|
الأغصان المصفوفة للأيّام
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 4101 - 2013 / 5 / 23 - 21:07
المحور:
الادب والفن
السكنى في القبور ...
حياة يائسة نستجيب لرنَّة ظلالها ونضمّد خسائرنا فيها . تعويضنا لما سبَّبناه الى أولئك الذين يشبهوننا في سهرهم بالبرّية ، لا يتناقض وسلبنا غيومهم المثقلة بالأسماك . ضروب كثيرة للشرّ في العالم ، والنخبة في تقليصها للخسارة الفادحة بين الهاوية المعمورة ، تضفي أهمية على السكنى في القبور . الغواية طبقة أوزون العائش في فزعه من شرارة الاحتضار ، وفي التوافق بين الشاطىء والصحراء . إغراء للمرائين الذين ينفرون من الصعود الخفي الى العلو . المستهلكون ينسجمون في مزاياهم مع تاريخهم الجنسي ، لكنّهم يغلطون في الحبّ والرياضيات . تنفجر طريق البئر القويمة في اللحظة الفارغة للميلاد ، ويثوي الانسان فيها حانياً على أيّامه المنهوبة .
اغتيالات جماعية ...
زعماء قبائل ومذاهب يدمَّرون بفظاظتهم أشجار اخوّتنا ويتعدَّون على التغريدات الإلهية للطيور . يورَّثون في لعبهم بالأسلحة على شواطئنا التي هدَّمتها حروبهم ، خزعبلات كثيرة الى أولادهم وأحفادهم . منتوج طائفي يحول دون تصنيفنا في صداقة الله ورفقته في غفرانه وإحسانه الى الانسان . القائلون بعدالة قتلهم للآخر المخالف ، يتذرَّعون بإفادات وصكوك مختومة من الشيطان ، والسلطة تعرفهم وتضفي قداسة على أفعالهم . تقديم الأضاحي البشرية الى زعيم الطائفة ، عجز شجرة عن حماية نفسها من شريعة الأشرار . يتعرَّى إرثنا في تماديه بسحقه للغصن المرتج لحياتنا ، وتعدّيه على أشياء الطبيعة والنجّارين والصيّادين والأطباء وباعة الزهور ، وكلّ ما رغبنا به ونحن نغوص في سجوننا القديمة ، يستأذن النصل الحادّ للشر ، ويطبق على حيوية الصباح . كهنتنا بأتباعهم المسلّحين بالفؤوس والخرافات ، تمكّنوا بفضائلهم من إزاحة فجر القانون ، وكلّ جماعة تطارد الله في الليل والنهار وتهدّم بيوته في محبتها له ونكرانها لذاتها . تلقينات تفصّلها لنا الصفوة في المرحاض – المجتمع ولا تراعي أصول الضيافة لمن تغدرهم في اغتيالات جماعية .
الأغصان المصفوفة للأيّام ...
يشترط المتعسَّفون أشياء مجحفة علينا في إقناعنا الميت بالعودة الى ذويه ، وردم هوّته ، ويبلْورون إغراءات صانتة الغرض منها ، نسياننا للثأر منهم ومن ولعهم بما يتفادى السكنى في الظلمة . امتحان نلخّصه في تبادلنا الأسى مع الطبيعة التي يفزعها المصير الحتمي للبشرية . ثقافات كثيرة لدى الشعوب ، يستعصي فيها العثور على المفتاح ، وكلّ عفّة لا تسلم من الفظاعة وصفعها البرهان الذي يخلع صيفه على فزعنا الأبدي . تماهي الانسان السقيم مع نوعه في لحظة احساسه بالعصف ، يعجَّل بسعيه الى غرس حياته في الهاوية ، وكلّ ما نظنّه في متناولنا بين الأغصان المصفوفة للأيّام ، يستقل بنفسه ويوفّق في عيشه بالديمومة . تعفّن نشخّصه منذ الأزل في ذواتنا ، ونتبادل فيه الشقاء من الميلاد الى الموت . إشاحتنا بلحظاتنا قليلة السرور عن الانجراح في الظهيرة ، لا تسعفنا في تنصّلنا من الدودة التي تستعرض ضراوتها في الثمرة . هدف أخير نتدبَّر الوصول اليه بمشقّة عظيمة ، ونضطجع معرضين أنفسنا للفناء في ما يشتتنا عن الآخرين .
عوالم ما قبل الوجود ...
تضمّد الجماعة السنبلة في حقلها ، بعيداً عن الأنواع الأخرى وتتضافر مع بعضها البعض في تنقية إرثها من ما يشيبه . القبيلة . العصبة . الطائفة الخ . حثالة تخسر دائماً الإفادة من تأديتها للطقوس الضارّة بالآخرين . كلّ ميزة لما نظنّه الشرف وكرم الأصل ، يفصلنا عن بؤس انسانيتنا ، ويدثرنا بفظاعات واهواء منحطّة . عطور عظيمة للأعياد نكثَّر ذرّيتها في غلبة الله لنا ، ونحنو عليها في مصاهرتنا لها ، لكنّ كلّ نشاطنا العنصري في صلاتنا التي تعوزها الثمرة الظامئة ، يتضح ويُصاغ في إفراط أسيادنا بالشرّ وممالئتهم مآثر الأسلاف الحمقى . غبار دافىء دهنّا فيه أبوابنا وأوصدناها ضدّ من استغرقوا أيّامهم لخلاصنا من العته والشراهة في إيذاء الله . في إكراههم لنا وتحريضنا على اطفاء كوابحنا في اشمئزازنا من الأفياء العالية للآخرين ، سرَّحنا الكثير من النسائم التي تلقّيناها من عوالم ما قبل الوجود .
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسلاف الهاوية
-
الشعوب التي تعيش معنا
-
العوالم الأخرى
-
صلاتنا الصيف كلّه
-
العادي والزائل
-
الجمال النسوي
-
في مسيرنا ونحن نحتشم من أسقامنا
-
الأجل الذي يتوفَّاهم
-
الاحتياط من الطوفان
-
ما يطمح اليه الغريب في بابل
-
في اخوّتنا للأشياء المفزعة
-
احتياجنا للكتَّان في يوم العيد
-
العصي التي يضربنا بها الكهنة
-
حبور عظيم للعرس
-
نثرنا لرماد الموتى
-
الأبواب العتيقة للربيع
-
ما يلزمهم مع الزائل
-
الورم الجميل للحظة موتهم
-
بين السياج والبرّية
-
كلّ حرب لها شائعة معروفة
المزيد.....
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|