|
مجابهتنا لما ينحاز الى موتنا
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 4106 - 2013 / 5 / 28 - 00:10
المحور:
الادب والفن
الفاني والباقي ... عظام محشورة تحت الصخور المرابطة للزمن في الشواطىء . جنس عظيم اختطفته الطبيعة وأناخت عليه بمناجلها المغتاظة . شقاء أزلي تنفسَّت البشرية فيه النقيض لحياتها ، ولا أمطار تدفع عنّا إثم موتنا الذي يعوم في آبار السنة . تشكيكنا الدائم في ما نكهرهه ونتحدّاه في إناختنا لأسقامنا على الحجارة ، يوسّع الفرجة الضئيلة لنوائبنا ، ويحطّم كلّ اعتبار للأمل . الحبّ والموت . الرغبة والنوم . الخيّر والبغض . أشياء نضمّنها إبر شقاقنا في يأسنا من الأشياء الغيورة على خلودها في الشجرة المشينة للوجود . أجناس كثيرة تعهدّت لنا في اجتياز الهوّة التي تفصل الليل عن النهار ، لكنّها ترنَّحت في انجراحها بفوضى مزاحمتها لبعضها البعض ، وخدعتها الحيّل في إزاحتها للروث عن مصائرها . أعمال عظيمة من أجل التحرّر من الفناء ، وصلنا فيها الى النقطة العليا للإغراء . كلّفتنا اضاعة ملامستنا لأولئك الذين أردنا تكريمهم في ما وراء الوجود ، وانهمر علينا حمق كثير ونحن نحاول إعطاء الموتى الغصن الذي يخرق الظلمة . تلفيق الرغبة في إدامة العهد مع الهمج الذين انصاعوا للتفاهة ، يضعفنا في إطالة حياتنا على الأرض ، وكلّ ما نفترضه في صلاتنا ، ونقدّسه في الإيمان ، عرضة للسخف ولعدم كفاءة آلهتنا التي تتقاضى منّا الجزية عن طيب خاطر . نومة منعَّمة في طغيان اللحظة ، يعتدل فيها نقاء ما يستبد بنا ، ونحصي الذين فقدناهم في نواح عظيم على الفاني والباقي .
مجابهتنا لما ينحاز الى موتنا ...
مواساة مفزعة نعاود فيها إعانتنا للتخلَّص من الجدلية المحيِّرة للظهيرة اللاهبة والهاوية . ينفجر كلّ منّا في عصره لثمرة حياته على انفراد ، والله يستثني في احسانه الينا ونحن نتقدّم اليه حاملين سقمنا ، الصخرة والسلحفاة والريشة المثقبة . ضمانات كثيرة تَجنّبنا السهر عندها ، وكلّ ضمانة من الآلهة سمّ ووعد مقيِّىء . مجابهتنا لما ينحاز الى موتنا في عيشنا بالسجن ، لا تعظَّمها الملائكة وهي تستعذب إقناعنا السنبلة أن لا تثمر في الربيع . رفقة الله في شتله بذور شقائنا في السباخ العميقة للحياة ، خاصّية مفرطة باليأس وتلتصق بهيمنته على تقديمنا قرابينا إليه . موتنا الجمعي دفاع عن المادة الخالدة في ليل العالم ، وانحيازنا للمعرفة يقرّبنا من اللحظة المرتابة لموتنا . أقرباء لنا تحفَّظوا على كتماننا لسرّ رميهم في المفازة ، خاطبناهم ونحن نهيل عليهم البلى : لا تتكاثروا في حنان الهاوية التي تجتذبكم .
أشياء واقعية ...
إسنادات كثيرة تعذَّر علينا فيها التمييز بين من لايتورّع في قتله لنفسه بين النسائم المتلويّة على أشرعة الصباح ، وبين من يفخّخون الأفنان الصامتة للطيور في منازل الله . ولائم عظيمة للقتل تتم دعوتنا اليها من دون حواجز ، والقاتل مطمئن في وميض كراهيته لنا ولنفسه . مآثر إجرام فظيعة تحرمنا الدموع بين الأشجار الهرمة ، وانفجاراتها لا تحرّك الخشب المذهّب لأبنية السلطة . أشياء واقعية نتعمَّد التغطية عليها ونصافح ما يقاسمنا إفراطه في نفخ النيران التي تحرق حقولنا وسقوف أيّامنا المتصدعة . تدابير صارمة اتخذّناها في الماضي للحفاظ على المجتمع ، لكنّها الآن مدعاة للسخرية ، وفي ترصّد المناوئين لقناديل مستقبلنا . إلزام كبير يدفعنا الى منازعة الحطام وما نرتاب منه في الصدفة التي جاءت بفرعون .
27 / 5 / 2013
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجمال الانساني
-
الأغصان المصفوفة للأيّام
-
أسلاف الهاوية
-
الشعوب التي تعيش معنا
-
العوالم الأخرى
-
صلاتنا الصيف كلّه
-
العادي والزائل
-
الجمال النسوي
-
في مسيرنا ونحن نحتشم من أسقامنا
-
الأجل الذي يتوفَّاهم
-
الاحتياط من الطوفان
-
ما يطمح اليه الغريب في بابل
-
في اخوّتنا للأشياء المفزعة
-
احتياجنا للكتَّان في يوم العيد
-
العصي التي يضربنا بها الكهنة
-
حبور عظيم للعرس
-
نثرنا لرماد الموتى
-
الأبواب العتيقة للربيع
-
ما يلزمهم مع الزائل
-
الورم الجميل للحظة موتهم
المزيد.....
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|