أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - ما بين اتحاد الشيوعيين ووحدة اليسار















المزيد.....

ما بين اتحاد الشيوعيين ووحدة اليسار


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 4053 - 2013 / 4 / 5 - 14:41
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



ما بين اتحاد الشيوعيين ووحدة اليسار

ما دفعني إلى كتابة هذه المقالة هو التصويت على مقالتي الأخيرة التي رفضت بقوة " اتحاد الشيوعيين " الذي تم الإعلان عنه مؤخراً في الأردن وقد دل هذا التصويت الاستثنائي بوضوح تام على أن القرّاء الذين رفضوا ما ذهبت إليه المقالة هم ثلاثة أمثال من قبلوه ووافقوا عليه. لي في هذه الحقيقة قولان متناقضان ، فبمقدار ما تشير نتيجة التصويت إلى رغبة عارمة لدى الشيوعيين القدامى خارج التنظيم في الاتحاد تعبيراً عن إلتزامهم القاطع بالفكر الماركسي واستعدادهم لاستئناف العمل الشيوعي بعد توقف طويل وهو ما يثلج الصدر حقاً ويدل على قوى التضامن الإنساني في الإنسان، لكنه بمقدار آخر يشير إلى جهل لدى هؤلاء الشيوعيين خارج التنظيم وعدم التمييز بين الشيوعي من جهة واليساري من حهة أخرى. إنه يدل بذات المقدار إلى فقر مريع في الوعي الماركسي وهو ما يبعث في النفس الكثير من المرارة والابتئاس . فالفرق بين الشيوعي واليساري ليس فرقاً كميّاً يمكن غض النظر عنه كما يتصوره العامة، الفرق فرق نوعي فالطرفان نقيضان متعارضان ومتعاديان وفي الأزمات المفصلية يكون اليساري العدو الأول للشيوعي . ومثالنا في هذا السياق المظاهرة التي نظمها اليساري تروتسكي، كما كان يحب أن يصف نفسه، في لينينغراد بمناسبة الأول من أيار تحت شعار " لتسقط قيادة الحزب الشيوعي " .
الثقة المطلقة لشعوب العالم، والسوفياتية منها على وجه الخصوص، بالحزب الشيوعي السوفياتي (البولشفي) بقيادة ستالين والذي نقل الاتحاد السوفياتي من قارة " تبيت شعوبها على الطوى " بتعبير لينين عام 1922 إلى أقوى دولة في الأرض تسحق وحدها جحافل النازية عام 1945 ثم تعيد إعمار بلادها إلى أفضل مما كانت عليه في وقت قياسي بالرغم من أن مجمل فظائع النازية قد اُرتكبت هناك، وتمتلك السلاح الذري في النهاية . كل تلك الثقة المطلقة استخدمتها قيادة الحزب للتغطية على خيانتها للنهج اللينيني الستالينيي التي ارتكبتها في العام 1953، خيانة وصلت إلى تسميم أعظم قائد تاريخي للبروليتاريا والاتحاد السوفياتي يوسف ستالين وإعدام لافرنتي بيريا وراء أبواب مغلقة ودون محاكمة خلافاً للقانون من أجل التغطية على خيانتهم . نجاحهم في طمس خيانتهم بالرغم من أنها تبدّت واضحة في إلغاء كافة مقررات الهيئة العامة للحزب في مؤتمرها العام التاسع عشر بحضور ستالين في نوفمبر 1952 وهو أمر لا يجوز وخالف لكل القوانين تحت كل الشروط، نجاحهم في ستر خيانتهم مكنت قائد عصابتهم نيكيتا خروشتشوف من توجيه نقد لاأخلاقي لباني الاشتراكية الأولى ـ والأخيرة ـ في العالم يوسف ستالين . ذلك النقد السفيه والكاذب الذي اختلسه خروشتشوف من وراء ظهر قيادة الحزب ومن خارج المؤتمر العام العشرين للحزب في فبراير 1956 جاء وبالرغم من سفاهته وكذبه نقطة البداية لانهيار الحركة الشيوعية التي كانت تملأ العالم حركة وضجيجاً، تحظى بثقة الشعوب وتدق بقوة أبواب مراكز الرأسمالية الامبريالية في العالم وهو ما سمح لقيادة الحزب برئاسة ستالين في العام 1952 أن تطرح مسألة انتهاء النظام الامبريالي في وقت قريب .
