أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر اسكيف - الحداثة المعطوبة ( إعادة إنتاج المثال )















المزيد.....

الحداثة المعطوبة ( إعادة إنتاج المثال )


ياسر اسكيف

الحوار المتمدن-العدد: 981 - 2004 / 10 / 9 - 15:08
المحور: الادب والفن
    


2 - عقدة الحداثة والهروب إلى الأمام

لقد جاء النص الشعري المفترض , الذي لم يكن نصاً تمّ إنتاجه بالفعل , إنّما نوع من الطموح الذي حدّدته المعايير ورسمت آفاقه , غربياً ومغترباً , طامحاً إلى إعادة إنتاج هموم الإنسان الذي لا ينتمي إلى هذا الواقع وهذه الثقافة , راغباً في تكريسه بطريقة إبدال بشرية عجيبة .
نحن إذاً أمام خطاب شعري متعال هدفه ومنشأه ( الإنسان ) , وواقع متخلّف غارق في تزمّته وتقليديته وتبعيته , إلى درجة لا يمكنه معها إنتاج حساسية جديدة , فمثل هذه الحساسية ينتجها واقع مستمر في التجدّد والتغيّر . وحينما يكون الحديث عن المجتمع العربي , فيما يخصّ توليد الحساسيات , فإن القسرية والانعزالية وعقدة الحداثة تتجلى جميعها بوضوح . ومعاينة الخطاب النظري الموازي للنص الشعري المطلوب , والمتداخل معه أحياناً , الخطاب الذي أنتجته حركة (شعر) , تلاحظ ( عدداً من التباعدات ولاختلافات في مواقف مختلف عناصر الحركة ) فيما يجد التطابق والاتّفاق بين تلك العناصر ( جذوره في التصورات الشعرية الحديثة في الغرب ) كما في التحفيز على ( إدانة القصيدة التقليدية ) . وكما يبدو , فإن التباعد والاختلاف يخصّ الدور الاجتماعي للأدب وللشعر منه بصورة خاصة ( باعتباره فعلاً إنسانياً وممارسة خلاقة ) فيما التطابق يخص ما يعني طبيعة النص . – أنظر كمال خيربك – مصدر سابق – ص 72 – 76 . وما ذهب إليه كمال خيربك نلمسه ونتحسّسه عند مراجعة التصورات التي طرحها أعضاء الحركة والتي عكست رؤيتهم وفهمهم للنص الشعري واللغة الشعرية , تلك الرؤية وذلك الفهم اللذان يفضحان مسّاً تكرارياً لآراء الشعراء الغربيين أمثال ( بودلير – رامبو – رينيه شار – جاك بيرك – بيير ريفيردي – ووردذ وورث ...الخ ) وكأنما النص المطلوب إنتاجه وإيجاده مشغول على منوال النص الغربي , وبالمعايير التي رسّخها ذلك النص .
هنا , وكما نرى , تبدأ بذرة التناقض في مشروع حركة ( شعر ) بالتشكّل . تلك البذرة التي جاءت كتجلّ لعقدة الحداثة , والتي بدأت بالإنتاش لأن غياباً أو تغييباً ( ربما حصل التغييب لدرء التناقض ونفيه , على الأقلّ بشكل ظاهري ) قد مورس ضد الحقيقة الاجتماعية للأدب والفن , وهذا يعود إلى أن إمكانية نقل آليات إنتاج النص من مجتمع إلى آخر أمر مستطاع شأنه شأن أية أداة إنتاج أخرى , لكنّ المشكلة هنا تكمن في المادّة الخام وسوق التصريف , نقصد الحقل الاجتماعي التاريخي , ذو الانتقال المستحيل , الذي يخلق تفاعلاته وتأثيراته النوعية على المجموع وعلى الفرد بشكل خاص . ذلك أن الفرد الذي يجد نفسه , في حال حدوث تغيّرات نوعية عامة , أمام مشاعر وأحاسيس لم يختبرها من قبل فإنه سوف يتحسسها بآليات استشعار جديدة وهو يشكّل عنها أسئلة لم تكن في ساحة انشغالاته سابقاً .
من المفيد هنا أن ننقل ما رآه كمال خيربك مساحات مفهومية مشتركة لشعراء حركة ( شعر ) ونوافقه الرأي في أن تناقضاً كبيراً يظهر في تبني المواقف التالية مجتمعة :
( - تحرير الفرد , الشاعر أو الخلاق خصوصاً , من الرق الجماعي أو السياسي . إذ ما دامت الحرية المطلقة لهذا النبي الذي بات يلعب الآن – دور الآلهة التي اختفت – ليست مضمونة فإن علينا أن نتوقع جفاف العالم وضياع الإنسان .
- تحرير الانسانية كلها من حضارة مادية أو وثنية , كما دعاها أليوت , باتت تهدد كامل القيم الأخلاقية والروحية , ويحل الشعر هنا محل الدين , أو يلتحم به , كما لدى يوسف الخال , من أجل أن يساهم في إنقاذ العالم .
- تحرير مجتمعات العربية , وكافّة المجتمعات المتخلّفة , من السلفية , ومما دعوناه بمستنقعات التقليدية , التي هي معادل للبؤس, والجهل , واللاعدالة . ) – المصدر السابق ص76 .
لكننا نختلف معه في أن هذا التناقض ظاهري وحسب . ونذهب إلى القول بأنه تناقض بنيوي يحكم ( منطق شعر ) ذلك المنطق الذي حاول على الدوام أن يظهر بعيداً عن أية سمة أيديولوجية .
فالحرية المطلقة للشاعر ( النبي ) الذي بات يلعب الآن ( دور الآلهة التي اختفت ) يعني مجتمعاً أوربياً أو غربياً محضاً , وذلك الشاعر النبي هو ( ت. س. أليوت أو عزرا باوند ) وليس يوسف الخال أو أدونيس أو توفيق الصايغ أو حتى بدر شاكر السيّاب . والحرية ( المطلقة ) التي طالب بها يوسف الخال, هي بذاتها الجفاف الحقيقي للعالم . ذلك أن الذي يتمتع بها هو الإله وحسب . الإله المحتفى بموته . الإله الذي يقول كن فيكون , وليس النبي الرائي المستشرف .
كما أن تحرير الإنسانية من حضارة مادية ووثنية , كما دعاها ( أليوت ) يقصد بها إنسانية معينة ومحدّدة بظرفها التاريخي الاجتماعي, والنعوة تأتي هنا من طرف هو جزء من محصّلة تلك الحضارة .
وأما بالنسبة إلى الإنسان العربي , والشاعر العربي على وجه الخصوص , فهما لا يعيشان ذات الشرط والظرف الذي ل ( أليوت ) أو غيره . بل في واقع اجتماعي مثالي , غيبي , لاهوتي , ما قبل مدني , لا يهدّد القيم الروحية والأخلاقية السائدة , إنما يعيش معها علاقة إحياء متبادلة .

