أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر اسكيف - يد مليئة بالسياط














المزيد.....

يد مليئة بالسياط


ياسر اسكيف

الحوار المتمدن-العدد: 960 - 2004 / 9 / 18 - 05:32
المحور: الادب والفن
    


هي الأصابع , أولى أدوات الإستدلال الغريزي , ومما لاشكّ فيه أن الشاعر ( محمد عضيمة ) الذي يعتبر واحداً من الداعين إلى أن يأتي الشعر من ( الخبرة الذاتيّة المتحقّقة , الخبرة البعيدة عن أن تكون من المحزون التراثي , أو من الذهن والذاكرة . – مقدّمة ديوان الشعر العربي – الكتاب الرابع – دار التكوين – دمشق – 2003 ) يوافقني الرأي , ويوافقني على أن العنوان الذي حمله كتابه الشعري الجديد ( يد مليئة بالأصابع – دار التكوين – دمشق – 2004 ) هو , بطريقة ما , نمذجة للمقولة السابقة . وحتى في حال عدم حصول التوافق الافتراضي , الناتج عن الإحساس الحقيقي بتحسس عمق ما انطوى عليه ذلك الكتاب , فإنني لن أتراجع عن استنتاجي السابق , مدعوماً بما أدّعيه لنفسي من خبرة , راكمها الجهد , في تمثّل الشعر وإعادة إنتاجه ,هذا من ناحية , ومن ناحية أخرى اطّلاعي على ودراستي لمقدّمات ( محمد عضيمة ) في(ديوان الشعر العربي الجديد ) .
إن محمد عضيمة يتقدّم على الدوام كممتهن اختلاف ومقترف معصيّة , غير أن اختلافه هذا يعنينا بذات القدر الذي يعنيه , حيث أنّنا أمام هذا الاختلاف لا بدّ من طرح سؤال الإضافة والتّقصي عن الإجابة فيما يقدّمه النصّ دون أن نستطيع الإفلات من تأثير الإعلان النظري الذي كرّسه محمد في كتاباته العديدة .
وسؤال الإضافة الذي نعنيه , هو سؤال نوعيّ بامتياز . ذلك أنّ الإضافة الكميّة الشكلانيّة( التكويميّة) أمر عادي الحصول مع كلّ إنتاج مهما ضألت قيمته . إن الإضافة التي نعنيها ونقصدها , هي الإضافة النوعيّة التي تهدّد سكونية النوع وتنذر بالمحو , وهذه الإضافة برأينا لا يقدّمها فرد مهما أوتي من مقدرات . وإن تراءى لنا حدوث كهذا فالأمر محض قميص يستر جسداً قديماً ( قديم فقط ) .
في كتابه المذكور يتقدّم الشاعر كغريب تشخص نحوه الأبصار , أبصار الذين لم يعتادوا على قدوم الغرباء , وعند اقترابه , إذ تتضح الملامح شيئاً فشيئاً , يهمس الجميع بخيبة أمل : إنّه فلان ..... لكنّ هذا أل( فلان ) سيبقى إلى أمد طويل الشخص الذي حسبوه غريبا . ولن يمحوا حسبانهم سوى مرور غرباء وغرباء . والشعر هو الوحيد الذي نحسبه غريبا على الدوام .