منذ العام 1956 بدأ الشيوعيون الأكثر وعياً يبتعدون عن الأحزاب الشيوعية التي ظلت تسير وراء قيادة سوفياتية خائنة . الهرطقات البائسة التي أتى بها خروشتشوف في مؤتمري الحزب الحادي والعشرين والثاني والعشرين تفضحان خيانة قيادة الحزب بجلاء لا غبار عليه . وتركنا خروشتشوف أخيراً ليعترف قبل وفاته أن القيادة الفعلية في الاتحاد السوفياتي كانت للعسكر وأنه كان هو نفسه أجيراً لدى العسكر.
الشيوعيون الذين تفرقوا في مختلف أصقاع العالم يعلمون تماماً بأن الماركسية الحقيقية وفق القراءة اللينينية إنما هي نظرية علمية لا يأتيها الباطل من خلفها أو من بين أيديها . هم يعرفون ذلك حق المعرفة ولولاه لما تفرقوا تاركين أحزابهم المنتظمة وراء الخونة. قوة المعرفة التي فرقتهم هي ذاتها التي تجتذبهم للوحدة . وحدة الشيوعيين الحقيقيين اليوم تختلف كل الاختلاف عن وحدتهم إبّان صراع البروليتاريا ضد الرأسمالية حين كانت وحدتهم تتم بصورة آلية وبقوة الأمر الواقع . الرأسمالية انتهت في السبعينيات بقوة المشروع اللينيني وهو ما توقعه ستالين في العام 1952، لكن المشروع اللينيني انتهى أيضاً بقوى البورجوازية الوضيعة السوفياتية وعلى رأسها العسكر الذين جيّروا قوى النازية الهتلرية لصالحهم . كانت الرأسمالية لا تنمو إلا من خلال نمو طبقة البروليتاريا، أما اليوم فالإنكماش والتهميش يعتريان بروليتاريا العالم وما ذلك إلا جرّاء طفيلية البورجوازية الوضيعة التي بحكم تقسيم العمل تستهلك الكثير دون أن تنتج . لم يعد هناك من قوى مباشرة تدفع بالبروليتاريا للوحدة . نداء ماركس الشيوعي " يا عمال العالم اتحدوا " فقد الكثير من قوة الدفع في هذه المرحلة الانتقالية حيث العدو الجديد للبروليتاريا هو البورجوازية الوضيعة والتي تعادي البروليتاريا من خارج عملية الإنتاج وهذا ذو أهمية بالغة . الشيوعيون الحقيقيون إزّاء مثل هذه الشروط يرغبون في الوحدة بفعل قوى ذاتية في داخلهم وليس بقوى من خارج ذواتهم . وهم وإن يعلمون عدوهم الطارئ إلا أنهم يفتقدون لأية أدوات تمكنهم من الدخول في صراع حقيقي معه .
لكل هذه الاعتبارات يتعذر على الشيوعيين الحقيقيين تشكيل حزب شيوعي على النمط اللينيني البلشفي، حزب هايراركي هرمي محدد الوظائف ذي برناج سياسي من أي اتجاه، حيث السياسة هي أدب الصراع الطبقي والعدو الطبقي للبروليتاريا اليوم وهو البورجوازية الوضيعة لا ينتمي لعملية الانتاج الفعلية . أفضل ما يستطيع الشيوعيون تحقيقه هو اتحاد مستوٍ ليس هايراركياً يتساوى جميع أعضائه في الحقوق والواجبات، لا يمتلك أي برنامج سياسي، يأخذ على عاتقه النهوض بثورة ثقافية تعيد للماركسية كل ألقها وتنفض عنها غبار التحريفية والسطحية حيث هي وحدها المنارة القوية التي تنير أمام مسيرة الإنسانية محيطات الظلمات . ليس ثمة أدنى شك في أن السبب الرئيس الذي مكّن البورجوازية الوضيعة السوفياتية من تقويض مشروع لينين هو فقر قيادة الحوب الشيوعي السوفياتي المريع للوعي الماركسي العميق وهو ما كان محط شكوى دائمة من قبل لينين وستالين .

