أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر اسكيف - إعادة إنتاج التخلّف - نزار قباني نموذجاً / 3-4














المزيد.....

إعادة إنتاج التخلّف - نزار قباني نموذجاً / 3-4


ياسر اسكيف

الحوار المتمدن-العدد: 1200 - 2005 / 5 / 17 - 10:24
المحور: الادب والفن
    


( الخالق والمخلوق )
ربما جسّد مقطع شعري تجربة شعرية بأكملها , وهذا ما أراه في هذا المقطع .
( لفي تحارير الهوى وامضي
أنا في السماء وأنت في الأرض
ما أنت من بعدي سوى طلل
أنقاضه تبكي على بعض . – الأعمال الكاملة ص158 )

أظنّه المقطع المناسب ليكون عنوانً آخر للفقرة . وأظن بأن تجربة نزار قباني الشعرية تحفل بالكثير من المقاطع المماثلة التي تعطي لتلك التجربة خاصيّة التأكيد على دونية المرأة مقارنة بالرجل . وأظننا لا نحتاج إلى عناء كبير لنتلمس ملامح الرجل الإله الخالق القابع خلف السطور
ومعه المرأة المخلوقة من فيض نزواته .
إن تجربة نزار قباني شأنها شأن الغالب الأعم من التجارب الشعرية العربية تفتقر إلى الغنى الفلسفي مقابل تشبّعها بالميثولوجي والأخلاقي وبالتالي غياب التشارك بين الذات وموضوعها لصالح التماهي أو الابتلاع , هاتان العمليتان اللتان تنتميان في العمق إلى جذر واحد , فالموضوع الذي لا يمكن ابتلاعه والسيطرة التامة عليه من قبل الذات المبتلعة , بحيث يستحيل عليه التعرّف إلا كجزء من هذه الذات , يتم التماهي فيه بحيث لا يتعرّف إلا والذات المتماهية جزء مكوّن منه .
بهذه الآلية تبقى الذات الشاعرة فاعل مرفوع , ويبقى الموضوع مفعول به أو مضاف . وهذه واحدة من خصائص التدوين الشعري ,وليس التجربة الشعرية , حيث لا فصل ولا انفصال بين الذات وموضوعها , إذا لم نذهب إلى الأبعد لنقول بأن الذات في التجربة هي موضوع ذاتها

( اتركيني أبنيك ِ شعراً .. وصدراً
أنت لولاي يا ضعيفة .. طين . الأعمال ص162 )

لا أظننا بحاجة إلى عناء لنلحظ أن المرأة موضوع المخاطبة في المقطع السابق , والمفترض بأنها عنصر التجربة القطبي , مدعوّة سلفاً إلى الكون حياداً . إنها طين وحسب , لا يمكنها التحوّل إلا بإرادة خالق متربّص يمتحن حاجته . ومفردة الطين هنا ليست خافية على أحد . وحده الله , حسب رواية الميثولوجيا الدينية لنظرية الخلق , من كوّر الطين ونفخ فيه من روحه . وهكذا نكون قد عدنا إلى منطق المقطع الأسبق , ليتولد السؤال عن مدى الفرق والاختلاف بين المقولات الدينية والأخلاقية التي تشكّل اللاوعي الجمعي , الذي حدّد ويحدّد مصير المرأة العربية ويرسم فضاءها , وبين تجربة نزار قباني بتصديها لإعادة إنتاج عوامل تكوين هذا اللاوعي , أي إعادة إحياء المقولات العنصرية والطائفية التي تنطلق من الفرق الجنسي لتؤكّد التفوّق . وهذا ما تعزّزه الاستخدامات الميثولوجية الرمزية ذات الجذر الديني التي تطفح بها التجربة القبانية , والتي تعتبر المرأة خاطئة أبدية وحليفة أزلية للشيطان , ومثالها تشبيه المرأة بالأفعى , لا بمعنى الملاسة والنعومة , إنما بمعنى الخيانة والغدر :

( حسبي بهذا النفخ والهمهمة
يا رعشة الثعبان يا مجرمة . – الأعمال ص 73 )

أو القول :
( كفاك فحيحاً بصدر السرير
كما تنفخ الحيّة الصائلة . – الأعمال ص 72 )

إن التشبيهين السابقين لا يمسخان المرأة إلى كائن وضيع زاحف وحسب , بل يقدّمان صورة اعتداء وحشي يتمّ بسلطة أسطورة خلقتها وكرّستها أيديولوجية ذكورية عبر آلاف السنين , أيديولوجيا ليست عنصرية تجاه المرأة فحسب , بل ضد الرجل الذي يخالفها أيضا .
فأيّة مناصرة , وأي دعم وإعلاء شأن للمرأة ؟ !



#ياسر_اسكيف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إعادةإنتاج التخلّف - نزار قباني نموذجاً / 2-4
- (إعادة إنتاج التخلّف-نزار قباني نموذجاً(1-4
- الممارسة المدنية / حكاية مدينة ومشغل ثقافي
- حكاياالجدات التي أطاحت برأس التوثيق / حسن علي يوّثق لتجربة ل ...
- درج الليل.. درج النهار - جديد الروائي السوري نبيل سليمان
- لتعزيزثقافة الخطأ
- أجدني هكذا
- الذات العارية كوردة / نحن لا نتبادل الكلام - جديد الشاعر حسي ...
- الحداثة المعطوبة - إعادة إنتاج المثال 5 – الحداثة من جديد
- الحداثة المعطوبة - إعدة إنتاج المثال
- مظلّة وإناء وحظيرة - بعض من أزمة الطرح الديموقراطي
- عناصر الفائدة المركّبة
- الحداثة المعطوبة - إعادة إنتاج المثال
- الحداثة المعطوبة ( إعادة إنتاج المثال )
- الحداثة المعطوبة ) إعادة إنتاج المثال)
- أطفال يلعبون ومقاطع أخرى
- حرّ يمضي الى القفص
- بيان التجمّع الليبرالي السوري - مدخل للحوار
- رماد ضاحك وغيور
- هل من معيار


المزيد.....




- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...
- آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار
- ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق ...
- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
- جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي ...
- أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس ...
- -جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
- ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟
- روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة
- تجربة الشاعر الراحل عقيل علي على طاولة إتحاد أدباء ذي قار


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر اسكيف - إعادة إنتاج التخلّف - نزار قباني نموذجاً / 3-4