|
في نقد رومانسية -الربيع العربي -
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4046 - 2013 / 3 / 29 - 11:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في نقد رومانسية "الربيع العربي " امين الحافظ ، رئيس سوري سابق ، من أيام البلاغ رقم واحد عبر الاذاعة ، وفي شهادته على العصر مع احمد منصور في الجزيرة قبل سنوات ، قال ضاحكا بسخرية عن محاولات الوحدة العربية الفاشلة دائما ، "اردنا أن نفرض الوحدة بالقوة وفشلنا ، واردنا أن نفرضها بالاقناع ففشلنا كذلك " ، أو كما قال . لخص بهذه الكلمات عجز الرومانسية والرومانسيين ،عن أعادة عجلة التاريخ الى الوراء ، مهما كانت النوايا حسنة أو خبيثة ، لا يهم !! فما يتحكم بالعملية التاريخية هو شيء أخر غير الرومانسية قطعا . لكن الحلم الابدي بالحرية والكرامة الانسانية لن يختفي لمجرد فشل تجربة أو اخرى ، ولا اقول هنا لكي لا يتم فهمي خطأ ،بأن الوحدة العربية كانت ستحقق الحرية والكرامة والعدالة ، رغم الكم الهائل من النوايا الحسنة لدى رائدها الابرز في العصر الحديث ، المرحوم جمال عبد الناصر . ولست في مجال تحليل اسباب فشل هذه التجربة الثورية او تلك ، رغم انها جميعا نقشت على راياتها شعارات العدل والحرية ، وانما أحاول قراءة احداث الربيع العربي من زاوية أخرى ، زاوية مقومات نجاحها في اسقاط انظمة الحكم السابقة ، واستبدالها بأنظمة أخرى . وتساءلت ، وأنا اتابع أعمال مؤتمر القمة العربية ، هل كان سيجلس مكان القذافي شخص أخر لولا تدخل الناتو ،أو على مقعد مبارك لولا الجيش المصري ، وكذا هو حال بن علي ، حينما رفض الجيش التدخل لصالحه ، أو لنقل بأن تخلي المؤسسة العسكرية عن رموز النظام هو ما اسقطها . ولا أود بتاتا في ها السياق ، التقليل من الدور الاساسي الذي لعبته القوى الثورية الشبابية في كسر حاجز الخوف ، والتصدي البطولي الرائع لماكينة القمع المؤللة لانظمة القمع العربية ، بل أعتبر ما قام به هؤلاء الشباب ما يعادل ويوازي اجتراح المستحيل وتحقيق معجزة القرن ، الا وهي أعادة الثقة بالنفس للمسحوقين والمظلومين ، بأنهم قادرون على تحقيق حلمهم بحياة كريمة حقا . لكن ، اسقاط رمز النظام لا يعني البتة ، تحقيق أهداف الثورة ، بل يجب أن تتغلغل أفكار ورؤى العملية الثورية الى وعي الجماهير ، الاغلبية الصامته التي تبحث عن قوت يومها في كل مكان ، بما في ذلك عند من عنده مال ،والذي بدوره يخلق لديها وعيا أخر ، وعي يتناقض في جوهره مع طموحاتها واحلامها ، لكونها فاقدة لبعد النظر الذي يؤهلها لرؤية أمور ابعد من انوفها . خرج الثوارالشباب الى الميادين ، مزودين بحلم وارادة صلبة ، لكنهم استفاقوا على واقع يتناقض مع حلمهم الرومانسي ، حلم بالحرية والديموقراطية ، الكرامة الانسانية والتعددية ، حلم بالمساواة والعدالة ، لكن "ثعالب " السياسة المجربين والمنظمين استطاعوا بحنكة ودهاء ، يفتقدهما الرومانسيون من قطف ثمار الثورة لتصب في صالح اجندتهم . فالعسكر من الداخل او الخارج ازاحوا رموزا للنظام ، ولكن هل تغيرت الانظمة ؟ يبقى السؤال قائما والاجابة عليه سلبا أو ايجابا ، تنبع من وعي المجيب ، مواقفه واجندته السياسية والاجتماعية . وما يجري على الساحة السورية من حرب دامية ، ضحيتها الاساسية هي جماهير البسطاء ، ونتيجة لوقوف اغلبية المؤسسة العسكرية مع النظام ، فأن عدد القتلى والمشردين مرشح للازدياد بشكل طردي ، وخاصة أن دول الغرب (الناتو ) مترددة في التدخل المباشر او التسليح لخوفها من وصول الاسلحة الى منظمات ارهابية ، كما صرح الرئيس الفرنسي صبيحة هذا اليوم . أن عسكرة الثورات والهبات الجماهيرية لم تعد عليها الا بعمليات اجهاض او ولادة مبكرة ، قبل أن تحقق هذه الهبات أهدافها ، وربما جاء تدخل المؤسسات العسكرية لصالح الثورة او ضدها ، جاء تدخلها من أجل انقاذ ما يمكن انقاذه من مصالحها قبل أن يكتسحها المد الجماهيري . ناهيك بأن العسكرة أوجدت مليشيات من كافة الاشكال والالوان تعمل وبقوة السلاح على تحقيق أجندتها السياسية ، أو تهدد بفرضها بكل الوسائل المتاحة . العسكرة أضرت بالثورات ، فلربما هذا زمان الانسان الاعزل الذي يستطيع تحقيق ما لا تستطيعه كل أنواع الاسلحة ، وما يجري في مصر من مظاهرات سلمية ، تحرج النظام وتضيق عليه الخناق وتفقده شرعيته ، اكثر نجاعة مما لو تمت عسكرة قوى المعارضة الديموقراطية الليبرالية . لكن يبقى الحلم الازلي حيا ، ويبقى الحالمون الثوريون الرومانسيون في طليعة القوى الطامحة الى أحداث التغيير للافضل على حياة الانسان وعلى هذه الارض وفي هذه الحياة . وكما قال امين الحافظ لا يمكن فرض شيء ، رغما عن ارادة ووعي الجماهير ، فكل الذين يريدون فرض اجندتهم بقوة السلاح لن ينجحوا ، اذا تعارضت هذه الاجندة مع حلم الجماهير بالحرية والكرامة .
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاتلاف والائتلاف
-
طلاسم بحاجة الى تفسير في السياسة والدين
-
مزمور للسلام...!
-
الذئب الفلسطيني والحمل الاسرائيلي ...؟!
-
اللامرئيون أو العمالة المهاجرة
-
جدلية الدين ، الجنس والسيطرة
-
فتاوى بيدوفيلية
-
العنصرية الصهيونية...!!!
-
اليوم يومكن ..!
-
اجا الجراد عالبلاد
-
التفكيكية والربيع العربي!!!!!!
-
سجن الجسد
-
كرت أحمر في وجه -الخنزرة الرأسمالية -
-
رصيف ومحطة -قصيدة
-
التحرش والثقافة
-
الاعتداءات الجنسية كوسيلة للانتقام
-
الاعتداءات الجنسية ليس لها دين
-
موت الفقير -قصة من الواقع
-
هل انتهت الصهيونية حقا ؟
-
فيليباستر سلفي متواصل
المزيد.....
-
زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
-
دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما
...
-
الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
-
شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
-
اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا
...
-
بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس
...
-
إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
-
دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با
...
-
مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
-
هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|