|
الصحة تاج على رؤوس الاغنياء
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4082 - 2013 / 5 / 4 - 13:01
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
كان الالم حادا ، لا يطاق ولم "اجرب " مثله من قبل ، مع اني جربت أنواع الالام كلها ، وكنت اعتقد قبل هذه اللحظات ، ان الم الاسنان هو الاقسى والاسوأ ! بعد تأجيل غير مبرر من طرفي ، وبعد أن اشارت نتائج فحص تخطيط القلب الى خلل ما ، أنصعت لأمر طبيبي وتوجهت الى المستشفى صحبة زوجتي العزيزة . في غرفة الطواريء ، تعاملوا معي كحالة طارئة جدا وما هي الا دقائق حتى تم أجراء تخطيط للقلب وفحص للدم ، وتخطيط أخر وفحوص اخرى . بعد ساعة أو يزيد حضرت طبيبة القلب المختصة ، جست نبضي واستمعت لأصوات الرئتين و ..و ... - نلتقي بعد قليل في وحدة العلاج المكثف للقلب . قالت لي وهي تغادر .. - هل سأبقى في المستشفى ؟ تسائلت مبديا دهشتي ، فحتى تلك اللحظة لم استوعب أن حالتي الصحية سيئة ، وتحتاج تدخلا جراحيا . - نعم لقد اصدرت الامر بأحضارك الى وحدة العلاج المكثف ، لا تتحرك ولا تفعل شيئا ، مفهوم !!! تحدثت بحزم يخالطه حب واهتمام ، بينما ابتسامة الموناليزا ، تختفي في تقاطيع وجهها . لا لم تربطني بها معرفة سابقة لأحصل على تفضيل معين ،بل تصرفت كمهنية من اعلى المستويات اضافة الى تعاملها الانساني . أهتم بي طاقم غرفة الطواريء ، ولم يسمحوا لي ببذل اي مجهود لئلا يضر بقلبي ، حتى أنهم البسوني ملابس المستشفى . في وحدة العلاج المكثف ، حصلت على معاملة ممتازة من الاطباء والممرضين ، وفي صباح اليوم التالي ، ادخلوني غرفة القسطرة ، وقسطروني !! اتضح بأن شرايين رئيسية وفرعية قد اغلقتها الدهون المتراكمة ، شرح لي الطبيب الحالة اثناء اجرائه للقسطرة ، اي ببث حي ومباشر ، مما خفف من التوتر الذي يصاحب هكذا اوضاع . ساعات قليلة من النقاهة ، ووقفت على قدمي متوجها الى الحمام ، سمعت صوتا يناديني ، لقد كان من معارفي ، واجرى القسطرة قبلي بساعات . انضممت اليهم وتحدثنا عن الاحوال ، واتضح أن وحدة العلاج المكثف التي كنا من نزلائها ، تحوي 10 أسرة ، " يحتل " المرضى العرب 7 منها ، وببساطة فأن غالبية المقسطرين هم من العرب . وبما أن غالبية الممرضين الذكور هم من العرب ايضا ،سألت أحدهم عن هذه الظاهرة وهل بشكل عام يشكل المرضى العرب غالبية المقسطرين ؟؟ كانت الاجابة بالايجاب ، وهذا ما كنت اتوقعه ، أو ما تقوله الابحاث والاحصاءات . لكن الابحاث تتحدث عن الفقراء بشكل عام ، والذين يعانون من مشاكل صحية اشد حدة ، مقارنة بالاغنياء . وللتوضيح فأن القانون يلزم كل مواطن اسرائيلي ، أن يكون حاصلا على تأمين صحي اساسي ، ويتم هذا عن طريق جباية رسوم تأمين صحي من الراتب ، أو من قسيمة الراتب ، فكل من يتقاضى "راتبا " كأجير أو كمستقل ، يتم خصم نسبة من راتبه بواسطة مؤسسة التأمين الوطني ، كرسوم تأمين صحي . وتبقى للمواطن حرية اختيار " الشركة " أو صندوق المرضى ، الذي يريد من خلاله الحصول على الخدمات الصحية . التأمين الصحي الالزامي لا يغطي كل شيء ، وخصوصا العلاجات الطبية المكملة ، لذا تتنافس صناديق المرضى فيما بينها على تسويق بوليصة تأمين صحي مكمل ، مما يخلق فجوة بين الخدمات التي يحصل عليها الاغنياء مقارنة بالفقراء . والأهم هو ، ومن أجل الحفاظ على نمط حياة صحي ، ممارسة نشاط جسدي في القاعات الرياضية ، وتناول غذاء صحي ، فذلك يكلف الكثير من المال ، التي لا يملكها الفقير !! لذا نشاهد بأن الفقراء - يهودا وعربا - يعيشون حياة غير صحية . يتناولون طعاما "رخيصا " كثير الدسم ،والكثير من الخبز والنشويات والسكريات ! اضافة الى أن غالبية الفقراء هم من المدخنين المدمنين !!! وهكذا تتحول بعض الامراض الى أمراض الفقراء ومنها ضغط الدم المرتفع - القاتل الهاديء - والسكر وأمراض القلب . ناهيك بأن الاغنياء يستطيعون الحصول على العلاج من " القطاع الخاص " ، مقابل شراء بوليصة تأمين صحي خاصة . وأود أن انهي بالقول ، بأن قانون التأمين الصحي الالزامي ،الغير مجاني طبعا ، هذا القانون يكفل العلاج لكل مريض ، وعقبال عند الدول العربية !! وبعد أن اشكركم على تمنياتكم لي بدوام الصحة والعافية ، فأنني اتوجه بالشكر لطاقم وحدة العلاج المكثف ، يهودا وعربا ، على انقاذهم لحياة المرضى دون فرق بين جنس أو لون أو عرق أو دين .
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المطلوب منظومة قيمية .. -لا صهيونية ولا سلفية -
-
ملاحظات على مقال - في حب اسرائيل -
-
حروب الجبناء
-
جسر مؤقت (للاسنان ) ... أو اسرائيل سنة 2017
-
العودة .....مسيرة الى الذكريات
-
اخبار خفيفة تراجيكوميدية
-
الايمبوتنتسيا وال ...Mass Psychosis
-
قانون الحاضر الغائب
-
الشقق الشيوعية وسوء التطبيق
-
في نقد رومانسية -الربيع العربي -
-
الاتلاف والائتلاف
-
طلاسم بحاجة الى تفسير في السياسة والدين
-
مزمور للسلام...!
-
الذئب الفلسطيني والحمل الاسرائيلي ...؟!
-
اللامرئيون أو العمالة المهاجرة
-
جدلية الدين ، الجنس والسيطرة
-
فتاوى بيدوفيلية
-
العنصرية الصهيونية...!!!
-
اليوم يومكن ..!
-
اجا الجراد عالبلاد
المزيد.....
-
جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك
...
-
احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي
...
-
هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام
...
-
الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست
...
-
استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ
...
-
-رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب
...
-
بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
-
روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
-
رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
-
هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟
المزيد.....
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج
/ توفيق أبو شومر
-
كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
كأس من عصير الأيام الجزء الثاني
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية
/ سعيد العليمى
-
الشجرة الارجوانيّة
/ بتول الفارس
المزيد.....
|