أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر اسكيف - الذات العارية كوردة / نحن لا نتبادل الكلام - جديد الشاعر حسين عجيب















المزيد.....

الذات العارية كوردة / نحن لا نتبادل الكلام - جديد الشاعر حسين عجيب


ياسر اسكيف

الحوار المتمدن-العدد: 1015 - 2004 / 11 / 12 - 09:17
المحور: الادب والفن
    


بالاقتصاد اللغوي , وبعيداً عن الإنشاءات البلاغية التي تستند في قيامها على الزخرفة بديلاً عن النبض , والمتّكئة على عكاكيز التشبيه بديلاً عن التعثّر والارتباك في ظلمات الذات وتكويناتها الخفية , ينجح الشاعر السوري ( حسين عجيب ) في خلق الإضافة وجعلها جزءاً من التجربة الشعرية السورية , لإضافة لا تحمل طموح التّكرّس والتكريس بقدر ما تشكّل جزء من حراك هو الوحيد القادر على منحها حكماً يخص القيمة .

والاقتصاد الذي نعنيه ليس واحداً من مرادفات الفقر أو الحاجة بقدر ما هو جنوح نحو خلق علاقة تفقر مساحة التأويل بين الدال والمدلول , وميل جامح نحو تجريد يمنح النص نعمة ابتعاده عن التحول إلى سلطة كهنوتية تضع أذن الجرّة حيث تشاء بدعوى الحق فيما لا يحق للغير .

( نحن لا نتبادل الكلام ) هي المجموعة الشعرية الثانية للشاعر بعد ( أشباه العزلة ) التي صدرت في العام 1997 عن دار الينابيع – دمشق . و( نحن لا نتبادل الكلام ) صدرت , بتقشّف محزن وعدد محدود من النسخ 100 نسخة فقط لا غير , على نفقة الشاعر .

هل أنّنا لا نتبادل الكلام, والأهم من ذلك , من نحن الذين لا نتبادله. ؟
نحن السوريون لا نتبادل الكلام حقاً , لا نتبادل شيئاً على الإطلاق . لقد تموضعنا , أفراداً وجماعات , في موقعين لا ثالث لهما , متكلم ومستمع . والذي يرى غير ذلك يتأسس حوارنا معه على المعنى غير السطحي وغير الجاهز
للكلام , والذي يمكن تكوينه بإعادة إعمار السياق الشعري الذي تحركت فيه التجربة الشعرية موضوع قراءتنا .

إن للكلام كما تقدّمه نصوص المجموعة معنى يبتعد كثيراً عن كونه لغة وأداة خطاب فحسب , أي إعادة إنتاج لمفردات اللغة وتكريساً لعلاقتها بالسياق الذي أنتجها . الكلام هو نحن , باعتبارنا تجربة مستمرة , الأمر الذي يولّد سؤالاً لا بدّ من طرحه , وهذا السؤال يولّد بدوره مزيداً من الأسئلة . هل نحن السوريون – مفردها سوري – كائنات تتبادل وتتحاور ؟ هل نحن كائنات متجاورة أم متراتبة ؟ هل نحن نحن ؟ وهل هذه ال ( نحن ) تشابه أم اختلاف ؟

يزداد عجز الكلام عن تجاوز حيّز اللغة ,
فيغدو الادّعاء نمط حياة .
الحنين المتزايد للبيت
أدخلنا في نظام التشابه
ولم يخرج منه حي . – ص 105 –

