أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - المرشد العيرة والتقليد الفاشل



المرشد العيرة والتقليد الفاشل


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3981 - 2013 / 1 / 23 - 10:56
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


العيرة ذهب قشرة، تقليد للذهب الأصلي، الحقيقي. والمرشد العيرة هو قشرة وتقليد للمرشد الأصلي، الحقيقي في إيران الشيعية. ثمة اختلاف شاسع في جوهر المذهب الشيعي مقارنة بالسني، ما يجعل التطابق بينهما في أشياء كثيرة من رابع المستحيل. نقطة افتراق الفريقان والمحدد الرئيسي لشخصية كل منهما طوال التاريخ الإسلامي فيما بعد كانت أثناء حقبة الفتنة الكبرى منذ اغتيال الخليفة الثالث عثمان بن عفان والممتدة حتى استقرار الحكم لأسرة معاوية بن أبي سفيان فيما يعرف بالخلافة الأموية. الفريق الشيعي تمايز وافترق عن الفريق السني على أساس نقطة خلاف جوهرية واحدة: أن الواقع الفعلي لا يمكنه أبداً أن يلاءم ويكيف ويسوغ الموقف المبدئي، مهما كانت عواقب الواقع وخيمة وأليمة. بينما كان موقف الفريق السني على الضد تماماً: لابد من الاعتراف بالواقع مهما كان شاذاً والعمل على ملائمته وتكييفه قدر المستطاع مع المبادئ وتحسينه واستساغته مهما كان طعمه مراً. بالتعبير الشعبي وفيما يخص حيز السياسة والحكم على الأقل، قام المذهب السني في الأصل على فكرة أساسية أن "كل من تزوج أمي، أقول له يا عمي" (كل من يصل إلى سدة الحكم يصبح حاكماً شرعياً)، بشرط أن يكون من نفس ديني وبصرف النظر عن أي شيء أو مبدأ آخر. هكذا بالضبط كان تعامل المسلمين السنة مع الأسرتين الحاكمتين الأموية والعباسية وجميع الأسر الحاكمة بعدهما إلى اليوم.

الموقف، ومن ثم المنحى التطوري التاريخي، في المذهب الشيعي مختلف كثيراً. الشيعة منذ أيام الفتنة الكبرى وبعدها لم يسلموا أبداً للواقع وظلوا متمسكين بمبادئهم حتى آخر نفس. من هنا نشأ ولا يزال مستمر في المذهب الشيعي توتر وازدواجية لم توجد أبداً في المذهب السني بين الواقع والمبدأ، العالم الفعلي والعالم المثالي، "آل الحكم" و"آل الدين"، ما يشبه إلى حد ما التوتر والازدواجية التي نشأت بين الكنيسة وبيوت الحكم في أوروبا العصور الوسطي. الفرق أن في أوروبا كانت غالباً اليد العليا في هذا النزاع المكتوم للحكام، بينما في إيران اليوم تحديداً قد تكون لفريق الملالي والمرشد الأعلى. إزاء بعض القضايا الإسلامية المحورية التي نشبت فيها الفتنة الكبرى، سلك المسلمون الشيعة سكة التمسك بالمبادئ الدينية أولاً ومهما كان اختلافها مع الواقع وما قد يترتب عليه من نتائج وخيمة ومؤلمة؛ بينما اختار المسلمون السنة الطريق الواقعي وأخذوا يكيفون مبادئهم الدينية مع أي وكل حاكم يستطيع أن يصل بالقوة أو بغيرها إلى قصر الحكم، بشرط وحيد هو أن يكون مسلماً أو على الأقل يشهر إسلامه إذا كان من خارج المسلمين. هذان الاتجاهان الضدان أنتجا نتيجتان متضادان أيضاً ومستحيل التوفيق أو الجمع بينهما في تعايش وسلام: (1) المذهب الشيعي خلق "مؤسسة دينية" شيعية شبه مستقلة، تضعف أحياناً وتقوى أخرى، تظهر على السطح أحياناً وتختفي أخرى، لكنها في جميع الأحوال موجودة منفصلة وشبه مستقلة عن "قصر الحكم" منذ أن نشأ المذهب الشيعي ذاته؛ (2) بينما المذهب السني ظل عائماً تائهاً لم يسكن أي مؤسسة على الإطلاق، واكتفى بالانصهار والذوبان شبه الكامل داخل القصر السني المسيطر.

شجرة الإرشاد الديني المستنبتة منها بدعة "المرشد" الديني قامت وأزهرت وأثمرت في الأصل في تربة دينية شيعية خصبة ومواتية، تحت درجة حرارة ورطوبة وضوء الشروط التاريخية الخاصة بالتجربة الشيعية منذ بداياتها الأولى حتى اليوم. في هذا، التربة الدينية السنية كانت ولا تزال قحل وصخر ورمال ساخنة متحركة عقيم- واد غير ذي زرع مؤسسي. طوال التجربة الدينية السنية لم تنشأ قط أي مؤسسة دينية شبه مستقلة عن سلطان بيوت الحكم. إلى اليوم، كافة الشخصيات والهيئات الدينية السنية إما أن تكون خاضعة لسلطان القوة المسيطرة أو أن تكون منشقة ومتمردة عليها، وهو ما يقطع في كلا الحالتين بعدم وجود المؤسسة الدينية المستقلة أو شبه المستقلة. هذا ما يجعل منصب المرشد المصري السني عيرة ونشازاً تاريخياً، ويحكم مسبقاً بالفشل على تجربة الإخوان المسلمين في الحكم.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحول الثوري الثالث
- الثورة تقتل أبيها، لكن لا تفنيه
- ثورة خرجت من بيتها
- حول المشكلة الإسلامية (3)
- حول المشكلة الإسلامية (2)
- حول المشكلة الإسلامية (1)
- احترام الأديان من احترام الإنسان
- الله في أبهى ثوب
- أنا موجود إذاً الله موجود
- أنا موجود، الله موجود؟
- والله لا يتكلم
- المعنى بين النص والواقع
- لغة البهائم والبشر
- لأن الله معهم
- الشعب والنخبة والحاكم بين الديكتاتورية والديمقراطية
- الإخوان لا يهزمون أبداً بالوسائل الديمقراطية
- الدستور أو الشريعة
- حتى لو خلعت ملابسها في ميدان عام
- اصرفوا رئيس اليمين الباطل
- رئيس في الهواء


المزيد.....




- قُتل في طريقه للمنزل.. الشرطة الأمريكية تبحث عن مشتبه به في ...
- جدل بعد حديث أكاديمي إماراتي عن -انهيار بالخدمات- بسبب -منخف ...
- غالانت: نصف قادة حزب الله الميدانيين تمت تصفيتهم والفترة الق ...
- الدفاع الروسية في حصاد اليوم: تدمير قاذفة HIMARS وتحييد أكثر ...
- الكونغرس يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا بقيمة 95 مليار ...
- روغوف: كييف قد تستخدم قوات العمليات الخاصة للاستيلاء على محط ...
- لوكاشينكو ينتقد كل رؤساء أوكرانيا التي باتت ساحة يتم فيها تح ...
- ممثل حماس يلتقى السفير الروسي في لبنان: الاحتلال لم يحقق أيا ...
- هجوم حاد من وزير دفاع إسرائيلي سابق ضد مصر
- لماذا غاب المغرب وموريتانيا عن القمة المغاربية الثلاثية في ت ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - المرشد العيرة والتقليد الفاشل