أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جهاد نصره - الكورد..قضية شعب















المزيد.....

الكورد..قضية شعب


جهاد نصره

الحوار المتمدن-العدد: 1132 - 2005 / 3 / 9 - 11:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فشلت على مرِّ التاريخ الإنساني جميع محاولات التذويب العرقي، والإلغاء الديني، والتهجير الجماعي
والإقصاء كائنة ما كانت المظلة التي تظلل بها..! وقد حفل هذا التاريخ بحروب قومية، و مآسي، وفواجع لا
تحصى.. وحتى الأمس القريب عرفت سورية إبان الخلافة العثمانية مذابح واسعة شملت معظم التجمعات
المذهبية المغايرة لمذهب الأكثرية السنية الذي هو دين الخلافة الرسمي..! ولكن، وبعد بزوع عصر القوميات
وانتشار الفكر القومي الذي نتج عنه تأسيس أحزاب قومية تقدِّس العروبة، وتؤصِّل تاريخية الأمة العربية،
وتبسِّمل ما تدعيه من رسالة خالدة..!؟ برزت معاناة جميع الأقليات العرقية التي لا يعود أصول أجدادها إلى
صحراء الحجاز حيث ترعرعت القبائل العربية وانطلقت بعد اشتداد عود الدعوة الإسلامية لتغزو باسم الله
الشعوب القريبة والبعيدة ..!
وبالرغم من أن استيطان الأعراق المختلفة في بلاد الشام والرافدين عرف على مدى التاريخ تماوجاً، و تنقلا،
ً وهجرةً إلا أنه ظلَّ استيطاناً أصيلاً تعززه جميع الدراسات التاريخية لشعوب هذه المنطقة التي حفلت بأحداث
تاريخية قلَّ مثيلها..!
لكن، ومنذ وصول بعض الأحزاب القومية إلى سدة الحكم في بعض بلدان المشرق، ظهرت، وتبلورت، النظرة
التعصبية الشوفينية تجاه كل الانتماءات العرقية غير العربية، ومن ثم تكرّست تلك النظرة عبر الممارسات غير
العادلة التي سرعان ما تقوننت من خلال سياسات التعريب المنظمة، وحملات التطهير والحرمان من كافة
الحقوق الإنسانية الطبيعية بما فيها حق استخدام لغة الأجداد..!
باستثناء الشعب الكوردي فإن معظم القوميات الأخرى محدودة وصغيرة العدد وبالأساس أبناء تلك القوميات
( الأرمن – التركمان- الشركس..وغيرهم ) مهاجرون من موطنهم باتجاه سورية لأسباب تاريخية مختلفة بما
فيها الأوضاع الاقتصادية وحروب الإلغاء والتطهير العرقي ( المذابح ) بمعنى أنه ليست لهم جذور تاريخية في
المنطقة كما هو حال الشعب الكوردي الذي هو سابق في استيطانه على العرب الفاتحين..!
لقد شهد تاريخ الشعب الكوردي منذ تأسيس الإمبراطورية الإسلامية وإلى زمن تفككها بعد انهيار الخلافة
العثمانية حالات متباينة ومختلفة تراوحت بين التعايش والاضطهاد والثابت الوحيد كان على الدوام: عدم
الاعتراف بالهوية القومية للشعب الكوردي بذريعة أن كافة الإسلاميين إخوة و الإسلام يصهر تحت مظلته جميع
الناس في حظيرة الأمة الإسلامية الكبيرة..! ولم يكن للسماحة الإسلامية التي يتغنى بها فقهاء السلاطين أي معنى
ملموس على الأرض التي كانت تشهد على الفظائع التي يرتكبها الفاتحون والتي ليس أقلها جزّ الرؤوس، وصلب
الأبدان، وسبي النساء، ونزح الثروات وغير ذلك..! ولم يختلف الوضع في العصر الحديث الذي شهد سقوط
الخلافة الإسلامية بعد ترسيخ الحدود بين القوميات المختلفة في المنطقة وقيامة الكيانات القومية ( تركيا وفارس
والعراق وسورية ) وعدد كبير من الدول العربية.. وحدهم الأكراد الذين لم تلتفت إليهم الدول المنتصرة في
الحرب العالمية حين عملت على ترسيم الحدود بين الدول بما يخدم مصالحها في الدرجة الأولى..!
وقد تراجعت عن وعدها بتمكين الأمة الكوردية من حق تقرير المصير وقيامة دولة لهم في كوردستان أسوة
بالشعوب الأخرى..!
وقد اكتفت بالشرط الذي وضعته على طلب عضوية العراق للهيئة الدولية بإعطاء الكورد حكماً ذاتيا وبالرغم
من ذلك فإن هيئة الأمم لم تعمل على تفعيل ما اشترطته وظلَّ الأكراد يتعرضون على أيدي الحكام العراقيين
المتتاليين إلى محاولات مستمرة لتهجيرهم من أرضهم، وتعريب بلداتهم.. ومن بعد هيمنة حزب البعث القومي
على السلطة في العراق، تعرض الشعب الكوردي لعدة حملات إبادة شاملة..وهكذا عانى الشعب الكوردي ولا
يزال من أبشع السياسات الشوفينية وأكثرها دموية، تلك السياسات التي لم تقتصر على الأكراد القاطنين في
كوردستان بل شملت تلك المعاناة جميع الأكراد في الدول الأربعة ( العراق و سورية و إيران وتركيا )..
وبالرغم من كفاحه المتواصل، فإن الظروف الناشئة لم تساعد الشعب الكوردي على نيل حق تقرير المصير
أسوة بالشعوب الأخرى، الأمر الذي أودى بهم لأن يعيشوا في ظلِّ أوضاعٍ إنسانية مذرية في الدول الثلاث
المحيطة بكوردستان العراق التي ظلت كما كانت عليه خلال قرون: القلب من جغرافيا الشعب الكوردي..! وهذا
الانتشار سبب للشعب الكوردي المتعايش بسلام مع شعوب الدول المعنية معاناة مريرة مع كل الحكومات
المهيمنة في تلك الدول ( إيران وتركيا وسورية ) التي لم تعترف يوماً بأية حقوق خاصة للأكراد فيما أملت