وكما نرى , فإن ما يطالب به يوسف الخال , ناطقاً باسم جماعة سعر , من قتل وتغييب هو ذات الشيء الذي يطالب حداثيوا الغرب بإحيائه وإعادة اعتبار إليه . فالقيم الروحية والأخلاقية التي يرثيها وينعبها هؤلاء الحداثيون هي ما هو مطلوب من الحداثيين العرب نسفها وإلغائها . والحضارة الوثنية المادية التي يطالبون بالتحرّر منها , هي ما نحتاجه لولوج عتبات التحديث , الاقتصادي والاجتماعي , الذي سيؤدي بدوره إلى إقصاء البنى التقليدية , وتفكيك التواشجات بين التخلف والمستقبل الذي لا يعدو كونه قدراً لذلك التخلف .
فهل يمكن ل (أليوت ) أن يكون مرجعنا أو معلّمنا فيما نطمح إليه من خلق لحداثة عربية ؟ وهل يحملنا التناقض السابق على الاعتقاد بأن عناصر حركة ( شعر ) كانوا على درجة من السذاجة التي تجعاهم يتوهمون بأن الواقع الاجتماعي يتغير بقدرة سحرية تأتيه بالعدوى نتيجة لتغيّر النص الشعري . ؟؟؟
إن الجواب بالنفي يأتي من الإشارات المتكرّرة التي تفيد بأن الغالبية من عناصر الحركة كانوا على قناعة بالدور الاجتماعي للأدب , بدءاً من نقاط يوسف الخال العشر , مروراً ب ( المعايير والقيم في الإسلام المعاصر ) وانتهاءً ب ( أعمال مؤتمر روما حول الأدب العربي المعاصر ) التي جاءت جميعها كنوع من البحث في الفاعليّة الاجتماعية والفنية للشعر .
( إن حضورنا أمام الحقيقة , عبر الشعر , إنما يسهم في حلّ مشكلاتنا ) . رغم الاعتراضات الكثيرة التي يمكن قيامها في حضور القول السابق ليوسف الخال , والتي تندرج في إطار التساؤل عن الحقيقة المقصودة , وعن مقدرة الإنسان , شاعراً أو غيره , على الحضور أمام الحقيقة , فإننا نرى في هذا القول إشارة إلى المعنى الواقعي للشعر , وبالتالي دوره الاجتماعي .
مرّة أخرى لا بدّ لنا من التوقّف عند الرأس الثالث من مثلّث التحرير سابق الذكر . كي نطرح سؤالاً لا ينسب البراءة إلى نفسه أبداً : ألا يعني اختيار الديموقراطية التي أنتجها الغرب , كممارسة للعبور إلى مستقبل متحرّر من كلّ التناقضات , إنتماءً أيديولوجياً , وهروباً بالشعر إلى عالم لا ينتمي إليه إلا بصفته مطلقاً , عالم لا يستدعي الإنتماء إليه سوى الهروب إلى الأمام ؟ !!!!!



