|
عرب اسرائيل وطاقية الاخفاء
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4102 - 2013 / 5 / 24 - 11:45
المحور:
المجتمع المدني
ما زال اصدقاء وزملاء احد اخوتي الكبار ينادونه بلقبه الذي عُرف به ابان شبابه الاول حينما كان ،كبقية الشباب العرب ، يعمل في تل أبيب كنادل في مطعم ، وكان لقبه "الجنجي " وهي كلمة عبرية تعني الاشقر . لا اعرف سبب تلقيبه بهذا اللقب ، مع العلم انه اسمر البشرة مفلفل الشعر كبقيتنا ، وربما يعود سبب التسمية الى اظهار المفارقة بين الواقع والخيال وكنوع من التغطية على اسمه الحقيقي والذي هو بالمناسبة محمد. لم يكن هذا شأن أخي فقط ، فغالبية الشباب العرب وتحديدا في السنوات الاولى لقيام اسرائيل ، اطلقوا على انفسهم اسماءا والقابا عبرية في محاولة منهم لاخفاء اسمائهم الحقيقية حتى لا يتعرضوا للاذية من الشرطة والاهم من ذلك حتى يحصلوا على عمل لدى ارباب العمل اليهود . فأحمد اصبح دودي وعامر اصبح عامي وهكذا دواليك . ويأتي هذا مصداقا للمثل المصري العامي القائل " اكل العيش يحب الخفية " . لكن تغيير الاسم لا يكفي في كل الاحوال ، فهناك المظهر العربي أو السحنة العربية التي تمتاز بالبشرة السمراء وطريقة اللباس وهذا امر لا يمكن اخفاؤه بأية طريقة كانت . لكن ما ساعد على "الاختفاء " في المجتمع اليهودي هو كثرة اليهود الشرقيين الذين يبدون كالعرب شكلا . وكثيرا ما تعرض شبان يهود من اصول شرقية للمتاعب لأنهم يبدون كعرب ، وخصوصا في الحالات الامنية الطارئة كالتفجيرات ، بل وتم الاعتداء عليهم جسديا في احيان متفرقة او تم منعهم من دخول النوادي الليلية التي تتبع نظام اختيار زبائنها بناء على مظهرهم . وتشير الاحصاءات بأن نسبة اليهود الذين يبدون كعرب هي اعلى من نسبة العرب الذين يبدون كعرب ، ويعود ذلك في رأيي الى تغير انماط التخفي عند الشباب العربي في اسرائيل ، فلباسهم يتماشى مع الموضة السائدة وطريقة تسريحاتهم اضافة الى استعمالهم اللهجة العبرية الاسرائيلية في حديثهم . وانا اعتقد بأن نشوء لغة عربية عبرية (عبربية ) هو شكل من اشكال التخفي في المجتمع اليهودي . وتبعا لهذا ، ونتيجة للهاجس الامني الذي له ما يبرره احيانا ، اصبح العربي المشتبه به الاول وتتم معاملته كمشتبه به دون اي تدقيق او فحص اولي . وهذا ما حدث للشاب العربي البدوي الذي دخل الى فرع بنك في مدينة بئر السبع برفقة صديقه اليهودي ، واثناء تواجدهم تعرض البنك لهجوم مسلح من زبون يهودي غير راض عن المعاملة ، والذي بدأ باطلاق النار عشوائيا على الموظفين والزبائن ، فقام الشاب العربي بحماية زميله اليهودي وتلقى عنه الرصاصات ، وهو في حالة صحية صعبة يصارع الموت . الشرطة وحال سيطرتها على الوضع قامت بتكبيل العربي المصاب وجرته الى الخارج ومنعت تقديم الاسعافات الاولية له لمدة 15 دقيقة كما اظهرت الكاميرات . وبعد أن اتضح بأن الهجوم المسلح نفذه شاب يهودي يعاني من مشاكل نفسية ، سمحت بتقديم الاسعاف ونقله الى المستشفى . فالعربي مذنب حتى تثبت براءته ، اذا كان الحدث او الجريمة في مدينة يهودية . لكن الامر مختلف حينما يتقدم العربي للشرطة لتلقي خدماتها فهي لا تعيره اهتماما ، وهو ما حدث للسيدة العربية المطلقة والتي توجهت للشرطة بشكاوى ضد زوجها الذي هدد بقتل ابنتيها الصغيرتين اللتين تعيشان معه في البيت . توجهت السيدة لمحطة الشرطة في مدينة عراد الجنوبية ، بعد أن تسللت الى اسرائيل فهي من سكان الضفة الغربية ، وطلبت من الشرطة انقاذ ابنتيها (في اعمار 3 و5 سنوات ) لأن الاب سيقتلهما غداة يوم تقديم الشكوى ، لكن الشرطة لم تحرك ساكنا ، وتحقق كابوس الام . في هذه الحالة العربي يلبس طاقية الاخفاء او ان الشرطة لا تراه او لا تريد ان تراه وهو في قريته بعيدا عن المدينة اليهودية ، واقول على مسؤوليتي ان السياسة التي تتبعها الشرطة هي سياسة فخار يكسر بعضه !! ثارت ضجة اعلامية وتمت اقالة قائد محطة الشرطة والقيادة العليا ، لكن ما يثير الغضب هو اهمال امن المواطن حتى في الوسط اليهودي حينما يتعلق الامر بالنشاط الجنائي الذي لا تكرس له الشرطة الجهد المطلوب لمحاربته . وظاهرة العنف المستشري في الوسط العربي لا تجد لها حلا رغم المطالبات المتكررة من قيادات في الوسط العربي . فالنائب احمد الطيبي يطالب منذ زمن ومن على منبر الكنيست بمحاربة ظاهرة السلاح غير المرخص في الوسط العربي ، لكن ما من مجيب !!! العرب ما زالوا يرتدون طاقية الاخفاء ، فهم غير مرئيين ،الا كمشتبه بهم !!
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جدلية اللغة واهلها
-
التسعيرة ..
-
خط احمر
-
الحوار ، متمدن أم متدين ؟!
-
ضحايا الجشع أو عولمة الرأسمالية
-
حرب مؤسسة الكهنوت من أجل السيطرة
-
تعقيب على مقال الاستاذ جمشيد- العنصرية هي الحل
-
الصحة تاج على رؤوس الاغنياء
-
المطلوب منظومة قيمية .. -لا صهيونية ولا سلفية -
-
ملاحظات على مقال - في حب اسرائيل -
-
حروب الجبناء
-
جسر مؤقت (للاسنان ) ... أو اسرائيل سنة 2017
-
العودة .....مسيرة الى الذكريات
-
اخبار خفيفة تراجيكوميدية
-
الايمبوتنتسيا وال ...Mass Psychosis
-
قانون الحاضر الغائب
-
الشقق الشيوعية وسوء التطبيق
-
في نقد رومانسية -الربيع العربي -
-
الاتلاف والائتلاف
-
طلاسم بحاجة الى تفسير في السياسة والدين
المزيد.....
-
العفو الدولية: الحق في الاحتجاج هام للتحدث بحرية عما يحدث بغ
...
-
جامعات أميركية تواصل التظاهرات دعماً لفلسطين: اعتقالات وتحري
...
-
العفو الدولية تدين قمع احتجاجات داعمة لفلسطين في جامعات أمري
...
-
اعتقالات بالجامعات الأميركية ونعمت شفيق تعترف بتأجيجها المشك
...
-
منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال
...
-
ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ
...
-
العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على
...
-
إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
-
العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق
...
-
-سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|