نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 4121 - 2013 / 6 / 12 - 22:15
المحور:
الادب والفن
مسايرة القرين ...
فزع دائم من الموتى ، نتنصَّل فيه من إنجازنا لوعودنا لهم ، والميت آلة سوداء
تستغيث في الأرض اللامادية . يضطجع الانسان في صيرورة متضادّة ولا يغفو
في النسم الرغيد للولادة . محرّمات كثيرة بامكاننا أن نسقطها أو نشفيها من
الأسقام ، لكنّنا نغلّف كلّ فضيلة للأجناس التي تموت ، بما نسمّيه الأنماط الفردية
ونتحلّى عن أبناء جنسنا في حظوتهم بغيابهم . يتيح لنا سقوط المخلوق في البئر
المظلمة ، أن نُصاب بالعصاب ، لكن خبراتنا وتجاربنا مع ما يتماثل في عدميته
الهائلة ، تنقذنا من التقطيع الطويل للأيّام التي نحياها بشراكة مع عبث البلوغ .
الاحساس بمسايرة القرين في الزمن ، فكرة سقيمة نعبّر من خلالها عن حمقنا
الانساني ونحن ننتقي من السأم والفزع ما يوافق نقصنا للكمال . الثقافة قانون عنيف
ندافع فيه ضدّ أولئك الذين لا يكتمون أسرار موتهم ، ويعربدون تحت الشجرة
المغروسة في رأس النائم بزنا المحارم منذ الأزل .
أوامر الحرب ...
نتردَّدُ في إستئصال رغباتهم المكبوتة في كلّ زلزال .
تمويه بلا غطاء يحاولون فيه تعليمنا الكيفية التي نموت
فيها وهم يسطون على مراكبنا وأبنيتنا في حربنا معهم .
الأثنيات التي نتبادل معها السلع والحبوب واللبان ، لا تغدرنا في
معاملاتنا التجارية معها . محاربون يستجوبّون الغيوم على طريقة
هولاكو ، توازنّا معهم بين أفياء الشواطىء وتجنّبنا تنفيذ الكثير من
من أوامر الحرب . التبعية للذين نتحالف معهم في الصيف ، تكلّفنا تقانة
الضربة التي نبدأها أولاً ، شريطة أن ندين الدمار ونحن نقود غنائمنا
بعد نضوب البركان . مضمون العنف إثارة توسّع السأم المستفحل في
المجتمع ، والساعات التي تدندن في إبادة البشر لبعضهم البعض . رثاء
فجائعي للأعراق التي تتخلَّف عن الوصول الى الهدف . للحرب جمال
خطير ، يلقى في هندسته الانسان مصيره المحتوم ، وينبذ تهديمه لكلّ
ما يلجأ اليه المنتحر في تعلقه بالميزان الذي يدحض التاريخ . الحرب
والحبّ في تلاقيهما على الصخرة التي يصفَّي فيها العاشق والمحارب
آمالهما من اللايقين ، طمس لكل ما يتلاشى في باطله ، ومكافأة للفزع
الذي تصطف في جاذبيته البشرية وهي تستنفد انفصالها عن الطبيعة .
ولادة الشجرة لطفلها أثناء الفجر ...
حواة وسَحَرة لم يتخلَّوا عن إمكانيتهم في العبث بمصائرنا . تثميننا للقيِّم الاخلاقية
في عيشنا مع الآخرين ، يفقدنا الفرص المتتالية لإزاحة الأنقاض عن الحديقة . الربّ
مثلنا لا يعجبه تحريف كلمته ، ولزيادة أشجارنا في الطرق التي تكمن لنا الشمس فيها ،
نُبدي الامتنان لخبرة الشيوخ وهم يصارعون إذلالهم لأنفسهم في طلب العافية .
