وصفي أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 4191 - 2013 / 8 / 21 - 22:37
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
الملك يعمل على اضعاف قوة السعدون
بغض النظر عن نواياه النهائية , فإن عبد المحسن السعدون أيد – لفترة من الزمن على أقل تقدير – خضوع العراق لسطة الانجليز حيث أخمد بقبضة حديدية التحرك ضد المشاركة في انتخابات الجمعية التأسيسية ,عندما كان رئيساً للوزراء سنة 1923 , وأعتقل ونفى العلماء الشيعة الذين قادوا هذا التحرك . وفي سنة 1925 , عندما كان رئيساً للوزراء مرة أخرى , أعلن بجرأة أنه (( غير خائف )) من إعلان عجزه عن اقرار الأمن دون مساعدة الانجليز .
وفي سنة 1928 تمكن الملك فيصل من تشتيت أكثرية السعدون البرلمانية بالتكتيك الانقسامي , وهو ما مهد الطريق أمام جعفر العسكري , مرشح فيصل الأول المفضل ليشغل منصب رئاسة الوزراء لمدة سنة كاملة , عاد بعدها عبد المحسن لرئاسة الوزراء بناءً على رغبة البريطانيين . ولأنه كان ((لا يعترض على أي شيء يفعله الانجليز )) كما ورد على لسان فيصل , فإنه وافق على انتخاب برلمان موال لهم بهدف تسهيل سياستهم , وخصوصاً تمرير الاتفاقيات العسكرية والمالية بموجب المعاهدة الجديدة , وهي معاهدة 1927 التي تفاوض فيصل نفسه بشأنها في ظل ظروف غير متكافئة , التي كان يرى أنها من وجهة نظر الطموحات العراقية ليست أكثر من فشل مطلق . ولكن عبد المحسن كان سيتصرف – كما سيأتي – بطرقة غير متوقعة .
لقد كان هنالك اعتقاد أن السعدون لم يكن يسعى إلا إلى تقدمه الشخصي في ما كان يبدوا وكأنه سعى لتحقيق الأهداف الانجليزية , ولكن ربما لإحاطة دوافعه بأحقر التأويلات . وكان فيصل يرى الأمر بشكل مختلف , على الأقل في سنة 1928 , إذ كان يعتقد أن الانجليز و ابن سعود كانوا يعملون بتنسيق تام وأن (( عبد المحسن وكل آل السعدون إنما يؤمنون سراً بالمذهب الوهابي )) . أما تفسير عبد المحسن نفسه فهو أن (( تفاهماً ودياً كاملا )) مع الانجليز و (( لفترة معقولة )) , هو وحده الكفيل بإعطاء المملكة الجديدة الاستقرار الذي هي بحاجة إليه . فالعناصر التي كانت تتألف منها المملكة كانت شديدة الاختلاف في ميولها , هشة الروابط فيما بينها , والوجدان الوطني لم يكن قد تطور بعد , وعلى رأس هذا كله , فإن الأتراك كانوا يطمعون في ضم ولاية الموصل , هذا غضافة إلى قرب مواقع الفرنسيين في الشمال , والاختلافات بين العائلتين الهاشمية و السعودية في الجنوب , ووجود إيران غير الصديقة تماماً في الشرق .
#وصفي_أحمد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