عليهم كل الواجبات الوطنية.! كما أنها سلبت الأقليات الصغيرة الأخرى كل ما يتعلق بهويتها..!
في سورية، وبالرغم من سياسة التعريب والتهجير الذي تعرض له الشعب الكوردي في العقود الأخيرة من القرن
المنصرم، فإن معظم القوى والفعاليات السياسية الكوردية، ظلت تحت سقف النضال السلمي لتحصيل الحقوق
المشروعة و مقاومة الانتهاكات اللاانسانية الجارية بلا توقف.. وهي لم تندفع إلى انتهاج العمل العنفي حتى في
أحلك الظروف التي سادت في البلاد كما حدث إبان الصراع العنفي الدموي بين السلطة والإخوان المسلمين..!
وقد حرصت تلك القوى على الربط بين المعاناة الكوردية بالرغم من خصوصيتها مع معاناة أغلبية الشعب
السوري.. وهي حاولت على الدوام فتح قنوات الحوار مع الأحزاب السياسية على اختلاف تلاوينها انطلاقاً من
وعيها بأن العملية السياسية في سورية هي قضية نضال وطني ديمقراطي بامتياز.
لكن، وكما عودتنا الأنظمة المتمترسة خلف أيديولوجيات قومية، أو دينية، فإن ميكانيكية التسلط تفاقم الأزمات
والإشكاليات وتراكمها بدل أن تعمل على معالجتها وصولاً إلى لحظات الانفجار المحتمة..! وهي تظن بفعل
الغباء الذي يترافق عادةً مع امتلاك أدوات القوة والقهر الذي تتيحه الهيمنة المطلقة على مقدرات وثروات
البلاد، أنها محت من طريقها كل الاستحقاقات التي ترى فيها افتئاتاً على مخططها الشوفيني، ومنهجها
الاحتكاري، وهيمنتها الشاملة، بما يعني تكريس وحدانيتها، وتأبيد حكمها..! إضافة إلى ما تجره سياساتها تلك
من نتائج وخيمة على البلاد بدءا من التمترس المذهبي والطائفي الذي تحدثه في عموم الوسط الشعبي مروراً
بتوسيع الفجوات والشروخ بين مختلف الشرائح الاجتماعية، وانتهاء بما شاهدناه على الأرض في شهر آذار من
العام الماضي والذي كشف عن النتائج الوخيمة التي ترتبت على سياسات السلطة تلك و التي عبرَّت عنها مجدداً
من خلال شكل ومحتوى تفاعلها مع الأحداث العنفية، ومن ثمّ طريقة معالجتها للأوضاع المتفجرة حيث حاولت
في البداية امتصاص الشحنة السلبية لتعود وتنقض أمنياً على الضحايا وهم عموم الشعب الكوردي..! وهو الأمر
الذي يحسم كل المراهنات على إمكانية أن تجد قضية الشعب الكوردي تفهماً حقيقياً لدى هذه السلطة التي لا يمكن
أن تتراجع عن سياساتها الذي يعني إمكانية أن تغير جلدها وذلك لأنها تركيبة مجبولة أيديولوجياً و أمنياً بحيث
يجعل من تعاطيها مع كل القضايا الحيوية في الفضاء السوري يأخذ هذا المنحى التسلطي الشوفيني الاحتكاري..
ومن نافل القول: إن هذه القضايا تستوجب النضال باتجاه واحد أحد هو الديمقراطية، وقيامة الدولة المدنية بما
تعنيه من الارتكاز إلى دستور مدني معاصر يضمن الحقوق الكاملة لجميع مكونات المجتمع عرقيا،ً ومذهبياً..
وهذا المآل باتت تتطلبه، وتدفع باتجاهه، مجمل المتغيرات العالمية المتسارعة وعلى الأخص في ميدان حقوق
الإنسان التي أصبحت سمة العصر بحيث يمكن القول: إن عصرنا هو عصر الحريات، والديمقراطيات، وحقوق
الشعوب، وحقوق الإنسان.
في آذار من العام الماضي، بان الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وانكشفت حقائق ما كانت لتتأكد لولا الأحداث
الدامية في مدينة قامشلو..!؟ وأكثر ما كان مؤسفاً هو تلك الأصوات التي كان أصحابها ولا يزالون، محسوبين
على اليسار والتقدمية، وبعضهم ينتمي إلى منظمات سياسية ( أحزاب ) موالية ومعارضة..!
لقد عبَّر أولئك ( الأفندية ) عما يجيش في دواخلهم وتخفيه في الظروف العادية انتماءاتهم التقدمية الشكلية،
وظهرت سطحية تلك الانتماءات حين استفاضوا في الحديث عن الوحدة الوطنية، وعن المخاطر التي يتعرض
لها الوطن، وعوضاً عن الحديث عن المسئول عن هشاشة هذه الوحدة، وعن مسببات الأزمة الشاملة التي تعتري
كافة مفاصل البلاد بعد عقود من هيمنة حزبية أحادية ترفع لواء التقدم والحرية وغير ذلك من مفردات الخطاب
الأيديولوجي القومي، راحوا يكيلون الاتهامات على الضحايا المحرومين من كافة حقوقهم العامة والخاصة
التي تقتضيها الهوية القومية من لغة وتاريخ ثقافي وغيره..! الأمر الذي يعني بصريح العبارة أنه على الشعب
الكوردي ومنظماته السياسية أن لا ينتظروا من التنظيمات السياسية التاريخية المتقوقعة حول ذواتها، والمرددة
لخطاب أيديولوجي لم تعد له صلة بالعصر الراهن، والمعدومة الفعالية، أي تشارك سياسي حقيقي..!؟ اللهم
سوى الرغبة العارمة في هدر المزيد من الزمن في الحوارات العقيمة .!
ومهما كانت عليه الأوضاع فإنه و كما لفظت الأسرة العالمية، و المجتمع الدولي، السلطة العراقية في الأمس
القريب، فإنه من الطبيعي أن يلفظ بالتتالي كل الدول والأحزاب الممانعة لسيادة قيم العصر وذلك تمهيداً لتكنيسها
إلى مذابل التاريخ الإنساني.