يقدّم المقطع السابق هاحساً يكابده ( مشروع ) كائن حر يبحث بدوره عن مشاريع كائنات حرّة ليؤسس حواره خارج البيت ونظام التشابه في محاولة منه للابتعاد عن الموت . وبالتالي فمن الطبيعي أن يبدو( حسين عجيب )
فرداً نافراً وناشزاً , أو كما يقال ( مغرّداً خارج السرب ) . لكنّ هذا التغريد , الذي يشي برغبة في الانضمام التصويتي إلى النسق مستقدماً معه عناصر , تبدو كافية للتشكيك بمدى وعي الفرادة , ومدى تموضع الذات في نسيج علاقاتها , ذلك التغريد سرعان ما يتأكد كسمة وخصوصية تفرّق ولا تجمع , وتحديداً عند التلقي المتأني المتمتع بحس نقدي , حيث تؤكد الذات الشاعرة وعياً حادّاً بتموضعها عبر وجودها المتزامن في السياق وخارجه . في السياق كوجود حتمي , أو قدري , بل كذات محكومة , إلى هذه الدرجة أو تلك , بقوة التّشكل القبلي والمسبق , وخارج السياق كذات واعية لضرورة الخروج , أي أنها في الخارج بقوة الوعي . وهذا التناقض التراجيدي نلمسه في القليل من النتاج الشعري السوري .
والشاعر لا يقدّم في نصوصه ذاتاً ساعية إلى الآخر بشروطها أو بشروطه , إنما بالشروط التي تفترضها المشاركة والتي تتخلّق في الحوار . إنها ذات بجوار ذوات تسعى إلى تعزيز الحدود بقدر سعيها إلى خلق عناصر المشاركة , ومن هنا تتّخذ الذات في تموضعها حالة مونولوجية تقدّم من خلالها مكاشفة حميمة وبوح يلقي بكل الأقنعة جانباً .

كما يفعل الجميع من حولي
كنت أعتقد أنني الأفضل .
بيدي كشفت عن ظهري
عن أقصر الطرق إلى القلب
وتسمّم الهواء .
17 مليون
شركائي
لن أزيدهم
ما دمت غير قادر على العكس . – ص 122 –

إن التلقائية في المقطع السابق تظهر قعر البؤس بكل جلاء , وتظهر أيضاً , فعاليتها في كشف المستور من التواشج بين الفردي والعام . الشاعر يتكلم عما لا تظهره الصورة الضوئية , عما أوجعه وسوف يوجعه , عن سذاجته ووهمه , لكنه بانفتاحه هذا , يقدم أطروحة جيرة بالتأمل والدرس , متمثلة في العرض الموجز لفجيعة وطن من خلال أسطر ثلاثة . فالسبعة عشر مليوناً هم شركاء حسين في الفجيعة والخراب , وهم , لمن لا يعرف ذلك , عدد سكان سوريا حسب أقرب إحصاء من زمن كتابة النص , ولأن حسين لا يستطيع إنقاص عدد المحكومين بالخيبة ( الحذف أو الإنقاذ ) فإنه يستطيع عدم زيادة العدد على الأقل , أي عدم الإنجاب , وبالتالي امتناع عن القتل .

هاجس الحوار , الاعتراف المتبادل بالكينونة والوجود بين كائنات تحتل ذات الحيز , هو السمة الأبرز في النصوص , وحضوره لا يأتي أبداً كمطالبة إعلانية مبتذلة إنما عرض لتجربة الاستبداد وما تخلّفه من آثار مدمّرة في كلّ اتجاه . حيث يتحوّل الكائن البشري إلى رقم , والجماعة إلى قطيع أو نسق من الأشياء , وتصبح الخصومة , وهذا هو الأهم , مبدأ لا نتيجة :

مات الشاهد والمدّعي والضحية
ألمسهم ولا تتردد
صف طويل من تماثيل الشمع .
هي بلادي
أزهار في كأس
أوراق وخرائط
تحت أرجل متخاصمين أبداً . – ص 95 –

كما أن الذات الواقع عليها العسف والتهميش والإلغاء تتحول بدورها إلى ذات إقصائية بامتياز , ومعها يتكرّس مبدأ ( الطاووسية ) وتضخم الوهم إلى درجة مخيفة , بحيث لا تقبل معه الذات سوى القتل كطريقة فاضلة للاعتراف بالآخر :

كل سوري فتح قناة السويس
وحتى الآن
تعتقد المرأة التي تحمل نطفة سوري في بطنها
أنها تقوم بمعجزة
ولا يعرف بعدها
من قتل من . – ص 117 –

