أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الحويجة وأخواتها














المزيد.....

الحويجة وأخواتها


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4073 - 2013 / 4 / 25 - 21:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في مواجهة كل أزمة عادة ما يتسابق بعض السياسيين لطرح دعوات التهدئة السريعة, وفي مواجهة أزمة الحويجة كان متوقعا أن يجري ذلك السباق بوتيرة أسرع والسبب معروف وهو أن عدد الشهداء الذين ذهبوافي تلك المجزرة اخيرا بات ينذر بإنفجار الأزمة في وجه الجميع.
لا اشك في أن الكثير من دعوات التهدئة هذه إنما تصدر من نوايا حسنة, ومن قلق وخوف مشروع على حياة العراقيين, ومن أجل بقاء وطنهم موحدا وسالما من الكوارث التي تتعرض لها المنطقة, وخاصة تلك المتوقعة أن تعبر إلينا من الأراضي السورية. غير أن دعوات التهدئة هذه,إن لم تقدم في نفس الوقت حلولا مجدية للأزمة, فهي لن تتعدى سوى محاولات لتسويف الموقف, أو هي تأتي تعبيرا عن عجز كامل عن تقديم الحل المطلوب,أو عن قصد مبيت لجعل تلك الأزمة مستمرة لغرض إستعمالها لصياغة نظام عراقي جديد يتخطى الكثير من اساسيات وقوى العملية السياسية التي سبقته, وهذا ما يسعى إليه المالكي بالذات, أو لغرض تعويم الساحة العراقية في الساحة السورية وجعل الساحتين ساحة واحدة وذلك نتيجة لتصاعد المواجهات الإقليمية وطغيان الإقليمي على الوطني الذي تعمل بموجبه أحزاب الإسلام السياسي بنسختيها الشيعية والسنية.
في ندوة تلفزيونية جمعتني مع شخصين آخرين بشأن أحداث الحويجة سألني مقدم البرنامج فيما إذا كنت متفائلا بالوصول إلى حل مجدي للمواجهة الحالية في العراق. وبينما أكد الضيفان الآخران على تفاؤلهما بإمكانية الوصول إلى حل للأزمة الحالية, إلا إنني لم أوافقهما الرأي وأعلنت دون تردد عن تشاؤمي من القادم الذي قد يكون أعظما. وأعترف بأن موقف الضيفين الكريمين كان قد أثار لدي قلق من دور يمارسه الإعلام في إتجاهات سلبية, فالتفاؤل في غير وقته وفي غير محله هو يعبر, أما عن خلل في الرؤيا وعجز عن التقدير الصائب, أو عن مجاملات ليس فيها الحرص الكافي على حياة العراقيين. إن إعلان التشاؤم في موقف كهذا لا ينطلق من رؤء سوداوية قاتمة, ولا يعبر عن حالة إحباط وخيبة ويأس من الوصول إلى حل مجدي, وإنما هو على العكس من ذلك ينطلق من تقدير صائب لعمق الأزمة, ولا يتعامل معها على السطح فقط, مثلما ينطلق أيضا من دعوات صريحة للتعامل مع اساسيات وجذور الأزمة من أجل الوصول إلى حل مبدئي من شأنه ان يقتلع الأزمة من جذورها ويمنعها من أن تلد أزمات اخرى. إن عشرة سنوات من الأزمات المتكررة إنما يؤكد على أن رحم الأزمات في العراق خصبا وولادا. هذا يعني أن العلة الاساسية ليست في المولود, أي في هذه الأزمة او تلك, وإنما هي في الرحم. وإذا كانت معالجة المولود هي مسالة مهمة, غير ان الأكثر أهمية منها هي معالجة الرحم الذي ينتج ذلك الكم من الولادات المشوهة, وإذا إستمرت الحالة مع وجود رحم كهذا فإن العراق برمته سوف يتحول إلى مأوى للمعوقين.
إن التظاهرات التي مازالت مستمرة منذ أربعة اشهر, وعدم القدرة على حلها, تعبر بشكل أكيد عن تفارق كبير في الرؤى وعن تناقض أكيد في المشاريع على كل جهة, ولو لم يكن هناك تناقض يتجاوز التفاصيل إلى المبادئ, والجزئيات إلى القضايا الكلية, لما ظلت الأزمة تدور في ساحتها ولما عجز النظام عن تقديم حل لها. فإذا ما أضيف إليها الهروب من مجابهة المشكلة الأساسية, والنحو بإتجاه إسقاط هذا العجز على وجود مفترض أو صغير للقاعدة والتكفيريين فلسوف يجعلنا ذلك نعتقد بأن النظام إنما يريد لهذه الأزمة أن تستمر, أما لأنه يؤمن بأن مصير المتظاهرين هو أن يذهبوا إلى دورهم بالنهاية, أو لأنه بات يعتقد ان الإستجابة لمطاليب المتظاهرين تعني إنتصارهم عليه الأمر الذي يفتح أبواب التراجعات التي تنال من صورة الرجل القوي الذي يحاول المالكي وأنصاره أن يتقدم به للناس.
وربما يكون الدافع على مستوى أخطر من ذلك بكثير, إذ ليس من الصواب مطلقا أن يتم البحث في الأزمات العراقية المتلاحقة بعيدا عن قصة الرحم المريض تلك, اي كون النظام نفسه هو نظام أزمات وليس نظام حلول, كما وليس من الصواب أن يجري تجريد هذه الأزمات من أية روابط إقليمية. وتأثير هذه الروابط الأقليمية لا شك كان تأسس على فكر إسلاموي وهابي تكفيري يلقى الدعم الأكيد من دول كقطر والسعودية, وعلى فكرإسلاموي طائفي تقوده إيران وتتمثله أحزاب شيعية معروفة , أما العراق فقد صادر مصدر ضعفه الحقيقي يتلخص في طغيان الساحة الإقليمية على الساحة الوطنية, بل وحتى في غياب أو تغييب أو معاداة البرنامج الوطني, الذي لا يمكن للدولة العراقية أن تتأسس بدونه, أو للوطن العراقي ان يستمر بغيابه.
قد يكون بالإمكان وقف التدهور الذي تصاعد في الحويجة, لكن ذلك سيكون بصورة وقتية, أما الأزمة فستلد أخرى, وما لم ننتقل من معالجة الخلل على مستوى التفاصيل إلى الخلل على مستوى المبادئ الذي يتلخص في غياب البرنامج الوطني وسيادة الإقليمي على الوطني ووضع الثاني في خدمة الأول, فإن معالجة كهذه ستكون أشبه بمعالجة مريض يشكو من صداع مزمن بواسطة الإسبرين بدلا من التعامل مع سبب ذلك الصداع المزمن الذي قد يكون ورما في الدماغ .