نفر من الأحزاب الشيوعية التي انتظمت بقوة وراء الخونة في قيادة الحزب الشيوعي السوفياتي وجدوا أنفسهم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي على صفاة . هؤلاء رفعوا راية اليسارية وينشطون اليوم فيما سموه مخاتلة اتحاداً " شيوعياً ! " من أجل تحقيق أغراض قومية . فمن هو هذا اليساري ؟
كتبت كثيراً عن علل اليسار ومساوئ اليساريين، وعلي أن أعيد اليوم أيضاً التأكيد على أن اليساري هو من لم يعد يؤمن بالمشروع اللينيني ثورة اشتراكية عالمية بل اعتباره مغامرة حجزت جزءاً كبيراً من العالم والتاريخ في سجن قهر وطغيان ودكتاتورية، مشروع قمع الحريات ومنع الإبداع والتمايز الفردي وحرّم الأديان وحتى لم يبقَ دعوى من دعاوى المخابرات البريطانية السفيهة القديمة التي كانت تنشرها بين الشعوب المتخلفة ضد الاشتراكية السوفياتية إلا وتبناها اليسار المعاصر . بل أكثر من ذلك، فهو يسدر في غيّه أو في خيانته فيصف نفسه أحياناً بالشيوعي مستهدفاً اغتيال الشيوعية والماركسية اللينينية عن طريق تقديمها على غير ما هي . نعم، الأصول البورجوازية الوضيعة لهؤلاء اليساريين لها دور كبير في انحرافهم وخيانتهم لاشتراكية البروليتاريا لكن ما كان له الدور الأكبر هو انحراف بل خيانة خروشتشوف واستنكاره المبطن في خطابه السري الشهير في العام 1956 لتاريخ الاتحاد السوفياتي بقيادة البولشفي وقائد البروليتاريا التاريخي الرفيق ستالين . ثم أخيراً كان انهيار الاتحاد السوفياتي مبررا "شرعياً" لكل أفكار اليسار المعاصر السقيمة والرجعية . مهما كانت أسباب انهيار اليساريين النظري والفكري فهي جميعها تنجم أساساً عن فقر فكري فظيع، فقر لا يشمل حيثيات الماركسية المعقدة الصعبة فقط، بل يصل الأمر إلى جهل كل الأسباب التي كانت وراء انهيار المشروع اللينيني . كيف لنا أن نصدق أن شيوعياً تخلى عن شيوعيته وتحول إلى يساري دون أن يسأل نفسه على الأقل عن سبب انهيار الاتحاد السوفياتي !؟ يقول أحد هؤلاء اليساريين مبرراً تحوله الخياني، يقول .. " انهار بداخلي سور برلين ! " انهار بداخله سور برلين فوجد نفسه ينتقل من ألمانيا الشرقية إلى ألمانيا الغربية، من ألمانيا على طريق الاشتراكية إلى ألمانيا على طريق الرأسمالية . نحن لا نشك في أن هذا اليساري وجد راحته في ألمانيا الرأسمالية ولم يجدها في ألمانيا الشيوعية لكننا لسنا أغبياء لنصدق ادعاءه بأنه ما زال شيوعياً بعد انهيار سور برلين بداخله . سور برلين كان الحد الفاصل بين العالم الاشتراكي والعالم الرأسمالي ومن ينهار سور برلين بداخله يتنازل عن هويته الاشتراكية بصورة آلية .

