|
الفاجعة اللبنانية وتيوس الأمر الواقع
جهاد نصره
الحوار المتمدن-العدد: 1119 - 2005 / 2 / 24 - 10:33
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
لم يعد أمر البعض من عبيد الأيدولوجيا محتملاً..! لقد تجاهلناهم طويلاً ولم نشأ أن نذرف حبرنا كيفما كان ولكن، حان الوقت لامتشاق القلم والذهاب إلى النهايات مهما تكن.. ولمَ لا والخسارة كامنة في الصمت كما هي في الكلام.؟ أولئك المؤدلجون الذين ليست عندهم رغبة التطور و لا يملكون إمكانيته، والذين يملكون البصر ويفتقدون البصيرة، تغيظهم الكلمة الجديدة، والفكرة الجديدة، واللغة الجديدة..وهم لا يرون في كلِّ هذا غير الموبقات، فتارةً يستحضرون الإمبريالية، وأخرى الصهيونية، وما بينهما العولمة الداعرة ، ومؤخراً الليبرالية الجديدة ابنة عم الليبرالية القديمة، وجارة أم علي الكولونيالية.. وإلى ما هنالك من محتويات القاموس المحروس من قبل التيوس الذين يرشقون من كفر بهم، وبالأمر الواقع، بكل ما في جعبتهم من قذائف خلبية من مثل: العمالة، والارتهان للخارج، والتعامل مع السفارات وغير ذلك.! تيوس الأمر الواقع ونحن منهم باعتبارنا من النخبة التي لم تختلف إلى يومنا هذا عن القطيع إلا في الثرثرة المتواصلة، يغضّون النظر عن الخصوم السياسيين من حولهم اللهم إلا من بعض الكلام الذي لا يهش.. ولا ينش..! وذلك بسبب نقص هرمون الرجولة السياسية لديهم في حين تراهم يرفعون قبضاتهم الكرتونية في وجوه الذين كفروا بالأمر الواقع.. وبهم قبل ذلك .! وهم، أو نحن جميعاً، نتباكى منذ خمسين عاما ونيِّف على الجغرافيا.. مجرّد جغرافيا يحلم الناس منذ زمنٍ طويل أن تصبح وطناً حقيقياً للجميع..! فيوماً يقولون: إن البورجوازية الطفيلية سرقت الوطن..! ويوماً يقولون: الإمبريالية الشريرة تعدّ العدة لنهب الوطن..! ولا أحد يعرف كيف ستنهب الإمبريالية شيئاً لم يعد موجوداً.!؟ وتيوس الأمر الواقع، أصبحوا أمراً واقعا بدورهم وهم، وكما هو واضح، سيبقون كذلك إلى أن يأتي الوقت الذي تتحطم فيه على رؤوسهم جغرافيا الوطن المفترض .. حينذاك، قد يفيقون من غفلتهم بعد فوات العقل، و فوات الأوان..! أوان الأيدولوجيا و أصنام الكلام الذي هو عندهم مجرّد عجينة مناسبة للشعارات والعلف السياسي..! تيوس الأمر الواقع، لا يعنيهم الزمن الذي يهرب بسرعة البرق من بين الأصابع، ومن فوق الأجيال المتعاقبة، ومن شقوق جغرافيا الوهم خاصتهم.! في حين يستمرون بكل دعة، وتيسنة، في تقديس الأوهام، والخرافات، ومآثر التاريخ الغابرة..! وهم بذلك لا يتركون وراءهم سوى الغبار، ووحل التردي، والاستكانة الذليلة.! تيوس الأمر الواقع، يتباكون على كلِّ شيء وينسون أنفسهم بينما هم قبل غيرهم من يستحق دموع الرثاء، أو الشفقة، أو الحسرة و بخاصة حين يدّعون أنهم أحزاب، أو منظمات، أوما شابه ذلك من مثل: قرّر الكتب السياسي كذا..و اجتمعت اللجنة المركزية أو الوطنية كذاك..! ويا لها من لجان .!؟ وأكثر ما يدهش هو في حقيقة أنه كلما حفل الواقع بالمآسي المحبطة كلما كثر كلامهم عن الإمبريالية، والكومبرادور، والعولمة المتوحشة، والليبراليين أذناب الاستعمار في حين أنهم لا يتوقفون يوماً على أضرحة أيديولوجياتهم ليسألوا أنفسهم كيف، ولماذا، يحصل أن شيخا أمياً بلحية أم بدونها، أكثر أهمية منهم، وأكثر تأثيراً بمالا يقاس بالرغم من كلِّ تخرصاتهم التي امتدت لعشرات السنين .! وهاهم اليوم وقد سقط سياسيٌ من طرازٍ رفيع يستمرون في التنظير، والعمليات الهجومية الخنفشارية على الأعداء الإمبرياليين..! إنهم يرثون هذا البؤس أميناً عاماً بعد أمين، ورفيقاً بعد رفيق، وانشقاقاً بعد انشقاق.! وعوضاً عن الانكباب والشغل على هذه المسألة وغيرها و التي تكشف عن كونهم مجرَّد أصفار في معادلة اجتماعية واضحة المدخلات ورهيبة المخرجات، فإنهم يديرون وجوههم شطر ( الأعداء ) فيما وراء البحار..! في الأمس، وبدل الانزواء خجلاً بعد أن شاهدوا حراكا شعبياًً لبنانياً مدهشاً، إذ بهم ينطحون الهواء بكل حماسة ثم يسارعون إلى دعوة فقراء البلاد، والعاطلين من العباد، إلى المقاومة [ الشاملة ] للإمبريالية الأمريكية اللعينة و بقية الدول الاستعمارية الغاشمة ، وكان الأجدر بهم أن يلوذوا بالصمت، ويداروا وجوههم استحياءً من تفاصيل المشهد اللبناني المهيب. قبل أيام، عرفت من قتل الحسين وذلك حين هتف شيخ حزب الله وأمينه العام أثناء إحياء ذكرى عاشوراء : الموت لأمريكا مثبتاً شعار الحزب الاستراتيجي..! تباً لنا ما أتعسنا يوم أمسكنا القلم.. ويوم جاملنا البكم فصار حالنا من حالهم.. وعارنا من عارهم فبتنا نغوص في بحر العد
#جهاد_نصره (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإرهاب المنظم يردّ في لبنان على نجاح التجربة العراقية
-
غربلة المقدسات -47-
-
غربلة المقدسات - 46 - الحاكم بأمر الله
-
غربلة المقدسات -45- مدرسة السجود
-
غربلة المقدسات-44-مدرسة الطاعة
-
غربلة المقدسات -43-
-
سَلَطة ثوابت وشعارات..؟
-
الوطن في فكر الشيخ سعيد حوى
-
غربلة المقدسات -42- من علوم السنة النبوية
-
غربلة المقدسات -41- من علوم السنة المسكوت عنها
-
غربلة المقدسات-40- من علوم السنة النبوية المسكوت عنها
-
المحلِّقون الفضائيون في الأيام الأخيرة
-
غربلة المقدسات-39-الشعب غير المقدس
-
الإعلام الغائب والصحافة المفترضة
-
المملكة المتحدة.!؟
-
غربلة المقدسات-38-الأرض المقدسة
-
كتابة في الإقامة الجبرية
-
غربلة المقدسات -37- المحدِّث الجليل: عبد الله بن عمرو بن الع
...
-
غربلة المقدسات -36- اللغة المقدسة..!؟
-
الويسكي الصدامية في الاتجاه المعكوس
المزيد.....
-
كاميرا مراقبة رصدت الجاني.. فيديو قد يحل لغز اختفاء 3 أطفال
...
-
-اليونيفيل- تعلن عن ثاني انفجار بمقر قواتها في جنوب لبنان خل
...
-
بسبب السفر إلى لبنان.. النائب العام الإماراتي يأمر بالتحقيق
...
-
واشنطن ترفض الإساءة للمرجع الديني العراقي السيد علي السيستان
...
-
-أبناء غير شرعيين-.. تغريدة وزير عراقي تشعل عاصفة انتقادات
-
-على واشنطن أن تنضم لإسرائيل في الثأر من إيران-- وول ستريت
...
-
التكهّنات حول اختفاء اسماعيل قاآني مستمرّة والحرس الثوري يكذ
...
-
المنظمة الدولية للهجرة: نحو 700 ألف نازح بحاجة إلى أماكن إيو
...
-
من التسهيلات إلى التحديات.. تغييرات في قروض الطلبة بالولايات
...
-
حزب الله ينفي مزاعم حيال تعيينه قيادات عسكرية جديدة واستعداد
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|