|
ضحايا الجشع أو عولمة الرأسمالية
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4089 - 2013 / 5 / 11 - 11:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ضحايا الجشع أو عولمة الرأسمالية ظاهرة هجرة رأس المال ليست بجديدة ، فلطالما "توحدت " شركات في اطار "منظمات اقتصادية " عابرة للقارات وللقوميات . لكن ما يميز هذه الحقبة ، هو نقل عملية الانتاج الى مناطق أو دول تكون فيها كلفة الانتاج متدنية مقارنة بكلفتها في الدول الصناعية المتقدمة . ويعود ارتفاع كلفة الانتاج في الدول الصناعية المتقدمة الى عدة اسباب ، اهمها تحديد حد أدنى للاجور ، الزام الشركات بدفع الاستحقاقات الاجتماعية (كالتأمين الصحي ، صناديق تقاعد ، الحفاظ على سلامة العاملين وما شابه )واخيرا وهو الاهم ، فالعمال في الدول الصناعية المتقدمة منظمون في نقابات تدافع عنهم وقت الحاجة ، ويوحد هذه النقابات المتنوعة والمختلفة والتي تمثل كل واحدة منها قطاعا انتاجيا خاصا ومحددا ،يوحدها جميعا التضامن ! الذي هو السلاح القوي في ايدي العمال والمنتجين . وبما أن رأس المال يطمح دائما الى الوصول الى الحد الاقصى الممكن من الربح ، فأنه يبحث عن كل طريقة لزيادة الارباح . وبالمقابل فأن دولا كبرى سكانيا تملك ثروة بشرية هائلة تعاني من بطالة ، كانت على استعداد لتوفير البنية التحتية لعملية الانتاج (مباني واحيانا ماكينات ) وتوفير القوى العاملة وكل ذلك مقابل اسعار زهيدة جدا ، ودون اي مسؤولية قانونية للرأسمال عن شروط وظروف عمل العاملين . لقد كانت الصين ومن ثم الهند ودول شبه القارة الهندية " منجم " القوى العاملة ، التي زادت الارباح للرأسمال العابر للقارات . بداية كانت صناعة النسيج وخياطة الملابس هي التي تم تحويلها الى الدول الفقيرة ، والتي وفرت مصدر رزق للالاف من النساء في هذه الدول . لكنها أعادت للاذهان صور الاستغلال البشع للعمال والعاملات في بداية الثورة الصناعية . لكن هؤلاء العمال والعاملات بحاجة الى هذا العمل المقرون بالاستغلال البشع ، من أجل توفير لقمة العيش للافواه المنتظرة في البيوت ، والا فالموت جوعا هو ما ينتظرهم . وبالمقابل "فترحيل " صناعات بكاملها من البلد الام الى اسواق العمالة الرخيصة ، قد القى بالالاف الى سوق البطالة في البلد الام ، وفي اسرائيل مثلا ،تم القضاء تقريبا على فرع النسيج والخياطة ، وتم نقلها الى الاردن ومناطق السلطة الفلسطينية . كسب راس المال ارباحا كبيرة ، اضعاف مضاعفة مما كان يربحه قبل "الترحيل " ووفر على نفسه مهمة المواجهة الدائمة مع النقابات ، ووفر كذلك على نفسه "متاعب مع الضمير " ، فهو ليس مسؤولا عن ظروف تشغيل العمال في البلدان المضيفة ، وانما هو يتعاقد مع مقاولين محليين . وهكذا يظهر بمظهر المتنور الذي يوفر فرص عمل للفقراء ،ويساهم في رفع مستوى معيشتهم . وقد يلجأ احيانا الى وضع شروط تضمن ساعات راحة للعاملين او دفع تعويضات في حالة الاصابة ، وبهذا يرضي " ضميره " !!!!! ما حدث في بنغلاديش من انهيار مصنع النسيج ، الذي عمل فيه ما يقارب ال 4000 عامل وعاملة ، في ظروف لا يمكن وصفها الا بكلمة "غير انسانية " ، والاستهتار الصارخ بشروط الامان والسلامة ، مما يبرهن أن حياة الأنسان لا تعني شيئا بالنسبة للرأسمال وشريكه المحلي . الف عامل وعاملة ، هي حصيلة "كارثة " القتل العمد ، ضحايا الجشع الرأسمالي . وماذا يفعل العمال بالمقابل وخاصة في الدول الصناعية المتقدمة ؟ انهم يشترون الملابس التي تخيطها ايادي من لا تساوي حياتهم شيئا !! ويدفعون ثمنها الباهظ ، لانها فيرما مشهورة !! وينسون بأنهم فقدوا وظائفهم قبلها لكي تزيد ارباح رأس المال . بامكانهم كحد ادنى مقاطعة المنتوجات الملطخة بدماء الالاف من العاملين والعاملات، حتى يقوم رأس المال بتوفير شروط عمل انسانية لهؤلاء المسحوقين . اين التضامن ال.........؟؟!!
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حرب مؤسسة الكهنوت من أجل السيطرة
-
تعقيب على مقال الاستاذ جمشيد- العنصرية هي الحل
-
الصحة تاج على رؤوس الاغنياء
-
المطلوب منظومة قيمية .. -لا صهيونية ولا سلفية -
-
ملاحظات على مقال - في حب اسرائيل -
-
حروب الجبناء
-
جسر مؤقت (للاسنان ) ... أو اسرائيل سنة 2017
-
العودة .....مسيرة الى الذكريات
-
اخبار خفيفة تراجيكوميدية
-
الايمبوتنتسيا وال ...Mass Psychosis
-
قانون الحاضر الغائب
-
الشقق الشيوعية وسوء التطبيق
-
في نقد رومانسية -الربيع العربي -
-
الاتلاف والائتلاف
-
طلاسم بحاجة الى تفسير في السياسة والدين
-
مزمور للسلام...!
-
الذئب الفلسطيني والحمل الاسرائيلي ...؟!
-
اللامرئيون أو العمالة المهاجرة
-
جدلية الدين ، الجنس والسيطرة
-
فتاوى بيدوفيلية
المزيد.....
-
بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة
...
-
أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية
...
-
الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2
...
-
صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير
...
-
الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط
...
-
تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2
...
-
صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
-
-بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
-
بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|