لم يبق ملمح واحد من النهج اللينيني إلا واستنكره هؤلاء اليساريون . استنكروا الديموقراطية الاشتراكية حيث يتساوى كافة المواطنين بالحقوق السياسية والإقتصادية منتصرين للديموقراطية البورجوازية حيث تنعدم المساواة بالحقوق على الإطلاق، سواء على الصعيد السياسي أم على الصعيد الاقتصادي. استنكروا دكتاتورية البروليتاريا وهي السلطة الوحيدة التي تشق طريق الاشتراكية، وانتصروا بالمقابل للطبقة الوسطى التي منها وإليها يعود هؤلاء اليساريون أعداء البروليتاريا، الطبقة الوسطى، طبقة البورجوازية الوضيعة، التي تآمرت وقوّضت أول دولة للعمال في تاريخ الإنسانية . استنكروا دكتاتورية البروليتا وحكم الحزب الواحد وأشهروا ولاءهم لتعدد الأحزاب وتداول السلطة وهو ما يعني التعايش السلمي بين الطبقات وإلغاء الصراع الطبقي، تقليداً لعرّابهم خروشتشوف، أي السفر عبر التاريخ في عربة لا محرك لها وفق قواعد العلوم الماركسية !!! ليس غريباً ألا يتحسس هؤلاء اليساريون من أبناء البورجوازية الوضيعة غباءهم، فبغير مثل هذا الغباء لن يكونوا شيوعيين من طراز شيوعيتهم أو الأحرى يساريين، الغباء هو شرط اليساروية بعد انهيار المشروع اللينيني.

للحق والحقيقة فإن هؤلاء اليساريين بكل غبائهم هذا وفقرهم الفكري المدقع لا يثيرون غير الشفقة . صحيح أن أصولهم البورجوازية الوضيعة عملت على فقرهم الماركسي لكن ذلك ما كان ليكون إلا لأن أحزابهم الشيوعية وبحكم بيئتها واشتراط لينيني أيضاً لم تمارس إلا العمل الوطني والعمل الوطني لا يحتاج إلى ماركسية . وليس عبثاً أن تداول الشيوعيون الأردنيون نكتة ذات دلالات هامة في هذا السياق فقالوا أن الأمين العام للحزب (فلان) قرأ عدداُ من صفحات كتاب شيوعي وطوى آخر صفحة قرأها ليعود إليها فيما بعد وسارع توّاً إلى الإنتساب للحزب الشيوعي وعندما انتهى كأمين عام للحزب بعد عمر طويل عاد يكمل قراءة الكتاب من الصفحة المطوية إياها. وهذا يذكرني أيضاً بقول لابن خروشتشوف، سيرجي، حين قال في مقابلة صحفية بعد أن هاجر إلى الولايات المتحدة، قال .. " أنا لا أعرف كيف صنعوا من أبي منظراً في الماركسية فلم أره يوماً يقرأ صفحة واحدة من أعمال ماركس أو لينين الكثيرة " . وما يجدر التوقف عنده في هذا السياق هو تعريف لينين للشيوعي وقد سئل من هو الشيوعي فقال إن الشيوعي هو من يتعلم دون انقطاع..

