الإرهاب المنظم يردّ في لبنان على نجاح التجربة العراقية

جهاد نصره

الحوار المتمدن-العدد: 1110 - 2005 / 2 / 15 - 11:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لم يتأخر المتضررون من نجاح الخطوة الديمقراطية العربية الأولى في العراق وشعورهم بالخسارة المحققة،
فأقدموا على تنفيذ ما كانوا يفكرون به علناً منذ إشكالية التمديد للرئيس اللبناني، واغتالوا السيد رفيق الحريري
باعتباره لاعباً اختراقياً برصيد شعبي مؤكد في المتغيرات السياسية اللبنانية والإقليمية على أمل أن يشكِّل هذا
الاغتيال إرباكا يعكِّر، ويشوّش على المنعكسات المحّتمة للنجاح الميداني المحقق في العراق وامتداداته الأفقية
في كلِّ اتجاه والتي لا يتضرر منها إلا أصحاب القوالب، والثوابت، والمطلقات الأيديولوجية الذين وصلوا بعد
نصف قرن، وأوصلوا مجتمعاتهم إلى النهايات السلبية البائسة الملموسة وهو الأمر الذي يفسِّر سعيهم الحثيث
لملاقاة الاستحقاقات المحلية بشعارات ودعوات الإصلاح الناقصة والعرجاء ..!
لقد كان واضحاً لأولئك، حجم الهزيمة التي كان سيلاقيها أنصارهم ، بل أدواتهم، لا بل أزلامهم المعجونين
بخميرة التسلط الأيديولوجي والسياسي ذاتها فيما لو جرت الانتخابات النيابية وكيفما كان قانون الانتخابات
المعتمد، وذلك لأن هذه الانتخابات تجري في عالم ما بعد الحرب في العراق وانهيار قلعة عتيدة من قلاع
التسلط المقيت..ثم إنها كانت ستجري بعد النجاح المدوي للشعب العراقي في تجربته الأولى والذي كان
الكثيرون ينتظرون فشله فيها أو عرقلة نجاحه أو تقزيم هذا النجاح وذلك حسب المستطاع..!
من الواضح أن القوى المضادة للتغِّيير في المنطقة العربية فقدت بوصلتها من جراء الصدمة المتولدة عن ( بهدلة ) البطل المفدى- صدام حسين- وتكنيس تركيبة سلطته الأمنية المتوحشة ورميها على مذبلة التاريخ، و بالتالي
فقدت إمكانية التفكير السياسي السليم في ملاقاة الاستحقاقات المطلوبة محلياً كان أم إقليميا أم دولياً وذلك
بالاستفادة مما جرى لنظام أصحاب الثوابت والشعارات، وهذا ما يفسِّر الخسائر السياسية المتلاحقة في كلِّ
المحافل الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى الاستمرار في العمل السياسي النمطي الذي طبع كافة الأنظمة المعنية
والذي يقوم على قاعدة المزاوجة بين المؤسسات الحزبية وبين الأجهزة الأمنية لكن من غير تنسيق وتداول
مسبق فيما يجري على الأرض من أعمال..! حتى يبدو أن هناك سلطتان مستقلتان عن بعضهما واحدة مرئية
تحكم رمزيا وتثير تصريحاتها السخرية..! وأخرى شبه مستترة وهي أساس وجوهر الحكم وحقيقته المرّة..!
لقد سقط الحريري.. ما في ذلك من ريب لكن، من المتوقع أن تكون قد سقطت مع سقوطه مرحلة تاريخية كاملة
مما يؤذن ويفتح الباب على مصراعيه على مرحلة سياسية جديدة سيكون هذه المرة ضامنها هو المجتمع الدولي
برمته وليس الأشقاء إن كانوا من أبٍ حنونٍ لوحده أم من كلا الوالدين..!؟ وسيجد الكثيرون في لبنان أنفسهم بعد
اليوم أيتاماً لكن لن يستحقوا الشفقة حتى من عابري السبيل..!؟
إنه الإرهاب المنظم مرة أخرى فوجود معارضة فاعلة لا يستقيم وطبيعة الأنظمة التسلطية و من الطبيعي أن
يكون مستوى وحجم العمل الإرهابي متناسباً مع حجم ومستوى الهدف.!؟

#جهاد_نصره (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل