خريطة المسارات على المشهد السياسي والمجتمعي وبقليل من التدقيق، قد تصل إلى اكتشاف كون المجتمع المصري مركب من مجموعة من الدوائر المغلقة التي يدور فيها أصحابها دون انتباه لكونهم طوال الوقت يدورون في دوائر شديدة الخصوصية، وهي ما يجعل الكثير منهم يعتقد بأنه فوق بقية الشرائح أو الدوائر، فهناك –على سبيل المثال وفقط- دوائر اليسار، دوائر الليبراليين، دوائر "الإسلام السياسي باختلافها"، دوائر أمنية، ودوائر من بقايا رأس المالى الذي انتهي به عصر مبارك، لكن اللافت كون هذه الدوائر كلها في مرحلة ما تتماس مع كتلة كبيرة خارج كل الدوائر هي كتلة من البسطاء، الجميع في دوائرهم يتهمونها بالفقر المادي والفكري والمجتمعي، لكنهم في اللحظة ذاتها يلجأون إليها لضمان دوائره في الدوران بما يتاح لها من اقتناص بعض أفراد تلك الكتلة ولو اقتناقصًا مؤقتا وغالبا هو كذلك، فتلك الكتلة ستظل وللأبد غير منحازة غلى دائرة ما من تلك الدوائر. لكن ما أراه لافتًا أن من يدفع ضريبة هذه الطاقة اللازمة لاستمرار دائرة ما هم هؤلاء، فقط هم من يتعصب للدائرة، هم فقط من يقتلون، هم فقط من يتقاتلون، هم فقط من يعاني الأزمات، هم فقط من يظل الوقود اللازم لإشعال تلك الدائرة لضمان دورانها، بينما يبقى هؤلاء في دورانهم المستمر هناك، يبقى أصحاب تلك الكتلة يدفعون ثمن دوران تلك الدوائر.

إشكالية الهامش:
لعل أصعب ما في تلك التقسيمات، وما يمثل خطورتها هو قدر ما تجذبه من هؤلاء –الكتلة- فتسطحهم بقدر كبير، فتراهم قشرة طافية حول هذه الدوائر سرعان ما تحترق في دفعها الثمن، ولنضرب مثلا، فأنت في المجتمع المصري ستجد الكثيرين من هؤلاء ممن اشتهر في المجتمع تحت مصطلح "مش إخوان لكن بيحترمهم" هؤلاء هم أكثر المدافعين عن خطط تنظيم مثل الإخوان، في مقابلهم تجد هؤلاء ممن نشأ في مناخ شبه يساري –فليس هناك مناخًا مصريا يصلح أن يكون مصنعا لليسار- هؤلاء يصدقون الفكرة ويخلصون لها إلى أبعد مدى، سيشنفون أذنك بمصطلحات اليسار في خلط واضح بين تيارات اليسار دون تفرقة بين تماهيات خطوط الفكر اليساري بإجماله، ويكفيك ضحكًا ان تراهم من مجتمعات زراعية قحة، تربت في حضن المزارع لا المصانع، وهو ما يجعلني أقف عند مقولة صديق أذكرها بأن "الهامش هو الربح"، وقد ينتبه البعض ممن هو في داخل تلك الدوائر لخطورة هؤلاء فيستغلهم أعظم استغلال، وهو استغلال ناتج عن ذكاء آني ولحظي غير عميق او بعيد الاستيراتيجية، قد يراه هؤلاء الذين ظلوا للأبد على الهامش ما يعرفونه "نظرية المؤامرة". والعجيب أن ينخدع في بعض الأحيان بعض هؤلاء ممن يصل إلى مركز تلك الدوائر التي تدور للأبد. هنا تكمن مشكلة مجتمع ما، حين تزيد الدوائر في دورانها فتجذب الكثير من هؤلاء الذين يقعون في هامش الدوائر فيظنون مع دورانهم في الهامش أنه من قلب الدائرة دون انتباه لسطحيتهم أو كونهم أشباه أنصاف على الهامش، هؤلاء ممن "انشكح" بوقفة الهامش تلك هم أشد خطورة على المجتمعات من مراكز الدوائر التي تستمر، فهم من يتصدر للدفاع بقوة واستمامة تجعلهم يظنون أنهم قد انتهى إلى خلاصة الفكرة التي جذبته نحو هامشها/ القشرة ليحترق بسعادة باعتقاده المغيب بأنه أحد شهداء تلك الفكرة أصل الدائرة.