#ياسر_اسكيف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحداثة المعطوبة ) إعادة إنتاج المثال)
- أطفال يلعبون ومقاطع أخرى
- حرّ يمضي الى القفص
- بيان التجمّع الليبرالي السوري - مدخل للحوار
- رماد ضاحك وغيور
- هل من معيار
- الشعر والمتلقي- ملامح أزمة نوعية جديدة -
- التعين الوظيفي وأنوثة الطاعة
- يد مليئة بالسياط
- ديوان الشعر العربي الجديد - سورية | من الإيجاز الياباني الى ...
- نسق من الجنود الصينيين
- أنوثة المعصية
- الحداثة والأزمنة الحديثة العربية(حكاية وهم وثمن باهظ
- الأب الضّال والفرد المؤسّس للجماعة الحرّه
- السلطة والتحديث


المزيد.....




- مصر.. رفض دعاوى إعلامية شهيرة زعمت زواجها من الفنان محمود عب ...
- أضواء مليانة”: تظاهرة سينمائية تحتفي بالذاكرة
- إقبال على الكتاب الفلسطيني في المعرض الدولي للكتاب بالرباط
- قضية اتهام جديدة لحسين الجسمي في مصر
- ساندرا بولوك ونيكول كيدمان مجددًا في فيلم -Practical Magic 2 ...
- -الذراري الحمر- للطفي عاشور: فيلم مأخوذ عن قصة حقيقية هزت وج ...
- الفلسطيني مصعب أبو توهة يفوز بجائزة بوليتزر للتعليق الصحفي ع ...
- رسوم ترامب على الأفلام -غير الأميركية-.. هل تكتب نهاية هوليو ...
- السفير الفلسطيني.. بين التمثيل الرسمي وحمل الذاكرة الوطنية
- 72 فنانا يطالبون باستبعاد إسرائيل من -يوروفيجن 2025- بسبب جر ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر اسكيف - الحداثة المعطوبة ( إعادة إنتاج المثال )