أظنّني لا أضيف الشيء الكثير إذ أقول بأن الصفحة ( 61 ) من كتاب ( يد مليئة بالأصابع ) هي مفصل أساسي وضروري للإقتراب من الفهم والممارسة اللذين يحكمان ويحدّدان آليات إنتاج النص الشعري عند محمد عضيمة , وبالتالي يمنحانه صفته الجنسية ضمن النوع . إنّه , بطرقة ما , يصنّف ما يكتبه ويؤكد على أن ما ورد قبل هذه الصفحة وما سيرد بعدها هو الشعر , ويضيف إلى ذلك تحديده لآليات إنتاجه :
( انتبه , | ما سبق ليس إلا على سبيل المثال | المثال فقط | لتجريب الكلام | وتدريب | الأفعال فقط , | فالشعر ليس في ذاك الباب | فقط | بل , بل , تابع .ص61 ) .
وفي المتابعة نجد أنّنا عند ( طبيب الجلديات حيث عاين | القدم اليمنى | ومجهرها بالعين فقط . ص62 ) .
إن المقطع الأسبق يقدّم فهاً جديداً لعملية الكتابة الشعرية إذ يعتبرها نوعاً من اللهو ويشير إلى أن كل شيء في الحياة هو مادّة شعرية . غير أن ما يمكن الإشارة إليه هو القول بتدريب الأفعال فقط , وهذا يعني إن الشعر شغل وحياة وليس كتابة . ليس ميلاً إلى التبسيط أن نقول ما سبق بل محاولة لتفكيك التناقض الذي نراه حاكماً في هذا الكتاب .
ذلك أن الكاتب المولع بمعاداة الأسماء , وهذا وصف وليس حكم قيمة , والمناصر القوي للأفعال , يجنح نحو إنتاج التسمية وتكريسها باسم الفعل وذلك عبر قيام نصه على آلية الوعظ بتكرار اللازمة الأمريّة : انتبه .
وحتى إذا كان المقصود هو خطاب الذات فإن هذا لا يغيّر من التموضع التعليمي للكاتب .
من الملاحظات التي لابدّ من تناولها ÷ي أن محمد عضيمة قد نجح تماماً , وعبر مفردة فقط , أن يطبّق قولته في الإقتصاد الدلالي , والتي تتلخص بالاستعاضة عن محرّضات التأويل والتخييل بمفردات حياتية الدلالة :
( شجرة الليمون المغروسة | مغروسة فقط . | وبناء البلدية الحنطي | حنطي فقط ..... الخ ص9 ) .
وحينما يجنح إلى القصد في تعدد الدلالات فإنه يشير إلى ذلك علانيّة عبر استخدام النفي :
( اليد التي تطوف الآن بها على الرفاق | ليست يداً فقط . ص29 ) .
إن في الإقتصاد الدلالي والدعوة إليه محاولة جادّة وجديدة لكتابة شعر لا ينتمي , في عمقه , إلى الإرث الشعري العربي عبر آلاف السنين . غير أن استبدال التعالي اللغوي باللغة المقتصدة في الدلالات عند محمد عضيمة قد جعل الشعر يدفع ثمناً باهظاً , نقصد بالضبط وقوعه في شرك التعليمية والمقاييس المفروضة .
هناك ملاحظة لا بدّ من التوقف عندها قبل المغادرة هي أن محمد عضيمة عدو المجاز اللدود ينهي كتابه بالمقطع التالي :
( يد مليئة بالأصابع
وفي كلّ إصبع
مدينة من أياد . )
أخيرا . هل ما قرأته شعراً كما تجرأ محمد عضيمة وسمّاه ؟ سؤال تعوزني الجرأة للإجابة عنه . فالشعر كما أرى تأتي تسميته وتصنيفه تأسيساً على فعله في ذات المتلقي ( بعيداً عن التصنيف القبلي لهذا المتلقي ) .
ولا يسعني بعد الذي قرأت , رغم طرافة بعضه وخفّة ظلّه , إلا الأسى لحال المعلمين , الذين استقبلنا أوّلهم وقضيب الرمّان يتلوى في يده , وودّعنا آخرهم بالطرد من حصّته الدراسية , ولفقهاء المذاهب المتحاربين حول طريقة الدخول إلى المساجد باليمنى أولاً أم باليسرى , ولمشايخ الطرق الذين يعتبرون عدد شعر الرأس شرطاً لازماً للدخول في الطريقة .
ولا يسعني أيضاً سوى تهنئة المغنين الذين يستطيعون العدّ على( الهوّاره ) من المساء حتى صياح الديك .
-



#ياسر_اسكيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديوان الشعر العربي الجديد - سورية | من الإيجاز الياباني الى ...
- نسق من الجنود الصينيين
- أنوثة المعصية
- الحداثة والأزمنة الحديثة العربية(حكاية وهم وثمن باهظ
- الأب الضّال والفرد المؤسّس للجماعة الحرّه
- السلطة والتحديث


المزيد.....




- أفلام كرتون طول اليوم مش هتقدر تغمض عنيك..  تردد قناة توم وج ...
- بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا ...
- الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب ...
- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...
- بمشاركة 515 دار نشر.. انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9 ...
- دموع -بقيع مصر- ومدينة الموتى التاريخية.. ماذا بقى من قرافة ...
- اختيار اللبنانية نادين لبكي ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان السينم ...
- -المتحدون- لزندايا يحقق 15 مليون دولار في الأيام الأولى لعرض ...
- الآن.. رفع جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 الشعبتين الأ ...
- الإعلان الثاني.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 على قناة الفجر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر اسكيف - يد مليئة بالسياط