على ضفاف النيل:
لقد جمعتني ليلة أخيرة على ضفاف النيل المقدس، وفي حلقة ضمت الكثير من الهامش ومن المركز لتلك الدوائر، ربما أثارني فيها هو محاولات السيطرة المستمية على زمام الأمور، هي في حقيقتها محاولات للسيطرة ما بين الهامش والمركز، لكن ما يثير الذهن في الجلسة حين تجد بعض تلك المراكز في دائرة ما يحاول أن ينتصر لمركز دائرته ونظرياته معتقدا بصواب مطلق في دورانه، دون أن ينتبه للهامش الذي استقطبه، ودون أن يدرك أن وجوده في دائرته تلك مشروطا بتلك الدوائر الأخرى ليضمن الجميع هامشهم الذي يدافع عنهم ويموت لاجلهم، ليضمنوا في مركز دوائرهم الدوارة الاستمرار في الدوران. هنا دعني أعطي مثالا لما حدث ولما دار من الحوار- ولك أن تختلف معه- المثال هنا على قدر بساطته لكنه قد يستقطب كثيرا من الهوامش، حين يأتي شخص ما، يغاير أو يختلف هؤلاء في الدوائر معه، او لا تسعهم القدرة على فهم فكرته او استيعابها والاختلاف معها، سيلجا هؤلاء في المركز بعجب إلى تسليط اتهام بسيط على ذلك الشخص ويكفيهم أن يتهموه اتهامهم البسيط "ما لوش علاقة بالشارع، وبينظر بس"، تكفي هذه التهمة لتنطلق الهوامش كالكرات البيضاء في مهاجمة خلية سرطانية، حتى يتوهم الكثير ممن هم في الهامش بحقيقة الاتهام، لكن الأعجب أن المراكز تعود فتصدق كذبتها متى تبنتها الهوامش لأنها وقتها ستستفيد من هذا الحرق للهوامش القشرة بما يضمن زيادة عدد الدورات التي تمركزوا في دواخلها.

أخيرًا أعترف،
يا سادة؛ كوني حالما، كوني مغايرا، كوني أطالب بتساوى الهامش مع المركز تساويًا انسانيا لا يغفل قدرات من تمركزوا أو من ظل في الهامش، لا يعني كوني أبحث عن يوتوبيا او مدينة فاضلة، فقط قد أبحث به عن حقي أن أرفض سياسة مراكز الدوائر، وعصبية هوامشها، لكنه أبدا لا يعني رفضي لوجودها وحقها ما دام لا يتعارض مع حقي في خلق دائرتي الخاصة، وهو ما يجعلني شديد الخوف والقلق أن أنجرف إلى دائرة جديدة تتشكل تأخذ نفس قانون الدوائر التي أعارض استيراتيجية عملها لا حقها الوجودي. يا صديقي الإنسان يكفيني هنا أولا الاعتراف بأني خنت أمانة او وعد وأطلب المسامحة عليه، يكفيني اني تحريت عدم الكذب وتأففت منه وممن حاول التبرير لكذبه، يكفيني هنا أن أعترف بأني على الدوام كنت في صفوف الخطأ، لكن الله منَّ علي بفهم لذاتي، فرفضت أن أكون أحد هؤلاء القشرة في هامش الدائرة. يا صديقي نعم خنت أمانة ما، كذبت، لكن حين بدأت احلم تعلمت ألا اخون وألا أكذب، وأن أطلب حقي ألا أموت لأجل مركز دائرة ضمن دوائر لا تنتبه لحق وجود الدوائر الاخرى وإن اختلفت, نعم اعترف هنا بلا خجل، خيانتي كانت على صعيد شخصي، وكذبي على صعيد شخصي لكنه أبدا لم يكن أساسًا للبناء لحلم ما حلمت به ووجدت فيه ان تحت السماء مكانا يتسع للجميع. وان مصطلحاتنا من الكذب والخيانة والصدق والأمانة كلها تختلف في مطاطيتها عن حقيقة الحلم، مثلما يختلف مصطلح الالتزام من دائرة وهامشها عن الدوائر الأخرى.

مختار سعد شحاته.
Bo Mima
روائي.
مصر- الإسكندرية.



#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا صديقي.. لا تنس آمنين.
- وداع يليق.. رسالة خاصة إلى د/ البرادعي.
- ورقة شاي.. قصة قصيرة.
- مجرد كلااام.. نص بالعامية المصرية.
- الفكرة/ المرأة.. والمرأة/ الفكرة.
- حائط مبكى الثورة في العاصمة السرية.
- أنا جباااااااان.. وأنت الشجاع.. هذه كل الحكاية!!!
- العاطفة والسياسة
- مسلسلات رجالي دوت كوم/ قلش رخيص.. الحلقة الأولى: الصراحة راح ...
- معركة أخيرة فاصلة.
- -درس تاريخ-..عشر مقاطع من التاريخ، ومقطعان لأمي، ونهاية واحد ...
- حين يكتب التاريخ.
- عم موسى ليس نبيًا.. قصة قصيرة.
- تهيس.. فيلم بالعامية المصرية من 3 مشاهد
- بين رابعة العدوية وشفيقة الجرجاوية
- -شفيقة- و-رابعة- كلتاهما شهيدة العشق.
- في صعيد مصر.
- حين تبت يدا أبي لهب.
- تمردوا يرحمكم الله.
- رسالة الأحلام.. عامية مصرية.


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مختار سعد شحاته - الهامش/ القشرة