أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - الماركسية ليست بحاجة لشهود















المزيد.....

الماركسية ليست بحاجة لشهود


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 4168 - 2013 / 7 / 29 - 17:45
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



نقل السيد وليد مهدي عن السيد سعد محمد رحيم ما نقله رحيم عن أحد المغمورين باسم كاستورياديس قوله .. " دلالة نظرية ما لا يمكن فهمها بمعزل عن الممارسة التاريخية والاجتماعية التي تتوافق معها، والتي تتغلغل داخلها أو تشكل ستاراً لها" ـ وليس في هذا ما يستحق المناقلة فالطفل في الابتدائية يتعلم أن النتائج هي وحدها البرهان على سلامة الأطروحة إلا أن الكتاب العرب مغرمون بالأسماء الأوروبية إسناداً لكتاباتهم .
رفيقنا وليد مهدي أخذ على نفسه تجديد الماركسية ؛ وبالطبع من يأخذ على نفسه تجديد الماركسية لن ينجح في مسعاه إلا إذا وضع يديه على ما هو متقادم في الماركسية وبلي ولم يعد يعمل متطابقاً مع الحياة المتغيرة باستمرار؛ وهذه هي البضاعة التي يبيعها السيد رحيم . مهدي ورحيم لم يجدا من يلبي مبتغاهما أفضل من كاستوريادس رغم كل تقلباته الفكرية وضحالتها التي تتدنى حتى الإعتقاد بأن الإشتراكية نظام اجتماعي ذو علاقات إنتاج ثابتة ومحددة وهو اعتقاد سخيف لا يمر على من له أدنى تماس بالماركسية . لكن بضاعة السيدين رحيم ومهدي نادرة لا يملكها إلا كاتب ذو اعتمادية، فساء اختيارهما فكان أحد المغمورين باسم كاستوريادس .

لكن لماذا اضطر كل من سعد محمد رحيم ووليد مهدي الإعتماد على كاتب مغمور تقلب بين اللينينية والتروتسكية وآل أخيراً إلى الخروج من الماركسية ليوالي الرأسمالية ؟ ليس من سبب آخر سوى أن رحيم ومهدي يعتقدان بفشل الماركسية بمثل ما انتهى إليه رجلهما المغمور يادس . دلالة الفشل لدى يادس هو النظام السوفياتي الذي لم يكن اشتراكياً بزعمه، أما لدى رحيم ومهدي فهو انهيار الاتحاد السوفياتي ومنظومة الدول الاشتراكية، ولو لم ينهر الإتحاد السوفياتي لما كتبا ما كتباه إذ أن في اعتبار الكاتبين أن النظام السوفياتي إنما كان الترجمة الدقيقة لوصفات ماركسية خلافاً لحقيقة الأمر وهو أن ماركس رفض رفضاً قاطعاً أن يكتب عن أية شروط للثورة الإشتراكية سوى أن تتم في ظل دولة دكتاتورية البروليتاريا . الحقيقة الكبيرة التي يجهلها جميع الذين ينتقدون التجربة الاشتراكية السوفياتية هي أن دولة دكتاتورية البروليتاريا تنجز الثورة الإشتراكية بحكم طبيعتها ونمط إنتاجها، وليس استنادا لبرامج أو وصفات مسبقة . ومن هنا فإن كل نقد لا ينطلق بداية من البحث في طبيعة الدولة السوفياتية الطبقية فهو عبث لا محل له، حيث أن الدمغة الوحيدة التي تميز الاشتراكية عن غيرها من الأنظمة الإجتماعية دون أدنى اشتباه هي أولاً وأخيراً دولة دكتاتورية البروليتاريا .

أقول للسيدين رحيم ومهدي .. دلالة النظرية هي بالطبع الممارسة التاريخية والاجتماعية التي تتوافق معها، وعليه مثلت التجربة الاشتراكية السوفياتية أوضح الدلالات على صحة الماركسية الكليّة التي شهد لها لينين قبل أن تقوله الوقائع على الأرض . رحيم ومهدي لا يعتقدان بذلك لأنهما لم يقرآ التاريخ السوفياتي قراءة دقيقة يمكن اعتمادها منطلقاً للبحث . كنت أظن أن القراءة العامة لوقائع الحرب العالمية الثانية لا تسمح أبداً بالتشكيك في عظمة الماركسية اللينينية وفي الاشتراكية السوفياتية كممارسة تاريخية واجتماعية تتوافق معها . الجهود العملاقة التي قامت بها الشعوب السوفياتية في الحرب ضد ألمانيا النازية كانت البرهان القاطع على أن الماركسية اللينينية لم تعد بحاجة لشهود يشهدون على صحتها لدرجة أن عدو الشيوعية رقم واحد في التاريخ، ونستون تشيرتشل، أبرق إلى ستالين في 6 ابريل 1943 ، يقول .. " أعي بكل العمق الجهود العملاقة التي تقوم بها الجيوش الروسية مساهمة في قضيتنا المشتركة والتي لا توازيها أية جهود - unequalled " . كان ذلك قبل معركة كورسك الشهيرة، أكبر المعارك الحربية عبر التاريخ والتي قصمت العمود الفقري للعسكرية الألمانية . برقية تشيرتشل كانت تعني أن بريطانيا العظمى والولايات المتحدة مجتمعتين لا تستطيعان فتح جبهة غربية تتحمل ولو قسطاً ضئيلاً كمشاركة للجيوش السوفياتية، وهو ما صرح به تشيرتشل فيما بعد إذ قال .. أن أي جبهة غربية تقيمها جيوش بريطانيا وأميركا سيقضى عليها قبل أن تتحمل قسطاً من الأعباء التي تتحملها الجبهات السوفياتية ؛ وقد ثبتت صحة توقعات تشيرتشل فإنزال النورماندي الهزيل (280 ألف جندياً) في 6 يونيو 1944 الذي لم يحدث قبل أن تتأكد هزيمة ألمانيا لم يخض أي معركة ذات شأن قبل استسلام ألمانيا، بل احتاج لنجدة القوات السوفياتية في 12 يناير 1945 لفك أسره في جبال الجاردنز ـ الجبهة التي افتتحتها الجيوش السوفياتية في 12 يناير 1945 مستهدفة إنقاذ الجيوش البريطانية والأميركية من الإبادة كانت أكبر جبهة حربية عرفت بتاريخ الحروب فقد امتدت على مسافة عرض القارة الأوروبية وتتجاوز ألفي كيلومتر وبمشاركة أكثر من ثلاث ملايين جندياً ومئات ألوف المدافع وآلاف الدبابات والطائرات ؛ تلك الجبهة المنسية في الإعلام البورجوازي ستظل المثل الصارخ على بأس وعظمة دولة دكتاتورية البروليتاريا في الاتحاد السوفياتي . دولة العمال الاشتراكية التي كانت في العام 1941 لم تعبر سن الفتوة برهنت على أنها أقوى قوة في الأرض دولة حطمت ألمانيا الهتلرية المسلحة بكل الموارد المادية والبشرية للقارة الأوروبية، حطمت ألمانيا الهتلرية التي كانت قد حطمت أكبر امبراطوريتين استعماريتين ظهرتا في التاريخ، بريطانيا وفرنسا . دولة تتحمل خسارة 9 ملايين من جنودها و15 مليون أو أكثر من مواطنيها و 102 ألف طائرة وتدمير كامل الجزء الأوروبي من أراضيها وبعد كل ذلك تحتل برلين بثلاث ملايين جندياً خلفهم ثلاث ملايين أخرى، وتدخل وكر الغول النازي وتقضي عليه، وترفع علم العمال والفلاحين على الرايخ الهتلري، دولة بهذا الحجم وبهذه القوة تسترشد بالماركسية اللينينية لعشرين عاماً فقط لا تترك أدنى حاجة لشهود يشهدون على صحة مبادئها الماركسية اللينينية .