استجواب اللص الذي يقع ضحية جهله بأصول السطو ، وتنظيم الوقت في السهر
الشاق بين الشقوق المظلمة للغرف ، لا شأن لنا به ، ويتكلَّف به قارىء البخت . بعض
الملوك إنشغل بتوسيخ لحيته في ضراعته وهو ينشد النصر في غزواته . حلج القطن
في أيّام العيد ، مهمة رائد الفضاء ، والمتشكّك في إيمانه بإلهه . الإيمان بإله واحد
لا يكفي في زمننا الفاشي ، ويلزمنا البحث عن آلهة أخرى للتخفيف عن الواجب
الثقيل والخيانة التي نتعرّض لها من قبل أخوتنا الملائكة . الشروط الجديدة للعيش في
العالم المتكىء على الهاوية ، نرضخ لها في إدامتنا للأفعال الشائنة ضدّ كلّ ما ينتهك
انسانيتنا . الشاذّون يفشون أسرار الثمرة وهي تجود بنفسها ، ويعلقون الأمراض في
حواجبنا أثناء النوم ، ويحرّضون { لوليتا } على الصوم في ولادة الشجرة لطفلها أثناء
الفجر الذي يشيع الإلحاد . مخاطرة ميئوس منها في تجرّعنا السم للخلاص من الأخلاق
التي نواسي فيها اليائسين في تحالفهم مع الأطباء .
انفجارات ...
تعاسة فظيعة تسبّبها لنا العصبة المتحالفة
برخاوة مع إرثنا الدمويّ . قتلة أجلاف تعرّفنا
اليهم في السجون التي مكثنا فيها طوال
أكثر من ربع قرن . يردمون ينابيع حياتنا
بانفجارات دائمة ويقتلون الناس في المعابد
والأسواق ورياض الأطفال ، ولا أحد منهم
يشعر بتبكيت الضمير . خصوم يكبّلون أنفسهم
بالغضينة ضد الزهرة والشمس والعصفور
ويعلّقون غُصينات الشؤوم في الأبنية التي نطلب
فيها الغفران من الله . كلّ مجد يحضن
نقيضه ويتعفّن في الفناء ، لكنّ مقارنة العار
بحمل السلاح والإجهاز على الثمرة في ضوء
الفجر . حيلة المهزوم في إضاعته لمرحاض السلطة .
سخط عظيم ضد فظاعاتهم المروّعة ،
لا ننسى فيه إجرام من وعظنا في الماضي والحاضر ،
وأبطالنا الذين يذبحون الله في تقرّبهم
اليه ، ارتخوا في حمّى إهلاكهم لأشجارنا المُنجَّدَة .
الشرف . النزاهة . العدل . الاحسان .
ضراط يلوكه الواعظ في إشارته الى التخلَّي
عنّا ونحن نتشظَّى في الانفجارات .
جرائم المعظَّمة ...
إناطتنا لحلمنا في الديمومة لهم ،
يساعدهم بوصفهم مشرّعين ، على طرحنا الحجج
التي نفخنا فيها موتنا في الغسق . رغبة فردية
في العيش ، تكفل لنا المساواة مع الذين
صاغوا موتهم وعبروا العصور .
مصالح جديرة بالاهتمام نتبادلها مع الخالدين ، لكنّهم
يتخلَّون عنّا في سفكنا للدم وفي ترصّدنا للضحية
بين المعبد والحانة . يتبخَّر اعتقادنا بعدم
تلقَّي الأجوبة منهم ، في إزاحتنا للقناديل
التي يركنها الوسيط في أبواب بيوتنا . محنة لا
نتماثل معها بإباء ، وتعوزنا القدرة على الشكران
في تبعيتنا للماضي . تَقمَّصْنا أوبئة
معدية ونمنا في الأشجار التي يصلَّي فيها
الربّ من أجل شفائنا من جروحنا المتوارثة ،
وكلّ ما غنمناه في مصاهرتنا للشرّ ،
تحايل على الطبيعة وعلى الآلهة . يتفرَّق الانسان في
ظلمه لذاته ، بإحاطته سياج بيته بجماجم الذين
سلبهم حيواتهم وهم يشربون من النبع المنعزل .
التزلّف الى ذئاب السلطة ، ومعاشرة الطغام ،
والطلب بخشوع من رجل الدين المفتري على
الله وعلى نفسه ، يضللنا في طلبنا الغفران ،
وفي ما نحييه من ميراثنا الذي تصطف الى جانبه
الجرائم المعظَّمة .
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