أنا لا أتجنّى على اليساريين أعداء الشيوعية بوصفهم بالأغبياء . فمثال الغباء يضرب بالمرأة التي " في الصيف ضيعت اللبن ! "، نعم، هؤلاء اليساريون يسترون خيانتهم للثورة الاشتراكية متخفين تحت راية الوطنية متجاهلين حقيقة كبرى في العلوم السياسية تقول بالبنط العريض أن لا وطنية بدون اشتراكية . أولى الحركات الوطنية التي سجلها التاريخ حدثت في الهند ضد الاستعمار البريطاني في منتصف القرن التاسع عشر، كما سجل من جهة أخرى أولى الحركات الشيوعية (إعلان المانيفيستو) في بريطانيا أيضاً بنفس الوقت، في منتصف القرن التاسع عشر كذلك وهو ما يشير مباشرة إلى أن عدو الوطنيين هو نفسه عدو الشيوعيين وهو الرأسمالية الإمبريالية . الفرق بين الثورة الوطنية والثورة الشيوعية هو أن الأولى تحدث في الأطراف أما الثانية وهي الثورة الشيوعية فلا تحدث إلا في مراكز الرأسمالية. الرأسمالية الإمبريالية أشبه بالأفعى التي لا يتم قتلها إلا بسحق رأسها وسحق رأس الأفعى الرأسمالية هو من اختصاص الثورة الشيوعية قصراً. ولذلك امتد نضال شعوب القارة الهندية للتحرر من الاستعمار مائة عام ولم تحقق الاستقلال إلا في العام 1947 بعد أن خرج الاتحاد السوفياتي من الحرب العظمى الثانية في العام 1945 كأقوى قوة في الأرض. كافة دول الأطراف حققت استقلالها ما بين 1946 و 1972 بعد أن تم سحق رأس الإمبراطوريتين الاستعماريتين الفرنسية والبريطانية، باستثناء فيتنام التي كان عليها أن تواجه رأس الأفعى الأمريكية التي لم تسحق في الحرب العظمى بل في العام 1974 حيث سحقت تحت أقدام الفيتكونغ تحت المظلة السوفياتية بالطبع . وهذا ما قاله لينين إلى زعماء الشرق الإسلامي المجتمعين في باكو 1921 وقد أكد لهم أن حركاتهم الوطنية لن تحقق أية نجاحات بغير التعاون مع البلاشفة السوفيات، وتالياً صاغ لينين مبدأ الوحدة العضوية ما بين ثورة التحرر الوطني في الأطراف والثورة الاشتراكية في المركز وهو المبدأ الذي ألغاه خروشتشوف في العام 1959 . وفي الستينيات اجتاحت القارات الثلاث، آسيا وأقريقيا وأمريكا اللاتينية إنقلابات عسكرية رجعية تعمل لصالح الإمبريالية .

اليساريون يرفعون كذباً ونفاقاً راية التحرر الوطني حيث بعد أن رأوا أن راية الماركسية لم تعد صالحة لتغطيتهم وكيلا يتقاعدوا سياسياً وكانت السياسة قد غدت لديهم مهنتهم الرئيسة فلاذوا يستظلون براية الوطنية وبعضهم استظل براية الإسلام باعتبارها راية شعبوية. تبريراً لفعلتهم الهروبية راح هؤلاء اليساريون، الشيوعيون سابقاً، يزعقون عالياً منددين بالرأسمالية المتوحشة وبالإمبريالية الأمريكية . القيادة السوفياتية برئاسة ستالين طرحت أمام المؤتمر العام التاسع عشر للحزب الشيوعي السوفياتي في العام 1952 موضوع انتهاء عصر الإمبريالية في وقت قريب وكان قد بدأ، لكن اليساريين المكشوفين من راية الشيوعية ما زالوا بعد ستين عاماً يزعقون بكل قواهم ضد الإمبريالية والرأسمالية المتوحشة وهو الزعيق الذي بدونه تفقد وطنيتهم كل معنى لها . وطنية هؤلاء اليساريين ليست أدنى إلى الواقع من أسلمة البعض الذي رفع راية " الإسلام هو الحل " . أي أدوات تنموية تتوفر للوطنيين اليوم ولا تتوفر للمتأسلمين ؟ كلا الطرفين يفتقران لأية أدوات تنموية على الإطلاق .