السؤال الكبير الذي يفرض نفسه في هذا السياق هو .. لماذا يتناسى صعاليك البورجوازية الوضيعة مأثرة الدولة السوفياتية في الحرب العالمية الثانية والتي حفظت الحرية لكل شعوب العالم . بل تبلغ الوقاحة ببعضهم أن ينكرها فيدعي أن الدول الغربية حملت الاتحاد السوفياتي على منكبها في الحرب، لماذا ؟ يتناسون ذلك كي يدعوا أن الدولة السوفياتية كانت ستؤول إلى الانهيار لأتها قامت أصلاً على مبادئ خاطئة هي الماركسية اللينينية !! وهناك غيرهم يدعي بأن ثمة مفاصل رئيسة في الماركسية جرى عليها التقادم دون أن ينتبه ولاة الأمر السوفييت إلى ذلك، ولذلك استوجب تطويرها وتجديدها ومن هؤلاء رفيقنا الماركسي وليد مهدي وكثيرون غيره . وهناك غير هؤلاء وأؤلئك من يقول وقعت أخطاء في تطبيق النظرية ومنها تنامي البيروقراطية أثناء إدارة ستالين .

نعود لنؤكد لهؤلاء الأقوام الضاربين في الغواية والإغواء أن دولة دكتاتورية البروليتاريا ليست بحاجة لمن يعلمها ما تحتاج حتى ماركس نفسه . أسلوبها الخاص في الإنتاج يقتضيها التقدم في عبور الثورة الاشتراكية . إنها تعلّم الآخرين كيف تبنى الإشتراكية ولا يعلمها الآخرون . ومن هنا فإن أي مقاربة لنقد الاشتراكية السوفياتية لا بد أن تبدأ من فحص الطبيعة الطبقية للدولة السوفياتية . هم ضاربون في الغواية لأن أحداً منهم لم بعبّر عن فهم حقيقي للإشتراكية . ظل لينين يصرّ على تعريف الاشتراكية بأنها " محو الطبقات " ولعل التعريف الأكثر دقة هو أن الاشتراكية هي آخر وأعنف الحروب الطبقية في التاريخ .

نمطان من الإنتاج فقط يتميزان بخصيصة إثراء المجتمع وهما نمط الإنتاج الرأسمالي الذي تقوده طبقة الرأساليين، ونمط الإنتاج الإشتراكي الذي تقوده طبقة البروليتاريا . الإثراء المتعاظم للدولة السوفياتية ما بين 1928 و 1938 ما كان ليتحقق بغير دولة دكتاتورية البروليتاريا . في العام 1941 بلغت الدولة السوفياتية من القوة ما مكنها وحيدة من سحق ألمانيا النازية حتى العظم، في حين لم تصمد أمامها بريطانيا العظمى وفرنسا، وهما أعظم إمبراطوريتين رأسماليتين إمبرياليتين في التاريخ، صموداً يستحق الذكر . فيما بعد الحرب أعاد الإتحاد السوفياتي إعمار ما دمرته الحرب إلى أفضل مما كان قبل الحرب خلال خمس سنوات فقط في حين فشلت الدول الغربية في استعادة الأحوال إلى ما كانت عليه خلال عشر سنوات بالرغم من المساعدات الأميركية الكبيرة بموجب مشروع مارشال وقد بلغت 12.5 مليار دولار وهي تعادل نحو 300 مليار دولاراً اليوم، وبالرغم من أن الدمار في البلاد السوفياتية كان أضعاف ما كان في أوروبا . ولنا أن نؤكد في هذا السياق أن الخطة الخمسية الخامسة 1951 – 1955 والتي ألغتها عصابة خروشتشوف والجنرالات وطمسوها تحت الأرض كانت ستنقل البلاد السوفياتية إلى مستويات لم تكن تحلم بها البشرية من قبل ولا تحلم بها حتى اليوم .

