أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيف الناصري - حبور عظيم للعرس














المزيد.....

حبور عظيم للعرس


نصيف الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 4083 - 2013 / 5 / 5 - 22:03
المحور: الادب والفن
    













انتظام فضائلنا ...




عواء طويل يعذَّب الحجارة الموبوءة في السهول ، والجفاف يفقدنا
القدرة في العثور على القذائف التي قتلت الشهداء . لحظة همجية
يتقدَّم فيها البرابرة من حدودنا ، ويسمّمون آبارنا ونسيم قناطرنا التي
ترنَّحت بفعل الضربات . أسباب كثيرة تجعلنا نرفض تسخير أشجارنا
الحبلى لحمايتنا من السهام الفائقة ، وإزاحتنا للعهود التي أرسيناها في
الماضي مع الجبابرة ، توّهم لاحساسنا بالانجراح في حقول قمحنا
المريرة . حرّاس مراصدنا العجائز يبدَّدون ضوء مراياهم ويكسَّرون
نبالهم في طنين النحلة التي تتجسَّس للعدو . فظاعة مُفعمة بانسحاق ما
كنّا نظنّه يصمد أمام الفجر السقيم للكارثة ، لكن قيمة ما نرجوه من إثم
الذين سخطوا علينا ، يضيء نومنا في انتظام فضائلنا التي يصاهرها
الزمن . متاهات حادَّة نقطعها ويسبقنا فيها الصيّاد المحترف الى
الطريدة العليلة في قلعتها الضاربة الى السأم .


بين الهاوية والهاوية ...




شرَّطنا أشجار مثمرة في وهاد السنوات وتسلَّقنا ذكرى مَن غابوا في
الاعصار . ما يلي عذابنا في الوجود ، ينفرد بإزاحته لإشارة السرّ وكلّ
عقار نستمدّه من سهرنا تحت العظام الشاحبة للنجوم ، نصارعه بفظاعة
والعلل تكبر بإصرار في الرضاب الصامت للأيَّام . نتفادى الاقتراب من
صندوق الميت ، لكنَّ الميت يرطّب لحظتنا التي تذبل فيها مرايا أحلامنا .
وعي كبير نضفيه على عزلتنا بين الهاوية والهاوية ، والجدران تصدّ عنَّا
العشب الأزرق للسلّم . نفخنا النيران في الحجارة ، يدفىء أرواح من ماتوا
وتركونا نضمّد جروحهم في شواطىء الزمان .




خيانة أنفسهم ...




يخفون كحلاً كثيراً في الأعشاش التي تهجرها الطيور ، ويجرحون أنفسهم
في ضربهم لقرابينهم التوائم . صليل أسلحتهم التي تلهث تحت الشمس ، يمنع
عنهم إزالة الشوائب من أيَّامهم ، وكلّ صدى في الجانب الآخر ، ينذرهم بدنو
الحرب التي تداعب آلاتها الجهنمية . بناتهم اللاتي يتنقّلن بين الرغبات
الملتهبة ، يدنين عسل الصيف الى رقصاتهن في الظهيرة ، ويغطسن في البئر
ثيابهنَّ وأضحياتهنَّ في حبور عظيم للعرس . عبورهم النهر في الليل لإبعاد
شرّ المنْدسَّين ، يكلّفهم إشعال النيران في مراكب تجارتهم . عديمو الضمير
يسرعون في فزعهم من ندى البركان ، الى رشوة العرّافة ويقنعون بفقدانهم
لكلّ فضيلة تعيقعهم عن خيانة أنفسهم . ذهب كثير في المناجم ، لكنّهم يتنحّون
عن فراغ لحظتهم ، والأعداء يومّنون الطريق بالرضا عن السهم الذي ينطلق
ويشعل الصاعقة في الأعشاش المليئة بالكحل .





الحفاظ على الغلّة ...




