|
الجمال النسوي
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 4093 - 2013 / 5 / 15 - 00:20
المحور:
الادب والفن
بالكشْمش والشموع
طباعهم متماثلة معنا ، لكنّهم يشوشون على الميت في لحظة احتضاره وليست لهم فضيلة الذئب في استيلائه على مواهب الحملان . حبورهم في الأفياء المُشعثَّة وهم يترقّبون ملامسة الجريح لجُرم حتفه ، يجعلهم ينحرون طائفة كبيرة من الأقواس الوضاءة في الشجرة ، ويوقنون أن كلّ غصن ينجرف في الشمس ، ينفصل عن خصومته مع نفسه ويُخلَّد في اللحظة التي تمنحه النماء . انقطاع هائل عن الاحسان يصبّون فيه وعيدهم على الإشارة العنيفة والمنفرجة للسنبلة . نشرهم للفؤوس على حبل غسيل الغائب ، مهارة يخيفون بها إصابتهم بقصر العمر . عناء يتعاقب في صنائعهم التي لا تلزمنا في حياتنا المُتلفة معهم ، ورمينا المراكب المبحرة في الليل بالكشْمش والشموع ، صاعقة تُضرِّج أيّامنا وتميّزنا عنهم .
صداقة الرغيف ...
يلصقون تهمة خاوية في الريح التي تكتسحهم بهوّة حياتهم ، ويزيّفون عهدهم مع الآلهة . تمزيقهم لصواري الشمس التي تتجافى حمقهم ، يورّطهم في التآمر على خلع الملك . محنة مفعمة بخلوّ الأبنية التي تحيطهم من الإيمان ببركان يطمر آبار أحلامهم الغائمة . أمم وشعوب كثيرة تمَّت إبادتها في الماضي ، وظل الملك يقطف ضوء النعمة في سهره بين الهضاب الربَّانية للطاعة . عادات متوارثة يتلقَّفها الأبناء من الآباء في نبذهم لعمل الخيّر ، يجرّدون فيها أنفسهم من القدرة على صداقة الرغيف ، ويذبحون يقينهم في انتزاعهم القداسة ممن خوّلتهم الآلهة الرئاسة على منازلها ومحازن حبوبها .
الجمال النسوي ...
نفكَّك معهم في أسيِّجة ملامتهم لأنفسهم ، الاعتقادات الاباحية التي يركنها الشذَّاذ لفتياتهم ويغطونها بين النسائم المستقيمة للرغبة ، وفي رشّنا لغبار التقوى ونحن نتقدَّم صفوفهم على السرير الذي تضطجع فيه الفتاة العاشقة ، نغرق الكثير من الصخور التي تُستخدم في العبور الى الفردوس . يلفظ الحبّ أنفاسه في نزعنا الشهامة عنه ، ويعاب علينا تقديمنا الالتماس للص والحشَّاش والسكيّر من أجل الرضا عن نصيبنا من الغنيمة . تناظر جنسي نقابل فيه الأخلاق الموشومة بنفاية المجتمع . نضاعف حركة الهراوة ونهجم على الزينة الإلهية للعاطفة بين الرجل والمرأة . المفسّرون قدموا لنا فرضيات واجتهادات فظيعة عن منشأ الجمال النسوي ، وحذَّرونا دائماً من إحاطة المرأة بعوسج الغبطة ، ونحن نعرف أن كلّ فرضية وكلّ اجتهاد يفرضه علينا الحمقى ، لا يمثلان إلاّ علومهم السقيمة والرائبة في ما اعتقدوه طوال أيّامهم .
آدم وحواء ...
للحصول على أمجاد مشابهة لما قام به الأجداد في زمنهم المُكلَّل بجدائل اليعاسيب ، يتحايلون علينا في نقاط كثيرة يصعب التحليق في أسرارها ، ويناورون كلّ إطراء نحصل عليه من الكاهن الذي يملي علينا احصاء من ناموا في الصدارة . توسّع الأشياء النافعة غفران الآلهة للانسان في رحيله الذي تقتضيه ضعته ، وتعزَّز ثقتها به وهو يعاند صلاته اليها وتنبيهها في حاجتها الى كفيل . مواكب كثيرة للعظماء مرَّت من بين أشجارنا . القينا فوقها عسلاً كثيراً ومشاعل تسحبها القرابين ، ولم نطمح الى التقرّب في مجد القرابة المتضائل للملوك . شعور الطبقات العليا بالمحتد الكريم واحتقارها لمن يعانون من سوء التغذية وهم يفلحون العالم طوال حياتهم ، تفاهة رطبة يئن فيها المتغطّرس بين خرائب غرقه . مرايا شجاعة مرصوفة على الغدران ، نزن فيها أعمالنا ونتوسَّد التبن الذي يتسامر حوله آدم وحواء .
آلهتنا وآلهتم ...
الى ناصر مؤنس
نظام فروسية نوطده معهم في تأبينهم لكلّ من يتوفّى في غيظه من أنقاض ماضيه ، ونسحبهم في الطوفان الى مراكبنا التي تعجّل في الرسو بين شواطىء النجوم . اشعالهم للنيران في صوامع قمحنا ، وتقصَّدهم إزالة ثياب الربيع عن أشجارنا ، ينتهي بهم الى عيش حياتهم من دون شمس يستندون على أيكتها . للتوفيق بين آلهتنا وآلهتم ، نشرّح الكثير من الصقور في الثغرة السرّية لأيّام العيد ، ونحمل اليهم فوق أكتافنا القناديل واللوز والعنب والأرض المفلوحة للعافية . نلفّ لهم تمائم أطفالنا محارة محارة ، ونخفَّض السماء لمرور كراديسهم وهي تتقدَّم لتلقّي نذورنا الى آلهتنا وآلهتهم .
14 / 5 / 2013
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في مسيرنا ونحن نحتشم من أسقامنا
-
الأجل الذي يتوفَّاهم
-
الاحتياط من الطوفان
-
ما يطمح اليه الغريب في بابل
-
في اخوّتنا للأشياء المفزعة
-
احتياجنا للكتَّان في يوم العيد
-
العصي التي يضربنا بها الكهنة
-
حبور عظيم للعرس
-
نثرنا لرماد الموتى
-
الأبواب العتيقة للربيع
-
ما يلزمهم مع الزائل
-
الورم الجميل للحظة موتهم
-
بين السياج والبرّية
-
كلّ حرب لها شائعة معروفة
-
سهرنا في الريح مع الملُقّنين
-
اطراء العفّة
-
قسمتنا من الإرث
-
في تنفيذنا مشيئة الموتى
-
ما يتعاقب في أحلامنا
-
قصر حياته مع الأغلبية
المزيد.....
-
الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال
...
-
-زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب
...
-
اصدار جديد لجميل السلحوت
-
من الكوميديا إلى كوكب تحكمه القردة، قائمة بأفضل الأفلام التي
...
-
انهيار فنانة مصرية على الهواء بسبب عالم أزهري
-
الزنداني.. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان
-
الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي
...
-
مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
-
فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
-
وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|