هكذا كانت الاشتراكية وتلك كانت دولة دكتاتورية البروليتاريا . الماركسية اللينينية لم تقل بغير تلك الاشتراكية ولا بغير تلك الدولة، دولة دكتاتورية البروليتاريا. عالم اليوم، عالم ما بعد انهيار النظام الرأسمالي وتهاوي مراكز الرأسمالية الكلاسيكية في لجّة المديونية والعوز، عالم ما بعد انهيار المشروع اللينيني في الثورة الاشتراكية العالمية، هذا العالم، عالم الفوضى ووحشية البورجوازية الوضيعة، هو بحاجة ماسة لدكتاتورية البروليتاريا أكثر من حاجة العالم إليها حين كانت مراكز الرأسمالية العالمية تغرق العالم بمصنوعاتها الرأسمالية في عشرينيات القرن الماضي . تتهاوى البشرية اليوم سريعاً إلى التهلكة حيث الإنتاج السلعي بالجملة في انحسار مريع باستثناء الصين وبعض بلدان جنوب شرق آسيا بسبب ارتباطها بالدولار الزائف ولذلك هو بمثابة حمل زائف . لا يمكن العودة إلى الإنتاج السلعي الكثيف وهو سلّم ترقي الانسانية الوحيد بدون قيام دولة دكتاتورية البروليتاريا وهي الدولة الوحيدة المؤهلة لملمة عصابات البورجوازية الوضيعة وإلقائها في مزبلة التاريخ كإجراءٍ مستوجَب لتحرير العلاقة الحيوية بين الإنسان من جهة وأدوات الإنتاج من الجهة المقابلة من لصوصيتها .

درج مجندو البورجوازية الوضيعة على إنكار دكتاتورية البروليتاريا في الاتحاد السوفياتي إبّان قيادة ستالين للدولة السوفياتية . هل كان الإتحاد السوفياتي ليحقق كل تلك المآثر العظمى في ثلاثين عاماً فقط محاطاً بمختلف صنوف الأعداء بغير دكتاتورية البروليتاريا !؟ تشيرتشل الذي لا يعرف دولة أقوى من الدولة الرأسمالية قال بمناسبة الذكرى الثمانون لميلاد ستالين.. " مهما قالوا عن ستالين فقد كان من حظ روسيا أن يقودها ستالين فيطورها من دولة تعتمد على المحراث الخشبي إلى دولة تصنع القنبلة الذرية "، وفاته القول " أول دولة تشق عنان الفضاء " .
يصمون ستالين بالدكتاتور لكن ستالين ما كان ليقود دولة دكتاتورية البروليتاريا غير أن يكون دكتاتوراً يمثل بحق دولته، دولة دكتاتورية البروليتاريا . لكن دكتاتورية ستالين ليست من طراز الدكتاتوريات الفردية التقليدية بل كانت دكتاتورية البروليتاريا تتم إجراءاتها باسم الحزب الذي يقوده ستالين . لم يحدث على الإطلاق أن جرى تنفيذ أمر ما يتعلق بشخص ستالين وقد كان حريصاً أشد الحرص ألا يحدث ذلك حتى عندما كان الأمر يتعلق بإنقاذ حياة ابنه البكر ياكوب . لقد كان ستالين حاسماً حازماً في تنفيذ مقررات الحزب في مؤتمره العام وهي المقررات التي يقررها أصلاً عمال المصانع والعاملون في مختلف حقول الإنتاج . وهكذا كان ستالين في التحليل الأخير مأموراً وليس آمراً حيث كان العمال والعاملون في مختلف حقول الإنتاج هم أصحاب الأمر وإليهم تؤول كل السلطات . وهكذا كان ستالين أمثولة للديموقراطية ولم يشبهه أحد من الزعماء التاريخيين .

