أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - قاسم حسن محاجنة - العودة .....مسيرة الى الذكريات














المزيد.....

العودة .....مسيرة الى الذكريات


قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا


الحوار المتمدن-العدد: 4064 - 2013 / 4 / 16 - 12:36
المحور: القضية الفلسطينية
    


العودة ...مسيرة الى الذكريات
- ما هو احساسك الان ؟
توجهت بهذا السؤال الى عمي اثناء تجوالنا بين حطام بيوت قريتنا المهجرة ، وكنا أمام بيت " العيلة " اي العائلة ،الذي لم يتبق منه سوى حجارة .
- اشعر وكأنني في العاشرة من عمري ، العب مع اقراني ، نلهو ونضحك ، نتسابق ، نتخاصم ونتصالح . طالت هذه اللحظات ، لكنني قطعت عليه خلوته مع الذكريات وطلبت منه أن يريني بيت أبي وأمي وبيت خالي ايضا .
وكل عام وفي ذكرى النكبة ، يقوم الالاف من العرب في اسرائيل بمسيرة عودة ، عودة الى القرى المهجرة التي يعيش اهلها في اسرائيل ، لكنهم ممنوعون من العودة اليها .
بادرت أول من بادرت الى تنظيم مسيرات العودة ، مجموعة من النساء اليهوديات اللواتي اقمن جمعية بأسم "زوخروت " بالعبرية ومتذكرات بالعربية . وبالشراكة مع اهالي القرى المهجرة يقررون" عنوان "المسيرة السنوية ، ووقع الاختيار هذا العام على قرية خبيزة ، الواقعة في هضاب الروحة .
منذ سنوات أشارك في مسيرات العودة ، وللامر قصة .
بعد توقيع معاهدة السلام مع الاردن مباشرة ،سافرنا (أنا ، زوجتي وابنائي ) مع اوائل المجموعات التي حطت رحالها في عمان ، وقد تزودت برقم هاتف لقريب شاب ، لكي يكون دليلي في الرحلة . خاصة وأن غالبية اقاربي تعيش في الاردن ، زرت أعمامي وخالاتي ، لكن الزيارة التي تركت في اثرا لا يمحى ، كانت زيارة خالي الوحيد .
كان خالي على فراش الموت ، اغلب الوقت في حالة غيبوبة ، فقد قدرته على تذكر الاشخاص ، تعتني به زوجته كطفل صغير .
- أحمد ...أحمد ، انظر من جاء لزيارتنا !! هزته زوجته برفق وهي تخاطبه .
فتح عينيه ، نظر في مطولا ،لم يكن يعرفني مسبقا ، وبعد تفكير وتفتيش في خفايا الذاكرة قال :
- ابن أختي بهية ، اليس كذلك ؟
لا أعرف كيف ربط بيني وبين أمي ، فقد كانت بيضاء البشرة وأنا اسمر !!!
بعد تبادل السلام والتحايا ، بادرني بالسؤال :
- هل تزور البلد ؟
- لا يا خالي . اجبته مترددا شاعرا بذنب لم ارتكبه !!
أجلسته زوجته جيدا على السرير ووضعت خلف ظهره مجموعة من الوسائد ، وبدأ حديث الذكريات ، وكلما أمتد الحديث ، رأيت كيف يتورد وجهه ، ويعود البريق الى عينيه ، وكأنه عاد شابا ، يركب عجلته مسافرا الى حيفا للعمل .
طال بقاؤنا ، وحينما ودعناهم ، قالت زوجته : لقد "عاد " خالك الى الحياة اليوم !! فهو ومنذ سنوات طريح الفراش لا يتحدث ولا يهتم بما يدور حوله ، كان منقطعا عن الحياة !!
وكان أن تقررت مسيرة العودة بعد ذلك الى قريتنا والتي اسمها بالمناسبة الكفرين ، وطلبت مني اللجنة المنظمة القاء كلمة بأسم اهالي البلدة .
لم الق خطابا ناريا فهذه ليست طريقتي ولا عادتي ، بل كانت كلمتي مهداة الى أمي وأبي ، خالي وخالاتي ، أعمامي وعماتي ، والى كل كبار السن ، الذين يقضون جل وقتهم في الاسرة لا يستطيعون حراكا ،وقلت أنني ازور القرية بأسمهم ، محققا لهم حلما صغيرا ، بالعودة ولو لساعات ، والتجوال في ملاعب الصبا ومداعبة الذكريات الطفولية التي تشكل بالنسبة لهم وقودا يستمدون منه القدرة على مواصلة الحياة من أجل تحقيق حلم صغير .
بعد فترة تلقيت نبأ وفاة خالي ، تبعته الخالتان في فترة وجيزة ،ولحق بهم اثنان من الاعمام .
لكن ذكرياتهم لم تبق ذكريات فردية ، بل انتقلت الى الاجيال الصغيرة وتحولت الى ذاكرة جمعية .
لن تكون هذه الذكريات اساسا لحل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني ، لكن القضايا الكبرى هي رواية تتشكل من مجموعة كبيرة من القصص الشخصية الصغيرة .



#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اخبار خفيفة تراجيكوميدية
- الايمبوتنتسيا وال ...Mass Psychosis
- قانون الحاضر الغائب
- الشقق الشيوعية وسوء التطبيق
- في نقد رومانسية -الربيع العربي -
- الاتلاف والائتلاف
- طلاسم بحاجة الى تفسير في السياسة والدين
- مزمور للسلام...!
- الذئب الفلسطيني والحمل الاسرائيلي ...؟!
- اللامرئيون أو العمالة المهاجرة
- جدلية الدين ، الجنس والسيطرة
- فتاوى بيدوفيلية
- العنصرية الصهيونية...!!!
- اليوم يومكن ..!
- اجا الجراد عالبلاد
- التفكيكية والربيع العربي!!!!!!
- سجن الجسد
- كرت أحمر في وجه -الخنزرة الرأسمالية -
- رصيف ومحطة -قصيدة
- التحرش والثقافة


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - قاسم حسن محاجنة - العودة .....مسيرة الى الذكريات