من المكتشفات الهامة لكارل ماركس هو أن النظام الرأسمالي كان أول نظام عالمي في تاريخ البشرية وأن كل نظام سيخلفه لا بد أن يكون عالمياً مثله، ولذلك لا بد أن تكون الثورة الاشتراكية التي ستطيح بالنظام الرأسمالي العالمي ثورة عالمية فكان نداءه للثورة نداءً عالمياً .. " يا عمال العالم اتحدوا ! " . في العام 1913 عشية الحرب العالمية الأولى، حرب إعادة تقسيم المستعمرات، كان أكثر من 80% من سطح الكرة الأرضية خاضعاً لمراكز الرأسمالية العالمية ولم يبق منه سوى المجاهل التي لم يصلها الإنسان . أثناء سيادة الرأسمالية العالمية المطلقة على الكرة الأرضية، قبل قيام دولة الاشتراكية القوية، كان هناك ما يسمى بمبدأ " القطيعة الرأسمالية " وهو ما يعني أنه كان محظوراً على أي بلد في العالم، أكان صغيراً أم كبيراً، أن يستقل ليقيم اقتصاداً وطنياً مستقلاً يخدم شعبه. ما يثير السخرية حقاً هو أن اليساريين المستجدين على الوطنية اليوم يعلنون أنهم ما زالوا يخوضون معركة بناء الاستقلال الوطني ضد الرأسمالية الامبريالية المتوحشة وبغياب الدولة الاشتراكية العظمى.

ما يفضح زيف دعاوى هؤلاء المهزومين إلى اليسار هو أن مختلف الدول في العالم تتنافس اليوم لاستعادة رؤوس الأموال الأجنبية للعمل في بلادها. رؤوس الأموال التي كانت قد طردتها ثورة التحرر الوطني من بلادها خلال الربع الثالث من القرن الماضي تعزف اليوم عن قبول الدعوة للعودة إلى نفس العمل الذي كانت تقوم به في السابق ـ البلدان التي استقلت قبل خمسين عاماً تناضل من أجل أن تعود كمستعمرات وليس هناك من مستعمرين يقبلون مثل هذه الدعوة غير الكريمة !!!
حقيقة الأمر العصية على كل تشكيك هي أن اليساريين، خونة الشيوعية، يرقصون في العتمة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، حيث لا متفرجين ولا أضواء ولا موسيقى . يتحدث اليساريون الخونة عن مشروع وطني حيث لا مشروعاً وطنياً ولا استعماراً ولا رأسمالية ولا اشتراكية. قبض الريح هو خطاب هؤلاء الخونة.

www.fuadnimri.yolasite.com



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طلائعيو البورجوازية الوضيعة في الأردن يعلنون اتحاداً شيوعياً ...
- الشيوعيون القدامى ودورهم
- في العمل غير المنتج (رد على الدكتور حسين علوان حسين)
- الإنتقال - السلمي - إلى الإشتراكية (2/2)
- الإنتقال - السلمي - إلى الإشتراكية 1/2
- تعليقاً على رأسمالية الصين
- الصين وروسيا لن يعودا إلى النظام الرأسمالي
- إلى السموأل راجي والمنظمات المنتدية في تونس
- الإشكال الرئيس في الماركسية (2/2)
- الإشكال الرئيس في الماركسية (1/2)
- كَذَبَ خروشتشوف (Khrushchev Lied)
- دولة دكتاتورية البروليتاريا هي أعظم دولة في تاريخ الإنسانية
- رسالة إلى الرفاق في قيادة الحزب الشيوعي الجديد في بريطانيا ا ...
- فائض القيمة الخاص بحسقيل قوجمان
- الرفيق حقي يرفض رفاقتي
- الأسلحة ليست من البضاعة
- تأكيداً لانهيار النظام الرأسمالي ...
- إنهيار النظام الرأسمالي حقيقة لا تحتمل الشك
- الممر المحكم الإغلاق إلى المستقبل (9)
- الممر المحكم الإغلاق إلى المستقبل (8)


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - ما بين اتحاد الشيوعيين ووحدة اليسار