وهذه الذات المنتبجة بالوهم , باللاشيء , والتي تعيش الادعاء نمطاً غالباً في الحياة , هي ذات تتكرّر كنسخ , ولا تنتج أبداً . لهذا حينما يسود مناخ التنوع , وينتفي الاصطفاف على أسس قبلية وقدرية , حينما يصبح الاختيار تجلياً للإرادة وليس مكوّن وراثي , أي :

بعد ما يتعوّد السوريون
التسامح والتفكير الهاديء
سوف توضع سنية صالح مع الماغوط
إلى جانب رياض الصالح الحسين
في الكتاب المدرسي . – ص96 –

أخيراً , لا يمكنني الادعاء بأنني قدّمت قراءة تفي ( نحن لا نتبادل الكلام ) حقّها , ولا يمكنني الوعد بفعل ذلك مستقبلاً .
ولقد ركّزت في إعادة إنتاج النصوص على جانب بعينه مهملاً ما عداه , ومردّ فعلتي هذه نابع من بحثي عن غير المسبوق , ومن رؤيتي بأن الشعرية في نصوص حسين عجيب , ونصوص شعراء سوريين آخرين , تتأس على نوع من وحدة النص التي تحيل إلى الخارج بصفته فضاء لإعادة الإنتاج وليس مرجعاً في تلك الإعادة , أي أن التجربة الشعرية تخلق , أو تحرّض على خلق , التجربة في التلقي , وليس العكس الذي يتأسس على الدخول إلى التجربة الشعرية من خلال تجربة التلقي وفعل القراءة . والأمر السابق يحتاج إلى دراسة مستفيضة لا طاقة لي عليها الآن .



#ياسر_اسكيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحداثة المعطوبة - إعادة إنتاج المثال 5 – الحداثة من جديد
- الحداثة المعطوبة - إعدة إنتاج المثال
- مظلّة وإناء وحظيرة - بعض من أزمة الطرح الديموقراطي
- عناصر الفائدة المركّبة
- الحداثة المعطوبة - إعادة إنتاج المثال
- الحداثة المعطوبة ( إعادة إنتاج المثال )
- الحداثة المعطوبة ) إعادة إنتاج المثال)
- أطفال يلعبون ومقاطع أخرى
- حرّ يمضي الى القفص
- بيان التجمّع الليبرالي السوري - مدخل للحوار
- رماد ضاحك وغيور
- هل من معيار
- الشعر والمتلقي- ملامح أزمة نوعية جديدة -
- التعين الوظيفي وأنوثة الطاعة
- يد مليئة بالسياط
- ديوان الشعر العربي الجديد - سورية | من الإيجاز الياباني الى ...
- نسق من الجنود الصينيين
- أنوثة المعصية
- الحداثة والأزمنة الحديثة العربية(حكاية وهم وثمن باهظ
- الأب الضّال والفرد المؤسّس للجماعة الحرّه


المزيد.....




- فنان مصري: -الزعيم- تقاعد واعتزل الفن دون رجعة
- من إلغاء جولتها الفنية إلى طلاقها.. جنيفر لوبيز تكشف كيف -ان ...
- غزة.. عزف الموسيقى لمواجهة البتر والألم
- لعبة التوقعات.. هل يفوز عمل غير غربي بجائزة نوبل للآداب 2024 ...
- اندمج في تصوير مشهد حب ونسي المخرج.. لحظة محرجة لأندرو غارفي ...
- تردد قناة روتانا سينما 2024 الجديد على نايل سات وعرب سات.. ن ...
- الممثل الخاص لوزير الخارجية الايراني يبحث مع نبيه بري قضايا ...
- سيدني سويني وأماندا سيفريد تلعبان دور البطولة في فيلم مقتبس ...
- فشلت في العثور على والدتها وأختها تزوجت من طليقها.. الممثلة ...
- -دبلوماسية الأفلام-.. روسيا تطور صناعة الأفلام بالتعاون مع ب ...


المزيد.....

- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر اسكيف - الذات العارية كوردة / نحن لا نتبادل الكلام - جديد الشاعر حسين عجيب