نستجير بفزعنا من اللاطمأنينة في العوالم المتكئة على الفراغ ، بآلهتنا
التي تجدل ندمها في الريح . إنهاكنا للثمرة بذريعة التقرَّب من الغفران ،
نجابه فيه سخط الموتى بحزم ونغرق قنائصنا في شواطئهم الندية . جدب
طويل في أرضنا يسلبنا شعيرنا والحِمْلان التي ننتظرها في الربيع ، وما
نغمره في دموعنا للتغلّب على هلاك ما حلمنا به ، يضيِّق علينا ويوّجه
صوبنا اللمعان الأسود للحجارة . ملكنا الفلاَّح يكذب في اختلائه بنفسه
ويجدّف ضد المرأة الحامل والوردة والمذنَّب الذي يعبر الأفق . صيده
الأسماك بالمحراث في الغدير من دون صلاة ، يحرّض الحرّ العظيم على
محو الأشجار التي نعلّق فيها خمورنا وزيتنا وزبيبنا ، وعندما يصحو من
خبله ، يأمرنا أن نكسر الرحى وشذرة الخاتم . أشياء مؤذية نُجبر على
اللطف بها من أجل حفاظنا على الغلّة القليلة .




آلهة كثيرة ....





أضرحة عظيمة لنبلاء على شواطىء العالم ، تبهرنا فيها توابيتهم الصارمة
ونقرنها بفظاعة حاضرنا ورهونه المهانة . دفننا للعصاة الذين قتلناهم في أول
السنة ، وثيقة دامغة تهدّد حصتنا من نسم الحرّية . أشواطاً طويلة نقطعها في
رحلاتنا الى الحج ، واعتمادنا على لصوص الخانات ، يستنفد كلّ أمل نعوّل
عليه في إبقاء قرابيننا حيَّة في الهجير . تماثل كبير بين من قعدوا في أضرحتهم
ونعموا بالعافية ، وبين من وقعوا في شراكنا النجسة وتمت إبادتهم غيلة . نوائب
عظيمة تطبق علينا ونحن نحاول الإفلات من تصدّع أكواخنا المنهكة . كهنتنا
الجهلة يرفضون رمينا للسهام بوجه الميت ، ويسمحون لأنفسهم بسرقة كلبه
ودراهمه المتناثرة في جص ميتته القائظة ، والبرّية التي ندنّسها في استجدائنا
لصدقات النجوم من أجل آلهتنا ، تجدب بهلع ويحلّ الشحوب على ضروع
ماشيتنا العليلة . آلهة كثيرة نتخلّى عنها ونحن ننوء بحملها الى قبورنا في الليل .






5 / 5 / 2013



#نصيف_الناصري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نثرنا لرماد الموتى
- الأبواب العتيقة للربيع
- ما يلزمهم مع الزائل
- الورم الجميل للحظة موتهم
- بين السياج والبرّية
- كلّ حرب لها شائعة معروفة
- سهرنا في الريح مع الملُقّنين
- اطراء العفّة
- قسمتنا من الإرث
- في تنفيذنا مشيئة الموتى
- ما يتعاقب في أحلامنا
- قصر حياته مع الأغلبية
- تماثل طقسي
- قبل الطوفان وبعده
- فتائل الهاوية
- الاطاحة بالمراثي
- في إنشاده لموته
- ما يجاوز يأسنا
- ما كُنّا نخفيه عن الموتى
- مطالبهم في البرّية


المزيد.....




- طلبة التوجيهي يؤدون امتحان -اللغة الإنجليزية-.. مروحة واسعة ...
- “برقم الجلوس والاسم فقط” Link الاستعلام عن نتيجة الدبلومات ا ...
- العراق يواجه خطر اندثار 500 لهجة محلية تعكس تنوعه الثقافي ال ...
- رحيل الفلسطيني محمد لافي.. غياب شاعر الرفض واكتمال -نقوش الو ...
- موعد نزال توبوريا ضد أوليفيرا في فنون القتال المختلطة -يو إف ...
- الليلة..الأدميرال شمخاني يكشف رواية جديدة عن ليلة العدوان ال ...
- أعظم فنان نفايات في العالم أعطى للقمامة قيمتها وحوّلها إلى م ...
- “أحداث مشوقة في انتظارك” موعد عرض المؤسس عثمان الحلقة 195 ال ...
- نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس فور ظهورها عبر nateg ...
- صدر حديثا : محطات ديوان شعر للشاعر موسى حلف


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيف الناصري - حبور عظيم للعرس