|
العصي التي يضربنا بها الكهنة
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 4084 - 2013 / 5 / 6 - 21:44
المحور:
الادب والفن
الحاجة الى الطوفان ... آلهتنا لا تنْصت الى تضرّعاتنا ونحنُ ينخرنا مع العندليب السوس في فصل الجفاف . لا غيمة في الأفق ولا أريج نجمة فوق الأشجار ، وكهنتنا يضيِّقون علينا عيشنا في تدثّرهم بأغطية الحقول . السفوح التي نصعدها بفوانيسنا المريضة ونحرثها ، تموت فيها ثيراننا من العطش والحرّ يرص نفسه الى جانب الحجارة التي تتنفسّس بتؤدة . مصائر تبتلي في المحنة العظيمة كلّ عام ، والآلهة تتمايل بغنج في مرورها العجلان بأرض القحط . خرق كثيرة نبلّلها ونُسكت فيها ثغاء الحِملان في الأصائل وآبارنا القانطة لا تستجيب الى إشارة الندى في الرمال . صلواتنا مدهونة بالحاجة الى الطوفان ، لكن آلهتنا التي نرفع لها القرابين في مواعديها ولا نتأخرّ في تلبية مطالبها الأخرى ، تحرص على بقاء الحال على ما هو عليه ، وتتجنّب جرّنا الى كارثة ما . مطر دائم وفظيع في البلاد الأخرى التي لها آلهتها الرؤوفة ، نسمع بروقه ورعوده في مغيب الشمش وشروقها ، ومعرفتنا لعته آلهتنا التي تتعمَّد أذيتنا ، يصيبنا بالاحباط ونحن نرفع لها صلاة الاستسقاء التي تغضنَّت في الهاجرة . خرائب داكنة في الشطئان ، نُكبّل أنفسنا فيها بالأصفاد ونترقَّب الرحمة العظيمة لندفن الضحايا مع مناجلهم في أريج الخمائل .
العصي التي يضربنا بها الكهنة ...
أجلينا مواشينا وأغراضنا في الليل قبل وصول جحافل العدو ، وصفَّفنا حول الآبار تمائم حاكتها لنا الملائكة العام الماضي . حزم التبن التي تركناها علفاً لجيادهم ، كلّ حزمة سهم منقوع بالسم . تلقّي يوم الدينونة بثمرة كمثرى ، يساعد على لقاء الأسرى الذين ماتوا في الجزر المهجورة ، وتعجيلنا بدفن اللحظة المتباطئة ، يُنسينا قذفنا الشمس بفراء الطرائد . عرّافات كثيرات يدعين العلم بما نراه في الأحلام ، لكنَّ الثلوج التي تهطل على أكواخهن وحدهنَّ في الصيف وتشعل النيران في صوامعنا الفقيرة ، ترفع عنّا العبء الثقيل ونزهد في حكمتهنَّ التي تصطفي الشرّ . كلّ كاهن وعرّاف غير راض عن عدم تلكّفنا مواجهة الغزاة ، ونحن لا نريد إغاضة من يتفوّق علينا عدداً . أرضنا مجدبة وأولئك الذين نفكّر في دعوتهم للاحتياط ، ينهمكون في جروحهم التي أصيبوا بها ولم تلتئم . القذائف التي تسقط علينا من صوب العدو ، تلحق الضرر في خزائن الملك وحاشيته والعصي التي يضربنا بها الكهنة .
السلطة نعل حصان ...
رياح سموم تهبّ علينا من الكثبان ، نذوذ فيها بلا انقطاع عن بركنا التي تتكاثر فيها نباتات الموتى ، والرمل أكثر أهمية للنفس في غيرتها من شهرة المتوفّي . شيوخ غرباء يحطَون رحالهم بيننا . نقوم بأعباء ضيافتهم ونلعن الجنس البشري . لبسهم للأقنعة في العشاء وترجمتهم لقناديل النجوم التي تُضاعف سرعتها في الكلام ، وامتيازهم بمعرفة ما طمرناه في قبور الآباء ، أشياء غريبة نذرف فيها الدموع على هجرة الفراشات ، ونسند حجارة منازلنا في تمايلها على الرضاب المتنفّس للغروب . السلطة نعل حصان نرغب فيه ، لكنها للشعب المناوىء روث يتبخَّر في الرياح ويكلّل رؤوس القادة والخطباء . يبعدنا الإيمان بصداقة الندى فوق الصخرة السوداء ، عن التذمر الذي تبديه محبوباتنا ضد من يفنون أنفسهم في تبرّمهم من فضائلنا التي يتزوّج بين أشجارها النحل .
استيفاء الثارات ...
استقبلنا معهم الصيف ونحنُ في ثياب حِدادنا على مَن قُتل منّا في حربنا معهم . هدنة أخرى نوّفر فيها الطعام لطيورنا ونرضخ لنضج الثار وهو يحك ذقنه في النسيم . الفن هيبة وأبهة عظيمة للشعب الذي يرتاب من المعاهدات التي يعقدها أسياده لتجنَّب الإثمار الشامل للسلطة ، وفي إنشادنا بخرائب القرى التي لا تبعث على الإطمئنان ، نسقط حجارة كريمة على جموع القتلى ، ونماثلهم بقبائل النجوم . موزّع الغفران والعطايا على الحدّادين والذين كُلفوا بجمع الغنائم ، يخفي ثروته في أعلى معبدنا خشية أن يكشفها ملاك النهار الشائخ ، ونحنُ نجاهد جوعنا مع الأبطال في نواح جماعي على الهضاب الجافّة . كلّ كارثة ولها وزنها المعرّى في النهار والليل ، وفي بحثنا عن خميرة نرفع فيها قنوط أمطارنا ، تهجرنا العصافير وينتشر بينها في الأرض الغريبة زنا المحارم . حياة محفوفة بالإثم نقلب فيها الآبار على الأعداء وننشغل بسلبهم ما يسترهم بعد استيفاء الثارات . 6 / 5 / 2013
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حبور عظيم للعرس
-
نثرنا لرماد الموتى
-
الأبواب العتيقة للربيع
-
ما يلزمهم مع الزائل
-
الورم الجميل للحظة موتهم
-
بين السياج والبرّية
-
كلّ حرب لها شائعة معروفة
-
سهرنا في الريح مع الملُقّنين
-
اطراء العفّة
-
قسمتنا من الإرث
-
في تنفيذنا مشيئة الموتى
-
ما يتعاقب في أحلامنا
-
قصر حياته مع الأغلبية
-
تماثل طقسي
-
قبل الطوفان وبعده
-
فتائل الهاوية
-
الاطاحة بالمراثي
-
في إنشاده لموته
-
ما يجاوز يأسنا
-
ما كُنّا نخفيه عن الموتى
المزيد.....
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
-
فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
-
مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا
...
-
-الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم -
...
-
أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج
...
-
الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
-
وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على
...
-
البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل
...
-
الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب
...
-
كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|