|
تأييدُ الغرب للإخوان
عبدالله خليفة
الحوار المتمدن-العدد: 4196 - 2013 / 8 / 26 - 08:43
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أنها ظاهرةٌ معقدة مركبة تلك التي جمعت موقف الرئيس أوباما المماثل لموقف طالبان من أحداث مصر، والمدهش هو انجرار قسم كبير من الاتحاد الأوروبي في الدفاع عن الإخوان. رغم الصور الواسعة الكثيرة عن التحشيد العسكري في رابعة العدوية ومظاهر العنف المتفجرة منهم وكل صور النيران المشتعلة في المؤسسات الاقتصادية الكبيرة إلا أن الاستنكار والنقد الغربيين كان معدوماً. لا بد أن نقول بإن الرئيس المصري السابق جاء عن طريق الانتخاب والتيار ذاته جاء بنفس المسار، في ذلك الغبش السياسي الذي حدث بين خروج الشعب المصري من الدكتاتورية وبين تعرفه على أدوات الانتخاب وإكتشاف الأحزاب والواقع الحقيقي. وتم إسقاط الرئيس السابق عن طريق هبة شعبية واسعة وليس عن طريق صناديق الاقتراع، وهو أمر فريد في التاريخ الحديث، والشعوب الغربية نفسها لم تصل إليه، لكونها تعيش في أنظمة ديمقراطية تقليدية مستقرة، فلا تفهم أحوال الشعوب العربية وثوراتها في مجتمعات لم تترسخ فيها أدوات الاقتراع وتسيطر عليها الشرعية الثورية التي يجب أن تتحول لشرعية دستورية، كما أن الجيش الوطني المصري لعب دوراً في التداخل مع هبة الشعب وهو أمرٌ يثير الشكوك لدى الأوساط الغربية. ولهذا فإن هذه المقاييس ليست مطلقة، فهي مؤقتة واستثنائية، ولابد من تكريس الشرعية الديمقراطية ذات الأسس الغربية الإنسانية. فتغيير أي نظام منتخب يتم عن طريق الانتخابات، والاستثنائية التي جرت ينبغي أن تنفي نفسها عن طريق تنفيذ خارطة الطريق بدقة ومحاسبة فترة الرئيس المخلوع كاملة عبر القضاء. كانت تلك عملية سياسية جماهيرية صعدتْ فيها قوى الحداثة شعباً وجيشاً مزيحةً نظاماً شمولياً مبكراً كان يمكن أن يجثم بقواه لسنين عديدة. مستوى سياسي أهلته تجاربُ طويلة لهذا الشعب القائد للتحديث في المنطقة العربية كالشعب التونسي الذي هو أقل عدداً وأقل طليعية وبروزاً في المنطقة لكنه يشاركه في نفس المسار التحديثي القيادي. كذلك فإن القوى التقليدية الغربية المسيطرة على الإعلام والمؤسسات السياسية والتي هي قوى يمينية عقدت صفقة مع الإخوان وبعض دول المنطقة في العلاقات الاقتصادية والتي تتمثل في قيام الإخوان بضخ الفوائد المالية إلى المحافظ الغربية عبر شبكة المؤسسات المصرفية والاقتصادية و(الإسلامية) التي تجذرت خلال عقود. لقد كان المشروع السياسي الاقتصادي يكاد يقطف ثماره الكبيرة وجاءت الهبة الشعبية ومساهمة الجيش ضربة صاعقة للمشروع، مما بيّن علامات تشابه بين اللحظة التاريخية الراهنة وزمن الناصرية، وهي اللحظة التي خلقت هزة عربية قومية تضامنية مع مصر مثلما أقلقت الغرب المحافظ. أنظمة عربية ملكية قاربت تلك الهبة القومية مثلما حدث لمشاعر ملايين العرب. إضافة لفظاظات التدخل خاصة من الجانب التركي الذي لم تجف دماء ساحاته من قمع المتظاهرين كانت الكوارث التي أحدثها الإخوان في الشوارع المصرية وعلى تراب سيناء كافية لتوضيح الصورة الجلية للموقف لدى أناس يمتلكون أدق وسائل المتابعة والتحليل. ومع هذا فقد كانت الخيارات السلمية وإمكانيات المشاركة للإخوان في الحياة السياسية مطروحة أمامهم بقوة لكنهم إنساقوا لخيار القوة. كان الموقف الأمريكي المذهول الغاضب من فشل مشروع التبعية الجديد المجزي هو الأكثر حدة وتدخلاً، فهو لم يتوقع من هذا الزخم الشعبي في الشوارع أن يقلب الأمور لهذا الحد، وهو أمر غريب وخطر في الوعي الأمريكي المحافظ، ومن الممكن أن يغدو قوة وسياسة عامة في المنطقة العربية التي وجهتها السياسية الأمريكية للتفتت والحروب الأهلية وصعود التيارات الطائفية والإرهابية. إن بذرة المشروع القومي التوحدي قد أطلت برأسها ثانية، وفي معيتها إستغلال الموارد العربية النفطية والجماهير العاملة ورؤوس الأموال الوفيرة، وهو أمر مفاجئ وغير متوقع مع استمرار مشروع الأوسط الكبير التمزيقي للدول العربية والإسلامية.
#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحولاتُ الوعي النهضوي المبكر
-
الوعي البحريني وإشكاليةُ النقدِ
-
الشعبُ والمصيرُ
-
الديمقراطيةُ والناس
-
العربُ ونقدُ الواقع
-
انفصامُ تركيا الاجتماعي
-
«الإخوان» والتطور الحديث
-
أمريكا والتنكرُ للعلمانية
-
حكمُ الاسطورةِ والعنف
-
إيران.. إلى أين؟
-
غيابُ الموضوعيةِ من الساحة البحرينية
-
دوستويفسكي: روايةُ الاضطهاد (8)
-
دوستويفسكي: روايةُ الاضطهادِ (7)
-
رأسا الحداثةِ المنفصمان
-
الثورةُ السوريةُ وحربٌ إقليمية
-
لماذا يكرهون قرناءهم؟
-
اختلافاتُ تطورات الشعوب
-
ثقافةُ الإعاقةِ
-
رفسنجاني الليبرالي الذي لا يختفي
-
الأمريكيونَ والنفطُ والمذهبيون
المزيد.....
-
المرشد الأعلى الإيراني يعين مسئولين سابقين في مجلس الدفاع ال
...
-
على خلفية رفض تجنيدهم في الجيش الإسرائيلي.. الزعيم الروحي لل
...
-
قوات الاحتلال تعتقل 12 مواطنا من محافظة سلفيت
-
أسوأ يوم في تاريخ المسجد الأقصى!
-
أسوأ يوم في تاريخ المسجد الأقصى!
-
عالم دين سني يطالب الأمة بالإستشهاد بطريقة الامام الحسين (ع)
...
-
خبيرة دولية: الحوار بين الأديان أصبح أداة لتلميع صورة الأنظم
...
-
رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بإثيوبيا: الجزيرة صوت ال
...
-
الاحتلال يبعد مفتي القدس عن المسجد الأقصى لمدة 6 أشهر
-
دمشق.. انطلاق مجالس سماع -موطأ الإمام مالك- بالجامع الأموي
المزيد.....
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
المزيد.....
|