#جهاد_نصره (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزب الكلكة وحبوب الفياغرا
- الفاجعة اللبنانية وتيوس الأمر الواقع
- الإرهاب المنظم يردّ في لبنان على نجاح التجربة العراقية
- غربلة المقدسات -47-
- غربلة المقدسات - 46 - الحاكم بأمر الله
- غربلة المقدسات -45- مدرسة السجود
- غربلة المقدسات-44-مدرسة الطاعة
- غربلة المقدسات -43-
- سَلَطة ثوابت وشعارات..؟
- الوطن في فكر الشيخ سعيد حوى
- غربلة المقدسات -42- من علوم السنة النبوية
- غربلة المقدسات -41- من علوم السنة المسكوت عنها
- غربلة المقدسات-40- من علوم السنة النبوية المسكوت عنها
- المحلِّقون الفضائيون في الأيام الأخيرة
- غربلة المقدسات-39-الشعب غير المقدس
- الإعلام الغائب والصحافة المفترضة
- المملكة المتحدة.!؟
- غربلة المقدسات-38-الأرض المقدسة
- كتابة في الإقامة الجبرية
- غربلة المقدسات -37- المحدِّث الجليل: عبد الله بن عمرو بن الع ...


المزيد.....




- جامع الشيخ زايد الكبير.. أبرز الحقائق عنه
- بعد سيطرة الجيش الإسرائيلي عليها.. خريطة توضح المنطقة الحدود ...
- مراسم تنصيب بوتين رئيسا لروسيا لولاية جديدة (مباشر)
- ما هي الأسلحة النووية التكتيكية التي تريد روسيا إجراء تدريبا ...
- مصادر مصرية تكشف لـRT حقيقة إغلاق معبر رفح بالكتل الخرسانية ...
- الصين تنجح بإطلاق صاروخ فضائي جديد صديق للبيئة
- -يديعوت أحرونوت-: مصر قد تقلص العلاقات الدبلوماسية مع إسرائي ...
- ريابكوف يفسر سبب دعوة الدول غير الصديقة لحضور مراسم تنصيب بو ...
- نجل زوجة قائد الجيش الأوكراني يقود مسيرة النصر السوفيتي في أ ...
- تحرير ما لا يقل عن 107 مهاجرين من الأسر جنوب شرقي ليبيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جهاد نصره - الكورد..قضية شعب