التقدم النوعي الرائع الذي تحقق في الاتحاد السوفياتي ما بين 1922 و 1953 هو الدلالة القاطعة على أن الدولة السوفياتية كانت آنذاك دولة دكتاتورية البروليتاريا . ولسنا بحاجة لنستدل على أن الدولة السوفياتية فيما بعد العام 1953 لم تكن دولة دكتاتورية البروليتاريا من خلال التراجع في مختلف حقول الانتاج السوفياتية وفي المركز الدولي للإتحاد السوفياتي . في شهر سبتمبر 1953 اجتمعت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي وقررت إلغاء برنامج الحزب المعتمد في مؤتمره العام التاسع عشر في نوفمبر 1952 ومنه الخطة الخمسية الخامسة التي كانت ستنهض بحياة الشغيلة لمستويات لم تعرف في العالم . من المعروف تماماً أن المؤتمر العام للحزب يعين اللجنة المركزية مكلفة بتنفيذ برنامج الحزب وليس لإلغائه !! ألغت تلك اللجنة برنامج الإنتاج المدني الموجه لخير ورفاه الشغيلة واستعاضت عنه بإنتاج الأسلحة التي لا تفيد العمال السوفييت بشيء بل تعود عليهم بالخسران . كانت عصابات البورجوازية الوضيعة في الجيش وفي الحزب قد قررت مقاومة البروليتاريا والاشتراكية عن طريق توجيه موارد الدولة لإنتاج الأسلحة بادعاء صيانة أمن الدولة بينما القصود هو الاستهانة بأمن الدولة . أمام هذا الإنحراف الخطير وخيانة البروليتاريا لا يمكن التسليم بأن ذلك الحزب وبتلك الخيانة الطبقية هو حزب البروليتاريا وأن تلك الدولة التي كان رئيسها خروشتشوف هي دولة دكتاتورية البروليتاريا . في حزيران يونيو 1957 قام خروشتشوف بالتعاون مع المارشال وزير الدفاع جوكوف بانقلاب عسكري على الحزب طرد بموجبه جميع البلاشفة من المكتب السياسي وهم الذين كانوا قد سحبوا الثقة من خروشتشوف وهو ما استوجب تنحيه من منصب الأمين العام للحزب ومنصب رئيس مجلس الدولة . وفي العام 1959 أقر الحزب برنامجا سباعياً كان أول برنامج يفشل تحقيقة، كما كان قد أُقر في العام 1957 برنامج " إصلاح الأراضي البكر والبور " والذي انتهى بخسارة قدرت بثلاثين مليار دولار. التراجع على المستوى الدولي في الستينيات والسبعينيات كان تراجعاً فاضحاً وصل إلى أن رئيسه ليونيد بريجينيف الذي أشغل محل لينين وستالين يسأل زعماء الغرب الامبريالي في مؤتمر هلسنكي 1975 .. " لماذا تكرهوننا ؟!! " ـ مسكين هذا المناضل الشيوعي، قضى عمره يناضل في صفوف الحزب الشيوعي وفي آخر العمر لا يعرف لماذا الرأسماليون الاستعماريون يكرهون الشيوعيين !! إلا إذا كان يعني ـ وأعتقد أنه يعني ـ أن الدولة السوفياتية لم تعد دولة شيوعية فلماذا يكرهونها ؟؟ وهو محق في هذه الحالة. فبعد شهرين قرر زعماء الغرب اللامبريالي الخمسة في مؤتمرهم في رامبوييه الإنفتاح الاقتصادي والتجاري على العالم الذي لم يعد اشتراكياً . إعلان خروشتشوف في المؤتمر الثاني والعشرين للحزب الشيوعي في العام 1961 يغنينا عن كل بحث في الطبيعة الطبقية للدولة السوفياتية وقد أعلن رسمياً الإستغناء عن دولة دكتاتورية البروليتاريا والاستعاضة عنها ب " دولة الشعب كله " . قيادة الحزب الشيوعي السوفياتي برئاسة نيكيتا خروشتشوف وهي تقرر الاستغناء عن دولة دكتاتورية البروليتاريا، كما تقرر الاستغناء عن سياسة الصراع الطبقي كيلا يسروا الأعداء بادعاء أمثولة الغباء نيكيتا خروشتشوف لم يعد لها أدنى مساس بالبروليتاريا، كانت تمثل بحق طبقة البورجوازية الوضيعة المترامية الأطراف، في الجيش وفي الزراعة التعاونية وفي إدارة الدولة . الإتحاد السوفياتي بقيادة ذلك الحزب لم يعد اشتراكياً بل انقلب ومنذ العام 1953 إلى دولة معادية للإشتراكية .