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة السورية... بين قوانين الطبيعة وقوانين السياسة
- مرة أخرى/ رجل الدين الصحيح .. علماني
- التاسع من نيسان.. جردة حساب سريعة
- الأغلبية السياسية.. الحل الصحيح في الزمان الخطأ
- رجل الدين الصحيح ... علماني
- السقوط بالتقسيط
- الوطنية والعمالة.. بين المعنى المخابراتي والمعنى الأخلاقي
- أصل المشكلة .. الإسلام السياسي.
- مرة ثانية... أيامنا كلها كربلاء وأيامهم كلها لندناء
- هل تقوم الحرب الأهلية وهل يتقسم العراق
- أيامنا كلها كربلاء وأيامهم كلها لندناء
- العلمانية عراقيا....... (2)
- صلح الفرسان ... ناس بلا وطن أم وطن بلا ناس
- الرجل الذي كسر قرن الثور
- العلمانية... عراقيا
- مرة أخرى... تفتيت الإرادات أم تقسيم الجغرافيا
- تفتيت الإرادات أم تقسيم الجغرافيا.
- الطائفيون وتظاهرات الأنبار
- إزاحة المحمود.... بين إتقان القيادة وإتقان المعارضة
- من سطوة المحمود إلى سطوة الإجتثاث


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الحويجة وأخواتها