ما يهمنا أخيراً هو أن نؤكد لرفاقنا الذين يجتهدون في مواءمة الماركسية مع الظروف الإستثنائية الماثلة اليوم في العالم هو أن ما سقط وانهار في الاتحاد السوفياتي هو الدولة المعادية للإشتراكية، " دولة الشعب كله " المزعومة وليس دولة دكتاتورية البروليتاريا . في صباح السابع من نوفمبر 1941 خطب ستالين إحياء للذكرى الرابعة والعشرين لثورة أكتوبر حين كانت الملايين من جيوش هتلر على أبواب موسكو ولينينغراد مسلحة بآلاف الدبابات والطائرات، خطب ستالين هاتفاً .. " لتخفق راية لينين المنتصرة أبداً عالية فوق رؤوسنا ! " و " قدرنا أن نستعيد الحرية لكافة شعوب أوروبا التي باتت مستعبدة تحت نير ألمانيا النازية " ؛ وكان في مساء 6 نوفبر قد خطب بذات المناسبة باللجنة المركزية للحزب وقال .. " أرادها هتلر حرب إبادة فليتلقَ إذاً ! " .
نؤكد لرفاقنا الماركسيين، الذين لم يستوعبوا علة انهيار الدولة السوفياتية، أن دولة دكتاتورية البروليتاريا غير قابلة للإنهيار طالما أنها تعي ذاتها وأن دورها التاريخي هو في الأساس تحطيم طبقة البورجوازية الوضيعة بمختلف إمتداداتها . الحزب الشيوعي، حزب لينين وستالين وصل بالثورة الاشتراكية العالمية إلى الأعالي ؛ والحزب الشيوعي الذي ينكر الصراع الطبقي ويرفض دولة دكتاتورية البروليتاريا، حزب خروشتشوف وبريجينيف، حزب الورجوازية الوضيعة، هو الحزب الذي لا يعرف إلا الهزيمة إثر الهزيمة حتى الانهيار .
الماركسية وقد قامت أساساً على الحقيقة المطلقة وهي الديالكتيك ستظل الأداة التي لا تخطئ في قراءة التاريخ واستشراف سكته المستقبلية حتى النهاية وهو الأمر الذي لن يكلف أحداً في إضافة أي جديد إليها . لعلي الوحيد الذي يقول أن النظام الرأسمالي انهار دون أن يبدأ مسار الثورة الاشتراكية وأن قاطرة التاريخ انحرفت عن مسارها الثابت القويم لتغتصب قيادتها طبقة البورجوازية الوضيعة وتهوي بها في مهاوي الردى , أنا أقول كل ذلك دون إضافة أي جديد إلى الماركسية بل بالاستناد الوثيق إلىها .
لا مشاحة في أن الذين يجتهدون فيما يوصف بتجديد أو تطوير الماركسية هم بالتأكيد لم يفهموا الماركسية على حقيقتها .



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشتراكيون لا يدركون ماهيّة الإشتراكية
- الرفيق وليد مهدي يراجع الماركسية
- معوقات العمل الشيوعي
- ماذا عن يسار أميركا اللاتينية ؟
- تلكم هي الشيوعية فليخرس أعداؤها
- لماذا البطالة في العالم العربي وغير العالم العربي !؟
- ما زالوا يجادلون في انهيار النظام الرأسمالي !!
- المؤتمر الأخير للشيوعيين
- مجرد تعليق محجوب
- ما بين اتحاد الشيوعيين ووحدة اليسار
- طلائعيو البورجوازية الوضيعة في الأردن يعلنون اتحاداً شيوعياً ...
- الشيوعيون القدامى ودورهم
- في العمل غير المنتج (رد على الدكتور حسين علوان حسين)
- الإنتقال - السلمي - إلى الإشتراكية (2/2)
- الإنتقال - السلمي - إلى الإشتراكية 1/2
- تعليقاً على رأسمالية الصين
- الصين وروسيا لن يعودا إلى النظام الرأسمالي
- إلى السموأل راجي والمنظمات المنتدية في تونس
- الإشكال الرئيس في الماركسية (2/2)
- الإشكال الرئيس في الماركسية (1/2)


المزيد.....




- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - الماركسية ليست بحاجة لشهود